من روائع الشعر العربي ( رثاء )

عابرسبيل

عضو مميز

مالك بن الريب يرثي نفسه عند حضور وفاته
وهي في منتهى الحزن والأسى​


ألا ليت شعـري هـل أبـيتـن لـيلة === بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه === وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى === مزارٌ ولكن الغـضـى لـيس دانـيا
ألم ترني بعت الضـلالة بـالـهـدى === وأصبحت في جيش ابن عفان غـازيا
وأصبحت في أرض الأعادي بعيد مـا === أراني عن أرض الأعـادي قـاصـيا
دعاني الهوى من أهل أودٍ وصحبتـي === بذي الطبسـين فـالـتـفـت ورائيا
أجبت الهوى لما دعـانـي بـزفـرةٍ === تقنـعـت مـنـهـا، أن ألام، ردائيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دونـنـا === جزى الله عمراً خير ما كـان جـازيا
إن الله يرجعني من الـغـزو لا أرى === وإن قل مالـي طـالـبـاً مـا ورائيا
تقول ابنتي، لما رأت طول رحلـتـي === سفارك هـذا تـاركـي لا أبـا لـيا
لعمري، لئن غالت خراسان هامـتـي === لقد كنت عن بابي خـراسـان نـائيا
فإن أنج من بابي خـراسـان لا أعـد === إليها، وإن منيتـمـونـي الأمـانـيا
فلـلـه دري، يوم أتـرك طـائعــاً === بني بأعلى الرقـمـتـين، ومـالـيا
ودر الظباء الـسـانـحـات عـشـيةً === يخبرن، أنـي هـالـكٌ، مـن ورائيا
ودر كبـيري الـلـذين كـلاهـمـا === علي شفيقٌ نـاصـحٌ لـو نـهـانـيا
ودر الرجال الشاهـدين تـفـتـكـي === بأمري ألا يقصـروا مـن وثـاقـيا
ودر الهوى من حيث يدعو صحـابـه === ودر لجـاجـاتـي ودر انـتـهـائيا
تذكرت من يبكي علـي فـلـم أجـد === سوى السيف والرمح الرديني بـاكـيا
وأشقر محـبـوكٍ يجـر لـجـامـه === إلى الماء لم يترك له الموت سـاقـيا
ولكن بأكنـاف الـسـمـينة نـسـوةٌ === عزيزٌ عليهـن الـعـشـية مـا بـيا
صريعٌ على أيدي الرجال بـقـفـرة === يسوون لحدي حـيث حـم قـضـائيا
ولما تراءت عنـد مـرو مـنـيتـي === وخل بها جسمي وحـانـت وفـاتـيا
أقول لأصحابي: ارفعـونـي فـإنـه === يقر بعـينـي أن سـهـيلٌ بـدا لـيا
فيا صاحبي رحلي، دنا الموت فانـزلا === برابـيةٍ، إنـي مـقـيمٌ لـيالـــيا
أقيما علـي الـيوم أو بـعـض لـيلةٍ === ولا تعجلانـي، قـد تـبـين مابيا
وقوما، إذا ما استل روحـي، فـهـيئا === لي السدر والأكفـان عـنـد فـنـائيا
وخطا بأطراف الأسنة مضـجـعـي === وردا على عـينـي فـضـل ردائيا
ولا تحسداني، بارك اللـه فـيكـمـا === من الأرض ذات العرض أن توسعاليا
خذاني فجراني بـبـردي إلـيكـمـا === فقد كنت قبل اليوم صـعـبـاً قـياديا
وقد كنت عطافاً إذا الـخـيل أدبـرت === سريعاً إلى الهيجا إلى مـن دعـانـيا
وقد كنت صباراً على القرن في الوغى === وعن شتمي ابن العم والجـار وانـيا
فطوراً تراني فـي ظـلالٍ ونـعـمةٍ === ويوماً تراني والـعـتـاق ركـابـيا
ويوماً تراني في رحـى مـسـتـديرة === تخرق أطـراف الـرمـاح ثـيابـيا
وقوماً على بئر السمـينة أسـمـعـا === بها الغر والبيض الحسان الـروانـيا
بأنكما خـلـفـتـمـانـي بـقـفـرةٍ === تهيل علي الريح فيهـا الـسـوافـيا
ولا تنسيا عهدي خلـيلـي بـعـدمـا === تقطع أوصالي وتبلـى عـظـامـيا
ولن يعدم الوالون بـثـاً يصـيبـهـم === ولن يعدم الميراث منـي الـمـوالـيا
يقولون: لا تبعد، وهم يدفـنـونـنـي === وأين مكان الـبـعـد إلا مـكـانـيا!
غداة غدٍ يا لهف نفسـي عـلـى غـدٍ === إذا أدلجوا عني وأصـبـحـت ثـاويا
وأصبح مالي مـن طـريفٍ وتـالـد === لغيري، وكان المال بالأمـس مـالـيا
فيا ليت شعري هل تغيرت الـرحـى === رحى المثل أو أمست بفلج كما هـيا
إذا الحي حلوها جمـيعـاً، وأنـزلـوا === بها بقـراً حـم الـعـيون سـواجـيا
وعين وقد كان الظـلام يجـنـهـا === يسفن الخزامى مـرة والأقـاحـيا
وهل أترك العيس العبالي بالضحـى === بركبانها تعلو الـمـتـان الـديافـيا
إذا عصب الركبـان بـين عـنـيزة === وبولان عاجوا المبقيات النـواجـيا
فيا ليت شعري، هل بكت أم مالـكٍ === كما كنت لو عالوا بنعـيك بـاكـيا!
إذا مت فاعتادي القبور فسـلـمـي === على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
على جدث قد جرت الريح فـوقـه === تراباً كسحق المرنبـانـي هـابـيا
رهينة أحجارٍ وترب تـضـمـنـت === قراراتها مني العظـام الـبـوالـيا
فيا صاحبي، إما عرضت فبـلـغـن === بني مازنٍ والـريب أن لا تـلاقـيا
وعطل قلوصي في الركاب فإنـهـا === ستفلق أكباداً وتـبـكـي بـواكـيا
وأبصرت نار المازنيات مـوهـنـاً === بعلياء يثنى دونها الـطـرف وانـيا
بعيدٌ غريب الـدار ثـاوٍ بـقـفـرةٍ === يد الدهر، معروفاً بـأن لا تـدانـيا
أقلب طرفي حول رحلي فـلا أرى === به من عيون المؤنسـات مـراعـيا
وبالرمل منا نسوةٌ لو شـهـدنـنـي === بكين وفدين الطـبـيب الـمـداويا
وما كان عهد الرمل عندي وأهـلـه === ذميماً ولا ودعت بالرمـل قـالـيا
فمنهن أمي وابنتـاهـا وخـالـتـي === وباكيةٌ أخرى تـهـيج الـبـواكـيا



(منقول)
 

وسم*

عضو مخضرم
بالفعل كلمات جد مؤثرة

وبالفعل الإنسان عند الموت يحاسب نفسه كثيرا في تقصيرها
 
أعلى