السؤال عنوان هذه المقالة قائم على وجود الصراع أصلا بين العقل والقلب ، وبطبيعة الحال لا أعني أن هذا الصراع هو حالة دائمة بين العقل والقلب ، بل هي صراعات تفرض أحيانا على القلب والعقل وهما لها كارهين ، فمن يحب أن يخوض حربا المنتصر فيها خسران ؟!
لعل الإنسان منا تعرض لمثل هذا الموقف ، فيكون في ظرف يوجب عليه الاختيار بين ما تمليه عليه عاطفته وقلبه وبين ما يمليه عليه منطقه وعقله ، وكم اختلطت علينا الكثير من الأمور فنحكم بحكم نظن أن عقلنا هو من أملاه علينا ثم نكتشف أن للقلب كانت السيطرة وهو من أصدر الحكم .
البعض يرى أن اتباع العقل هو المنجي من تلك المعركة ، وأن في اتباعه الخير كله ، ويفرح فرحا مؤقتا ويقول في نفسه : سأدوس على قلبي واتبع عقلي فالعقل أولى بالاتباع !!! ثم تمر السنون والسنون وفجأة يصرخ ذلك القلب صرخة تتداعى لها سائر الأعضاء والأحاسيس والمشاعر ويقف شعر الرأس منها ويشيب مالم يشب عبر الدهر وتسكب العبرات تلو العبرات متسائلة بلوم وعتاب : هل فعلا انتصر عقلك ؟! وهل فعلا نفعك أن تدوس على قلبك حينها ؟!
هل أدع إلى اتباع القلب وترك العقل ؟! بالطبع لا ، فهل أدع إلى اتباع العقل وترك القلب ؟! بالطبع لا ، إنما أدع إلى المصالحة بين القلب والعقل ، وذلك بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه ، علينا أن نستخدم قوة القلب الكامنة في رقته ، وحكمة العقل الكامنة في منطقه وسعة أفقه ، ثم نبحث في إجابة السؤال التالي : كيف أطيع قلبي وأستخدم عقلي في تطويع الصعاب ؟ أو ، كيف أطيع عقلي وأستخدم قلبي ليقويني على اتباع قرار عقلي ؟! وكن محايدا في بحثك وجوابك فإنك إن ملت لأحد الفريقين قلبك أو عقلك فالخسارة والندم هو المصير المحتوم على كل حال .
لكن لا تقل : سأتبع عقلي وأدوس على قلبي ، فإن للقلب ثأر سيبلغه وإن طال الزمن ، ولا تعاند عقلك وتتبع قلبك ثم تمضي في طريق تحكم فيه على موت ذلك القلب بالمرة .
المشكلة يا أعزة يا كرام ، أن وصف هذه المعركة لا يمكن أن تحتمله الكلمات ، وحتى لو اجتهدت في الوصف فلن يبلغ وصفي لتلك المعركة الحد الذي معه ينطبق مع وصفك ووصفها ، لكل منا تجربته ومعركته ومن ثم وصفه لهذه المعركة التي خاضها ، ولكن أظننا نجمع على أننا جميعا نخسر فيها ، أو على الأقل نخرج بجراحات لا يبرؤها الزمن .