سعد بن عاقول
عضو فعال
إعدام صدام حسين بهذا الشكل خيانة عظمى
يقول المفكر و القائد الشيوعي لينين أن في السياسة لا يوجد فرق بين أن تكون خائناً بسبب غبائك أو خائناً بشكل تعمدي و مخطط له. لذلك فإذا آمنا بأن مثل هذه المقولة هي مقولة صحيحة (سياسياً على الأقل) فإن من أشار على الحكومة العراقية الحالية و على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في أول أيام عيد الفطر السعيد و أن من سمح لهذه (الزمر الطائفية) بالتواجد و الصراخ حول منصة الإعدام التي أعدم عليها الرئيس العراقي السابق هو (خائن) و يجب عليهم أن يطبقوا عليه أقسى عقوبات الخيانة الوطنية.
لا يختلف إثنان لديهما أبسط مقدار ممكن من الحيادية في أن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين مجرم و حاكم فاسد و ديكتاتوري سواء كان معيار القياس معتمداً على الشؤون الداخلية العراقية أو شؤونه الخارجية أو كليهما. فالرئيس العراقي صاحب تاريخ حافل من الجرائم و القتل و التدمير في أبناء شعبه أو أبناء الشعوب المجاورة لا يكاد ينافسه فيه أحد من قادة حقبة التشرذم العربي الحالية. و لا يختلف إثنان لديهما أقل قدرة على قراءة الواقع الشعبي على أن محبة الرئيس العراقي السابق تكاد تكون محصورة في أقليات مستفيدة أو لا تملك الوعي السياسي الكافي لإستبيان خطر مثل هذا النوع من الحكام الديكتاتوريين.
و لا يمكن لأي شخص أن ينفي الحقيقة التي تقول أن مقدار القبول للرئيس العراقي المخلوع في الكويت يكاد يكون قريباً من الصفر إن لم يكن يحتل الصفر بكل جدارة حتى يوم إعدامه. وهي بالمناسبة مكانه لم يسبقه إليها أحد في قلوب الشعب الكويتي الذي كثيراً ما يعشق بسهولة و يكره بسهولة أكبر تثير التعجب دائماً و لكنه لم يصل في تاريخه أبداً إلى أن يتفق الشعب الكويتي بكل أطيافه و فئاته على (عدم محبة) شخصٌ واحد و على الرغبة في رؤية هذا الشخص معاقباً على جرائمه في حق الكويت و شعبها.
لكن إعدام صدام - و إن كان مستحقاً - في يوم فضيل مبارك أرتبطت به مشاعر المسلمين عبر ما يزيد عن 1400 عاماً هو غباء مركب أدى إلى إستفزاز مشاعر هؤلاء المسلمين و ضرب على أحد أهم إيمانياتهم بأن أيام العيد هي أيام خير و بركة و ليست أيام إعدام و قتل حتى ولو كان القاتل بمثل منزلة صدام في قلوب الكويتيين. هذا الإعدام الذي صاحبته نداءات مذهبية واضحة جعلت من يرى مقاطع الفيديو التي أنتشرت في الكويت إنتشار النار في الهشيم يعتقد أن إعدام الرئيس العراقي تم على أساس طائفي و ليس على أساس قانوني و وطني و جزاءً لما أقترفته أيدي الرئيس العراقي السابق في حق أبناء شعبه.
إن إختيار التوقيت و إعداد مسرح الإعدام بهذه الصورة هو في نظري أمر أدى إلى إرتفاع شعبية الرئيس العراقي في جميع أرجاء العالم الإسلامي بل و حتى في الكويت التي لم يكن شعبها يكن له أي ود أو قبول - و إن لم تصل الشعبية في الكويت إلى قبوله و لكنها على الأقل قد خففت من غضب فئات كبيرة تجاه الرئيس العراقي و حولت هذا الغضب تجاه التصرفات غير المسؤولة التي قامت بها حكومة العراق الحالية و القوات الأمريكية المرابطة في العراق. و هذا يعتبر خطأ كبير و فادح قد يدمر كل ما حاولت القوى السياسية في المنطقة أن تبنيه منذ سقوط نظام البعث في العراق في 2003. هذا النوع من (الغباء السياسي) إن لم يكن مقصوداً و متعمداً فهو يستحق و بكل جدارة جائزة (نوفل للغباء) تمنح لمن أشار على الحكومة العراقية بموعد الإعدام و بنوعية الشهود الطائفيين الذين تواجدوا في ساحة الإعدام.
في إعتقادي أن الحكومة العراقية الحالية هي حكومة طائفية لا تصلح لقيادة بلد متعدد الطوائف و الأعراق مثل العراق. و مثلما كان البعث و حزبه و قائده وبالاً مدمراً على المنطقة عبر تاريخه القصير، فإن مثل هذه الحكومة و من يشبهها من الحكومات الطائفية سوف تكون أشد تدميراً و ضرراً على المنطقة بشكلٍ عام و على العراق بشكلٍ خاص. أن حكومة تستطيع أن تمنح صدام حسين بعضاً من التعاطف في قلوب ضحاياه، هي حكومة (غبية) و قد تكون بغبائها هذا (خائنة) لوطنها و للمنطقة و أبنائها.
لذلك فمعارضتنا لهذه الحكومة يجب أن لا تقل عن معارضتنا السابقة لحزب البعث، و حتى يحكم العراق حكماً ديموقراطياً يراعي كل طوائف الشعب العراقي. و من دون مثل هذا الحكم الإنساني، فلن نكون بمأمن في الكويت مادام في العراق من يحكم البلاد بالإضطهاد.
كتبه سعد بن عاقول