بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المتقين.
وبعد:-
عقيدة جلوس أو قعود الله تعالى على العرش
عقيدة الجلوس هذه يعتقدها أهل الكتاب من اليهود وقد قالوا في كتبهم المحرفة من التوراة ما يدل على عقيدتهم في الله تعالى بأنه جالس على العرش ومستقر عليه وأن له وزن وثقل وجسم والعياذ بالله من ذلك كله.
ففي سفر الملوك من نسخ التوراة عندهم المحرفة الإصحاح 22 رقم 19 – 20 يقولون فيه: " وقال فاسمع إذًا كلام الرب قد رأيت الرب جالسًا على كرسيه وكل جند السماء وقوفٌ لدية عن يمينه وعن يساره" اهـ
وفي سفر المزامير من نسخ التوراة المحرفة لديهم الإصحاح 47 رقم 8 يقولون فيه: " الله جلس على كرسي قدسه"
وتجد التشابه الكبير في عقيدة الجلوس هذه عند الحشوية وعند ابن تيمية وأتباعه المقتدين به وهذا من أشهر أقوال عنده في وصف الله تعالى بأنه جالسٌ على العرش مقلدٌ للخلال في كتابه السنة في أن المقام المحمود وهو إجلاس سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – بحنب الله تعالى على العرش وقد أخلى مكانا فيه مقدار أبع أصابع يقعد فيه سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – وكذا قال المجسم عثمان بن سعيد الدارمي(1) المجسم المشبه في كتابه الرد على بشر المريسي(2) بتحقيق محمد حامد الفقي ص 74 يقول ما نصه: " وإن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وأن له أطيطًا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من ثقله" اهـ
وفي الكتاب نفسه ص 73 يقول: " قال رسول الله : هبط الرب على عرشه إلى كرسيه" ويقول: " قالت امرأة: يوم يجلس الملك على الكرسي"
إن كتاب هذا المجسم عثمان بن سعيد الدارمي يحوي عقائد المشبهة والمجسمة وهو عمدتهم وقد حثّ ابن تيمية على هذا الكتاب وأثنى عليه ويدعوا لمطالعته لأنه يوافق قول الدارمي هذا ويأخذ بقوله في عقيدة البعوضة واستقرار الله تعالى على ظهر البعوضة وهذه عقيدة الحلول(3)، وأما موافقته على أن الله جالس على العرش ففي مجموع الفتاوى لابن تيمية (4/374) يقول ما نصه : " إن محمدًا رسول الله يجلسه ربه على العرش معه "
وفي نفس مجموع الفتاوى (5/527 ) وكذلك كتابه شرح حديث النزول ص400 من طباعة دار العاصمة بتحقيق محمد عبد الرحمن الخميس، يقول ابن تيمية:
" واذا كان قعود الميت فى قبره ليس هو مثل قعود البدن فما جاءت به الآثار عن النبى – صلى الله عليه وآله وسلم- من لفظ"القعود" و"الجلوس" فى حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه وحديث عمر بن الخطاب(4) رضى الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد" اهـ
أما الحديثين لا يصح عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – سواء عن طريق جعفر بن أبي طالب أو عن طريق عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – ولفظ جالسٌ أو قاعدٌ لم يثبت لا في الكتاب ولا في السنة ولا عند قول الصحابة ولا التابعين بل ولا السلف الصالح بل ولا أحد من العلماء المخلصين وراث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فكيف يقول ابن تيمية بأنه لا يصف الله تعالى إلا بما وصف نفسه أو ما وصفه نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟؟!!
وكيف يستدل بالأحاديث الضعيفة في العقائد على الرغم من أن ابن تيمية ليس له معرفة في الحديث من صحيحه وضعيفه، وهذا بشهادة محدث السلفية أنصار عقائد ابن تيمية محمد ناصر الألباني نفسه!!
==================
الهامش
(1) هذا هو عثمان بن سعيد الدارمي السجزي مجسم ومشبه من الحشوية وقد توفى سنة 280 هجرية وهو غير الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي التميمي السمرقندي السني موحدٌ ومنزه من علماء الحفاظ الجهابذة في العلم المتوفى سنة 255 هجري رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى، فإياك أن تخلط بين ذلك الشيخ الجليل ابن بهرام الدارمي وهذا المبتدع المجسم البغيض أبو سعيد الدارمي.
(2) وهو أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي، العدوي، وهو فقيه معتزلي رُمِيَ بالزندقة، وقد توفى سنة 218 هـ انظر لسان الميزان (2/29) تاريخ بغداد (7/56).
(3) الحلولي هو من يعتقد أن الله تعالى حالٌ على خلقه، أو أن الله تعالى قائمٌ على حوادث، فمن يعتقد عقيدة البعوضة وهو استقرار الله على ظهرها إذا شاء فهو حلولي، أو إذا اعتقد أن الله تعالى مستقرٌ على العرش بذاته أو جالسٌ عليه فهو حلولي، والعرش مخلوق حادث فهو خلق من خلق الله تعالى!!
(4) الحديثين عن جعفر الطيار – رضي الله عنه – قد رواه الدارمي المجسم في كتابه " الرد على المريسي" وحديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قد رواه عبد الله بن أحمد في كتاب " السنة" وكلا الحديثين ضعيف سندهما، فلا أدري كيف يحتج ابن تيمية بالضعيف في العقائد؟!! زيادة على ذلك موافقته لعقائد أهل الكتاب وأخذه على عثمان الدارمي المجسم!!
---------------------
منقول من منتدى ( صروح العلم الشامخة ).
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المتقين.
وبعد:-
عقيدة جلوس أو قعود الله تعالى على العرش
عقيدة الجلوس هذه يعتقدها أهل الكتاب من اليهود وقد قالوا في كتبهم المحرفة من التوراة ما يدل على عقيدتهم في الله تعالى بأنه جالس على العرش ومستقر عليه وأن له وزن وثقل وجسم والعياذ بالله من ذلك كله.
ففي سفر الملوك من نسخ التوراة عندهم المحرفة الإصحاح 22 رقم 19 – 20 يقولون فيه: " وقال فاسمع إذًا كلام الرب قد رأيت الرب جالسًا على كرسيه وكل جند السماء وقوفٌ لدية عن يمينه وعن يساره" اهـ
وفي سفر المزامير من نسخ التوراة المحرفة لديهم الإصحاح 47 رقم 8 يقولون فيه: " الله جلس على كرسي قدسه"
وتجد التشابه الكبير في عقيدة الجلوس هذه عند الحشوية وعند ابن تيمية وأتباعه المقتدين به وهذا من أشهر أقوال عنده في وصف الله تعالى بأنه جالسٌ على العرش مقلدٌ للخلال في كتابه السنة في أن المقام المحمود وهو إجلاس سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – بحنب الله تعالى على العرش وقد أخلى مكانا فيه مقدار أبع أصابع يقعد فيه سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – وكذا قال المجسم عثمان بن سعيد الدارمي(1) المجسم المشبه في كتابه الرد على بشر المريسي(2) بتحقيق محمد حامد الفقي ص 74 يقول ما نصه: " وإن كرسيه وسع السماوات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وأن له أطيطًا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من ثقله" اهـ
وفي الكتاب نفسه ص 73 يقول: " قال رسول الله : هبط الرب على عرشه إلى كرسيه" ويقول: " قالت امرأة: يوم يجلس الملك على الكرسي"
إن كتاب هذا المجسم عثمان بن سعيد الدارمي يحوي عقائد المشبهة والمجسمة وهو عمدتهم وقد حثّ ابن تيمية على هذا الكتاب وأثنى عليه ويدعوا لمطالعته لأنه يوافق قول الدارمي هذا ويأخذ بقوله في عقيدة البعوضة واستقرار الله تعالى على ظهر البعوضة وهذه عقيدة الحلول(3)، وأما موافقته على أن الله جالس على العرش ففي مجموع الفتاوى لابن تيمية (4/374) يقول ما نصه : " إن محمدًا رسول الله يجلسه ربه على العرش معه "
وفي نفس مجموع الفتاوى (5/527 ) وكذلك كتابه شرح حديث النزول ص400 من طباعة دار العاصمة بتحقيق محمد عبد الرحمن الخميس، يقول ابن تيمية:
" واذا كان قعود الميت فى قبره ليس هو مثل قعود البدن فما جاءت به الآثار عن النبى – صلى الله عليه وآله وسلم- من لفظ"القعود" و"الجلوس" فى حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه وحديث عمر بن الخطاب(4) رضى الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد" اهـ
أما الحديثين لا يصح عن رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – سواء عن طريق جعفر بن أبي طالب أو عن طريق عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – ولفظ جالسٌ أو قاعدٌ لم يثبت لا في الكتاب ولا في السنة ولا عند قول الصحابة ولا التابعين بل ولا السلف الصالح بل ولا أحد من العلماء المخلصين وراث النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – فكيف يقول ابن تيمية بأنه لا يصف الله تعالى إلا بما وصف نفسه أو ما وصفه نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟؟!!
وكيف يستدل بالأحاديث الضعيفة في العقائد على الرغم من أن ابن تيمية ليس له معرفة في الحديث من صحيحه وضعيفه، وهذا بشهادة محدث السلفية أنصار عقائد ابن تيمية محمد ناصر الألباني نفسه!!
==================
الهامش
(1) هذا هو عثمان بن سعيد الدارمي السجزي مجسم ومشبه من الحشوية وقد توفى سنة 280 هجرية وهو غير الإمام الحافظ شيخ الإسلام أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي التميمي السمرقندي السني موحدٌ ومنزه من علماء الحفاظ الجهابذة في العلم المتوفى سنة 255 هجري رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى، فإياك أن تخلط بين ذلك الشيخ الجليل ابن بهرام الدارمي وهذا المبتدع المجسم البغيض أبو سعيد الدارمي.
(2) وهو أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي، العدوي، وهو فقيه معتزلي رُمِيَ بالزندقة، وقد توفى سنة 218 هـ انظر لسان الميزان (2/29) تاريخ بغداد (7/56).
(3) الحلولي هو من يعتقد أن الله تعالى حالٌ على خلقه، أو أن الله تعالى قائمٌ على حوادث، فمن يعتقد عقيدة البعوضة وهو استقرار الله على ظهرها إذا شاء فهو حلولي، أو إذا اعتقد أن الله تعالى مستقرٌ على العرش بذاته أو جالسٌ عليه فهو حلولي، والعرش مخلوق حادث فهو خلق من خلق الله تعالى!!
(4) الحديثين عن جعفر الطيار – رضي الله عنه – قد رواه الدارمي المجسم في كتابه " الرد على المريسي" وحديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قد رواه عبد الله بن أحمد في كتاب " السنة" وكلا الحديثين ضعيف سندهما، فلا أدري كيف يحتج ابن تيمية بالضعيف في العقائد؟!! زيادة على ذلك موافقته لعقائد أهل الكتاب وأخذه على عثمان الدارمي المجسم!!
---------------------
منقول من منتدى ( صروح العلم الشامخة ).