دراسة مقارنة بين الأدبين
مأدبة الحب ( لأفلاطون ) كما قرأتها في
البرامج المسجلة
موضوع البرنامج : قصة مجنون ليلى (1)
-----
المذيعة: اذن هل ترون دكتور ان نقف وقفة على التعرف على هذا العنصر الحيوي في حياة الانسان فما هو ياترى وهل حدد العلماءله في تعاريفهم حدوداً ومعالم واضحة؟
الخبير: طبعاً تقصدين الحب؟
المذيعة : نعم.
الخبير: لاننا ذكرنا قبل لحظات بأن الحب هو العنصر الاساسي في شهرة هذه القصة وتراجيديتها، انا اقول في الحقيقة ماكان للتعاريف لاسيما في ما يخص العلوم النظرية ان تحدد حدوداً يمكن السكوت عليها بل يبقى دائماً ما يضاف لهذه التعاريف، اما عن الحب فإن للعلماء نظريات وآراءاً وتعاريف مختلفة، والعلماء اليونان هم اول من تناول هذا الموضوع فهناك حوار معروف لأفلاطون في الحب سمي مأدبة الحب او المأدبة، جرى هذا الحوار بين سقراط وبعض معاصريه الفلاسفة من السفسطائيين والاطباء والشعراء ورجال السياسة وهذه المحاورة مجموعاً تصور مذهب سقراط في الحب.
المذيعة: هل يمكن دكتور ان تشير لنا باختصار عن كيفية المحاورة ومادار فيها؟
الخبير: طبعاً هذه المحاورة طويلة واخشى ان يطول المقام وتتجاوز قصة مجنون ليلى اكثر من حلقة.
المذيعة: لا بأس موضوع شيق ويستحق اكثر من حلقة...
المذيعة: اذن دكتور كنا قد سألناك عن الاشارة باختصار عن هذه المحاورة ومادار فيها تفضل دكتور، يعني المحاورة بين سقراط ومعاصريه حول الحب.
الخبير: احسنت، نعم قال المحاور الاول نحن هنا نذكر المحاورين وهم مجموعة قال المحاور الاول: الحب يبعث في الانسان الاحساس بالشرف وينمي فيه الايثار وروح التضحية وهو نوعان، يعني الحب نوعان حب جسدي وضيع ودنيء وحب شريف ونبيل يخلو من كل نزعة جسدية وشهوة بهيمية.
المذيعة: دكتور، هذا الاخير اي الحب الشريف أليس هو الحب العذري؟
الخبير: طبعاً هو واكيداً يعني ان لم يكن هو ولكنه قريب منه جداً وستكون لنا معه إن شاء الله وقفة في هذه الحلقة او قد تكون في الحلقة القادمة إن شاء الله اما الحب الجسدي الوضيع قد عبر الشاعر الصوفي العارف مولانا جلال الدين الروحي في منظومة شاه وكنيزك، الملك والجارية يعني بقوله:
عشقهايي كه از پي رنگي بود
عشق نبود عاقبت ننگي بود
المذيعة: ومعناه كما نقلته الى العربية متفضلاً ان الحب الرياء والاهواء ليس حباً بل كان عاراً مرائي.
الخبير: احسنت.
المذيعة: احبتنا المستمعين كنا مع الدكتور العباسي في الحوار الافلاطوني او مأدبة الحب، نتابع معكم ما كان عن رأي المتحاور الثاني، نعم دكتور تفضلوا.
الخبير: نعم قال المتحاور الثاني وكان طبيباً هو ايضاً قسم الحب الى روحي شريف والى حسي وضيع ولكنه اضاف ان الحب يخرج بالانسان من الحس المحدود الى عالم العقل الواسع ويعتبر هذا الطبيب الحب منبع كل سعادة.
المذيعة: نعم.
الخبير: اما المحاور الثالث واريد ان اختصر تقريباً وهو ارستوفان الشاعر الكميدي اليوناني فهو يسوق حديثه في قصة خيالية عجيبة، يقول ان الانسان كان على هيئة مدورة كروية له اربع ايد واربع ارجل يمشي على جميعها وتزدوج فيه جميع الاعضاء، كل انسان كان يبدو على شخصين كذا وقد اصاب هذا الانسان او هذه الكائنات العجيبة الغرور فثارت في وجه الآلهة (طبعاً هذه قصة خيالية) فغضب الاله الاكبر زيوس فشطر كل فرد منها الى شطرين عقاباً ونكالاً لها وظلت هذه الاشطار يعني الاقسام يبحث كل شطر منها عن شطره رغبة بالاتحادبه وهذا هو سبب الحب.
المذيعة: طبعاً قصة لطيفة ويعني هي خيالية وخياله واسع جداً، ماذا قال المتحاور الرابع؟
الخبير: نعم في الحقيقة الرابع قال وهو كان سوفسطائياً والسوفسطائيون هم اهل جدل ومناظرات ومغالطات سياسية وهم لايؤمنون بكشف الحقيقة وكانوا يريدون الفوز على المخاطب، اي يغلبوا عليه في مخاطبتهم ولكنهم قالوا وهذا الرجل قال: والجمال وزينته العفة وكبح النفس عن الشهوات وثمرته الانس والالفة والصداقة.
المذيعة: دكتور، كلامك عنهم، عن السفسطايئين قد شوههم في نظري ولكن اراهم ماقالوه عن الحب والعفة جميلاً والحديث ايضاً معك دكتور متعة وجمال في نفس الوقت...
الخبير: ارجوكم ارجوكم، ارجو ان يكون المستمعون الكرام في الحقيقة قد راق لهم الحديث وانا اشكرك على هذا الاطراء وانا اقل من هذا كثيراً، نعم سيدتي انهم اساتذه وفيهم علماء كبار ولكن هكذا عرفوا انهم اهل سفسطة وهي كما تعلمين مغالطة وهي ان يوقع المناظر خصمه في الخطأ ليحجمه.
المذيعة:دكتور، هل يمكن الاتيان بمثل؟
الخبير: يا سيدتي اننا قد وقعنا مرة اخرى في شبكة الفلاسفة وكيف الخروج منها، على كل حال كمثال انا اقول لك مثلاً عن الجوهر والعرض وهما من المقولات العشر، الموضوع موضوع فلسفي ونحن نتكلم عن هذه المصطلحات في المنطق، كأن يقول المحاور الجوهر في الذهن وكل ما هو موجود في الذهن عرض اذن فالجوهر قائم بالذهن وعلى هذا يكون الجوهر عرض نعم .
المذيعة: سبحان الله.
المذيعة: دكتور، كيف استمر هذا الحوار، اي حوار المأدبة حول الحب؟
الخبير: نعم الحوار ينتهي بكلام القيبادس او الكيبادس وهو احد تلامذة سقراط والمتحمس لاستاذه كثيراً هذا المحاور اكد على الحب السامي الذي كان بين سقراط وتلاميذه وهو حب بريء. وكان سقراط نبيل النفس صافي الطبع كريم الخلق وكان الشباب يفتنون به فتوناً. وفي الحقيقة في هذه الكلمات لي انا كمدرس ولسائر المدرسين. يعني يبدو ان الطبع اذا كان كريماً والاستاذ اذا كان نبيلاً يشتاق اليه الطلاب. ثم تكلم بعد هذا سقراط نفسه فأشرأبت اليه الاعناق واصغت اليه الآذان والقلوب واستهل كلامه بالثناء على ماقالوه ثم اخذ يسألهم على طريقته كما تعرفين اسلوب سقراط السؤال والجواب هكذا كان اسلوبه في التكلم وفي التدريس، ثم تكلم افلاطون عن الحب العلوي الافلاطوني الذي هو اشبه ما يكون بتجربة المتصوفة عندنا اذ ترتبط بنظريته المعروفة يعني المثل العليا. وعلى كل حال كانت المأدبة هذه تصويراً عن آراء سقراط في الحب.
المذيعة:هذا دكتور عن آراء اليونانيين عن الحب ما هو رأي العلماء المسلمين؟
الخبير: سيدتي قد لا نكون مبالغين اذا قلنا ان كل ما قاله العلماء المسلمون عن الحب نجد فيه صدى واضحاً لما دار في المأدبة وما قاله افلاطون عن الحب.
المذيعة: دكتور، نعاهدك ان يكون هذا السؤال الاخير في الحلقة ولكننا نريد وعداً منك بأن تربط هذا الحوار بقصة مجنون ليلى في الحلقة القادمة. اما سؤالنا الاخير هو ما الذي قاله افلاطون عن الحب ولكن باختصار؟
الخبير: حسن جداً، قال افلاطون في كتابه الجمهورية: للحب ثلاث صور، جسدي وروحي ومثالي وانه يحدث لمشاكلة اي مشابهه يعني بين اثنين من اصل الوجود البشري.
المذيعة: اعزاءنا المستمعين كان هذا الجزء الاول من قصة مجنون ليلى قدمناه لكم ضمن برنامج دراسات مقارنة في الادب الفارسي والآداب الاخرى وكان موضوع الحلقة عن الشعر القصصى في الادب الفارسي وتأثيره في الآداب الاسلامية... تابعنا معكم القسم الرابع منه على امل اللقاء بكم وبالدكتور عباس العباسي الطائي في الجزء الثاني من قصة مجنون ليلى. شكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا الكرام.