ضحالة الفكر السياسي الكويتي

iDealist

عضو
إن كل متابع للسياسة الكويتية في الأعوام الخمسة الأخيرة يرى أن الفكر السياسي الكويتي الذي بدأ بالتكوين الفعلي في بداية القرن العشرين (بالأخص بعد وفاة الشيخ سالم المبارك رحمه الله) وتطوره التاريخي على مدى تلك السنين، مرورًا بأحداث تاريخية أثرت على ذاك الفكر، يرى أنه قد بدأ بالتلاشي بين طوفان من الآراء السياسية التافهة، فاختلط كلام العقل والحكمة بكلام السفهاء.

فما عدنا نرى الكتاب والمفكرين المنظرين الذين ينيرون مستقبلنا بالرأي الرزين والمعتبر الذي يتيح للقارئ للأخذ بأحد تلك الأراء بعد اقتناعه بأنه الأقرب للحق، دون انكار للاعتبارات التي بني عليها الآراء الأخرى، فكنا نرى الآراء الراجحة والمرجوحة، نرى قصد الكاتب منها بوضوح، فإما الأخذ بها وإما تركها، دون انجراف وراء عواطف في تحديد المواقف، ودون حساسية مفرطة في تأويل الكلام.

حينها كانت للمعارضة هيبتها وشعبيتها، لا تستهلك هذا الرصيد بالكلام حول الغث والسمين، بل كان للرأي السليم أذن صاغية، وقتها كان وقع كلمة الحق أكبر من الحشود الجماهيرية.


أما الآن وبعد الغرق في المقالات والآراء "المسلوقة" بعد أن أصبحت السياسة وسيلة "أكل العيش" بدلاً من وسيلة لتنظيم أمور البلاد بما يحقق لها الرقي والتطور، ضاع القارئ في هذا السيل الجارف من تفاهات كتاب السخرية والشهرة، ومقالات ردود الأفعال، فما أن تفتح أي جريدة حتى ترى الكتاب بين مؤيد ومعارض (كما لو كنا نفرز صندوق اقنراع، حبث تغلب الكثرة الشجاعة) دون أن يضيف أيًِا منهم أي نتاج فكري يستفيد منه الناس، فما عاد لأصحاب الرأي السديد قراء.


انعكس هذا الواقع على الوضع السياسي الكويتي على مستوى الناخبين الأفراد وعلى مستوى القوى السياسية "الغير كاملة النضوج"، وتبين لنا أن الفكر السياسي الكويتي لم يتطور بقدر ما كنا نظن، بل كان أعلام تلك المراحل التاريخية نبراسًا ينير دروبنا، اتجه بالشارع الكويتي وبالمواطن البسيط لما فيه خير هذه الأمة، أما اليوم فما لمركبنا من "نواخذة" يوصلوننا لمرادنا، فأصبحنا مجتمع شديد الهشاشة، نخاف سماع كلمة الحق، نستظل بظلال الوهم عن شمس الحقيقة حتى نعيش في كذبتنا التي صدقناها بدلاً من معرفة الحق والسعي له بكل ما في طريقنا من عقبات.


تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت ... فإن تولت فبالأشرار تنقاد
 
أعلى