قصة الجاسوس العسكري "بدون" الذي اعدمة صدام بتهمة البحث عن الأسري

المواطنة الأردنية ناشدت النائب الأول وزير الدفاع إنقاذ أسرتها التي يتهددها الضياع

«ن.ح» لاذت بـ «الراي» لإيصال شكواها: زوجي أعدمه صدام بتهمة البحث عن الأسرى

051b043c-1127-45f1-ac07-3e730e664c6b_main.jpg


|كتب حسين الحربي|

سبعة عشر عاماً و«جرح الألم» غائر لا يندمل، أيام وليال ونوائح الثكلى على زوجها لم تنقطع، تصرخ على قدر الألم، تستغيث علّها تجد من يغيث فلا مجيب، وكأنها تطلب المستحيل، أو أنّ من تناديهم على آذانهم وقر يحول دون سماع المكروبين، ولو كانوا من «ف ئة الملهوفين».

الزوجة المكلومة هي مواطنة اردنية (ن.ح) من مواليد الكويت جاءت الى «الراي» برفقة نجلها محمد بعد ان تقطعت بها السبل كل هذه السنوات لتبوح بهمومها وشكاواها، آملة ان تصل نداءاتها مسامع المعنيين بقضيتها وعلى رأسهم وزير الدفاع ومسؤولو هيئة استخبارات الجيش الكويتي التي كان يعمل بها زوجها الرقيب صباح الخالدي الذي أُعدم في العراق على يد قوات صدام حسين عام 1993، فيما كان يقوم بمهمة البحث عن مصير الأسرى الكويتيين هناك.

المواطنة الاردنية سردت وقائع حكايتها عبر «الراي»، قائلة: تزوجت الخالدي - رحمه الله - في عمان عام 1989 بعد ان رفضت وزارة الدفاع السماح له بعقد قرانه في الكويت لدواعٍ أمنية وقانونية حسبما أخبروه، ومن ثم عدنا الى الكويت، ولم تمر سنة على زواجنا الا وحدث الغزو العراقي الغاشم، فأُمر زوجي بترك العمل لمدة ثلاث سنوات رغم انه منتسب للجيش الكويتي منذ عام 1975، وبعد مرور الأعوام الثلاثة ابلغني زوجي بأنه عاود العمل في الجيش وانه مكلف القيام بمهمة خارج الكويت وتحديداً في العراق للبحث عن الاسرى الكويتيين وسيعود بعد أسبوعين.

وأضافت: اعطاني زوجي أرقام هواتف شخصين بالاستخبارات للاتصال بهما حال تأخره عن العودة في الموعد المحدد، وبالفعل ما ان انقضى الأسبوعان ولم يرجع للكويت، هاتفت المذكورين، فأخبراني انه بخير وسيعود قريباً ان شاء الله تعالى، ولم تمض بضعة أيام على هذه المحادثة التلفونية، الا وتلقيت اتصالاً من أحد الاقارب اكد لي انه شاهد زوجي الرقيب صباح الخالدي في التلفزيون العراقي وهو يقوم بمهمته للبحث عن الاسرى».
وتابعت الزوجة (ن.ح): «كنت خائفة على زوجي عندما أخبرني بهذه المهمة، ولكنه قال لي يومها: لا تخافي (...) ان الذي كلفني بهذا الأمر وزير شيخ، وسيتكفل بكم اذا تعرضت لأي مكروه، رافضاً الافصاح عن اسمه، وبعد مرور عدة أيام على هذه الفاجعة طرق باب منزلنا في الجهراء حيث كنت أسكن أنا ووالدة زوجي التي توفيت حسرة على ولدها، شخص قال انه من الجيش الكويتي سلمني شيكين قيمة كل منهما 300 دينار أحدهما لي والآخر لزوجة الخالدي الثانية رحمها الله، وأخبرني بأن الجيش سيتكفل بمصاريف دراسة ابنائي وسيستمر في اعطائنا هذا المبلغ (600 دينار) كل شهر، وهذا ما حدث فعلاً حتى عام 2005 الذي تم فيه ايقاف مصروفات الاولاد الدراسية مع تزويدنا فقط بـ 300 دينار من (صندوق الجيش)، وهذا المبلغ لا يفي بالطبع باحتياجاتنا، اذ ان ايجار المنزل وحده بـ 150 ديناراً.

وأشارت (ن.ح) الى انها اكتشفت ان راتب زوجها والذي يقدر بـ 937 دينارا شهرياً مازال يحول على حسابه البنكي، ولدى تساؤلها عن اسباب حرمانها من الحصول عليه مادام موجودا في البنك لم تتلق أي اجابة، غير انها عرفت ان هيئة الاستخبارات والامن العام ربما توقف الاعانة الشهرية عنها في الاشهر المقبلة.
واستذكرت زوجة الرقيب الخالدي انه بعد فترة من ظهوره عبر التلفزيون العراقي شاهدت اعلاناً آنذاك في الصحف الكويتية رداً على العراق تفيد فيه الجهة المعلنة بأن الرقيب صباح الخالدي انهى خدماته قبل فترة وأخذ حقوقه ولا يعمل بالجيش الكويتي، وبعدها هاتفها شقيقها من الاردن، وأخبرها بأنه سيذهب للعراق كي يبحث عن زوجها، ولم تمر ايام قليلة الا وفوجئت بطرق الباب وعندما فتحت وجدت الشخصين اللذين «لا تعرف رتبتيهما وبادراها بالقول: «زوجك راح من أجل الكويت وقولي لشقيقك لا يذهب للعراق»، مضيفة: عندها أدركت ان تلفوني مراقب من استخبارات الجيش.

ومضت (ن.ح) تقول: بعد أن فقدت زوجي انتهت اقامتي فحاولت الاتصال بوزارة الدفاع كي تساعدني، ولكن للاسف مكثت خمس سنوات من دون اقامة حتى استطاع شقيقي أن يعدل وضعي واصبحت كفيلة نفسي، وطيلة هذه الفترة كنت أهاتف احد الضباط على امل ان يساعدني ولكن للاسف لم أسمع الا كلمة (ان شاء الله) ولم يفعلوا لي شيئاً، وفي النهاية وجدت جواز سفري الذي كان بحوزة استخبارات الجيش عند أحد المسؤولين في الهجرة.

وبينت انه «خلال هذه الفترة التي توقفت فيها مخصصات أولادي من وزارة الدفاع توجهت الى بيت الزكاة وشرحت لمسؤوليه ظروفي وجزاهم الله خيراً يعطونني مبلغاً كل خمسة أشهر ليساعدني على المصروفات حيث ان أولادي كبروا واصبحوا الآن في الجامعة، مستدركة: اتصلت بالقيادي في الاستخبارات لاطلب منه المساعدة في هذه الظروف الصعبة التي أمر بها حتى انني طرحت عليه فكرة الذهاب الى احدى القنوات لاشرح عبرها ظروفي علّني أجد مغيثاً فقال لي أنصحك بعدم الاقدام على هذه الخطوة وأعطيني فرصة لاشرح موضوعك لمن هو أعلى مني رتبة، ولكن للاسف لم يرد عليّ بالرغم ان كلامه كان طيباً جداً، وأشاد بمهمة زوجي البطولية»، مشيرة الى ان «القيادي نصحني بالذهاب الى القضاء العسكري كونه المعني بمساعدتي، وفعلاً توجهت اليه ولكن قيل لي هذا ملف زوجك مكتوب عليه «تعديل وضع» وأريد منك ان تذهبي الى المحكمة وتحضري ما يثبت ان زوجك متوفى، وأخذ هذا الموضوع مني مراجعات عدة استغرقت بأكملها سنة، وفي النهاية، أصدرت المحكمة حكماً غريباً عجيباً ضد ولدي محمد بالرغم انني طلبت شهادة وفاة زوجي، فرجعت للقيادي ثانية وابلغته بالحكم فاستغرب بدوره، غير انه سألني لماذا ذهبت الى المحكمة؟

القضاء العسكري هو صاحب الاختصاص في هذا الأمر، ومن يومها لا أعرف ماذا أفعل والى أين أذهب كي أجد حلاً لمعاناتي الطويلة هذه؟».
من جانبه، قال نجلها محمد صباح الخالدي: للاسف لا أذكر والدي اذ تركني صغيرا، وكل ما أعرفه انه ذهب في مهمة عسكرية لصالح الكويت، وأعدم في العراق، لمحاولته معرفة مصير الأسرى الكويتيين هناك.
وأضاف: «أتشرف وأفخر بتضحيات والدي من أجل الكويت، غير انني استغرب من وضعي القانوني الآن، اذ لا أحمل اي اثبات شخصية، وعندما ذهبت لاستخراج جواز، قالوا لي في لجنة تعديل أوضاع البدون ان أعمامك عراقيون... ما ذنبي في هذا؟ ولماذا لا أستطيع أن التحق بأي كلية في الكويت، بعد أن منعت قسراً من الدراسة في الخارج برفض المسؤولين منحي جواز سفر»؟!

واضافت الزوجة (ن . ح) احمل وثائق تثبت من مديري الاستخبارات السابقين ان زوجي الرقيب صباح الخالدي يعمل في الاستخبارات وتم ايفاده في مهمة سرية في العراق سنة 1993 للبحث عن الاسرى والمفقودين الكويتيين.
وكشفت الزوجة (ن . ح) ان زوجها الرقيب صباح الخالدي تلقى تدريبات مكثفة قبل تكليفه بالمهمة.
واشارت الزوجة انه كان كلما يعود من التدريبات يقول «لا تخافي انا سوف اذهب في مهمة انسانية لأجل وطني الكويت وكان دائما يردد هذه الكلمات».


66de5de4-911f-4819-b94d-032e3bf52bd1.jpg


8ff45f4b-dda3-4d00-890f-192a6a45dffb.jpg


4a819e8c-5339-4503-9ce1-134e2a46e330.jpg


20.9.jpg



20.10.jpg


http://www.alraimedia.com/Alrai/Arti...&date=19052010
 
أعلى