معك قلبا وقالبا في تطبيق العلمانية, ولكن هناك نقطة مهمة تطرح نفسها لتتضح الصورة:
-هل هناك مثال واضح نستطيع معه معرفة كيف يقوم الدستور العلماني بوقف كل مايحدث من انقسام طائفي وعرقي في مجتمعاتنا "تحديدا"؟ وقبل ذلك...كيف السبيل إليه ؟
أظن أنه لابد من وجود "خارطة طريق" واضحة وجلية خاصة بنا, لا بالعلمانية الجاهزة في الدول المطبقة لها, كون مايحدث هناك ظهر بعد تواجد الأرضية الخصبة, والطريق هو:
منع كل مظهر من مظاهر التدين في الحياة السياسية, ومنع تشكيل الأحزاب المرتكزة على الطرح/الفكر الديني...وهذه النقطة هي (آخر نقطة) في خارطة الطريق..وليس أولها.
فالدساتير العلمانية كما في تركيا وتونس جاءت من غير خارطة طريق, بل بطريقة خذوه فغلوه (أي أتى حزب وفرض علمنة الدولة)... ومع كل ذلك فإن شعب تركيا تحايل على النصوص وأخرج ما بالنفوس بإرجاع جماعة أردوغان ومن سبقه.
وحتى نكون أكثر صراحة فإن الدستور الذي يحتاج إلى مراجعة هو غير دستورنا, ويكمن في الإرث التاريخي والديني لهذه الأمة والذي يختلف عن غيره من الموروث في بقية مجتمعات الأرض, لوجود منظّريه وسياسييه الذين يرون تواجدهم مرتبطا بوجوده, إضافة إلى تجذّره وترابط حلقاته التاريخية بشكل يرتكز على النص الديني...ما خلق جو عام في كل حقبة يمنع الخروج عنه, وإن حدث فإنه يأتي بالقوة, و القوة لاتستطيع معها الدخول إلى اعماقك لتنتزعه.
نحن نحتاج إلى ثقافة وتوعية لتقوم هذه الثقافة الجديدة فيما بعد بصياغة تلك النصوص الدستورية المطلوبة, بعد تهيئة الأرضية الخصبة, وتهيئة الأرض تحتاح لخطوات طويلة, واتباع آليات ليست بالبسيطة, ومخاض عسير, مثل تغيير المناهج, والطرح الإعلامي...الخ.
عدا ذلك فسنظل ندور في نصوص مكتوبة على ورق..ليس إلا.
فنحن في الكويت قد ندعو لتغيير الدستور من جذوره, فإن كان القرار بيد الشعب عن طريق انتخاب أعضاء فصياغته ستتم بعقول مؤدلجة لا متعلمنه , وسيعود لك دستور متدين حتى آخر ورقة من صفحاته, وإن كُتب لهم وأتاهم جاهزا.. للتصويت عليه (وهي طريقة ديكتاتورية غير محبذة), فسَيرفُض أو سيتم التحايل عليه تماما كما في تركيا وتونس.
الأمر من وجهة نظري لا يكمن في تغيير النصوص بل النفوس والعقول...غير ذلك فلا جدوى.
تحياتي لك