بعد انقطاع طويل عن هذه الفكرة و عدم قبول الكثيرين فيها بل و عدم مشاركتهم أردت ان افتح المجال مرة اخرى هذه المرة و لكني سأبدأ بنفسي و سأناقش كتاب جديد كل شهر و من يريد ان يشاركني فهذا شيء احييه و اتمناه.
اما الكتاب الذي سأبدأ بمناقشته الاسبوع القادم هو كتاب وعاظ السلاطين لعالم الاجتماع العراقي علي الوردي.
و من يريد المشاركة في نقاش الكتاب بأمكانه تحميله من هنا
نبذة قصيرة:
اما الكتاب الذي سأبدأ بمناقشته الاسبوع القادم هو كتاب وعاظ السلاطين لعالم الاجتماع العراقي علي الوردي.
و من يريد المشاركة في نقاش الكتاب بأمكانه تحميله من هنا
نبذة قصيرة:
قـراءة متصلـة فـي كتـاب علي الـوردي
«وعاظ السلاطين»..
منذ صدوره في العام 1954 إبان العهد الملكي بالعراق، أي ما يقارب أكثر من نصف قرن، وإلى يومنا ظل كتاب ''وعاظ السلاطين'' للكاتب والباحث العراقي الراحل علي الوردي، مثاراً للغط والجدل الفكري والديني والفلسفي والسياسي والاجتماعي، فمن جهة، سحر عقولاً لجرأته وبحثه الموضوعي حول الطبيعة النفسانية للإنسان، ومن جهة أخرى، أغضب الكثيرين لانتقاده وتعريته الصريحة للمنطق ''الوعظي الأفلاطوني''، والذي وصفه بـ ''منطق المترفين والظلمة''، من خلال تناوله حال الوعاظ عبر التاريخ العربي، القديم والحديث، وكشفه لروايات عكف على تحليلها لما ذهب إليه بعضهم في نفاقه وتملقه لذوي السلطة والجاه.
إذاً، هناك قراءتان متناقضتان لهذا الكتاب المميز: القراءة الأولى التي تكشف ''النفس البشرية والغوص في أعمق أعماقها ونزعاتها التي لا تقبل التبديل''، وفق تحليله، وكيف إن ''الأخلاق ما هي إلا نتيجة من نتائج الظروف الاجتماعية'' ،في حين تبدو القراءة الثانية أنها لم تجد طريقاً لها للفهم والمتعة عند طبقة الأغنياء والمترفين، ورجال الدين الذين يبررون للحكام المستبدين أفعالهم، وانتهاكاتهم، لأنه كما يقول الوردي في ختام مقدمته لهذا الكتاب: ''فهو يعطيهم (المدللين المترفين) عن طبيعة الإنسان صورة مخالفة لما اعتادو عليه وألفوه..
إن المدلل المترف، قد اعتاد أن يرى الناس حوله وهم مغتبطون به متزلفون إليه. فهو يظن إن الإنسان يطلب الخير بطبيعته، ويذوب شوقاً في خدمة الحق والحقيقة. وهذا الظن قد جاءه لكونه لم يلق من الناس مهانة أو اعتداءاً إلا نادراً.. أما أبناء الصعاليك، فهم يمرون في حياتهم بتجارب قاسية تكشف لهم عن حقيقة الناس من غير برقع أو طلاء''. (ص14).
يستعرض الوردي في كتابه ''وعاظ السلاطين'' الذي لا يزال يثير الجدل حتى بعد رحيل الكاتب في العام ,1996 أحداث التاريخ الإسلامي في ضوء المنطق الاجتماعي الحديث، مختزلاً ذلك بكثير من التحليل، بوجود فريقين يتنازعان البقاء: فريق السلاطين من جانب، وفريق الثوار من الجانب الآخر..
فيقول: ''أسس معاوية الملك الوراثي في الإسلام، وأسس علي إزاءه الثورة الجامحة وأخذت هاتان النزعتان المتضادتان تتفاعلان جيلاً بعد جيل''. (ص167)، فيما يذهب بعيداً لعصرنة رؤيته، بإشارته إلى أن ''الديمقراطية لم تنشأ في الأمم الحديثة من جراء أفكار صبيانية تحذلق بها الواعظون، إنما هي في الواقع نتيجة معارك طاحنة قامت بها الشعوب في وجوه حكامهم المستبدين، والديمقراطية لم تفتر عن الثورة حتى اليوم. فتاريخها عبارة عن سلسلة متلاحقة من الثورات لانهاية لها.
إن نظام التصويت الذي تقوم عليه الديمقراطية الحديثة، ليس هو في معناه الاجتماعي إلا ثورة مقنعة، والانتخاب هو في الواقع ثورة هادئة، حيث يذهب الناس إلى صناديق الانتخاب، كما كان أسلافهم يذهبون إلى ساحات الثورة. فيخلعون حكامهم أو يستبدلون بهم حكاما آخرين.
يقول المسترليمان الكاتب الأميركي المعروف ''إن ثوار الأمم الديمقراطية يستخدمون أوراق التصويت بدلا من رصاص البنادق Baffots insteadof buffets إن من النادر أن تسمع بحدوث ثورة مسلحة في البلاد الديمقراطية الحقة، إنهم لا يثورون لان في ميسورهم، أن يجدوا للثورة طريقا آخر، هو طريق التصويت الهادئ، الذي لا يتلاعب به الحكام الأدنياء. فهم يبدلون حكامهم حينا بعد آخر، فلا تحدث فتنة ولا تسيل دماء.
والحكومة التي لا تدرب رعاياها على اتباع طريق الثورة السلمية الهادئة، سوف تجابه من غير شك ثورة دموية عنيفة في يوم من الأيام..'' (ص266).
كتاب ''وعاظ السلاطين'' بقدر تميّزه يطرح علي الوردي مواضيع حساسة بالكاد يتحدث فيها المفكرون هذه الأيام، غير أن الوردي في هذا الكتاب يستقريها بجرأة قل نظيرها، فنجده مثلاً يتحدث عن المسألة الطائفية وجذورها فيقول: إن النزاع بين الشيعة والسنة، اتخذ شكل التعصب لآل النبي من جهة،.. ولأصحاب النبي من الجهة الأخرى.. فأهل السنة تعصبوا للأصحاب، بينما تعصب الشيعة للآل.
اخذ كل فريق يغالي في تمجيد من تعصب لهم. التزم أهل السنة بالحديث النبوي القائل ''إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيه أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي رحمة'' والتزم الشيعة من الجانب الآخر بالحديث القائل «إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق''.
أولئك جعلوا مقياس الفضيلة في الصحبة النبوية، وهؤلاء جعلوه في البيت العلوي.. اخذ أهل السنة يطلقون على الشيعة لقب «الروافض» باعتبار أنهم رفضوا الصحابة، بينما أطلق الشيعة، على أهل السنة ''النواصب'' باعتبار أنهم نصبوا العداء لأهل البيت وحالفوا أعداءهم الأمويين.. وبهذا تمادى الغلو من كلا الجانبين وأصبح داء اجتماعيا وبيلا..
لم يكن الشيعة ''روافض'' في أول أمرهم.. وكذلك لم يكن أهل السنــة ''نواصب'' وإنما هو التطرف والتعصب.. وسمما بالتراكم الفكري الذي أدى بهما إلى هذه النتيجة المحزنة..
إذا أراد الشيعة وأهل السنة في هذا العصر أن يتحدوا، فليرجعوا إلى شعارهم القديم، الذي اتخذه زيد بن علي وأبو حنيفة، أي شعار''الثورة على الظلم في شتى صوره'' لا فرق في ذلك بين الظالم الشيعي أو الظالم السني. إن هدف الدين هو العدل الاجتماعي، وما الرجال فيه إلا وسائل لذلك الهدف العظيم''.. (انظر الفصل 11- قضية الشيعة والسنة ص 229)
نبــــذة عــــن المــــؤلـــــف ومؤلفاته
علي الوردي عاش من الفترة الممتدة من (1913-1996) وهو أستاذ ومؤرخ وعالم اجتماع عراقي ذو توجه علماني، ولد في بغداد منطقة الكاظمية وحصل على الماجستير سنة 1948 والدكتوراه عام 1950 من جامعة تكساس الأميركية فقال له رئيس الجامعة عند تقديم الشهادة له: (أيها الدكتور الوردي ستكون الأول في مستقبل علم الاجتماع).
درّس في كلية الآداب في جامعة بغداد. كتب وألف ولم يلتفت إلى مستقبله الشخصي، إنما راح يتعب ويجتهد واختلف مع الحكام، وفي هذه المعاناة وحدها رأى المستقبل يصنع بين يديه.
مؤلفاته: مهزلة العقل البشري، علي بن أبي طالب بطبيعة المدنية، الديمقراطية في الإسلام، وعاظ السلاطين، خوارق اللاشعور، طبيعة المجتمع العراقي، و له دراسة في تاريخ العراق الحديث مكـــونه مـــن 9 أجزاء وهـــي لمحـــات اجتــماعية من تاريخ العراق الحديث، الأحلام بين العلم والعقيدة