ابن تيمية.. وأتباعه

رحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية وغفر الله لمن يدعي اتباع منهجه.. فقد أحبوه قلباً وخالفوه منهجاً.. وهو الذي كان شديد التمسك بالدليل والحجة دون الالتفات إلى الأشخاص مهما عظم شأنهم وكبر قدرهم.. فقد كان متمرداً على الأئمة الأربع.. ولا يقبل رأياً منهم إلا إذا اتضح له موافقته لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وقد خالف إجماعهم في كثير من المسائل كالطلاق وغيرها.. ء

وقد شنّ خصوم ابن تيمية حروباً قاسية عليه وصلت إلى حبسه في السجن لأعوام طويلة.. إذ كيف يتجرأ شخص كابن تيمية وهو من الخلف في زمانه.. بمخالفة إجماع السلف أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد؟


ما وصل ابن تيمية رحمه الله إلى ما وصل إليه من فهم عميق للدين إلا بتحرره من التقليد الأعمى لمن كان قبله.. وإزالة هالة القداسة عن الأئمة السلف بل حتى عن الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم.. واستبدالها بالاحترام لأشخاصهم الجليلة والتأدب في حضرة الحديث عنهم وذكر سيرهم. ء


إن الصحابة الكرام كانوا خير القرون في تاريخ البشرية.. ولا ينازعهم أحد فضلهم لا في الأولين ولا في الآخرين.. ولو أنفق أحدنا كجبل أُحد ذهباً ما أدرك مُدّ أحدهم ولا نصيفة كما جاء في الحديث.. وهم بلا شك أكثر القرون فهماً للدين.. كيف لا وهم تلامذة النبي صلى الله عليه وسلم تلقوه منه مباشرة.. مع كل ذلك فهم بشر غير معصومين يخطئ أحدهم فيصحح له إخوانه من الصحابة. ء


وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوصيته الخالدة: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي .. مع ذلك فإن الاتباع مشروط بالرشد والهدى.. وفي هذا معنى عميق في التمييز بين الشخص والمبدأ ولو كان أحد الخلفاء الراشين. ء


وقد أعجبتني عبارة لشيخنا محمد المختار الشنقيطي في كتابه الخلافات السياسية بين الصحابة قال فيها "إن الانفعال السائد في الدفاع عن السلف قد أهدر قدسية المبادئ حرصاً على مكانة الأشخاص, واستحال رداً للغلو بغلو" ا.ه


يبالغ كثير ممن نحسبه يغار على الدين وأهل العلم من السلف والصحابة.. يبالغ في تبرير أخطائهم وتحميل أقوالهم وأفعالهم مالا يحتمل تأويله تقديساً لهم من نسب الخطأ لهم.. وهذا ما جعل كثير منا بالأخذ في شدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وترك لين رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وتبرير فعل معاوية رضي الله عنه في استبدال الخلافة وأخذ البيعة لابنه يزيد وفي هذا مخالفة للمنهج السياسي الإسلامي القائم على الشورى والاختيار الحر وتحريم الملكية. ء


وقد وقع الكثير من العلماء في الحيرة بين تقديم المبدأ.. وبين تقديم الأشخاص لاسيما صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثر السلامة في ذلك والسكوت عن ذكر هذه الروايات وكأن شيئاً لم يكن وشعارهم في ذلك " تلك أمة قد خلت" ء


حورب الإمام ابن تيمية حينما فتح هذه الملفات بعد صمت طويل عنها وخاض فيما جرى بين الصحابة الكرام في كتابه منهاج السنة النبوية وقد كان ذلك في عهده من المحظورات.. مع مراعاته لاحترام أشخاصهم جميعاً رضي الله عنهم لكن مع تقديم المبدأ عليهم.. وإن كثيراً ممن ينتسبون لمدرسة بن تيمية لم يفهموا منهجه ولم يدركوا التوازن والاعتدال الذي كان عليه رحمه الله.. ء


هذه دعوة للشباب الذين يحبون منهج شيخ الاسلام من طلبة العلم.. للقراءة في كتبه مباشرة ومحاولة استنباط القواعد التي أسس بها منهجه.. لا السماع عنه فحسب.. فليس السامع كالمعاين.. والله من وراء القصد
 

العزة لله

عضو فعال
كلام طيب وجميل وإن شاء الله يجد عقول تفهم هذا الكلم الفهم السليم ,

رحم الله الإمام ابن تيمية , وجمعنا به وكاتب الموضوع في جناته جنات النعيم .
 
يا سائلي عن عقيدتي ومنهجي**رزق الهداية من للهداية يسأل
حب الصحابة كلهم لي مذهب**ومودة القربى بها أتوسل

رحم الله شيخ الاسلام احمد بن تيمية وحشره مع الصالحين
جزاك الله خيرا
 
أعلى