دليل التقدير
التقدير كما يقول أهل العلم هوخلق كل شيء بمقدار وميزان وترتيب وحساب بحيث يتلائم مع مكانه وزمانه وبحيث يتناسق مع غيره من الموجودات القريبة منه والبعيدة عنه.فإذا كانت التسوية إعطاء كل شيء من الخلق والتصوير ما يؤدي به وظيفته على الوجه اللائق به , فإن التقدير أن يكون بالقدر الذي ينفع في نفسه ولا يضر غيره ولا يصطدم بالمخلوقات الأخرى وذلك يتم إذا ما وضع في مكانه الملائم وزمانه المناسب.وهذا التقدير ظاهرة عامة في كل شيء كما نبه القرآن على هذه الحقيقة إذ قالتعالى ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) وقال تعالى ( قدجعل الله لكل شيء قدرا ) وقال تعالى ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدرمعلوم )
وعند التأمل في الكون وفي بعض الظواهر الكونية تجد آية التقدير متجلية واضحة فعلى سبيل المثال
* الشمس فلو أعطت نصف إشعاعها الحالي لتجمدت الحياة والأحياء , ولو أنها زادت بمقدار النصف لكنا رمادا منذ زمن بعيد
* لو كان قمرنا يبعد عنا 20,000 ميل بدلا من بعده الحالي لكان المد يبلغ من القوة بحيث أن جميع الأرض تغمر مرتين في اليوم بماء متدفق يزيح الجبال من مواقعها.
* لو كان الأكسجين بنسبة 50 % أو أكثر بدلا من 21 % فإن جميع المواد القابلة للإحتراق في العالم تصبح عرضةللإشتعال لدرجة أن أول شرارة في البرق تصيب شجرة لابد أن تلتهب الغابةكلها.
* لو كانت مياه المحيطات حلوة لتعفنت وتعذرت الحياة على الأرض و حيث إن الملح هو الذي يمنع حصول التعفن والفساد.
* لو كان محور الأرض معتدلا بدل هذا الميل الحالي الذي مقداره 23 درجة مع سكون الأرض , لتجمعت قطرات المياه المتبخرة من المحيطات والبحار ونزلت في مكانين محدودين في الشمال والجنوب ولظل الصيف دائما والشتاء إلى الأبد ولهلك الناس وجميع الأحياء.
بل لولا الموت ماذا يحدث ؟ قالوا لو أن ذبابتين توالدتا هما وأولادهما دون موت فإنه بعد خمس سنوات تتشكل طبقة من الذباب حول الكرةالأرضية ارتفاعها 5 سم . وهذا جنس واحد من المخلوقات فكيف إذا كانت المخلوقات كلها تتوالد ولا تموت.
ومن المعلوم أن كل الكائنات الحية تمتص الكسجين وتلفظ ثاني أكسيد الكربون واما النبات فهو على العكس يستعمل ثاني أكسيد الكربون ويلفظ الأكسجين , فهناك تبادل مشترك بين الإنسان والحيوان من جانب وبين جميع النباتات والغابات من جانب آخر , وبدونه تنتهي حياتنا في دقائق معدودة و ترى من الذي قدر هذا التناسق وأقام هذا التوازن ووضع هذا النظام المحكم؟. ألا يدل ذلك على صفة العليم الخبير الحكيم جل وعلا...
.