لا هنـت
الزميـل سكـر زيادة
و مبارك عليـك الشهـر الكريم
و عودة إلى موضوعـك الجميـل صياغـة
و تنسيقـا و غيـر المقبـول بقيـاس المنطـق و التحليـل
أخـي الكريم ،
لا أحـب كيـل التهـم و لا محاسبـة النـوايـا و لكـن لا أستنتـج
من هذا الطـرح سـوى أنـك يا زميلي إما أسيـر لنـوع من أنــواع الشخصنـة
و الإصطيـاد في المياه العكـرة و إما لـديـك إشكاليـة
في القـراءة السليمـة و التحليل و الإستنتـاج .!
سأضـع لك الموضـوع الذي إجتزأت أنت منه كلمتيـن و حاكمـت
من خـلالهمـا الكاتب الجـاسـم و سأحـاول مساعـدتـك في إعادة القراءة
بتأنـي و حسـن نيـة و إستعـداد لقراءة ما على السطـور و ما بينهـا :
بصمة "وراثية"؟!
أود أن أشكر كل من سأل عن أسباب عدم نشر المقال في الموعد المعتاد وهو يوم السبت الماضي، وفي الحقيقة فإن كثرة الأسئلة والاستفسارات كانت لافتة للنظر، بل أن بعض التفسيرات لعدم نشر المقال كانت تلفت النظر أكثر، إذ يبدو أن هناك من ربط بين عدم نشر المقال وبين تطورات "قضاياي"، وأن هناك "ترتيبات" على طريقة "سيب وأنا أسيب"! على العموم، لم يكن هناك سببا محددا لعدم نشر المقال عدا أنه "ماكو شي يسوى"، كما أنني انشغلت قليلا في كتابة مذكرة الدفاع في واحدة من قضايا الشيخ ناصر المحمد ضدي التي نظرتها المحكمة يوم الأثنين!
منذ فترة وأنا أراقب نشاط الشيخ أحمد الفهد وتصريحاته.. أراقب كيف استفاد من الأخطاء الكثيرة والكبيرة التي ارتكبها في الجزء الأول من حياته السياسية. ولاحظت أنه نجح إلى حد كبير في تصحيح صورته وإعادة تقديم نفسه للجمهور. فبدلا من أن يكون "قبضاي" الصباح، أو "درع ومخلب الشيوخ"، صار الشيخ أحمد يتحدث عن التنمية، وهذا تطور محمود! ولاحظت أيضا أن هناك ما يشبه التواطؤ الجماعي غير المعلن من قبل النواب والكتاب، بمن فيهم أنا، على عدم انتقاد الشيخ أحمد، أو عدم استهدافه على الأقل، لذلك فقد عمل خلال السنة المنصرمة من دون أن يواجه عقبات تذكر باستثناء تصريحات وأسئلة لا أثر لها تصدر عن النائب عادل الصرعاوي حين يتذكر "فجأة" أن الشيخ أحمد وزير في الحكومة الحالية!
موضوعي اليوم لا يدور حول شخص الشيخ أحمد الفهد، بل أريد أن أتحدث عن أمر يتعلق به وبأسرته وبالكويت.
لا يخفى أن الكويت تدار وفق عوامل ومعطيات "شخصية" لا "موضوعية".. أي وفق اجتهادات فردية تتحكم فيها القدرة الشخصية للقائم بالإدارة.. نفسيته، طبائعه، مزاجه ومقدار ثقافته، وسعة اطلاعه أو محدوديته.. وبالطبع لا ننسى التأثير الهائل للبطانة المحيطة بشخص القائم بالإدارة. أي أنه لا وجود للخطط والبرامج، ولا أهمية لرأي الخبراء، ولا تأثير للدراسات والأبحاث. ونتيجة لذلك فإن "البصمة الشخصية" للقائم بالإدارة هي التي ترسم الملامح الرئيسية للدولة في مرحلته، وهي التي تتحكم في تفاصيل المشهد السياسي والاقتصادي بل والاجتماعي أيضا. ولأن الأمر كما ذكرت، فإن الكثير من الأفراد والقوى السياسية يفاضلون بين هذا الشيخ أو ذاك، ويدعمون هذا أو ذاك على أساس شخصي بحت لا موضوعي، على الرغم من عدم وجود منهج حكم أو إدارة لدى أي طرف. وتشهد تجاربنا السياسية الحديثة أن القوى السياسية وكثير من أصحاب الرأي وضعوا أملهم في "شخص" فانحازوا له في التنافس والصراع السياسي الذي دار بين الشيوخ.. وبعد انتهاء الصراع اكتشفوا، وهم يتحسرون الآن، أن أملهم كان سرابا، فلا إصلاح ولا "بطيخ".. ولا انفتاح ولا تطوير، بل تكريس للفساد ومزيد من الإخفاق والتدهور والضياع.
إن سيادة وسيطرة "البصمة الشخصية"، في المشهد السياسي الكويتي، وارتباط الأحداث والقرارات "بالأشخاص" لا "بالموضوع"، دفعني منذ بداية مقالاتي هنا وحتى يومنا هذا إلى "فتح الجرح" وتسليط الضوء عليه. ففي ظل غياب "الأداء الموضوعي"، كان لابد من تقييم "الأداء الشخصي" في مرحلة ساد فيها الإعلام النفعي الذي سعى إلى صنع "رموز وأبطال" من بعض الشيوخ مستخدما "الحبر والورق".. تماما كما يحدث اليوم، فها هو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء يفشل في إدارة شؤون الدولة، فيضطر للاستعانة "بالحبر والورق".. وبالصورة، دون الصوت طبعا، و"بالبشت والزري".. وبالملاحقات السياسية لمنتقديه وبوسائل أخرى لإثبات كفاءته وجدارته الشخصية في البقاء في منصبه.. النتائج لا تسعف الشيخ ناصر المحمد إطلاقا، بل أن تلك النتائج تستدعي إقالته، ومع ذلك فهناك من يريد تصويره بأنه "فلتة زمانه"!
اليوم، وفي عهد الشيخ ناصر المحمد، يمكن القول بصراحة تامة أن الأسرة الحاكمة انكشفت.. الأسرة تعاني من مشاكل عميقة.. تزاحم وتنافس.. جمود وتقليدية.. إخفاق متكرر في الإدارة السياسية. ولعل الأهم من تعداد مشاكل الأسرة هو أن نعي أن مشاكلها ومشاكل الكويت معها إنما هي نتيجة غياب أسس وقواعد الإدارة الموضوعية، وتسيد الإدارة الشخصية أو طغيان "البصمة الشخصية". إن ما يثير القلق حقا هو أنه لا يبدو في الأفق أن الأسرة قد تشهد حركة تصحيحة أو تطويرية لمنهج الإدارة، وأن منهج "البصمة الشخصية" سوف يستمر. وإذا كان في "البصمة الشخصية" حاليا بقايا من "اعتبارات اجتماعية" تحول دون انفلات الأمور، فإن هناك مؤشرات جدية على قرب زوال تلك الاعتبارات وارتخاء قبضة الأسرة.
إن الخطر القادم الذي يجب أن نحذر منه هو أنه حين ترتخي قبضة الأسرة، فإنه، وفي ظل غياب المعادل الموضوعي لتلك القبضة، أو القوى الموازية أو البديلة كالأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الدولة، سوف يظهر فراغ كبير في السلطة.. ولأن السلطة لا تعرف الفراغ، فإن هناك من سيملئ الفراغ حتما.. لكن من هو؟ من أجل التوضيح أكثر أقول: من الواضح اليوم أنه يوجد، في محيط رئاسة مجلس الوزراء، فراغ كبير في السلطة لم يتمكن الشيخ ناصر المحمد من ملأه، لذلك نجد أن بطانته تتمتع بقدر هائل من التأثير وتوجيه الأمور.. ولأن هذه البطانة تسعى لخدمة مصالحها فقط، فنحن نشهد علامات انهيار هنا وهناك، كما نشهد أعمال وسياسات وأخطاء استراتيجية لا تمت بصلة لتاريخ حكم أسرة الصباح!
أعود إلى قلقي حين ترتخي قبضة الأسرة ويزداد الفراغ في السلطة وأقول: إن البعض يرى حاليا أن الشيخ أحمد الفهد هو "البديل الناجح"، وأنه لا داعي للقلق فالشيخ أحمد سوف يملأ فراغ السلطة بأكمله في الوقت المناسب! لكنني أقول أن الكويت في حاجة إلى بديل موضوعي لا شيخ مكان آخر.. صحيح أن الشيخ أحمد الفهد "أحسن الموجود" حاليا، إلا أن هذ لا يكفي، فالكويت تحتاج إلى تغيير جذري في منهج الحكم والإدارة أكثر من حاجتها إلى تغيير الأشخاص.. بالطبع حين نقارن بين قدرة الشيخ أحمد على الحديث أمام الميكروفون مع قدرة الشيخ ناصر المحمد، فإن الغلبة تكون للشيخ أحمد، لكن هل المقارنة في التمسك بالدستور واحترام نصوصه بين النائب أحمد السعدون، على سبيل المثال، والشيخ أحمد سوف تأتي لصالح الشيخ أحمد؟! بالطبع لا. وحين يكرر الشيخ أحمد عبارة "أنا مكبور"، أي أن هناك من هم أكبر سنا منه في الأسرة الحاكمة، وأنه ملزم بتنفيذ أوامر "الشيبان"، فهل يمكنه التخلص من "البصمة الوراثية" للشيوخ ويقوم بحركة إصلاحية تطيل عمر حكم الصباح؟!
لا أريد أن أطيل.. لكن في ظل غياب القوى الوطنية الموازية لقبضة الأسرة، وفي ظل عدم فاعلية مؤسسات المجتمع المدني، وفي ظل النقص الحاد في "البدلاء" وسط ذرية مبارك الصباح، وبتأثير نظرية "أحسن من إللي أردى منه"، فهل يجب علينا أن نغض النظر عن أخطاء الشيخ أحمد وأن نحافظ على "شيخته" ومكانته الاجتماعية لعله ينجح في الحفاظ على الحد الأدنى من قبضة الأسرة قبل فوات الأوان؟!
يا شيخ أحمد، أقولها لك بلغة أهل كرة القدم: أنت في وضع انفراد بالمرمى.. "محد حولك".. فلا "تفشلنا" رجاء. وإذا كنت أعي تماما أن المنظومة الاجتماعية وسط الأسرة تقليدية جامدة تمنح عامل السن الاعتبار الأهم، وتحول دون إطلاق طاقات الشباب، وتجعلك تنفذ كل ما يقوله أو يريده "شيبان" الأسرة.. فإنني أرى أن الوضع لم يعد يحتمل، ولا توجد لدينا خيارات.. أقول هذا وأنا أعلم أن الشيخ أحمد يبلغ من العمر 46 سنة أو أكثر بقليل، وإذا استمر العمل بقاعدة السن فإنه لن يصل الإمارة إلا حين يبلغ "محاري السبعين" أو يزيد إذ يسبقه عدد من الشيوخ الأكبر سنا، لكن تسلمه رئاسة الوزارة ربما يأتي أسرع من ذلك بكثير.. هذا إن لم تخرج من سيطرة الأسرة قبل ذلك! لذلك، شئنا أم أبينا يبدو إننا سنتعامل مع الشيخ أحمد باعتباره "البديل الشخصي الناجح" إلى حين حصولنا على البديل الموضوعي شريطة أن يحافظ على سمعته ويواصل ابتعاده الفعلي عن الفساد السياسي والمالي.. في السر كما في العلن!
أعـذرني على الإطالة
كما أرجو قبول رأيي المتواضـع برحابة صدر
و أرجو أن تستفيد من إعادة القراءة بحسـن نيـة
فالموضوع أعمـق بكثير مما تفضلـت و ركـزت عليـه ..!
لـك الـــود و التقـديـر ...
كنت اتمنى من صاحب الموضوع نفسه ان يقوم بنقل لنا هذا المقال لكي نستطيع ان نبين له
حقيقة مستوى عقليته وتحليله للامور .!!
لكي يراجع نفسه بالمستقبل مرات عده قبل ان يفكر في كتابة موضوع .!
شكرا للزميل فكتوريا على نقل المقال وتصحيح الخطأ الذي وقع به صاحب الموضوع
اتمنى الآن من صاحب الموضوع ان يشير لنا من خلال المقال عن مدح الكاتب للشيخ احمد الفهد .؟؟