شين الحلايا
عضو ذهبي
المصدر: مختارات إيرانية - مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية
أولا : نبذة تاريخية حول العلاقات الكويتية-الإيرانية:
اتسمت العلاقات التاريخية بين ضفتى الخليج بالحيوية والديناميكية منذ قدم التاريخ ويتضح هذا فى نموذج العلاقات الكويتية-الإيرانية، والتى شهدت كثيرا من الهجرات والتداخل، فضلا عن التبادل التجارى بين موانئ الكويت والمحمرة وبوشهر وبندر عباس، بالإضافة إلى تجارة الترانزيت (إعادة تصدير البضائع) والتى كان لها أسواقها الرائجة وعملاؤها الكثيرون فى المدن الرئيسية فى جميع أنحاء إيران إلى درجة تسمية أسواق البضائع الجيدة فى إيران بالأسواق الكويتية، ومنذ استقلال دولة الكويت عام 1961 شهدت العلاقات الكويتية-الإيرانية تطور ا ملحوظ ا فقد اعترفت إيران رسميا بدولة الكويت عام 1961، وشهد شهر يناير عام 1962 افتتاح السفارة الإيرانية فى الكويت، وفى عام 1973 أعلنت إيران وقوفها إلى جانب الكويت فى حادثة الصامتة التى تمثلت فى اعتداء العراق على الأراضى الكويتية، حيث أعلنت إيران استعدادها لإرسال قوات عسكرية للكويت بناء على رغبة أمير دولة الكويت، فضلا عن تصريح رئيس الوزراء الإيرانى آنذاك بأن إيران لن تسمح بأى مسعى لإحداث تغييرات فى الجغرافية السياسية للمنطقة، إلا أن قيام الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 كان مصدر قلق بالنسبة للكويت ومن ثم فقد اتسم رد فعلها تجاه تلك الثورة بالحذر الشديد ، ومع ذلك فقد كانت من أوائل الدول التى اعترفت رسميا بالنظام الإسلامى فى إيران وكان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد أول مسئول رفيع المستوى من منطقة الخليج يزور طهران بعد قيام الثورة.
ومع اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية فى سبتمبر عام 1980 وتطورها على مدى ثمانى سنوات أخذت العلاقات بين الدولتين شكل التوتر، فمع بداية الحرب أعلنت الكويت حيادها التام وطالبت الطرفين المتصارعين بوقف القتال، كما أعلن ولى العهد الكويتى ورئيس الوزراء أن الكويت تصر على إنهاء الحرب وهى مستعدة لبذل أى نوع من المساعى لإيجاد حل عادل يرضى الجارتين. إلا أنه مع تطور الحرب وتعرض الأراضى الكويتية لقصف بالصواريخ واعتداءات برية استهدفت أمنها واستقرارها أدركت الكويت أن ميزان القوى فى الحرب قد ينقلب لصالح إيران، وهو الأمر الذى يمثل تهديد ا واضح ا للكويت فأعلنت دعمها المادى والسياسى والمعنوى للعراق مما أدى إلى توتر العلاقات الكويتية-الإيرانية حتى وصل الأمر ذروته مع طلب الكويت من الدول الكبرى رفع أعلامها على السفن والبواخر الكويتية التى تنقل النفط.
وكان الغزو العراقى لدولة الكويت عام 1990 إيذان ا ببدء مرحلة جديدة من العلاقات بين الدولتين، فقد رفضت إيران منذ البداية هذا الاحتلال، كما رفضت إحداث أى تعديل فى حدود الكويت ، وصرح الرئيس الإيرانى آنذاك بأنه حتى لو قبل العرب ضم الكويت فإن إيران لن تقبل ذلك، وفى 9 نوفمبر عام 1990 كرر الرئيس الإيرانى موقف بلاده الداعى إلى انسحاب العراق غير المشروط من الكويت ومعارضة تسليم أى جزر كويتية للعراق، كما أبلغت إيران الأمم المتحدة عزمها على الامتثال لقرار مجلس الأمن رقم 661 القاضى بفرض المقاطعة الشاملة على العراق مع تأكيد وزير الخارجية الإيرانى التزام بلاده بالعقوبات الاقتصادية على بغداد كما قررتها الأمم المتحدة، ومما لاشك فيه أن إيران كانت سباقة لإدانة الغزو رغم بعض التنازلات التى قدمها العراق لطهران فى ذلك الوقت فى مقابل تأييدها لموقف العراق آنذاك، ومنذ ذلك الحين تسارعت وتيرة التعاون بين الجانبين خلال عقد التسعينيات.
ثانيًا: زيارة وزير الخارجية الكويتى الأخيرة لإيران:
أجرى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتى الشيخ صباح الأحمد زيارة لإيران فى الحادى عشر من يناير 2003 وقد اكتسبت تلك الزيارة أهمية بالغة بالنظر إلى الاعتبارات التالية:
1- جاءت تلك الزيارة فى مرحلة حرجة من تاريخ المنطقة إذ تتزايد الحملة الأمريكية لإحداث تغيير فى العراق وما سوف يترتب على ذلك من تداعيات على المنطقة عامة وعلى الكويت وإيران بصفة خاصة، ولعل هذا ما جعل الملف العراقى يحتل أولوية خاصة فى أجندة الزيارة. فقبيل مغادرته الكويت قال الشيخ صباح الأحمد أتمنى أن يتم تجنب العمل العسكرى ضد العراق، مشير ا إلى تفضيل الكويت حدوث تغيير للنظام من الداخل ولا شيء يمكن أن يضمن الأمن والاستقرار إلا تعاون الحكومة العراقية الكامل مع الأمم المتحدة.
وقد أوضحت المباحثات تطابق وجهات النظر بين الجانبين بشأن المسألة العراقية حيث نص البيان الختامى على أهمية التوصل إلى حل سلمى لها وطالب الجانبان الحكومة العراقية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 1441 والتعاون التام مع مفتشى الأمم المتحدة تفاديا لنشوب الحرب ونتائجها السلبية على الأمن والاستقرار فى هذه المنطقة.
2- أسفرت الزيارة عن التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم، الأولى بشأن التعاون الاقتصادى والفنى بين الجانبين، والثانية بين وزارتى الكهرباء والماء فى كلا البلدين والثالثة بشأن استيراد الغاز من إيران إلى الكويت، فضلا عن تأسيس شركات استثمارية ثنائية وجماعية فى مجال النفط والغاز، بالإضافة إلى الاتفاق على رفع مستوى اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين إلى اللجنة العليا للتعاون الاقتصادى والثقافى والعلمى والعسكرى والأمنى على أن يترأسها وزيرا خارجية البلدين، كما رحبت الكويت باستقطاب القوى العاملة الإيرانية المتخصصة فى بعض قطاعات العمل بها.
وعلى الرغم من تلك النتائج الإيجابية للزيارة إلا أن هناك قضايا لم تشهد تطور ا ملموس ا ومنها موضوع نقل مياه الشرب والغاز من إيران إلى الكويت، حيث أكد الجانبان على ضرورة متابعة الموضوع من قبل الحكومتين للتوصل إلى النتائج النهائية فى أقرب فرصة ممكنة والجدير بالذكر أن تلك القضية تستحوذ على اهتمام الحكومة الكويتية، حيث تعتبر معدلات الاستهلاك اليومى للفرد من المياه فى الكويت من أعلى المعدلات فى العالم (ضعفى استهلاك الفرد فى الدول الصناعية)، فضلا عن عدم حسم قضية الجرف القارى والتى بدأت فى عام 2000، حيث اتفق الجانبان على زيادة ودعم جهودهما دفع ا للإرادة السياسية تجاه هذه القضية وتم تكليف اللجنة المشتركة لتحديد حدود الجرف القارى بين البلدين آخذين بعين الاعتبار مواقف الجانبين للتوصل إلى حل عادل ومقبول من الطرفين، وفى هذا الإطار أكد السفير مجدى الظفيرى سفير الكويت لدى طهران أن قضية الجرف القارى مسألة فنية تخضع لاعتبارات قانونية وليست خلافا حدوديا ، والجدير بالذكر أنه تم تكليف الخبراء من الجانبين لوضع تقرير مفصل حول القضايا محل التفاوض.
3- تؤكد تصريحات الجانبين على أهمية النتائج التى أسفرت عنها الزيارة ، ففى رده على سؤال بشأن نتائج الجولة الأولى من المفاوضات أشار وزير الخارجية الكويتى إلى أنها كانت ناجحة مائة فى المائة، وفى الوقت ذاته وصفها وزير الخارجية الإيرانى كمال خرازى بأنها جيدة جد ا وجرت فى أجواء أخوية.
ثالثا: الجوانب المختلفة للعلاقات بين الدولتين:
لم تكن زيارة وزير الخارجية الكويتى لإيران هى الأولى من نوعها وإنما جاءت تتويجا لمسيرة طويلة من اللقاءات الرسمية والشعبية على كل الصعد وذلك على النحو التالي:
1- على الصعيد السياسي:
شهدت الدولتان تبادل الوفود الرسمية والشعبية بهدف بحث كافة جوانب العلاقات بين الدولتين كان أبرزها زيارة وزير الخارجية الإيرانى للكويت فى 18أبريل عام 1992، ومع تولى الرئيس الإيرانى المنتخب محمد خاتمى سدة الحكم فى عام 1997 وإعلانه مبادئ حسن الجوار والتعايش السلمى مع دول الخليج العربية الست تسارعت وتيرة التعاون بين طهران وتلك الدول ومنها الكويت حيث قام وزير الخارجية الإيرانى كمال خرازى بزيارة للكويت فى 11نوفمبر عام 1997، وقد عولت طهران كثير ا على هذه الزيارة لإنجاح مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامى الذى كان مزمعا عقده آنذاك من ناحية، ولدعم العلاقات الإيرانية مع دول الخليج من ناحية أخرى.
وفى التاسع عشر من مايو عام 2002 قام وزير الدفاع الإيرانى الأدميرال على شمخانى بزيارة الكويت أشار خلالها إلى أنه فى إمكان دول المنطقة من خلال الإرادة الواحدة والتعاون المشترك التصدى لأى طرف يحاول تكرار ما حدث وذلك فى إشارة إلى الغزو العراقى للكويت عام 1990 وقبله العدوان العراقى على إيران عام 1980، وفى الأول من يونيو عام 2002 قام رئيس مجلس الأمة الكويتى جاسم الخرافى بزيارة لإيران على رأس وفد برلمانى وقد دعا الخرافى خلال تلك الزيارة إلى تشييد نظام إقليمى آمن ومستقر ليكون الخطوة الأولى على طريق الخروج من دائرة القلق على المستقبل، فى حين أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى حسن روحانى أن طهران لن تستخدم قوتها العسكرية إلا لمصلحة المنطقة وأمن جيرانها.
وفى الثامن عشر من يناير2002 قام وزير الدولة للشئون الخارجية الشيخ محمد صباح السالم الصباح بزيارة لطهران، وقد تم خلال هذه الزيارة بحث الموقف من العراق، فضلا عن تقديم الوزير الكويتى طلب ا للحكومة الإيرانية للمساهمة فى إغلاق ملف الأسرى الكويتيين فى العراق، وقد عبرت طهران عن استجابتها للطلب الكويتي، حيث صرح كمال خرازى أن بلاده تعانى المشكلة ذاتها مع العراق ونحن مستعدون للمساهمة فى طى ملف الأسرى الكويتيين، ونستطيع نحن والكويت عبر الطرق الدبلوماسية ممارسة ضغط على الحكومة العراقية لإطلاق جميع الأسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم لدى العراق.
2- على الصعيد الأمني:
تدرك كل من الكويت وإيران أهمية التنسيق فيما بينهما بشأن قضايا الأمن الداخلى والخارجى وقد شهدت تلك القضية اهتمام ا ملحوظ ا من الجانبين.
فعلى صعيد الأمن الداخلي: كانت أولى جهود التعاون فى مجال الأمن الداخلى بين الدولتين خلال زيارة وزير الداخلية الكويتى السابق الشيخ أحمد الحمود الجابر لطهران فى أغسطس عام 1992 والتى تم خلالها الاتفاق على تعزيز التعاون لمكافحة تهريب المخدرات وإقامة تدريبات مشتركة لأجهزة مكافحة التهريب، كما تم الاتفاق على إقامة لجنة مشتركة لبحث سبل مكافحة تهريب المخدرات وإقامة تدريبات مشتركة لأجهزة مكافحة التهريب، كما تم الاتفاق أيض ا على إقامة لجنة مشتركة لبحث سبل مكافحة تهريب المخدرات، فضلا عن توقيع الجانبين مذكرة تفاهم فى يونيو 1998 فى مجال تنمية التعاون الأمنى ومكافحة تهريب المخدرات وذلك خلال زيارة وزير الداخلية الكويتى الشيخ محمد الخالد لطهران، وخلال زيارته للكويت فى أكتوبر2000 اتفق وزير الداخلية الإيرانى مع نظيره الكويتى على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.
وعلى صعيد الأمن الخارجي: استقبلت طهران فى التاسع والعشرين من سبتمبر2002 نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الكويتى الشيخ جابر المبارك فى زيارة استغرقت خمسة أيام أسفرت عن توقيع مذكرة للتفاهم الدفاعى بين الدولتين، وقد اكتسبت تلك المذكرة أهمية بالغة سواء بالنسبة لمضمونها أو التوقيت الذى عقدت فيه وذلك على النحو التالي:
- تعد تلك الاتفاقية الأولى من نوعها بين إيران ودولة خليجية منذ قيام الثورة الإسلامية فى طهران عام1979، حيث تتضمن بنودها حضور مراقبين من الجانبين المناورات العسكرية التى يجريها كل بلد، وتبادلا للخبرات والمعلومات وللدورات التعليمية فى المجال الدفاعي، ولاشك أن هذه الإجراءات تعد أرضية مشتركة بين الجانبين نحو بلورة رؤية موحدة بشأن قضية أمن منطقة الخليج التى طالما أثارت جدلا واسعا بين إيران والدول الخليجية الست، ورغم أن طهران كانت تتطلع نحو اتفاق أشمل يتضمن مناورات مشتركة واتصال أكبر بين القوات المسلحة فى كلتا الدولتين إلا أن الكويت تفضل دوما سياسة التريث إذ أن الأخيرة عضو فاعل فى منظومة خليجية لا تزال لبعض أطرافها مشكلات عالقة مع إيران.
- جاءت الزيارة فى خضم تطورات إقليمية ودولية بالغة الأهمية، حيث لا تزال الولايات المتحدة تحشد التأييد الدولى لتوجيه ضربة عسكرية للعراق وما يمكن أن يترتب على ذلك من انعكاسات إقليمية وهو الأمر الذى استلزم أهمية التنسيق والتشاور بين الكويت وإيران حيث أوضحت المباحثات تطابق وجهتى نظر الدولتين حيال تلك القضية. ففى رده على سؤال بهذا الشأن قال وزير الدفاع الكويتى الموقفين الكويتى والإيرانى متقاربان جد ا ونحن نتفق على أن الأزمة يمكن تفاديها بسهولة عن طريق انصياع العراق للقرارات الدولية ذات الصلة وأن الشعب العراقى يستحق أن يعيش حياة طبيعية كريمة فى ظل نظام حكم ديمقراطى يختاره العراقيون.
- ولعل مما يكسب تلك الزيارة أهمية خاصة ما تمخضت عنه من نتائج بشأن بوادر تغير الرؤية الإيرانية لأمن الخليج التى طالما عارضت الوجود الأمنى فى دول الخليج العربية، ففى رده على سؤال عن تأثير وجود القوات الأجنبية على مشاريع التعاون الأجنبى بين هذه الدول وإيران قال وزير الدفاع الإيرانى الأدميرال على شمخانى أن لدول المنطقة سياساتها المستقلة المبنية على ضروراتها الأمنية والسياسية الخاصة، وتتخذ قراراتها على هذا الأساس، وأضاف نحن نرى دولة الكويت دولة مستقلة ويجب ألا نفرض موقفنا ونموذجنا السياسى عليها، ونرى أننا نستطيع أن نتعاون مع ا على أساس حفظ الاستقلال وما نفهمه ونقدره من ظروف المنطقة الأمنية، ولعل تلك الرؤية تتطابق مع الرؤية الكويتية تجاه التسلح الإيرانى ففى تصريح له أثناء الزيارة ذكر وزير الدفاع الكويتى أن حصول إيران على أسلحة تلبى احتياجاتها للدفاع عن النفس حق مشروع، وآمل أن تصب الصناعة العسكرية الإيرانية فى خدمة أمن المنطقة ودعم قضايا العالم الإسلامي.
- ولعل الأثر المهم لتلك الزيارة يتعلق بدلالتها بالنسبة للجانبين اللذين يواجهان تحديا واحدا، فالكويت لا تزال لها قضايا عالقة مع العراق الذى يحتمل أن يواجه هجوما أمريكيا، وبالتالى كان يتعين عليها التحرك بفاعلية لتعزيز اتصالاتها الإقليمية والدولية للحفاظ على أمنها واستقرارها ولم يتردد وزير الدفاع الكويتى فى الإعلان عن هذا صراحة بالقول الحكومة الكويتية قامت وستقوم بكل الاتصالات الخارجية فى سبيل حماية الكويت من أى أخطار تنشأ عن تدهور الأوضاع، ومن ناحية أخرى لا تزال هناك العديد من القضايا العالقة بين إيران والعراق لعل أهمها أسرى حرب الخليج الأولى التى دامت ثمانى سنوات.
3- على الصعيد الاقتصادي:
تعود العلاقات الاقتصادية بين الكويت وإيران إلى مرحلة السبعينيات ففى عام 1971 وقعت الدولتان مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية منها اتفاقية الترانزيت والتجارة، وبعد حرب تحرير الكويت سعت إيران إلى إنشاء مناطق اقتصادية حرة فى جزيرتى كيش وقم، وينبغى التأكيد على أن هناك حرصا متبادلا على تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، حيث ازداد معدل التبادل التجارى من حوالى 7.5 مليون دينار عام 1991 إلى حوالى 23.5مليون دينار فى عام 1997 منها حوالى 18.5 مليون دينار واردات إيرانية من أهمها الخضراوات والسجاد العجمى والرخام والسيراميك وحوالى 4.5 مليون دينار صادرات كويتية تتمثل فى مكيفات الهواء و الشاى ولوازم السيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها، وتشير الإحصائيات إلى أن حجم التبادل التجارى بين البلدين ازداد من 70 مليون دينار عام 1998 إلى 82 مليون دينار عام 1999 ثم إلى 100مليون دينار عام 2000 .
وفى إطار حرص البلدين على إيلاء العلاقات الاقتصادية اهتمام ا كبير ا وقع الجانبان اتفاقيتين فى هذا الإطار كانت الأولى فى 28 أكتوبر 1999 وهى تتعلق بالتعاون التجارى للمناطق الحرة وتهدف إلى تسهيل نقل البضائع عن طرق البحر، والثانية هى مذكرة التفاهم التجارية والتى جاءت فى ختام اجتماعات اللجنة الكويتية - الإيرانية المشتركة التى عقدت فى الكويت فى 26يناير 2000.
ورغبة فى المزيد من التنسيق على الجانب الاقتصادى قام الشيخ ناصر صباح الأحمد المستشار الخاص لولى العهد ورئيس مجلس الوزراء الكويتى بزيارة لطهران فى
61/4/0002 أطلع فيها المسئولين الإيرانيين على خطط فى اتجاه ربط اقتصادات منطقة وسط آسيا بغربها لخلق منطقة اقتصادية ضخمة تقوم على الصناعة النفطية لدولها ولكن تعتمد أساس ا على برامج إعادة التصنيع وصناعة السياحة الدينية، فضلا عما يمكن أن يؤدى إليه هذا الأمر من عودة الكويت للعب دور الوسيط التجارى الناجح فى المنطقة.
وتشكل السياحة إلى إيران عنصرا مهما فى العلاقات الاقتصادية بين الكويت وطهران، حيث تتوجه أعداد كبيرة من المواطنين الكويتيين إلى إيران بشكل دائم للسياحة أو زيارة بعض المزارات الدينية فى المدن المقدسة مثل مشهد وقم.
إلى جانب المجالات السابقة، هناك أفق عديدة للتعاون المستقبلى بين الجانبين ومن ذلك نقل الحجاج والمعتمرين ونقل السلع والخدمات من وإلى الكويت عبر دول آسيا الوسطى والصين، فضلا عن إمكانية التعاون فى مجال نقل السلع والخدمات من وإلى الكويت وإيران ثم العالم الخارجى من خلال طريق الحرير الجديد وهو الأمر الذى يتطلب الاستفادة من الموانئ الكويتية وتشغيلها بطاقة قصوى أو القيام بعمليات التوسع أو إنشاء موانئ جديدة مما يترتب عليه توسيع القاعدة الإنتاجية والخدمية للاقتصاد الكويتي، فضلا عن إيجاد فرص عمل وتنويع مصادر الدخل.
رابعا: مكاسب الجانبين الكويتى والإيرانى من هذا التقارب:
تعكس التفاعلات الثنائية المكثفة والمتنوعة السابق الإشارة إليها رغبة مشتركة بين الكويت وطهران لتفعيل التعاون بينهما، وهو الأمر الذى يثير بدوره تساؤلا مفاده ما هى مكاسب الجانبين من هذا التقارب ؟
بالنسبة للكويت:
يمكن القول أن المكسب الأول يتمثل فى الدعم الإيرانى لحقوق الكويت وقضاياها المعلقة مع العراق، وبخاصة أن كلا من الكويت وطهران قد تعرضتا لتجربة مماثلة مع العراق وهو ما عبر عنه بوضوح جاسم الخرافى رئيس مجلس الأمة الكويتى إبان زيارته لإيران فى شهر يونيو من العام الماضى 2002 مخاطبا مجلس الشورى الإيرانى عشتم هول الحرب والعدوان مثلما عشنا مرارة الغزو والاحتلال، ودخلتم أتون حرب فرضت عليكم وعشنا كابوس احتلال أطبق علينا. وانطلاقا من هذا تسعى الكويت للاستفادة من التجربة الإيرانية لإطلاق أسراها لدى العراق،فضلا عن رغبة الكويت فى الحصول على الدعم الإيرانى لموقفها تجاه النظام الحالى فى العراق.
وعلى الجانب الإيراني:
تتمثل مكاسب التقارب مع الكويت فى رغبة إيران تعزيز دورها الإقليمى من خلال آلية الدبلوماسية الثنائية وتعكس التصريحات الإيرانية هذا الهدف بوضوح، حيث أكد الرئيس الإيرانى محمد خاتمى لدى استقباله وزير الدفاع الكويتى الشيخ جابر المبارك أن العلاقات بين البلدين طيبة ويمكن أن تكون نموذجا يحتذى بها دولي ا نتيجة العوامل المشتركة دينيا واجتماعي ا، ومما لاشك فيه أن هناك توجها إيرانيا واضحا للتقارب مع دول الخليج الست فرادى من خلال سلسلة من الاتفاقيات الأمنية واللجان المشتركة كخطوات تمهيدية لتقارب أشمل مستقبلا ، وهو ما تؤكده علاقة طهران بكل من السعودية والكويت، وينبغى التأكيد على أن هناك إدراكا إيرانا لأهمية الدور الكويتى فى منطقة الخليج، وما يمكن أن تلعبه الأخيرة فى دفع مسيرة التعاون والتقارب الخليجى مع إيران.
خامسا: مستقبل العلاقات الكويتية -الإيرانية:
على الرغم من وجود الكثير من المقومات التى من شأنها أن تمثل أرضية مشتركة لمزيد من التعاون والتنسيق بين الكويت وإيران، فإن ثمة عقبات قد تحول دون تحقيق التكامل المنشود بينهما:
أ-مؤشرات ومقومات التقارب بين الجانبين:
مع التسليم بأن هناك تباينا وانقساما داخل الدولتين بشأن العديد من القضايا، ففى الكويت توجد تيارات سياسية لكل منها توجه واضح، وفى إيران يوجد تياران رئيسيان هما المحافظون والإصلاحيون، إلا أن قضية التقارب الكويتي-الإيرانى عليها إجماع من الجانبين. ففى الوقت الذى رحب فيه الرئيس خاتمى بالوفد البرلمانى الكويتى أثناء زيارته للكويت أكد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام على أكبر هاشمى رفسنجانى عمق العلاقات الكويتية-الإيرانية واصف ا إياها بأنها تاريخية، مشير ا إلى وجود أسرى كويتيين فى سجون العراق استنادا إلى معلومات أدلى بها أسرى إيرانيون تم الإفراج عنهم، ويتطابق الموقف ذاته مع التوجه الكويتى نحو إيران، حيث يتطابق الموقفان الشعبى والرسمي، ففى تحقيق أوردته صحيفة الدستور الأسبوعية والتى تصدر عن مجلس الأمة الكويتي، أكد عدد من النواب-ذوى انتماءات متباينة- على ضرورة تطوير العلاقات الإيرانية-الكويتية لما لإيران من مكانة فى المنطقة.
عندما بدأت إيران عمليات تنقيب عن الغاز الطبيعى عام 2001 فى حقل الدرة البحرى بمنطقة الجرف القارى أبدت الكويت اعتراضا على هذا الإجراء الإيراني، وهو الأمر الذى حدا بإيران اتخاذ قرار بوقف عمليات التنقيب وسحب معداتها من المنطقة رغبة منها فى تسوية تلك القضية من خلال المفاوضات المباشرة مع الجانب الكويتى. وتعكس تلك القضية سياسة الرئيس الإيرانى محمد خاتمى التى انتهجها منذ توليه سدة الحكم عام 1997 والتى تركز على التفاهم السياسى واحترام كل طرف لأوضاع ومصالح الطرف الآخر.
توجد فى الكويت جالية إيرانية تقدر بحوالى 70 ألف إيرانى يعملون فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، كما توجد أسواق متخصصة فى بيع وعرض البضائع الإيرانية، وهو الأمر الذى يمثل أحد أهم أسس التعاون بين الجانبين.
ب-عقبات التقارب بين الجانبين:
على الرغم من مؤشرات التقارب السابق الإشارة إليها وما يدعمها من مقومات لدى الجانبين فإنه لا تزال هناك عقبات لا يمكن تجاوزها فى المرحلة الحالية للوصول إلى تطبيع كامل للعلاقات بين الدولتين، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- تسمية وأمن الخليج:
حيث لا تزال إيران تصر على تسمية الخليج بالفارسي ففى مايو من عام2000 بعثت السفارة الإيرانية بمذكرة إلى المصارف الكويتية أبلغتها أن أى معاملة مصرفية بين هذه المصارف والبنوك الإيرانية سترفض ما لم تحمل اسم الخليج الفارسي،من ناحية أخرى فإنه على الرغم من تأكيد وزير الدفاع الإيرانى خلال لقاء نظيره الكويتى أن لدول المنطقة سياساتها المستقلة سواء الأمنية أو السياسية، إلا أن طهران لا تزال ترفض الوجود الأجنبى فى منطقة الخليج العربى وتطالب بضرورة صياغة منظومة أمنية إقليمية تكون طرف ا فاعلا فيها، وهو الأمر الذى يتعارض مع الاتفاقيات الدفاعية المبرمة بين بعض الدول الخليجية والدول الغربية، وقد عبر عن هذا سكرتير مجلس الأمن القومى حسن روحانى خلال زيارة جاسم الخرافى رئيس مجلس الأمة الكويتى لإيران، حيث قال إن وجود القوات الأجنبية فى المنطقة يثير مخاوف كبيرة فى صفوف شعوب هذه الدول وعلى الحكومات أن تبحث عن ترتيبات لتجاوز هذه المخاوف.
2- قضية الجزر الإماراتية الثلاث التى تحتلها إيران:
إذا كان لدولة الكويت مصلحة أكيدة فى التوجه نحو طهران على الصعيدين السياسى والاقتصادى إلا أنها فى الوقت ذاته لا يمكن أن تتجاهل انتماءها الخليجي، فعلى الرغم من تأكيد مسئولين فى طهران أن التقارب مع الكويت لا يأتى على حساب دولة أخرى، إلا أن ذلك لا يعنى تخلى الكويت عن مطالبتها لإيران داخل المنظومة الخليجية بإنهاء احتلالها لتلك الجزر، حيث كانت الأولى عضوا مشاركا فى قمة المنامة لدول مجلس التعاون الخليجى التى عقدت فى ديسمبر2000 واتخذت موقف ا متشدد ا حيال إيران بشأن الجزر لرفضها استقبال اللجنة الثلاثية التى شكلها المجلس قبل نحو عامين.
3- معوقات التبادل التجاري:
حيث لا تزال هناك قيود عديدة بين الجانبين سواء لانتقال الأشخاص أو البضائع، حيث لا يزال رجال الأعمال الكويتيون يطالبون بزيادة نسبة تملك الأجانب فى إيران لتصل إلى 80 % مثلما هو الوضع السائد فى كثير من الدول العربية، والمطالبة بضرورة فك الازدواج الضريبي، بالإضافة إلى نقص المعلومات بشأن مجالات الاستثمار، وهو ما يعنى أن الدولتين لا تزالان بحاجة إلى إجراءات إضافية لتعزيز التعاون فيما بينهما.
أولا : نبذة تاريخية حول العلاقات الكويتية-الإيرانية:
اتسمت العلاقات التاريخية بين ضفتى الخليج بالحيوية والديناميكية منذ قدم التاريخ ويتضح هذا فى نموذج العلاقات الكويتية-الإيرانية، والتى شهدت كثيرا من الهجرات والتداخل، فضلا عن التبادل التجارى بين موانئ الكويت والمحمرة وبوشهر وبندر عباس، بالإضافة إلى تجارة الترانزيت (إعادة تصدير البضائع) والتى كان لها أسواقها الرائجة وعملاؤها الكثيرون فى المدن الرئيسية فى جميع أنحاء إيران إلى درجة تسمية أسواق البضائع الجيدة فى إيران بالأسواق الكويتية، ومنذ استقلال دولة الكويت عام 1961 شهدت العلاقات الكويتية-الإيرانية تطور ا ملحوظ ا فقد اعترفت إيران رسميا بدولة الكويت عام 1961، وشهد شهر يناير عام 1962 افتتاح السفارة الإيرانية فى الكويت، وفى عام 1973 أعلنت إيران وقوفها إلى جانب الكويت فى حادثة الصامتة التى تمثلت فى اعتداء العراق على الأراضى الكويتية، حيث أعلنت إيران استعدادها لإرسال قوات عسكرية للكويت بناء على رغبة أمير دولة الكويت، فضلا عن تصريح رئيس الوزراء الإيرانى آنذاك بأن إيران لن تسمح بأى مسعى لإحداث تغييرات فى الجغرافية السياسية للمنطقة، إلا أن قيام الثورة الإسلامية فى إيران عام 1979 كان مصدر قلق بالنسبة للكويت ومن ثم فقد اتسم رد فعلها تجاه تلك الثورة بالحذر الشديد ، ومع ذلك فقد كانت من أوائل الدول التى اعترفت رسميا بالنظام الإسلامى فى إيران وكان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد أول مسئول رفيع المستوى من منطقة الخليج يزور طهران بعد قيام الثورة.
ومع اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية فى سبتمبر عام 1980 وتطورها على مدى ثمانى سنوات أخذت العلاقات بين الدولتين شكل التوتر، فمع بداية الحرب أعلنت الكويت حيادها التام وطالبت الطرفين المتصارعين بوقف القتال، كما أعلن ولى العهد الكويتى ورئيس الوزراء أن الكويت تصر على إنهاء الحرب وهى مستعدة لبذل أى نوع من المساعى لإيجاد حل عادل يرضى الجارتين. إلا أنه مع تطور الحرب وتعرض الأراضى الكويتية لقصف بالصواريخ واعتداءات برية استهدفت أمنها واستقرارها أدركت الكويت أن ميزان القوى فى الحرب قد ينقلب لصالح إيران، وهو الأمر الذى يمثل تهديد ا واضح ا للكويت فأعلنت دعمها المادى والسياسى والمعنوى للعراق مما أدى إلى توتر العلاقات الكويتية-الإيرانية حتى وصل الأمر ذروته مع طلب الكويت من الدول الكبرى رفع أعلامها على السفن والبواخر الكويتية التى تنقل النفط.
وكان الغزو العراقى لدولة الكويت عام 1990 إيذان ا ببدء مرحلة جديدة من العلاقات بين الدولتين، فقد رفضت إيران منذ البداية هذا الاحتلال، كما رفضت إحداث أى تعديل فى حدود الكويت ، وصرح الرئيس الإيرانى آنذاك بأنه حتى لو قبل العرب ضم الكويت فإن إيران لن تقبل ذلك، وفى 9 نوفمبر عام 1990 كرر الرئيس الإيرانى موقف بلاده الداعى إلى انسحاب العراق غير المشروط من الكويت ومعارضة تسليم أى جزر كويتية للعراق، كما أبلغت إيران الأمم المتحدة عزمها على الامتثال لقرار مجلس الأمن رقم 661 القاضى بفرض المقاطعة الشاملة على العراق مع تأكيد وزير الخارجية الإيرانى التزام بلاده بالعقوبات الاقتصادية على بغداد كما قررتها الأمم المتحدة، ومما لاشك فيه أن إيران كانت سباقة لإدانة الغزو رغم بعض التنازلات التى قدمها العراق لطهران فى ذلك الوقت فى مقابل تأييدها لموقف العراق آنذاك، ومنذ ذلك الحين تسارعت وتيرة التعاون بين الجانبين خلال عقد التسعينيات.
ثانيًا: زيارة وزير الخارجية الكويتى الأخيرة لإيران:
أجرى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتى الشيخ صباح الأحمد زيارة لإيران فى الحادى عشر من يناير 2003 وقد اكتسبت تلك الزيارة أهمية بالغة بالنظر إلى الاعتبارات التالية:
1- جاءت تلك الزيارة فى مرحلة حرجة من تاريخ المنطقة إذ تتزايد الحملة الأمريكية لإحداث تغيير فى العراق وما سوف يترتب على ذلك من تداعيات على المنطقة عامة وعلى الكويت وإيران بصفة خاصة، ولعل هذا ما جعل الملف العراقى يحتل أولوية خاصة فى أجندة الزيارة. فقبيل مغادرته الكويت قال الشيخ صباح الأحمد أتمنى أن يتم تجنب العمل العسكرى ضد العراق، مشير ا إلى تفضيل الكويت حدوث تغيير للنظام من الداخل ولا شيء يمكن أن يضمن الأمن والاستقرار إلا تعاون الحكومة العراقية الكامل مع الأمم المتحدة.
وقد أوضحت المباحثات تطابق وجهات النظر بين الجانبين بشأن المسألة العراقية حيث نص البيان الختامى على أهمية التوصل إلى حل سلمى لها وطالب الجانبان الحكومة العراقية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 1441 والتعاون التام مع مفتشى الأمم المتحدة تفاديا لنشوب الحرب ونتائجها السلبية على الأمن والاستقرار فى هذه المنطقة.
2- أسفرت الزيارة عن التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم، الأولى بشأن التعاون الاقتصادى والفنى بين الجانبين، والثانية بين وزارتى الكهرباء والماء فى كلا البلدين والثالثة بشأن استيراد الغاز من إيران إلى الكويت، فضلا عن تأسيس شركات استثمارية ثنائية وجماعية فى مجال النفط والغاز، بالإضافة إلى الاتفاق على رفع مستوى اللجنة التجارية المشتركة بين البلدين إلى اللجنة العليا للتعاون الاقتصادى والثقافى والعلمى والعسكرى والأمنى على أن يترأسها وزيرا خارجية البلدين، كما رحبت الكويت باستقطاب القوى العاملة الإيرانية المتخصصة فى بعض قطاعات العمل بها.
وعلى الرغم من تلك النتائج الإيجابية للزيارة إلا أن هناك قضايا لم تشهد تطور ا ملموس ا ومنها موضوع نقل مياه الشرب والغاز من إيران إلى الكويت، حيث أكد الجانبان على ضرورة متابعة الموضوع من قبل الحكومتين للتوصل إلى النتائج النهائية فى أقرب فرصة ممكنة والجدير بالذكر أن تلك القضية تستحوذ على اهتمام الحكومة الكويتية، حيث تعتبر معدلات الاستهلاك اليومى للفرد من المياه فى الكويت من أعلى المعدلات فى العالم (ضعفى استهلاك الفرد فى الدول الصناعية)، فضلا عن عدم حسم قضية الجرف القارى والتى بدأت فى عام 2000، حيث اتفق الجانبان على زيادة ودعم جهودهما دفع ا للإرادة السياسية تجاه هذه القضية وتم تكليف اللجنة المشتركة لتحديد حدود الجرف القارى بين البلدين آخذين بعين الاعتبار مواقف الجانبين للتوصل إلى حل عادل ومقبول من الطرفين، وفى هذا الإطار أكد السفير مجدى الظفيرى سفير الكويت لدى طهران أن قضية الجرف القارى مسألة فنية تخضع لاعتبارات قانونية وليست خلافا حدوديا ، والجدير بالذكر أنه تم تكليف الخبراء من الجانبين لوضع تقرير مفصل حول القضايا محل التفاوض.
3- تؤكد تصريحات الجانبين على أهمية النتائج التى أسفرت عنها الزيارة ، ففى رده على سؤال بشأن نتائج الجولة الأولى من المفاوضات أشار وزير الخارجية الكويتى إلى أنها كانت ناجحة مائة فى المائة، وفى الوقت ذاته وصفها وزير الخارجية الإيرانى كمال خرازى بأنها جيدة جد ا وجرت فى أجواء أخوية.
ثالثا: الجوانب المختلفة للعلاقات بين الدولتين:
لم تكن زيارة وزير الخارجية الكويتى لإيران هى الأولى من نوعها وإنما جاءت تتويجا لمسيرة طويلة من اللقاءات الرسمية والشعبية على كل الصعد وذلك على النحو التالي:
1- على الصعيد السياسي:
شهدت الدولتان تبادل الوفود الرسمية والشعبية بهدف بحث كافة جوانب العلاقات بين الدولتين كان أبرزها زيارة وزير الخارجية الإيرانى للكويت فى 18أبريل عام 1992، ومع تولى الرئيس الإيرانى المنتخب محمد خاتمى سدة الحكم فى عام 1997 وإعلانه مبادئ حسن الجوار والتعايش السلمى مع دول الخليج العربية الست تسارعت وتيرة التعاون بين طهران وتلك الدول ومنها الكويت حيث قام وزير الخارجية الإيرانى كمال خرازى بزيارة للكويت فى 11نوفمبر عام 1997، وقد عولت طهران كثير ا على هذه الزيارة لإنجاح مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامى الذى كان مزمعا عقده آنذاك من ناحية، ولدعم العلاقات الإيرانية مع دول الخليج من ناحية أخرى.
وفى التاسع عشر من مايو عام 2002 قام وزير الدفاع الإيرانى الأدميرال على شمخانى بزيارة الكويت أشار خلالها إلى أنه فى إمكان دول المنطقة من خلال الإرادة الواحدة والتعاون المشترك التصدى لأى طرف يحاول تكرار ما حدث وذلك فى إشارة إلى الغزو العراقى للكويت عام 1990 وقبله العدوان العراقى على إيران عام 1980، وفى الأول من يونيو عام 2002 قام رئيس مجلس الأمة الكويتى جاسم الخرافى بزيارة لإيران على رأس وفد برلمانى وقد دعا الخرافى خلال تلك الزيارة إلى تشييد نظام إقليمى آمن ومستقر ليكون الخطوة الأولى على طريق الخروج من دائرة القلق على المستقبل، فى حين أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى حسن روحانى أن طهران لن تستخدم قوتها العسكرية إلا لمصلحة المنطقة وأمن جيرانها.
وفى الثامن عشر من يناير2002 قام وزير الدولة للشئون الخارجية الشيخ محمد صباح السالم الصباح بزيارة لطهران، وقد تم خلال هذه الزيارة بحث الموقف من العراق، فضلا عن تقديم الوزير الكويتى طلب ا للحكومة الإيرانية للمساهمة فى إغلاق ملف الأسرى الكويتيين فى العراق، وقد عبرت طهران عن استجابتها للطلب الكويتي، حيث صرح كمال خرازى أن بلاده تعانى المشكلة ذاتها مع العراق ونحن مستعدون للمساهمة فى طى ملف الأسرى الكويتيين، ونستطيع نحن والكويت عبر الطرق الدبلوماسية ممارسة ضغط على الحكومة العراقية لإطلاق جميع الأسرى والمرتهنين الكويتيين وغيرهم لدى العراق.
2- على الصعيد الأمني:
تدرك كل من الكويت وإيران أهمية التنسيق فيما بينهما بشأن قضايا الأمن الداخلى والخارجى وقد شهدت تلك القضية اهتمام ا ملحوظ ا من الجانبين.
فعلى صعيد الأمن الداخلي: كانت أولى جهود التعاون فى مجال الأمن الداخلى بين الدولتين خلال زيارة وزير الداخلية الكويتى السابق الشيخ أحمد الحمود الجابر لطهران فى أغسطس عام 1992 والتى تم خلالها الاتفاق على تعزيز التعاون لمكافحة تهريب المخدرات وإقامة تدريبات مشتركة لأجهزة مكافحة التهريب، كما تم الاتفاق على إقامة لجنة مشتركة لبحث سبل مكافحة تهريب المخدرات وإقامة تدريبات مشتركة لأجهزة مكافحة التهريب، كما تم الاتفاق أيض ا على إقامة لجنة مشتركة لبحث سبل مكافحة تهريب المخدرات، فضلا عن توقيع الجانبين مذكرة تفاهم فى يونيو 1998 فى مجال تنمية التعاون الأمنى ومكافحة تهريب المخدرات وذلك خلال زيارة وزير الداخلية الكويتى الشيخ محمد الخالد لطهران، وخلال زيارته للكويت فى أكتوبر2000 اتفق وزير الداخلية الإيرانى مع نظيره الكويتى على تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.
وعلى صعيد الأمن الخارجي: استقبلت طهران فى التاسع والعشرين من سبتمبر2002 نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الكويتى الشيخ جابر المبارك فى زيارة استغرقت خمسة أيام أسفرت عن توقيع مذكرة للتفاهم الدفاعى بين الدولتين، وقد اكتسبت تلك المذكرة أهمية بالغة سواء بالنسبة لمضمونها أو التوقيت الذى عقدت فيه وذلك على النحو التالي:
- تعد تلك الاتفاقية الأولى من نوعها بين إيران ودولة خليجية منذ قيام الثورة الإسلامية فى طهران عام1979، حيث تتضمن بنودها حضور مراقبين من الجانبين المناورات العسكرية التى يجريها كل بلد، وتبادلا للخبرات والمعلومات وللدورات التعليمية فى المجال الدفاعي، ولاشك أن هذه الإجراءات تعد أرضية مشتركة بين الجانبين نحو بلورة رؤية موحدة بشأن قضية أمن منطقة الخليج التى طالما أثارت جدلا واسعا بين إيران والدول الخليجية الست، ورغم أن طهران كانت تتطلع نحو اتفاق أشمل يتضمن مناورات مشتركة واتصال أكبر بين القوات المسلحة فى كلتا الدولتين إلا أن الكويت تفضل دوما سياسة التريث إذ أن الأخيرة عضو فاعل فى منظومة خليجية لا تزال لبعض أطرافها مشكلات عالقة مع إيران.
- جاءت الزيارة فى خضم تطورات إقليمية ودولية بالغة الأهمية، حيث لا تزال الولايات المتحدة تحشد التأييد الدولى لتوجيه ضربة عسكرية للعراق وما يمكن أن يترتب على ذلك من انعكاسات إقليمية وهو الأمر الذى استلزم أهمية التنسيق والتشاور بين الكويت وإيران حيث أوضحت المباحثات تطابق وجهتى نظر الدولتين حيال تلك القضية. ففى رده على سؤال بهذا الشأن قال وزير الدفاع الكويتى الموقفين الكويتى والإيرانى متقاربان جد ا ونحن نتفق على أن الأزمة يمكن تفاديها بسهولة عن طريق انصياع العراق للقرارات الدولية ذات الصلة وأن الشعب العراقى يستحق أن يعيش حياة طبيعية كريمة فى ظل نظام حكم ديمقراطى يختاره العراقيون.
- ولعل مما يكسب تلك الزيارة أهمية خاصة ما تمخضت عنه من نتائج بشأن بوادر تغير الرؤية الإيرانية لأمن الخليج التى طالما عارضت الوجود الأمنى فى دول الخليج العربية، ففى رده على سؤال عن تأثير وجود القوات الأجنبية على مشاريع التعاون الأجنبى بين هذه الدول وإيران قال وزير الدفاع الإيرانى الأدميرال على شمخانى أن لدول المنطقة سياساتها المستقلة المبنية على ضروراتها الأمنية والسياسية الخاصة، وتتخذ قراراتها على هذا الأساس، وأضاف نحن نرى دولة الكويت دولة مستقلة ويجب ألا نفرض موقفنا ونموذجنا السياسى عليها، ونرى أننا نستطيع أن نتعاون مع ا على أساس حفظ الاستقلال وما نفهمه ونقدره من ظروف المنطقة الأمنية، ولعل تلك الرؤية تتطابق مع الرؤية الكويتية تجاه التسلح الإيرانى ففى تصريح له أثناء الزيارة ذكر وزير الدفاع الكويتى أن حصول إيران على أسلحة تلبى احتياجاتها للدفاع عن النفس حق مشروع، وآمل أن تصب الصناعة العسكرية الإيرانية فى خدمة أمن المنطقة ودعم قضايا العالم الإسلامي.
- ولعل الأثر المهم لتلك الزيارة يتعلق بدلالتها بالنسبة للجانبين اللذين يواجهان تحديا واحدا، فالكويت لا تزال لها قضايا عالقة مع العراق الذى يحتمل أن يواجه هجوما أمريكيا، وبالتالى كان يتعين عليها التحرك بفاعلية لتعزيز اتصالاتها الإقليمية والدولية للحفاظ على أمنها واستقرارها ولم يتردد وزير الدفاع الكويتى فى الإعلان عن هذا صراحة بالقول الحكومة الكويتية قامت وستقوم بكل الاتصالات الخارجية فى سبيل حماية الكويت من أى أخطار تنشأ عن تدهور الأوضاع، ومن ناحية أخرى لا تزال هناك العديد من القضايا العالقة بين إيران والعراق لعل أهمها أسرى حرب الخليج الأولى التى دامت ثمانى سنوات.
3- على الصعيد الاقتصادي:
تعود العلاقات الاقتصادية بين الكويت وإيران إلى مرحلة السبعينيات ففى عام 1971 وقعت الدولتان مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية منها اتفاقية الترانزيت والتجارة، وبعد حرب تحرير الكويت سعت إيران إلى إنشاء مناطق اقتصادية حرة فى جزيرتى كيش وقم، وينبغى التأكيد على أن هناك حرصا متبادلا على تنمية العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، حيث ازداد معدل التبادل التجارى من حوالى 7.5 مليون دينار عام 1991 إلى حوالى 23.5مليون دينار فى عام 1997 منها حوالى 18.5 مليون دينار واردات إيرانية من أهمها الخضراوات والسجاد العجمى والرخام والسيراميك وحوالى 4.5 مليون دينار صادرات كويتية تتمثل فى مكيفات الهواء و الشاى ولوازم السيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها، وتشير الإحصائيات إلى أن حجم التبادل التجارى بين البلدين ازداد من 70 مليون دينار عام 1998 إلى 82 مليون دينار عام 1999 ثم إلى 100مليون دينار عام 2000 .
وفى إطار حرص البلدين على إيلاء العلاقات الاقتصادية اهتمام ا كبير ا وقع الجانبان اتفاقيتين فى هذا الإطار كانت الأولى فى 28 أكتوبر 1999 وهى تتعلق بالتعاون التجارى للمناطق الحرة وتهدف إلى تسهيل نقل البضائع عن طرق البحر، والثانية هى مذكرة التفاهم التجارية والتى جاءت فى ختام اجتماعات اللجنة الكويتية - الإيرانية المشتركة التى عقدت فى الكويت فى 26يناير 2000.
ورغبة فى المزيد من التنسيق على الجانب الاقتصادى قام الشيخ ناصر صباح الأحمد المستشار الخاص لولى العهد ورئيس مجلس الوزراء الكويتى بزيارة لطهران فى
61/4/0002 أطلع فيها المسئولين الإيرانيين على خطط فى اتجاه ربط اقتصادات منطقة وسط آسيا بغربها لخلق منطقة اقتصادية ضخمة تقوم على الصناعة النفطية لدولها ولكن تعتمد أساس ا على برامج إعادة التصنيع وصناعة السياحة الدينية، فضلا عما يمكن أن يؤدى إليه هذا الأمر من عودة الكويت للعب دور الوسيط التجارى الناجح فى المنطقة.
وتشكل السياحة إلى إيران عنصرا مهما فى العلاقات الاقتصادية بين الكويت وطهران، حيث تتوجه أعداد كبيرة من المواطنين الكويتيين إلى إيران بشكل دائم للسياحة أو زيارة بعض المزارات الدينية فى المدن المقدسة مثل مشهد وقم.
إلى جانب المجالات السابقة، هناك أفق عديدة للتعاون المستقبلى بين الجانبين ومن ذلك نقل الحجاج والمعتمرين ونقل السلع والخدمات من وإلى الكويت عبر دول آسيا الوسطى والصين، فضلا عن إمكانية التعاون فى مجال نقل السلع والخدمات من وإلى الكويت وإيران ثم العالم الخارجى من خلال طريق الحرير الجديد وهو الأمر الذى يتطلب الاستفادة من الموانئ الكويتية وتشغيلها بطاقة قصوى أو القيام بعمليات التوسع أو إنشاء موانئ جديدة مما يترتب عليه توسيع القاعدة الإنتاجية والخدمية للاقتصاد الكويتي، فضلا عن إيجاد فرص عمل وتنويع مصادر الدخل.
رابعا: مكاسب الجانبين الكويتى والإيرانى من هذا التقارب:
تعكس التفاعلات الثنائية المكثفة والمتنوعة السابق الإشارة إليها رغبة مشتركة بين الكويت وطهران لتفعيل التعاون بينهما، وهو الأمر الذى يثير بدوره تساؤلا مفاده ما هى مكاسب الجانبين من هذا التقارب ؟
بالنسبة للكويت:
يمكن القول أن المكسب الأول يتمثل فى الدعم الإيرانى لحقوق الكويت وقضاياها المعلقة مع العراق، وبخاصة أن كلا من الكويت وطهران قد تعرضتا لتجربة مماثلة مع العراق وهو ما عبر عنه بوضوح جاسم الخرافى رئيس مجلس الأمة الكويتى إبان زيارته لإيران فى شهر يونيو من العام الماضى 2002 مخاطبا مجلس الشورى الإيرانى عشتم هول الحرب والعدوان مثلما عشنا مرارة الغزو والاحتلال، ودخلتم أتون حرب فرضت عليكم وعشنا كابوس احتلال أطبق علينا. وانطلاقا من هذا تسعى الكويت للاستفادة من التجربة الإيرانية لإطلاق أسراها لدى العراق،فضلا عن رغبة الكويت فى الحصول على الدعم الإيرانى لموقفها تجاه النظام الحالى فى العراق.
وعلى الجانب الإيراني:
تتمثل مكاسب التقارب مع الكويت فى رغبة إيران تعزيز دورها الإقليمى من خلال آلية الدبلوماسية الثنائية وتعكس التصريحات الإيرانية هذا الهدف بوضوح، حيث أكد الرئيس الإيرانى محمد خاتمى لدى استقباله وزير الدفاع الكويتى الشيخ جابر المبارك أن العلاقات بين البلدين طيبة ويمكن أن تكون نموذجا يحتذى بها دولي ا نتيجة العوامل المشتركة دينيا واجتماعي ا، ومما لاشك فيه أن هناك توجها إيرانيا واضحا للتقارب مع دول الخليج الست فرادى من خلال سلسلة من الاتفاقيات الأمنية واللجان المشتركة كخطوات تمهيدية لتقارب أشمل مستقبلا ، وهو ما تؤكده علاقة طهران بكل من السعودية والكويت، وينبغى التأكيد على أن هناك إدراكا إيرانا لأهمية الدور الكويتى فى منطقة الخليج، وما يمكن أن تلعبه الأخيرة فى دفع مسيرة التعاون والتقارب الخليجى مع إيران.
خامسا: مستقبل العلاقات الكويتية -الإيرانية:
على الرغم من وجود الكثير من المقومات التى من شأنها أن تمثل أرضية مشتركة لمزيد من التعاون والتنسيق بين الكويت وإيران، فإن ثمة عقبات قد تحول دون تحقيق التكامل المنشود بينهما:
أ-مؤشرات ومقومات التقارب بين الجانبين:
مع التسليم بأن هناك تباينا وانقساما داخل الدولتين بشأن العديد من القضايا، ففى الكويت توجد تيارات سياسية لكل منها توجه واضح، وفى إيران يوجد تياران رئيسيان هما المحافظون والإصلاحيون، إلا أن قضية التقارب الكويتي-الإيرانى عليها إجماع من الجانبين. ففى الوقت الذى رحب فيه الرئيس خاتمى بالوفد البرلمانى الكويتى أثناء زيارته للكويت أكد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام على أكبر هاشمى رفسنجانى عمق العلاقات الكويتية-الإيرانية واصف ا إياها بأنها تاريخية، مشير ا إلى وجود أسرى كويتيين فى سجون العراق استنادا إلى معلومات أدلى بها أسرى إيرانيون تم الإفراج عنهم، ويتطابق الموقف ذاته مع التوجه الكويتى نحو إيران، حيث يتطابق الموقفان الشعبى والرسمي، ففى تحقيق أوردته صحيفة الدستور الأسبوعية والتى تصدر عن مجلس الأمة الكويتي، أكد عدد من النواب-ذوى انتماءات متباينة- على ضرورة تطوير العلاقات الإيرانية-الكويتية لما لإيران من مكانة فى المنطقة.
عندما بدأت إيران عمليات تنقيب عن الغاز الطبيعى عام 2001 فى حقل الدرة البحرى بمنطقة الجرف القارى أبدت الكويت اعتراضا على هذا الإجراء الإيراني، وهو الأمر الذى حدا بإيران اتخاذ قرار بوقف عمليات التنقيب وسحب معداتها من المنطقة رغبة منها فى تسوية تلك القضية من خلال المفاوضات المباشرة مع الجانب الكويتى. وتعكس تلك القضية سياسة الرئيس الإيرانى محمد خاتمى التى انتهجها منذ توليه سدة الحكم عام 1997 والتى تركز على التفاهم السياسى واحترام كل طرف لأوضاع ومصالح الطرف الآخر.
توجد فى الكويت جالية إيرانية تقدر بحوالى 70 ألف إيرانى يعملون فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، كما توجد أسواق متخصصة فى بيع وعرض البضائع الإيرانية، وهو الأمر الذى يمثل أحد أهم أسس التعاون بين الجانبين.
ب-عقبات التقارب بين الجانبين:
على الرغم من مؤشرات التقارب السابق الإشارة إليها وما يدعمها من مقومات لدى الجانبين فإنه لا تزال هناك عقبات لا يمكن تجاوزها فى المرحلة الحالية للوصول إلى تطبيع كامل للعلاقات بين الدولتين، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- تسمية وأمن الخليج:
حيث لا تزال إيران تصر على تسمية الخليج بالفارسي ففى مايو من عام2000 بعثت السفارة الإيرانية بمذكرة إلى المصارف الكويتية أبلغتها أن أى معاملة مصرفية بين هذه المصارف والبنوك الإيرانية سترفض ما لم تحمل اسم الخليج الفارسي،من ناحية أخرى فإنه على الرغم من تأكيد وزير الدفاع الإيرانى خلال لقاء نظيره الكويتى أن لدول المنطقة سياساتها المستقلة سواء الأمنية أو السياسية، إلا أن طهران لا تزال ترفض الوجود الأجنبى فى منطقة الخليج العربى وتطالب بضرورة صياغة منظومة أمنية إقليمية تكون طرف ا فاعلا فيها، وهو الأمر الذى يتعارض مع الاتفاقيات الدفاعية المبرمة بين بعض الدول الخليجية والدول الغربية، وقد عبر عن هذا سكرتير مجلس الأمن القومى حسن روحانى خلال زيارة جاسم الخرافى رئيس مجلس الأمة الكويتى لإيران، حيث قال إن وجود القوات الأجنبية فى المنطقة يثير مخاوف كبيرة فى صفوف شعوب هذه الدول وعلى الحكومات أن تبحث عن ترتيبات لتجاوز هذه المخاوف.
2- قضية الجزر الإماراتية الثلاث التى تحتلها إيران:
إذا كان لدولة الكويت مصلحة أكيدة فى التوجه نحو طهران على الصعيدين السياسى والاقتصادى إلا أنها فى الوقت ذاته لا يمكن أن تتجاهل انتماءها الخليجي، فعلى الرغم من تأكيد مسئولين فى طهران أن التقارب مع الكويت لا يأتى على حساب دولة أخرى، إلا أن ذلك لا يعنى تخلى الكويت عن مطالبتها لإيران داخل المنظومة الخليجية بإنهاء احتلالها لتلك الجزر، حيث كانت الأولى عضوا مشاركا فى قمة المنامة لدول مجلس التعاون الخليجى التى عقدت فى ديسمبر2000 واتخذت موقف ا متشدد ا حيال إيران بشأن الجزر لرفضها استقبال اللجنة الثلاثية التى شكلها المجلس قبل نحو عامين.
3- معوقات التبادل التجاري:
حيث لا تزال هناك قيود عديدة بين الجانبين سواء لانتقال الأشخاص أو البضائع، حيث لا يزال رجال الأعمال الكويتيون يطالبون بزيادة نسبة تملك الأجانب فى إيران لتصل إلى 80 % مثلما هو الوضع السائد فى كثير من الدول العربية، والمطالبة بضرورة فك الازدواج الضريبي، بالإضافة إلى نقص المعلومات بشأن مجالات الاستثمار، وهو ما يعنى أن الدولتين لا تزالان بحاجة إلى إجراءات إضافية لتعزيز التعاون فيما بينهما.