المهندس جاسم الشمري
عضو مميز
نصر الله في خطابه المتلفز
دبي – سعود الزاهد
قامت جهات إيرانية مجهولة بإعادة بث تصريحات قديمة لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله بين الأوساط الإعلامية الإيرانية في الأيام القليلة الماضية متهمة إياه بمعادة الحضارة الفارسية، وذلك من خلال تسليط الأضواء على خطابه المتلفز في شهر حزيران/يونيو 2009 عندما أنكر النزعة الفارسية للحكومة الإيرانية ونفى ممارسة سياسة التفريس في إيران، معتبراً المرشد الأعلى الإيراني قرشياً عربياً.
واليوم وكأن الإعلام الإيراني يصحو من سباته ويحدث موجة من النعرات المعادية للعرب، حيث جلب الانتشار الواسع لهذه التصريحات تعليقات قراء مختلف المواقع من الفرس الإيرانيين الذين نعتوا العرب بأبشع المسميات من قبيل: (أكلة السحالي، وشاربة حليب النوق، والهائمين في البوادي والصحاري، والفاقدين للحضارة).
وكان زعيم حزب قد حاول في خطابه المتلفز ذاك تبرير علاقات تنظيمه بإيران للجماهير العربية عندما تساءل: "هل اللبنانيون في المعارضة عرب أم غير عرب؟". فطرح السؤال بصيغة أكثر تحديداً عندما قال: "هل نحن عرب في المعارضة أم غير عرب؟". فرد على السؤال قائلاً: "إذا كان المقصود سوريا فسوريا عربية، وإذا كان لبنان سواء يقيم علاقة مميزة مع دولة عربية أم يرتبط بمحور عربي آخر ولن أدخل في الأسماء وتأثيره واضح على الساحة اللبنانية وبالاستحقاقات المقبلة، فهل هذا وجه عربي وذاك غير وجه عربي؟ يمكن أن يكون المقصود إيران، مع أنّه اليوم في إيران لا يوجد شيء اسمه تفريس ولا حضارة فارسية، الموجود في إيران الحضارة الإسلامية، الموجود في إيران هو دين محمد العربي الهاشمي المكي القَرَشِي التُّهامي المُضَري، ومؤسس الجمهورية الإسلامية هو عربي بن عربي بن رسول الله محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والمرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية اليوم سماحة الإمام السيد الخامنئي قَرَشِي هاشمي بن رسول الله بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء وهؤلاء عرب".
يُذكر أن التصريحات تلك تزامنت مع نزول المعارضة الإيرانية إلى شوارع العاصمة والمدن الإيرانية الكبرى للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية المثيرة للجدل، واتهمت السلطات بممارسة تزوير ممنهج بهدف تصعيد أحمدي نجاد لدورة رئاسية ثانية.
واليوم وبعد مضيّ هذه الفترة الطويلة نسبياً على تلك التصريحات امتلأت وسائل الإعلام المعارضة والموالاة بردود أفعال أغلبها غاضبة تجاه أقوال حسن نصر الله، وتم توظيفها لصالح النزعة القومية الفارسية التي تعبر عن نفسها عادة من خلال معاداة العرب تارة أو جعلهم الآخر تارة أخرى. وبلغ الأمر درجة من الشدة أصبح الموضوع على رأس قائمة الأنباء الأكثر سخونة خلال الأيام القليلة الماضية.
وفي مقابلة مع "العربية.نت" علّق الكاتب والصحافي العربي الإيراني يوسف عزيزي، أمين عام مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران، قائلاً إن تصريحات حسن نصر الله جاءت في فترة الانتخابات النيابية اللبنانية قبل عام ونيف ولأهداف سياسية حزبية محضة، وذلك لإظهار حزب الله بمظهر عربي وتبرير صلاته بإيران نتيجة للضغوط الجماهيرية العربية واللبنانية.
ورداً على سؤال بخصوص إنكار وجود سياسة التفريس في إيران من قبل حسن نصر الله أردف عزيزي قائلاً: "في الواقع مرتكز حديث نصر الله كان حول إنكار سياسة التفريس والحضارة الفارسية الأمر الذي يصطدم بالواقع المعاش، فالشعوب غير الفارسية لاسيما عرب الأهواز ينتقدون نصر الله قبل القوميين الفرس، حيث ما يعنون منه على هذا الصعيد يعرفه العالم والكثير من المؤسسات الدولية، فالشعب العربي الأهوازي - على سبيل المثال - يعيش حالة أن يكون أو لا يكون ولكن نصرالله إما يجهل ما يحدث في إيران أو يبرر ذلك".
الحضارة الإيرانية المعاصرة تتكون من 3 أجزاء
وصحح عزيزي مقولة الحضارة الفارسية مؤكداً الحضارة الإيرانية في العصر الحديث، موضحاً أنها تتكون من ثلاثة مكونات هي: الإيراني والغربي والاسلامي، أما الجزء الإيراني فهو يتشكل من ثقافات الشعوب الإيرانية أجمعها كالفرس والترك والكرد والبلوش والتركمان والعرب، ولكن بما أن السلطة أصبحت منذ تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة بيد الفرس حاولوا ويحاولون إضفاء الصبغة الفارسية على الحضارة الإيرانية في حين هذه الحضارة لا إيرانية ولا غربية ولا إسلامية بالكامل بل هي مزيج من هذا كله، ولكن للفرس حصة الأسد فيها.
توقيت إثارة الموضوع
وحول توقيت إثارة الموضوع ردّ عزيزي بالقول: "بما أن العقيدة الدينية تراجعت كأداة للحكم في إيران ونفدت قوتها وحيوتها نتيجة لأدلجة الدين بدأت النخب الفارسية بالبحث عن البديل من خلال العودة إلى القومية الفارسية قبل الإسلام وبلغ استفحال هذه النزعة منحى معاداة العرب في بعض الأحيان. وإلى جانبها هناك استشراء للنزعة القومية للشعوب غير الفارسية في إيران الذين يشكلون أكثر من نصف السكان، الأمر الذي ينذر بالخطر وتتبلور هذه النزعة الفارسية في إثارة مسمى الخليج وملكية الجزر الثلاث (أبوموسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى) والمطالبة بالبحرين ويتحول إلى مد عنصري في الكثير من الأحيان ما يقع أوراه على كاهل العرب في إقليم عربستان (الأهواز)، حيث هؤلاء العرب على علاقة مباشرة بما يحدث على الساحة الإيرانية الداخلية نظراً لكون أغلبهم يعرفون اللغة الفارسية إلى جانب لغتهم القومية أي اللغة العربية فهم يتعرضون لقصف يومي من قبل هذا الخطاب القومي نيابة عن العالم العربي الذي لا يعرف اللغة الفارسية وما يصله ما هو إلا غيض من فيض.
حزب قومي فارسي يدعو إلى تطهير العرب عرقياً
وفي الوقت الذي حذر يوسف عزيزي من تداعيات هذه النظرة ضد العرب في إيران وضد سائر الشعوب العربية في المنطقة، أشار إلى بيان صادر أخيراً من قبل حزب قومي فارسي متطرف يدعى "سومكا" دعا فيه إلى تطهير العرب عرقياً في إقليم عربستان (خوزستان)، معتبراً هذه النظرة نظرة شؤوم تبشر بمذابح ضد العرب في المستقبل.
القوى الفارسية الديمقراطية
وفي الوقت الذي نوّه عزيزي إلى هذه النزعة القومية الفارسية أكد أنه لا يجوز أن يأخذ الشعب الفارسي بأكمله بجريرة هذه الأوساط العنصرية فهذا الشعب مثله مثل الكثير من الشعوب الأخرى يواجه ظروفاً صعبة نتيجة تعرضه للقمع والتنكيل من قبل السلطة الاستبدادية، حسب تعبيره. مضيفاً: "نحن نعول على القوى الديمقراطية الفارسية المحبة للحرية والعدالة والتي تدافع عن قضايا الشعوب والقوميات غير الفارسية في إيران، فكلامي موجه ضد المتشددين من القوميين الفرس، حيث نجد أمثالهم حتى في حكومة أحمدي نجاد. فنحن نعتقد أن البديل بين العرب والفرس ينبغي أن يتبلور في إرساء علاقات حضارية متوازنة مبنية على أساس من التفاهم والتكامل، وهذا ما طالبنا به نحن العرب الأهوازيين في عهد خاتمي ولعبنا دوراً بارزاً لصالح الحركة الإصلاحية، حيث استطاع الرئيس السابق أن يحصل على أكثر من 85% من أصوات الناخبين في إقليمنا، كما وجدنا تجاوباً ملحوظاً ولكن غير كافٍ من قبله إلا أن اليوم تغيرت الظروف بالكامل.
إيران ليست فارسية ولكن ليس كما يقول حسن نصر الله
وفي الختام قال أمين عام مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في ايران إن محاولة السيد حسن نصر الله إظهار الحكومة الإيرانية كأنها غير فارسية لا يتطابق مع الواقع ولكن يمكن التأكيد للسيد حسن نصر الله الذي أدلى بتصريحات سياسية وحزبية محضة بهذا الخصوص أن إيران غير فارسية، بل إنها مزيج من الثقافات الفارسية والعربية والتركية والكردية والبلوشية إلا أن الحكومات الإيرانية المتعاقبة، الشاهنشاهية منها والإسلامية حاولت وتحاول منذ ثمانية عقود صهر كل هذه الثقافات واللغات في أخرى فارسية. وسؤالي للسيد حسن نصر الله هو: هل السلطات الحالية تسمح للعرب وللقوميات الأخرى بتأسيس مدارس بلغاتها حسب الدستور الإيراني نفسه، وهذا مطلب أولي وبسيط تحرم منه الشعوب غير الفارسية لصالح الثقافة واللغة الفارسيتين، فكيف اعتبر الحكم غير فارسي؟!
هذا درس لك يانصر الله ولكل العرب لا تأمن بالفارسي وهذي رسالة موجهة لكل من يريد الأمان والأستقرار بالعلاقات مع إيران الدليل واضح أمامكم لا تستأمنوا من إيران أبداً ، يظل حقدهم على أمة العرب من يوم سحق العرب أنوفهم بالوحل في وقعة ذي قار إلى يومنا هذا يضمرون العداء الغير طبيعي للعرب
