اليوم الثامن
عضو مميز
إلى أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
اليوم وبما إن معشوقتي الكويت تحتفل بعيد استقلالها الخمسين وعيد تحريرها العشرين والعيد الخامس لتولي سموك مقاليد الحكم فإنني أجد نفسي مضطرا وبعد تقديم التهنئة الخالصة لسموك بأن أخرج لك ما يدور في خلجات صدري وتمنياتي لهذه الأرض وهذا الشعب وما أحلم به وأنا بين يدي الله ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ..
لقد تشرفت قبلك بحكم هذا البلد الصغير بمساحته الكبير بأهله وشعبه والمحب المخلص لوطنه ولقيادته ، وكم تمنيت أن أقدم لهم الخير الكثير والمزيد من الأعمال التي تنهض بهذا الشعب وتجعله في مصاف الدول التي يتشرف العالم أجمع بذكر تقدمها وتطورها وازدهارها ..
وقد تمكنت من تحقيق القليل من هذا الحلم بعد أن جعلت من العمل الخيري والإنساني هو ما يبرز وجه الكويت الحضاري للعالم أجمع ، ولكن وبسبب الكثير من المحن التي مرت على هذه الأرض وهذا الشعب أثناء فترة حكمي فإني لم أتمكن من العمل الكثير في جوانب التنمية والأعمار والتطوير في هذه الأرض ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
رغم كل المحن والصعوبات التي مرت على هذه الأرض وهذا الشعب في عهدي إلا إنني لم أجد شعبا في العالم أجمع أوفى ولا أصدق من هذا الشعب الكويتي ، فرغم أني علقت المجلس وعطلت الديمقراطية في العام 86 إلا إن هذا الشعب انتفض عندما تم الاعتداء على الكويت وجدد البيعة لي وللأسرة ، وهذا لم يكن أبدا بمستغرب على هذا الشعب الكويتي الأصيل الوفي ، كون هذا الشعب جبل على الوفاء وعلى الأصالة فهو لا يبيع ، ولكنه بكل تأكيد هو يعفو ويصلح عند المقدرة فيا له من شعب ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
إن فترة الثمانينات كانت فترة حرجة تلك التي مرت على الكويت وجرت فيها الكثير من الأحداث ، ولو كانت في أي دولة أخرى لما تمكنت اليوم من الخروج من محنتها ، ولكننا في الكويت وفيها شعب مثل هذا الشعب بالتأكيد لن تكون محنتنا إلا اختبار نخرج منه دائما أكثر قوة وصلابة وأكثر تلاحم مع بعضنا البعض لنكون كما البنيان المرصوص يشد أزر بعضه بعضا ..
لقد شهدت تلك الحقبة من الزمن أعمال التفجيرات الكثيرة خسرت فيها الكويت الكثير من أبنائها ، ورغم ذلك لم نكن نسمع أي من المصطلحات التي قد تؤدي إلى مواجهات طائفية أو إلى تقسيم للمجتمع ، بل تكاتفوا وتعاضدوا جميعا واعتبروها فترة أزمة ومحنة استهدفت الكويت وكل أفراد شعبها ، ولم تكن أبدا مقتصرة على فئة دون أخرى ، لذا كان من السهل جدا علينا في تلك الفترة من إعادة السيطرة على الأوضاع وإعادة الثقة للمواطنين والتي لم تتحطم رغم ما مررنا به من أحداث ، وعدنا وفي ثاني يوم من كل تفجير يحدث أو كل عمل مشين يتم شعبا واحدا كما البنيان المرصوص لا يفرقنا شيئا بل يجمعنا حب الوطن الواحد والأوحد ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
في تلك الحقبة تعرضت أنا وموكبي لمحاولة اغتيال أدت وتسببت في مقتل عسكريين أثنين من فئة غير محددي الجنسية ، ورغم تلك الحادثة خرج الشعب للشارع يبكون ويتساءلون عن مصيري ، إلى أن طمأنتهم بأني بخير وأن مكروها لم يمسني ، ورغم ذلك خرجت الجموع واحتشدت في استاد الصداقة والسلام وبشكل عفوي ليجددوا البيعة لي ، وكم كان المنظر والمشهد رائع ومبكي بنفس الوقت من شعب يبايع وبشكل عفوي قائد لم يقدم لهم شيئا سوى الأزمات .. إنه الشعب الكويتي الحر يا أخي صاحب السمو ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
لقد مرت حقبة الثمانينات وما فيها من أزمات متتالية ، وبدأت حقبة التسعينات بفاجعة أدمت قلوب كل الكويتيين ، حيث تعرضت الكويت في تلك الفترة إلى غزو عراقي غاشم حاول فيها المعتدي طمس الهوية الكويتية ، ولكن كيف له أن يتمكن من ذلك ونحن نعيش بمعية شعب لا يبيع حكامه وأثبت سابقا ولاحقا وفاءه لهم .. فطوبى لهذا الشعب ..
لقد بكى أهل الكويتي جميعا ولثلاثة أيام من أيام الغزو الأولى فقط لأنهم لم يكونوا يعلموا مصيري ، وعندما زفت لهم البشرى أني بخير بكى أيضا الشعب الكويتي فرحا وسرور ولم يبالوا إن كانوا يعيشون تحت جحيم المحتل والمعتدي ، بل كانت من أولى الأول لهم هو التأكد من سلامتي .. فهل سيشهد العالم أوفى من هذا الشعب ..؟
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
عندما طالب العالم أجمع سماع وجهة نظر ورأي الشارع الكويتي من أحداث الغزو وما إن كانوا متمسكين بالشرعية أم لا ، هب الكويتيون في مؤتمر جدة للمبايعة ، ولا أجد أفضل من ذكر مقولة الرئيس الفرنسي من إنه لم يرى شعبا في العالم أجمع يقف صفا واحد مع حكومته كما يفعل الشعب الكويتي اليوم ، ولم يشاهد شعبا بأكمله يرفض التعامل مع المحتل كما يفعل الكويتيون اليوم ..
وقفت يومها وفاءا لهذا الشعب وأمام العالم أجمع ومن على منبر الأمم المتحدة أبكي شعبي للعالم ، فكنت أول رئيس دولة يبكي شعبه ويطلب ويترجى العالم أن يساعده في تخليص شعبه من هذا المحتل الغاشم ..
ويومها وقف العالم أجمع يصفق للكويت أميرا وحكومتا وشعبا على هذا التلاحم وهذه المحبة الغير مسبوقة ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
بعد التحرير عدنا أميرا وحكومتا وشعبا لنبني الكويت ، وكم كانت التقارير الخارجية محبطة عن إمكانية نهضة الكويت ، ويومها قيل إننا لن نتمكن من النهضة والعودة بالكويت إلى سابق عهدها إلا بعد سنوات حددتها بعض التقارير بالأسوأ وقيل عشرون عاما ، وأفضل التقارير قالت بعد عشر سنوات ..
يومها كانت الكويت تحترق وتعيش في ظلام دامس بسبب حرق أبار النفط الذي حول نهار الكويت إلى ليل مظلم وقاتم ، ولكن وقف رجال ونساء الكويت وشمروا عن سواعدهم فخالفوا كل التوقعات والتقارير وتمكنوا من إعادة بناء الكويت في فترة قصيرة جدا لا تكاد تذكر ، بل لم تتجاوز الأشهر ، بل والأعجب من ذلك هو قيام شباب كويتي بإطفاء آبار النفط في مدة قياسية لم تزد عن الستة أشهر رغم كل التهويل السابق في التقارير الدولية ، وكل الأموال والمليارات التي كانت مطلوبة للمساعدة في إطفاء كل تلك الآبار المحروقة ، وأثبت يومها رجال ونساء الكويت كفاءتهم وقدرتهم على تجاوز الصعوبات ، وأثبتوا أن لا مستحيل عندهم بفضل من الله ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
أثبت هذا الشعب حبه لأرضه ووطنه وأثبت ولاءه لحكامه ولأسرة الحكم فيه ، فعيني لم تر شعبا بأكمله يخرج ليستقبل حاكمه وهو يعود من رحلة علاجه بعد أن من الله عليه بالشفاء ، وفوجئت بمدى محبة الناس لي وأنا أسير في الطرقات وأشاهدهم على جوانب الطريق ، فمنهم من يرقص فرحا ومن من يغني ، ومنهم من كان يبكي فرحا بشفائي وعودتي سالما معافى لأرض الوطن ..
فهل بعد كل ذلك أشك بمحبة أهلي أهل الكويت وبمحبتهم وولائهم وإخلاصهم للكويت ..؟
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
لقد تسلمت اليوم قيادة السفينة وأصبحت أنت ربانها ، وهذا الشعب يستحق الكثير وبذل الغالي والنفيس من أجله ، فأنت الأب الحاني الذي يحبونه ويعشقونه ، فهم يرون فيك إنك ناقل الكويت للمجد وإلى التطور والعمران ..
وهم يرون فيك إنك باني الإنسان الكويتي وباني مجده ، فتقدم نحو المجد وابن الكويت الجديدة ، واجعل من هذه الاحتفالات بداية عهد جديد للبناء ، وهذا العصر هو العصر الكويتي الجديد ، فارتقي بالكويت لأنها تستحق الارتقاء ، وقدمها بحلتها الجديدة للعالم أجمع ، ولا تلتفت للوراء فخلفك شعب يقدم الروح ويحملها على راحته من أجل وطنه ..
خلفك شعب عندما بايع لم يفكر يوما بالغدر ولا يعرف أصلا له طريقا ..
خلفك شعب شامخ معطاء ، مستعد لتجاوز كل المحن من أجل الكويت ..
خلفك شعب عندما يعشق لا يعرف الحقد ولا الكره لقلبه طريق ، بل الوفاء والولاء ..
وكم هو محظوظ من يمتلك شعبا كالذي تمتلك يا أخي صاحب السمو يحب بلده ويعشق قيادته ، وإن شعر أن هناك عضوا واحد من أعضاء بنيانه الخالد اشتكى ، فستجده يتداعى بأكمله ليسهر عليه وعلى راحته وحمايته ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
كلماتي هذه هي رسالتي لك في عيد الكويت واحتفالاتها ، وهي مني خالصة مخلصة من حاكم عشق الأرض وعشق شعبها ، وأراد أن يقدم له الكثير على قدر المحبة التي غمره بها شعبه المحب له ، ولكن الله لم يمكنه ليقدم له أكثر من ذلك ..
ولكن ما يجعلني مطمئنا في قبري هو أمران ..
معرفتي الكاملة بأن هذا الشعب صادق المشاعر فعندما يحب ويعشق فإن حبه نابع من قلبه من غير تزلف ولا تزييف ، ولا يمكن لأي كان أن يفرض عليه محبة هذا أو ذاك ، لذا فمحبتهم لك صادقة نابعة من قلب صادق ..
الأمر الآخر هو دعائهم لي حتى بعد أن فارقتهم ، وتذكرهم الدائم لي رغم مرور السنوات الخمس على فراقهم ، فهل وجدت أو ستجد أوفى من هذا الشعب ..؟
وفقك الله لما يحبه ويرضاه ، وأعانك على تحمل مسئولياتك فأنت الراعي ونعم الراعي ، وهم الرعية ونعم الرعية المعينين لك ، وأسأل الله أن يوفقكم جميعا فيما يحبه ويرضاه ، وأن تنهض الكويت على يديكم وأن تكون في مصاف الدول الراقية المتقدمة المزدهرة التي يتفاخر بها شعبها وسط العالم أجمع ..
هو القادر على ذلك فنعم المولى ونعم النصير ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
والله دمعت عيني وتقطع قلبي
الله يرحمك يا امير القلوب ويتجاوز عنك
اليوم وبما إن معشوقتي الكويت تحتفل بعيد استقلالها الخمسين وعيد تحريرها العشرين والعيد الخامس لتولي سموك مقاليد الحكم فإنني أجد نفسي مضطرا وبعد تقديم التهنئة الخالصة لسموك بأن أخرج لك ما يدور في خلجات صدري وتمنياتي لهذه الأرض وهذا الشعب وما أحلم به وأنا بين يدي الله ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ..
لقد تشرفت قبلك بحكم هذا البلد الصغير بمساحته الكبير بأهله وشعبه والمحب المخلص لوطنه ولقيادته ، وكم تمنيت أن أقدم لهم الخير الكثير والمزيد من الأعمال التي تنهض بهذا الشعب وتجعله في مصاف الدول التي يتشرف العالم أجمع بذكر تقدمها وتطورها وازدهارها ..
وقد تمكنت من تحقيق القليل من هذا الحلم بعد أن جعلت من العمل الخيري والإنساني هو ما يبرز وجه الكويت الحضاري للعالم أجمع ، ولكن وبسبب الكثير من المحن التي مرت على هذه الأرض وهذا الشعب أثناء فترة حكمي فإني لم أتمكن من العمل الكثير في جوانب التنمية والأعمار والتطوير في هذه الأرض ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
رغم كل المحن والصعوبات التي مرت على هذه الأرض وهذا الشعب في عهدي إلا إنني لم أجد شعبا في العالم أجمع أوفى ولا أصدق من هذا الشعب الكويتي ، فرغم أني علقت المجلس وعطلت الديمقراطية في العام 86 إلا إن هذا الشعب انتفض عندما تم الاعتداء على الكويت وجدد البيعة لي وللأسرة ، وهذا لم يكن أبدا بمستغرب على هذا الشعب الكويتي الأصيل الوفي ، كون هذا الشعب جبل على الوفاء وعلى الأصالة فهو لا يبيع ، ولكنه بكل تأكيد هو يعفو ويصلح عند المقدرة فيا له من شعب ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
إن فترة الثمانينات كانت فترة حرجة تلك التي مرت على الكويت وجرت فيها الكثير من الأحداث ، ولو كانت في أي دولة أخرى لما تمكنت اليوم من الخروج من محنتها ، ولكننا في الكويت وفيها شعب مثل هذا الشعب بالتأكيد لن تكون محنتنا إلا اختبار نخرج منه دائما أكثر قوة وصلابة وأكثر تلاحم مع بعضنا البعض لنكون كما البنيان المرصوص يشد أزر بعضه بعضا ..
لقد شهدت تلك الحقبة من الزمن أعمال التفجيرات الكثيرة خسرت فيها الكويت الكثير من أبنائها ، ورغم ذلك لم نكن نسمع أي من المصطلحات التي قد تؤدي إلى مواجهات طائفية أو إلى تقسيم للمجتمع ، بل تكاتفوا وتعاضدوا جميعا واعتبروها فترة أزمة ومحنة استهدفت الكويت وكل أفراد شعبها ، ولم تكن أبدا مقتصرة على فئة دون أخرى ، لذا كان من السهل جدا علينا في تلك الفترة من إعادة السيطرة على الأوضاع وإعادة الثقة للمواطنين والتي لم تتحطم رغم ما مررنا به من أحداث ، وعدنا وفي ثاني يوم من كل تفجير يحدث أو كل عمل مشين يتم شعبا واحدا كما البنيان المرصوص لا يفرقنا شيئا بل يجمعنا حب الوطن الواحد والأوحد ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
في تلك الحقبة تعرضت أنا وموكبي لمحاولة اغتيال أدت وتسببت في مقتل عسكريين أثنين من فئة غير محددي الجنسية ، ورغم تلك الحادثة خرج الشعب للشارع يبكون ويتساءلون عن مصيري ، إلى أن طمأنتهم بأني بخير وأن مكروها لم يمسني ، ورغم ذلك خرجت الجموع واحتشدت في استاد الصداقة والسلام وبشكل عفوي ليجددوا البيعة لي ، وكم كان المنظر والمشهد رائع ومبكي بنفس الوقت من شعب يبايع وبشكل عفوي قائد لم يقدم لهم شيئا سوى الأزمات .. إنه الشعب الكويتي الحر يا أخي صاحب السمو ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
لقد مرت حقبة الثمانينات وما فيها من أزمات متتالية ، وبدأت حقبة التسعينات بفاجعة أدمت قلوب كل الكويتيين ، حيث تعرضت الكويت في تلك الفترة إلى غزو عراقي غاشم حاول فيها المعتدي طمس الهوية الكويتية ، ولكن كيف له أن يتمكن من ذلك ونحن نعيش بمعية شعب لا يبيع حكامه وأثبت سابقا ولاحقا وفاءه لهم .. فطوبى لهذا الشعب ..
لقد بكى أهل الكويتي جميعا ولثلاثة أيام من أيام الغزو الأولى فقط لأنهم لم يكونوا يعلموا مصيري ، وعندما زفت لهم البشرى أني بخير بكى أيضا الشعب الكويتي فرحا وسرور ولم يبالوا إن كانوا يعيشون تحت جحيم المحتل والمعتدي ، بل كانت من أولى الأول لهم هو التأكد من سلامتي .. فهل سيشهد العالم أوفى من هذا الشعب ..؟
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
عندما طالب العالم أجمع سماع وجهة نظر ورأي الشارع الكويتي من أحداث الغزو وما إن كانوا متمسكين بالشرعية أم لا ، هب الكويتيون في مؤتمر جدة للمبايعة ، ولا أجد أفضل من ذكر مقولة الرئيس الفرنسي من إنه لم يرى شعبا في العالم أجمع يقف صفا واحد مع حكومته كما يفعل الشعب الكويتي اليوم ، ولم يشاهد شعبا بأكمله يرفض التعامل مع المحتل كما يفعل الكويتيون اليوم ..
وقفت يومها وفاءا لهذا الشعب وأمام العالم أجمع ومن على منبر الأمم المتحدة أبكي شعبي للعالم ، فكنت أول رئيس دولة يبكي شعبه ويطلب ويترجى العالم أن يساعده في تخليص شعبه من هذا المحتل الغاشم ..
ويومها وقف العالم أجمع يصفق للكويت أميرا وحكومتا وشعبا على هذا التلاحم وهذه المحبة الغير مسبوقة ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
بعد التحرير عدنا أميرا وحكومتا وشعبا لنبني الكويت ، وكم كانت التقارير الخارجية محبطة عن إمكانية نهضة الكويت ، ويومها قيل إننا لن نتمكن من النهضة والعودة بالكويت إلى سابق عهدها إلا بعد سنوات حددتها بعض التقارير بالأسوأ وقيل عشرون عاما ، وأفضل التقارير قالت بعد عشر سنوات ..
يومها كانت الكويت تحترق وتعيش في ظلام دامس بسبب حرق أبار النفط الذي حول نهار الكويت إلى ليل مظلم وقاتم ، ولكن وقف رجال ونساء الكويت وشمروا عن سواعدهم فخالفوا كل التوقعات والتقارير وتمكنوا من إعادة بناء الكويت في فترة قصيرة جدا لا تكاد تذكر ، بل لم تتجاوز الأشهر ، بل والأعجب من ذلك هو قيام شباب كويتي بإطفاء آبار النفط في مدة قياسية لم تزد عن الستة أشهر رغم كل التهويل السابق في التقارير الدولية ، وكل الأموال والمليارات التي كانت مطلوبة للمساعدة في إطفاء كل تلك الآبار المحروقة ، وأثبت يومها رجال ونساء الكويت كفاءتهم وقدرتهم على تجاوز الصعوبات ، وأثبتوا أن لا مستحيل عندهم بفضل من الله ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
أثبت هذا الشعب حبه لأرضه ووطنه وأثبت ولاءه لحكامه ولأسرة الحكم فيه ، فعيني لم تر شعبا بأكمله يخرج ليستقبل حاكمه وهو يعود من رحلة علاجه بعد أن من الله عليه بالشفاء ، وفوجئت بمدى محبة الناس لي وأنا أسير في الطرقات وأشاهدهم على جوانب الطريق ، فمنهم من يرقص فرحا ومن من يغني ، ومنهم من كان يبكي فرحا بشفائي وعودتي سالما معافى لأرض الوطن ..
فهل بعد كل ذلك أشك بمحبة أهلي أهل الكويت وبمحبتهم وولائهم وإخلاصهم للكويت ..؟
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
لقد تسلمت اليوم قيادة السفينة وأصبحت أنت ربانها ، وهذا الشعب يستحق الكثير وبذل الغالي والنفيس من أجله ، فأنت الأب الحاني الذي يحبونه ويعشقونه ، فهم يرون فيك إنك ناقل الكويت للمجد وإلى التطور والعمران ..
وهم يرون فيك إنك باني الإنسان الكويتي وباني مجده ، فتقدم نحو المجد وابن الكويت الجديدة ، واجعل من هذه الاحتفالات بداية عهد جديد للبناء ، وهذا العصر هو العصر الكويتي الجديد ، فارتقي بالكويت لأنها تستحق الارتقاء ، وقدمها بحلتها الجديدة للعالم أجمع ، ولا تلتفت للوراء فخلفك شعب يقدم الروح ويحملها على راحته من أجل وطنه ..
خلفك شعب عندما بايع لم يفكر يوما بالغدر ولا يعرف أصلا له طريقا ..
خلفك شعب شامخ معطاء ، مستعد لتجاوز كل المحن من أجل الكويت ..
خلفك شعب عندما يعشق لا يعرف الحقد ولا الكره لقلبه طريق ، بل الوفاء والولاء ..
وكم هو محظوظ من يمتلك شعبا كالذي تمتلك يا أخي صاحب السمو يحب بلده ويعشق قيادته ، وإن شعر أن هناك عضوا واحد من أعضاء بنيانه الخالد اشتكى ، فستجده يتداعى بأكمله ليسهر عليه وعلى راحته وحمايته ..
أخي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ..
كلماتي هذه هي رسالتي لك في عيد الكويت واحتفالاتها ، وهي مني خالصة مخلصة من حاكم عشق الأرض وعشق شعبها ، وأراد أن يقدم له الكثير على قدر المحبة التي غمره بها شعبه المحب له ، ولكن الله لم يمكنه ليقدم له أكثر من ذلك ..
ولكن ما يجعلني مطمئنا في قبري هو أمران ..
معرفتي الكاملة بأن هذا الشعب صادق المشاعر فعندما يحب ويعشق فإن حبه نابع من قلبه من غير تزلف ولا تزييف ، ولا يمكن لأي كان أن يفرض عليه محبة هذا أو ذاك ، لذا فمحبتهم لك صادقة نابعة من قلب صادق ..
الأمر الآخر هو دعائهم لي حتى بعد أن فارقتهم ، وتذكرهم الدائم لي رغم مرور السنوات الخمس على فراقهم ، فهل وجدت أو ستجد أوفى من هذا الشعب ..؟
وفقك الله لما يحبه ويرضاه ، وأعانك على تحمل مسئولياتك فأنت الراعي ونعم الراعي ، وهم الرعية ونعم الرعية المعينين لك ، وأسأل الله أن يوفقكم جميعا فيما يحبه ويرضاه ، وأن تنهض الكويت على يديكم وأن تكون في مصاف الدول الراقية المتقدمة المزدهرة التي يتفاخر بها شعبها وسط العالم أجمع ..
هو القادر على ذلك فنعم المولى ونعم النصير ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
والله دمعت عيني وتقطع قلبي
الله يرحمك يا امير القلوب ويتجاوز عنك