تأملات في واقع الثورات ... [حسين بن محمود] 26 ربيع الثاني 1432هـ



بسم الله الرحمن الرحيم

تأملات في واقع الثورات

ثورة الشباب !!

في مصر وتونس أعلنوا أنها ثورة شباب ، ولما انقشع غبار الثورة لم نرى غير الكهول في أماكن القرار ، والغريب أن الكثير من هؤلاء الكهول كانوا سبباً لخروج الشباب في هذه الثورات والمظاهرات !!


الشعوب العربية !!

اتضح أن الشعب الليبي – الذي لا يجد قوت يومه – واقع تحت تأثير حبوب الهلوسة ، والشعب اليمني منقاد لتجّار المخدرات ، واكتشفنا أن الشعوب في بلادها تحقق أجندات خارجية ، وأن الشعب اليمني كله ينتمي للقاعدة ، والشعب الليبي انزوى تحت راية القاعدة ، وأن القذافي مستعد للعمل مع القاعدة (أو مع شعبه المنزوي تحت لواء القاعدة) في محاربة شعبه (أو القاعدة) !! المهم أن القاعدة متواجدة ، أو غير متواجدة !!


كيف ينظر الحكام إلى الشعوب ؟

جرذان ، مخربين ، بلطجية ، تجار مخدرات ، متعاطي مخدرات ، إرهابيون ، عملاء لقوى أجنبية ، خونة ، أوباش ، فئران ، فئات ضالة ، قاعدة ، ... !! هناك خلل في فهم الحكام لمطالب الشعوب العربية : فالحاكم يخرج علينا بإعلان تحقيق مطالب الشعب ليقوم بعدها بساعات بإطلاق الرصاص على الناس رغبة منه في تحقيق مطالبهم !! ابن علي قال بأنه فهم الشعب !! وحسني لم يفهم أن الشعب يريد رحيله مع أنهم قالوها بكل وضوح "ارحل يعني امشي" وكتبوه بالصيني والهندي والياباني والسومري والعبري والإنجلزي والعربي والألماني والفرنسي !! كل العالم فهم : إلا حسني ، مع أنه هو المعني بفهم مطالب الشعب المصري ، وهو إلى الآن لم يمشي !! والقذافي فهم أن الشعب الليبي كله معه ولذلك يأتي بجنود من تشاد والسنغال والسودان ورواندا ويهود ليقتلوا الشعب الليبي الذي معه !! كيف يكون الحال إذا اعتقد القذافي بأن الشعب ليس معه !! جميع حكام العرب يعتقدون أن الشعوب تحبهم لأنهم : سرقوا خيراتها ، ودمّروا بلادها ، وخرّبوا مستقبلها ، وأسلموا مقدّراتها لأعدائها ، وحاربوا دينها ، ونشروا الرذيلة فيها !!


الثوّار في ليبيا !!

في بداية الثورة الليبية : زحف الشباب الثائر بسرعة عجيبة إلى الغرب حتى وصلوا رأس لانوف وبن جواد وكادوا أن يدخلوا سرت ، وكانت الصولة لهم في المدن الغربية ، ثم تدخّل الجيش الليبي وحاول تنظيم الأمور فتسارعت الأحداث ووصل مرتزقة القذافي حدود بنغازي وسقطت المدن الغربية !! الإعلام الآن يتحدّث عن قلة خبرة الثوار وضرورة السيطرة عليهم وضرورة تنظيمهم !! البعض يقول بأن هذه الوخزات الإعلامية هي تمهيد لتدخل الجيوش الغربية !!


الجهاز الأمني المصري !!

كل مصري علم يقيناً بأن هذا الجهاز الخبيث لم ينحل ، وأن وزير الداخلية الجديد غيّر اسم الجهاز فقط . ولكن الكل ساكت عن هذا الوزير وعلى هذا التلاعب ، الكل مشغول بالحفاظ على مكاسب الثورة !! الحكومة المؤقتة والمجلس العسكري منعوا المظاهرات حفاظاً على مكاسب الثورة !! أي ثورة !! لعلها ثورة الـ 17 أو الـ 30 يناير !! أو ربما 25 فبراير !! الله أعلم ..


تصريح غريب !!

صرّح الدكتور القرضاوي بأن "الرئيس الأسد يعامله الشعب على أنه سُنى ، وهومثقف وشاب ، ويمكنه أن يعمل الكثير ، ولكن مشكلته أنه أسير حاشيتهوطائفته" ، لنا أن نتسائل ، مجرّد تسائل : هل الإنسان بما يُعامل ، أم بما يعتقد !! مصطفى كمال كان يُعامل على أنه فاتح ، ولا أخفي على الدكتور أنني حفظت بيت شوقي منه : "الله أكبر كم في الفتح من عجبِ ... يا خالد التُّرك جدّد خالد العربِ" . ابن علي كان راعي نهضة ، وحسني كان عبقري زماني ، والقذافي أخ ثائر ، وابن الماسوني هاشمي جليل ، وخامنئي آية الله العظمى ، والمغربي أمير المؤمنين ، وصدام كان سيف العرب ، وابن سعود خادم الحرمين ، والقائمة طويلة ... بيت القصيد : بشار "نصيري" ، والنصيرية كفار باتفاق العلماء ، والتزلّف للنصيري كتقبيل يد إبليس ، لا فرق .. وليسأل الدكتور أي "ختيار" من أهل السنة في سوريا إن كان يجهل حقيقة بشّار أو النّصيريّة ..


جلالة الملك !!

كم يغيظ المسلم حينما يسمع بعض الأردنيين وهم يُطلقون لفظ "الجلالة" على ابن الإنجليزية وابن عميلهم "عبد الله بن حسين" .. ألا يستحي من يُحسب على الرجال أن يطلق مثل هذا اللقب على هذا الولد الأعجمي وهو يعرف أنه سكران نهاره ، زانٍٍ ليله !! لم تشفع الهاشمية لصنو أب النبي صلى الله عليه وسلّم فقال تعالى {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ، فكيف تشفع لربيب الماسونية سليل العمالة والخيانة والغدر !! أشراف معان ورجال عمّان وأشاوس عجلون والكرك يحكمهم ماسوني بن ماسوني ابن نصرانية !!


ملك صادق !!

في هذا الزمان يسهل تصديق الخرافة : فقد توجد العنقاء ، وقد نكتشف التنّين ، وربما وجدنا مدينة الذهب "إلدورادو" ، ولكن من الصعب في هذا الزمان أن نجد ملكاً صادقاً ، فهذا ما لا يمكن تصديقه ولا يمكن تصوّره !! ملك صادق !! مستحيل .. وما يصعّب المهمّة أن يكون الملك : عربي !!
نسمع عن الإصلاحات والتعديلات والتخطيط والإستراتيجيات وزيادة الرواتب والسياسات الحكيمة ولكننا كعرب لا نعرف كنهها حقيقة ، نحن نفهمها بالمقلوب :
فالإصلاح عندنا : تعبيد الشوارع لتصل إلى بوابات قصور الحكام ..
والتعديلات تعني : زيادة حصة الحاكم وآله من أموالنا ..
والتخطيط يعني : استثمار أموالنا ومقدراتنا لصالح الحاكم ..
والإستراتيجية تعني : بقاء الحاكم في الحكم أبد الآبدين ..
وزيادة الرواتب تعني : أخذ الحاكم أموالنا ورمي الفتات منها في وجوهنا صدقة منه وعطفاً ومنّة علينا ..
والسياسة الحكيمة تعني : بيع بلادنا لعدونا وتمكينه من رقابنا ، وإفساد أخلاقنا ، وهتك أعراضنا ، وتسفيه أحلامنا ، وامتهان كرامتنا ، فالسياسة الحكيمة : كلمة جامعة لكل شر لنا ، ومانعة لكل خير يصل إلينا ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ؛ و لا يزكيهم ، و لا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكبر" (مسلم) ..
أما الزنا فحدّث عن حكام العرب اليوم ولا حرج ، وأما الكذب فهو أصل السياسة عندهم وقاعدته ، وأما الأخيرة فقد اغتصبوا أموال الناس وامتنّوا عليهم بإرجاع الفتات !! ومع هذا كله : لا زال بعضنا يصفّق لحكّامنا طمعاً في أكل السحت من أموالنا !! من أراد أن يخاطر بنفسه ويُبعث يوم القيامة في قوم "لا يكلمهم الله يوم القيامة ؛ و لا يزكيهم ، و لا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم" فليصفق لهؤلاء الحكام ، فالمرء يُحشر مع من أحب ..


تسليح الثوار !!

قلنا في مقالة سابقة بأن قرار مجلس الكفر (ما يسمى مجلس الأمن) بفرض حظر تسليح على ليبيا هو في حقيقته : منع للثوار من شراء السلاح ، وذلك أن القذافي لا زال يشتري الأسلحة من دولة اليهود في فلسطين ومن روسيا ورومانيا ودول أوروبية وأفريقية وأمريكية ، وأرادت الدول الغربية (أوروبا وأمريكا) من هذا الحظر : إطالة أمد الحرب ، والتحكم في الثوار ، وغيرها من الأمور التي لا تخفى على الباحث .. الثوار يستطيعون شراء الأسلحة من أموال النفط عن طريق سماسرة الأسلحة ، وهم كُثر ، وهؤلاء السماسرة يتكفّلون بتسليم الأسلحة للثوار في ليبيا مقابل مبلغ إضافي ، فلا بد للثوار من شراء الأسلحة بهذه الطريقة ، وعندهم الآن ميناء طبرق ومطاره ، والمطار أفضل لأن السفن الحربية الغربية ستعترض أي سفينة تُدخل الأسلحة للثوار بناء على قرار مجلس الأمن .. كما يستطيع الثوار إدخال الأسلحة عن طريق مصر بالإتفاق مع المجلس العسكري المصري ، ولهم أن يعرضوا بعض المال على أفراد المجلس مقابل ذلك ، وكل من في المجلس مرتشي ، والمضطر –كما قال العلماء – لا يقع عليه حديث لعن الرّاشي ..


رسالة من عالمٍ إلى الثوار :

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – في رسالة "نقد القومية" ، في معرض رده على شبهات القوميين : "وشبهة أخرى وهي أنهم [القوميون] يقولون : إن العرب إذا اعتصموا بالإسلام ، وتجمعوا حول رايته ، حقد عليهم أعداء الإسلام ، ولم يعطوهم حقوقهم ، وتربصوا بهم الدوائر ، خوفا من أن يثيروها حروبا إسلامية ، ليستعيدوا بها مجدهم السالف ، وهذا يضرنا ويؤخر حقوقنا ومصالحنا المتعلقة بأعدائنا ، ويثير غضبهم علينا.
والجواب : أن يقال : إن اجتماع المسلمين حول الإسلام ، واعتصامهم بحبل الله ، وتحكيمهم لشريعته ، وانفصالهم من أعدائهم والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء ، هو سبب نصر الله لهم وحمايتهم من كيد أعدائهم ، وهو وسيلة إنزال الله الرعب في قلوب الأعداء من الكافرين ، حتى يهابوهم ويعطوهم حقوقهم كاملة غير منقوصة ، كما حصل لأسلافهم المؤمنين. فقد كان بين أظهرهم من اليهود والنصارى الجمع الغفير ، فلم يوالوهم ولم يستعينوا بهم ، بل والوا الله وحده ، واستعانوا به وحده ، فحماهم وأيدهم ونصرهم على عدوهم ، والقرآن والسنة شاهدان بذلك ، والتاريخ الإسلامي ناطق بذلك ، قد علمه المسلم والكافر.
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر إلى المشركين ، وفي المدينة اليهود ، فلم يستعن بهم ، والمسلمون في ذلك الوقت ليسوا بالكثرة ، وحاجتهم إلى الأنصار والأعوان شديدة ، ومع ذلك فلم يستعن نبي الله والمسلمون باليهود ، لا يوم بدر ولا يوم أحد ، مع شدة الحاجة إلى المعين في ذلك الوقت ، ولا سيما يوم أحد ، وفي ذلك أوضح دلالة على أنه لا ينبغي للمسلمين أن يستعينوا بأعدائهم ، ولا يجوز أن يوالوهم أو يدخلوهم في جيشهم ، لكونهم لا تؤمن غائلتهم ، ولما في مخالطتهم من الفساد الكبير ، وتغيير أخلاق المسلمين ، وإلقاء الشبهة ، وأسباب الشحناء والعداوة بينهم ، ومن لم تسعه طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقة المؤمنين السابقين فلا وسع الله عليه. (انتهى النقل عن الشيخ رحمه الله) ..
أقول : من أراد نصرة الثورات القائمة في البلاد العربية الآن فليطبع هذه الرسالة وليوزعها على المتظاهرين والثائرين لأنها غاية في الأهمية ، أو لينشرها بينهم عن طريق الشبكة العالمية ، وهي موجودة في موقع الشيخ عبد العزيز رحمه الله ..


علي عبد الأمريكان طالح ..

لقد طال انتظار الناس لجديد يحدث في اليمن !! المتظاهرون والمعتصمون باقون لأسابيع كثيرة دون تغيير في المواقف الرسمية !! هنا تسائل لعله في محله : لماذا لا يغيّر المتظاهرون ويأتوا بجديد كي يجددوا تظاهرتهم !! الكل يعلم بأن علي طالح ينتظر أمراً من أمريكا للتنحي ، فلماذا لا يستغل المتظاهرون هذه الحيثية لصالحهم !! مثلاً : إما أن يتنحّى ، أو تنزوي اليمن كلها تحت لواء القاعدة ، إن لم يتنحى علي طالح بعدها بدقائق فأنا لا أفهم شيئا ..


موسى كوسا !!

وزير خارجية القذافي ذهب إلى بريطانيا وأعلن هناك أنه منشق عن العقيد .. هل نُمرر الخبر دون تعليق أو دراسة !! الرجل كان من المجرمين القتلة الذين ساعدوا القذافي لسنوات طويلة على قتل الليبيين وتعذيبهم .. فجأة وبدون مقدمات يذهب إلى بريطانيا ، هل هي صحوة ضمير !! لعلنا نضع احتمالات لهذه الحادثة فنقول :
- دخوله إلى بريطانيا وبقائه فيها يثير تسائلات على الحكومة البريطانية ، ولعلهم أعلنوا انشقاقه حتى لا تثار التساؤلات حولهم وحوله .
- لعله ذهب مندوباً عن القذافي إلى بريطانيا ليقنعهم بضرورة وقف الغارات الجوية .
- لعله ذهب مندوباً عن القذافي إلى بريطانيا ليطلب منهم الإفساح عن أموال القذافي مقابل عمولات .
- لعله ذهب إلى بريطانيا ليبحث عن مخرج مرضي للقذافي أو لأبناءه وبناته .
- لعله ذهب إلى بريطانيا ليشتري أسلحة لجيش القذافي بمالغ خيالية .
- لعله ذهب إلى بريطانيا ليطلب منهم إطالة أمد الحرب فيقتلوا كل من رفع السلاح من حفظة القرآن في ليبيا .
- لعله ذهب إلى بريطانيا ليأخذ من البريطانيين تقريراً ميدانيا عن تحركات الثوار ومواقعهم ، والكل يعرف بأن المخابرات البريطانية استباحت الأراضي الليبية.
- ولعله ليس آخر من يذهب إلى بريطانيا أو فرنسا أو إيطاليا ليضحك على عقول المسلمين ..
- لعله الآن مع براون في حفلة شاي !!
- ولعله فعلاً انشق عن القذافي !!


لا قاعدة !!

عجيب أمر قيادات الثوار في مصر وتونس والجزائر وليبيا واليمن !! الكل يهتف للكفار : لسنا قاعدة ، ولا يوجد بيننا قاعدي !! لا نريد حكومة إسلامية !! لسنا ملتزمين بالدين وإنما نحن مدنيّون نطالب بحرياتنا وثرواتنا فقط !! نريد حكومة مدنية ديمقراطية !! يستميتون لإرضاء الكفار وإغضاب الملك الجبّار ثم يسمّون قتلاهم "شهداء" !! شهداء على أي شيء ؟ شهداء عند مَن ؟ لا تحكيم لشرع الله ، ولا راية إسلامية ، ولا جهاد في سبيل الله ، فمن أين أتت الشهادة !! يقولون : الله رؤوف رحيم بعباده .. نقول : لا نختلف على هذا ، ولكن الله تعالى يقول : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (التوبة : 16) الموضوع فيه مفاصلة وولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ، فكيف يتحقق هذا بنبذ التحكيم لشرع الله وإنكار التديّن !! الشهادة أغلى وأرفع من أن تكون لكل الناس ، فالله يختار الشهداء وينتقيهم لأسباب عظيمة {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (آل عمران : 140) فالمؤمن المجاهد في سبيل الله الموالي لأولياء الله المعادي لأعداء الله هو الذي ينال شرف الشهادة ، أما من ظلم نفسه بدخوله تحت راية عميّة – كالقومية والوطنية والشيوعية والديمقراطية وراية مستقلّة غير إسلامية ، وغيرها من الشعارات – فهذا لم يحقق أدنى مطالب الإسلام ، فكيف يكون شهيدا يغبطه النبيّون !!


مكتب خدمات ..

هذه نصيحة لثوار ليبيا : أن يوجِدوا مكتباً للخدمات في اجدابيا يستقبل الثوار من المناطق الشرقية ويسجل أسمائهم ويعمل لهم دورة تدريبية عسكرية (بإشراف رجالات الجيش وأهل الخبرة) ، وتربوية (بإشراف العلماء) لفترة معقولة يتم من خلالها التعرف على قدرات ومهارات الأفراد ، وقد ينكشف خلال هذه الفترة : عملاء القذافي .. ثم ينظّم هذا المكتب الثوارَ بتفريقهم على شكل سرايا ، كل سرية تتكون من 10 إلى 20 رجل ، وفي كل سرية : أمير ، ومسؤول اتصال ، ومسؤول اسعافات أولية ، ومسؤول أسلحة خفيفة وآخر للمتوسطة والثقيلة ومسؤول إمدادات ، وواعظ ملهب للحماس وغيرها من الأمور التي تحتاجها السرايا العسكرية ، وتكون السرية مجهّزة بتجهيزات عسكرية تلائم وظيفتها المنوطة بها ، وتكون هذه السرايا تحت إمرة أمير عام له مجلس عسكري يُخطط للعمليات العسكرية وفق المعطيات الأرضية ، فترسل كل سرية في عملية خاصة تأخذ في الإعتبار : جاهزيتها وكفائة أفرادها وتسليحها ، ثم يكون هناك تنسيق بين هذا المجلس العسكري وقيادة الجيش الليبي في بنغازي ..


فائدة الجيوش العربية !!

هناك فوائد كثيرة للجيوش العربية ، منها : أنها تملأ فراغ مدرجات كرة القدم في المباريات المهمة (كما هو الحال في بعض الدول الخليجية) ، وأنها تستقبل الضيوف الغربيين وتصطف لهم في الشوارع تحت الشمس المحرقة ، وتحمي هذه الجيوش الحكام وأبناء الحكام وأقارب الحكام ، والطياريين في بعض الجيوش العربية يعملون في خدمة نساء القصر يطيرون بهن إلى أوروبا وأمريكا لقضاء حوائجهن من التسوّق في الأسواق العالمية ، ولا ننسى شاعر المليون ، فأكثر الحضور من الجيش ، وكذلك أفراد الجيش الذين يعملون على بسط أراضي المسؤولين وزراعتها وصيانة سيارات الذوات ، وبعض أفراد الجيوش يعمل على قضاء حوائج القادة من محلات البقالة ، أما القوادة والدياثة فهذه تختلف من بلد إلى بلد .. وبعد الثورات أصبح للجيش فوائد إضافية ، منها : لبس الملابس المدنية والنزول في الشوارع للهتاف باسم الرئيس كما حصل في مصر وتونس ويحصل في ليبيا والجزائر واليمن وسوريا والمغرب ، والعمل على قتل الشعب الذي أقسم على حفاظ أمنه ، والإتصال بالقنوات الفضائية لتجديد الولاء للرؤساء ، والمحافظة على الرؤساء المخلوعين ، والإتصال بالدول الغربية لتطمينها على مصالحها في الدول العربية .. الحقيقة أن هذا كله ظلم لأفراد الجيش ، فالجيوش في الدول الأخرى لا يفعلون عُشر ما يفعله إخوانهم في الجيوش العربية .. لا بد للجيوش في الدول العربية أن تخرج إلى الشوارع للمطالبة برفع أجورها مقابل كل هذه الأعمال الإضافية ، فهم دخلوا الجيش للحفاظ على أمن الوطن فقط لا غير ، وهذا كله عمل إضافي يجب أن يأخذوا عليه أجور إضافية ..


ثورة سوريا ..

لا ينبغي مقارنة ثورة سوريا ببقية الثورات ، فالعداء متجذّر بين المسلمين وبين النصيرية منذ أكثر من ألف سنة ، والحقد النصيري على الإسلام والمسلمين لا يدانيه غير حقد اليهود ، فالثورة في سوريا هي في حقيقتها حرب قديمة بين الإسلام والكفر ، بين المسلمين والباطنية ، بين أهل الحق وأهل الباطل ، فهذه حرب أزلية ، وإخراجها عن هذا الإطار يعد من الجهل الكبير ، أو من المكر الخبيث .. ننصح أهل سوريا بحمل السلاح وبدئ قتال الشوارع ، وتصفية كل نصيري في سوريا ، فقد بدأ بشار بتسليح النصيريين ليقتلوا المسلمين ، ولا يليق بجند الشام – وهم من هم – أن يقبلوا بالموت على أيدي هؤلاء الأنجاس دون أن يُحدثوا فيهم مقتلة .. السلاح السلاح يا جند الشام : فأنتم أهله ..


مصر والشام ..

إن علاقة مصر بسوريا هي علاقة المفتاح بالقفل : فتحريك سوريا معناه فتح مصر ، وتحريك مصر معناه فتح سوريا ، وهذا القفل إذا فُتح فإنه يُفتح – في الغالب - على باب خلفه فلسطين ..


وقف إطلاق النار ..

بدأ الحديث عن وقف إطلاق النار في ليبيا ، وهذا عين ما حذرنا منه إذا تدخّلت القوى الغربية : فهي عملت على خلق توازن في القوى في ليبيا ، فتُحجم إذا تقدم الثوار ، وتُقدم إذا تقدم القذافي لتبقى أتون الحرب ويسأم الطرفين ثم يأتي الخلاص عن طريق وقف إطلاق النار .. هذه خطة مكشوفة لتقسيم ليبيا إلى جهة غربية وشرقية حدودها مدينة سرت .. يجب على الثوار أن لا يقعوا في هذا الفخ ، وينبغي عليهم لزاماً التوجه نحو الغرب لفك الحصار عن مصراته ، ثم التوجه إلى المدن الغربية لتحريرها بمساعدة أهلها والمجاهدين فيها ، ثم فتح طرابلس .. ليس لزاماً على الثوار القتال على الشارع الساحلي ، ولا بد من الإلتفاف على جيش القذافي وأخذ الطريق الصحراوي إلى الغرب ، ويكون هذا بتكوين جماعات صغيرة تتفق على نقطة التقاء ، أو عدة نقاط .. تستطيع سيارات الدفع الرباعي الوصول إلى الغرب الليبي عن طريق الصحراء في غضون ثلاثة أيام ، وينبغي نقل 12 ألف رجل إلى غرب ليبيا يوزعون على المدن ، وتكون هناك خطط مسبقة للقضاء على مرتزقة القذافي في كل مدينة حسب وضعها وظروفها ، ويبقى الجيش الليبي وبقية الثوار في الشرق لصد كتائب القذافي ، كما يجب على الليبيين وأهل تونس والجزائر وقف إمدادات حكومتي تونس والجزائر للقذافي ، وذلك عن طريق تفجير الناقلات وقتل السائقين أو تهديدهم كما يفعل المجاهدون في باكستان وأفغانستان ، وعلى المجاهدين الإكثار من الكمائن والحرص على الإلتحام بالعدو كي يفقد العدو ميزة الصورايخ طويلة المدى ، وفي الإلتحام إرهاب للمرتزقة وتفعيل لأسلحة الثوار واستفادة من معنوياتهم العالية ..


المظاهرات حرام ..

هذه الفتوى لا تقل عن خطابات القذافي في محتواها وفحواها ، تلك التي انطلقت من جزيرة العرب لتستبق الأحداث ولتُغلق الأبواب .. أهل الجزيرة لن يخرجوا في مظاهرات ، ليس بسبب الإستجابة للفتاوى ، ولكن أهل الجزيرة لا يعرفون المظاهرات ، وإن قام أهل الجزيرة فإنهم سيتنادون بالسلاح والحرب المباشرة والإنقلاب والإغتيال ، ليس في قاموسهم شيء اسمه تظاهر .. لا يحتاج أهل الجزيرة إلى فتاوى تمنع المظاهرات ، والذين خرجوا في جزيرة العرب للتظاهر كانوا من الرافضة فقط .. أهل الجزيرة لا يعرفون قوانين دولية ولا محاكمة فاسدين ولا ملاحقة قتلة لتقديمهم إلى قضاء عفن .. أهل الجزيرة لا يعرفون إلا السيف ، وليس لعدوهم غيره ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لقريش يخاطبهم بما يعرفون ويعقلون : "أتسمعون يا معشر قريش ؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح" (حسن : صحيح الموارد 1404) ، فهذه هي اللغة التي يفهمها العرب في جزيرة العرب .. أهل الجزيرة كالأسد القابع في عرينه ، ومتى ما قام الأسد فإنه لا بد يفتك بفريسة ، وحكام الجزيرة يعلمون هذا جيداً ، ولذلك يحاولون قدر المستطاع تخدير هذا الأسد بفتاوى وأموال وملاهي ومشاغل كي لا يحرّك ساكنا ، ويحاولون بشتى الطرق إقناع أهل الجزيرة بأن الحاكم ليس فريسة مستساغة ، ونحن نقول للحكام : إن الأسد الجائع قد يكتفي بالفريسة الهرمة ..


والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ..

كتبه
حسين بن محمود
26 ربيع الثاني 1432هـ

لا فض فوك شيخنا الحبيب
أصبت الحقيقة كعادتك وفقك الله.
 
أعلى