زواج وستمنيستر
وزواج براحة الساحل
كتب عبدالهادي الجميل
تابعتُ صباح الجمعة الماضية، مراسم حفل زواج الأمير”وليام” بالجميلة” كيت ميدلتون”،
ولعل أكثر ما لفت نظري؛ التعقيد الشديد الذي طغى على تفاصيل ذلك الحفل الاسطوري
إلى درجة تحكّم المنظّمين بجميع تصرفات وحركات المدعوّين الذين تحوّلوا إلى ما يشبه تماثيل “مدام توسو” الشهيرة!
عقدتُ مقارنة سريعة بين حفل زفاف الأمير”وليام” في كنيسة”وستمنيستر” وحفلات الزواج التي تتم في البراحة اللي شرقي نادي الساحل.
فبينما كان المدعو في الحفل الأول يصل إلى مكان جلوسه بسهولة ويسر،
كان المدعو لزواج شرقي الساحل يقف أمام باب الخيمة للسلام على طابور طويل من المستقبلين لا يقل عددهم عن 15 صبيا وطفلا مصابون بهوس التقبيل”خشم بخشم”،
فيتنفسون في وجهه،
ليكتشف خلال التقبيل نوع غداء كل واحد منهم
( لحم أو دجاج أو سمك أو مأكولات سريعة)،
ويعرف أمراضهم
( زكام أو حساسية أو ربو أو فشل كلوي)،
وما أن يفرغ من طابور الاستقبال
حتى ينخرط في طابور جديد
يبدأ في منتصف الخيمة وينتهي عند المعرس.
يقبّل المعرس وجميع لابسي البشوت، ويبتعد سريعا ليتخذ له مكانا قصيا كي يريح جسده المنهك.
ما أن يجلس حتى يقف أمامه شخص لا يعرفه، ينظر إليه ببلاهة ثم يمد يده للسلام،
فينظر إليه بحنق وينهض متثاقلا لمصافحة شخص لم يره من قبل و قد لا يراه مرة أخرى في الحياة الدنيا.
يمر به صبّاب القهوة الآسيوي الذي يحمل فنجانا واحدا فقط،
فيطلب منه أن يستبدله بآخر جديد خشية الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي
الذي قد يكون يستوطن أحشاء أحد الـ 300 مدعو الذين شربوا من هذا الفنجان قبل أن يصل إليه.
يماطل العامل الآسيوي في تغيير الفنجان ولا ينصاع إلا بعد أن يطلب منه بطاقته المدنية
كما يفعل الكويتيون عندما يختلفون مع أي وافد من جنسية غير أميركية أو أوروبية.
يبدأ الموجودون برقص العرضة أو” الفرينسي”، فينطلق نحوه بعض أقرباء المعرس لإقناعه بمشاركتهم الرقص،
فيصبح أمام أمرين أحلاهما مر، أما أن يقاومهم فتتسخ ملابسه وتسقط غترته وعقاله خلال الصراع العنيف،
وأما أن ينصاع لهم فيقحمونه إلى جوار شاب سمين ينزّ عرقا من كل بقعة في جسده الدافئ بفعل الرقص الحماسي، فيقوم السمين بوضع رقبة المسكين تحت إبطه، فيشيح بأنفه بعيدا ويضع يديه أمام وجهه لحماية عينيه من غمزات سيوف وخناجر الراقصين المتحمّسين.
لا يتخلص المسكين من كابوس رقصة”السالسا”، إلاّ بعد الإعلان عن بدء العشاء، فتندلع “ثورة الجيّاع” ويمر به كهلان يركضان بسرعة كنعامتين افريقيتين،
فيركض خلفهما فرارا بنفسه لاعتقاده بنشوب حريق في الخيمة، لكنهما يقفزان إلى صحن مستطيل يتمدد فوقه”حاشي”، ولا يستقران على الأرض إلاّ وهما يمضغان اللحم اللذيذ.
يقرر الذهاب إلى البوفية، فيقف في الطابور الذي لا يتحرك، لأن بعض المدعوّين”المشفوحين” وقفوا أمام الأصناف التي يحبونها وطفقوا بالأكل من السخّان مباشرة ودون استخدام الطبق ودون اكتراث بمن خلفهم.
يخرج من خيمة العرس طاويا، فيضطر للذهاب إلى أقرب مطعم. يطلب شطيرتي شاورما بعد تردد وخوف، يأخذهما ويذهب إلى مواقف طوارئ مستشفى العدان، كي يأكلهما بطمأنينة.