دراسة للمحامي مبارك مجزع الشمري:
مدى قانونية مسمى «مقيم بصورة غير قانونية»
مبارك الشمري ما مدى قانونية مسمى «مقيم بصورة غير قانونية»؟ لمعرفة تاريخ نشأة هذا المصطلح لا بد لنا من الرجوع للوراء إلى قانون إقامة الأجانب الصادر سنة 1959 والذي بدأ تطبيقه في بداية الستينات فقد سن هذا القانون لتحديد الكويتيين من غيرهم وتنظيم عملية إقامة الاجانب على أرض الكويت وقد جاء هذا القانون ليستثني (أهل القبائل والعشائر) من قانون إقامة الأجانب فطبقاً لنص الماده 25 فقرة (د) من القانون استثنى «أفراد العشائر الذين يدخلون الكويت براً من الجهات التي تعودوها لقضاء أشغالهم المعتادة» ومن منطلق هذه المادة تبدأ مشروعية وجود البدون على ارض الكويت وجوداً مشروعاً وقانونياً مستفيدين من الفقرة (د) من المادة 25 من قانون اقامة الاجانب.
وقد تعاملت الحكومة الكويتية آنذاك حتى منتصف الثمانينات مع افراد هذه الفئة معاملة الكويتيين واستثنتهم من شرط الإقامة المقررة بقانون إقامة الاجانب وتم إدخالهم للعمل في مختلف وزارات الدولة بمسمى (بدون) مستفيدين من هذا المسمى بكافة الامتيازات التي تقدمها الحكومة لهم من مجانية التعليم والصحة وغيرها من الخدمات.
وفي سنة 1987 صدر تعديل لقانون إقامة الاجانب وألغى الفقرة (د) من المادة 25 وأصبح كل من تواجد بعد هذا التعديل متواجدا بصورة غير قانونية حيث أنه يجب أن يدخل بصورة مشروعة من المنافذ الحدودية ويجب أن يدخل بجواز السفر ، ومن لايحمل أي مستندات يعود تاريخها الى ما قبل سنة 1987 يعتبر دخل البلاد بصورة غير مشروعة وهنا تنطبق عليه صفة (مقيم بصورة غير قانونية) ويكون مخالفا قانونياً ويحال للمحاكمة بتهمة دخول الكويت بصورة غير مشروعة من غير الاماكن المخصصة للدخول وبدون جواز سفر أو ما يقوم مقامه.
والخطأ الذي وقعت به وزارة الداخلية ممثلة في ادارة المرور هو اعتبار جميع افراد البدون مقيمين بصورة غير قانونية، ولا نعلم كيف ابتدعت وزارة الداخلية هذه الصفة لتضعها في خانة الجنسية وأجبرت أفراد هذه الفئة للحصول على هذه الرخصة ، ولا نعلم هل هذا الاجراء خطأ وقعت به ادارة المرور ام هو اسلوب متعمد يراد به الضغط على هذه الفئة مستقبلاً لمنعهم من الحصول على الجنسية الكويتية ؟! وفي كلتا الحالتين يجب ان تعلم وزارة الداخلية ان هذا القرار الذي عملت به هو خطأ قانوني فادح يجب تداركه .
وحيث أن هذه الصفة تخالف الواقع والقانون والاحكام القضائية ، فمن حيث الواقع فقد أثبت أغلب افراد البدون انهم متواجدون بموجب مستندات رسمية تعود قبل سنة 65 واحصاءات رسمية تعود لسنة 65 وما بعدها تثبت وجودهم قبل 65 وهذا يؤكد ان وجودهم مشروع وقانوني مستفيدين من نص المادة 25 فقرة (د) من قانون اقامة الاجانب ومباركة الحكومة لهم ومعاملتهم معاملة الكويتيين بالسابق.
وايضاً ما أكد ذلك رد وزير الداخلية آنذاك سنة 1983 عندما أجاب على سؤال برلماني وقال ان غير محددي الجنسية لا يخضعون لقانون الاجانب حيث ان القانون رقم 17/ 1959 قد استثنى البدون واعتبرهم من (أهل القبائل والعشائر) المنصوص عليه في المادة 25 الفقرة (د) ومن حيث القانون فالقانون واضح فنص المادة 25 الفقرة (د) قد استثنت أفراد العشائر الذين يدخلون الكويت براً من الجهات التي تعودوها لقضاء أشغالهم المعتادة، وهذه الفقرة صريحة تثبت أن من كان متواجدا بعد صدور قانون إقامة الاجانب استثنوا هذه الفئة وهم أبناء القبائل وهم الآن ما يسمون بالبدون استثناء صريحاً ولم يتم تعديله الى سنة 1987 بموجب تعديل هذه الفقرة من قانون إقامة الأجانب ولكن التعديل لم يسر بأثر رجعي لذلك وجود البدون حتى صدور هذا التعديل يعتبر وجودا قانونيا إذا اعتبرناهم من أفراد العشائر والقبائل الذين شملتهم هذه الفقرة .
أما من ناحية الأحكام القضائية فبعد أن صدر المرسوم رقم 20 لسنة 81 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية للنظر في المنازعات الإدارية فقد منعت المحكمة الإدارية بالنظر بالقرارات المتعلقة بإقامة الأجانب ، لذلك لم يستطع أحد من أفراد فئة البدون التوجه إلى المحكمة الإدارية لإثبات وجودهم قانوناً ، ولكن كان هناك القضاء الجزائي الذي أثبت مشروعية إقامة غير محددي الجنسية في أحكام عديدة أثبتت براءة متهمين وجهت لهم تهمة الإقامة بصورة غير مشروعة ودون الحصول على تصريح بالإقامة من الجهة المختصة وقد أخذ هؤلاء المتهمون أحكاما بالبراءة حيث استندت المحكمة أن المتهم من مواليد الكويت ويعمل بها منذ سنة 1959 حتى سنة 1987 تاريخ ضبطه وعلى ذلك اعتبرته من أهل البادية المستثنين. قضية رقم 4910/98 جنح .
وبعد هذا الشرح والتوضيح يتبين لنا عدم صحة ما اتخذته - وزارة الداخلية ممثلة بإدارة المرور - من إجراء تعسفي بحق البدون واستغلال ضعفهم واستغلال هذه الصورة من صور الإكراه يعتبر باطلاً سواء أكان ماديا أم معنويا، وما يمارس الآن لهو صورة من صور الإكراه المعنوي.
وحيث أن رخصة القيادة تعتبر من المستندات التي يجب أن تعطى لكل شخص يقيم على أرض الكويت وهذه الرخصة هي إحدى مطالبات لجان حقوق الإنسان واللجنة الشعبية لقضايا البدون وعلى ذلك يجب أن لا تقوم وزارة الداخلية ممثلة بادارة المرور باستغلال هذه المطالبات الإنسانية وحاجة الناس إليها بهذه الصورة التي لا يقبلها الشرع أو القانون .
وأود أن أوصل رسالة إلى إدارة المرور وإلى اللجنة التنفيذية أن ما قامت به لا يعتبر حلاً لهذه الفئة بل هو ترقيع لهذه القضية وهذا ما حذرنا منه دائما فالحلول يجب أن تكون جذرية وليست ترقيعية، وحيث أن أغلب من ذهب إلى إدارة المرور لاستخراج هذه الرخصة هم من المخالفين وممن لا تتوافر لديهم الاحصاءات المطلوبة .
وأما من هم يحملون إحصاء 65 وما بعدها من الاحصاءات ومتوافرة بهم شروط اللازمة للتجنيس فكلهم ظلموا بهذه الرخصة التي عزفوا عن استلامها أو حتى تجديدها لعلمهم بأنها سوف تجلب لهم الويلات بالمستقبل .
وأوجه كلمتي إلى معالي وزير الداخلية للعدول عن هذا القرار الذي اعتبر جميع البدون مقيمين بصورة غير قانونية سواء أكانوا من حملة إحصاء 65 أو لا، فهذا القرار مجحف بحق أغلب أفراد البدون وهذا تعقيد لقضية البدون وليس بداية حل لها حيث انه خلط الحابل بالنابل واعتبرهم جميعاً مقيمين بصورة غير قانونية.
عضو جمعية المحامين
رئيس اللجنة القانونية باللجنة الشعبية لقضايا البدون
تاريخ النشر : 11 اكتوبر 2008
http://www.aldaronline.com/AlDar/AlDarPortal/UI/Article.aspx?ArticleID=14302