وليد المجني
عضو بلاتيني
حقيقة الإحباط - بالتزامن مع جريدة الكويتية
" فمن رضا فله الرضا ومن سخط فعليه السخط "
تناولت في المقال السابق أهمية تنويع خياراتك في الحياة، وكيف تجعلها
أفضل، بالتركيز على كل ما هو إيجابي، والابتعاد عن كل ما يشعرك بالسلب،
وأوضحت أن التركيز على الإيجاب يورث الإيجاب والعكس صحيح، واليوم
سأتطرق إلى أحد العوامل المهمة، الذي يحيط بنا كمواطنين وله أثر سلبي
في حياتنا، ولو تخلصنا منه سنكون قد قطعنا شوطا كبيرا في إعادة صياغة
هذا المفهوم، ألا وهو الإحباط.
الإحباط هذا الشعور القاسي على القلب، الذي يدفعنا نحو هاوية من الحزن
والاكتئاب والتوتر. في الحقيقة الإحساس بعدم الرضا أو الإحباط المستمر له
أسباب مطلقة عند الإنسان، والأقرب منها لنا ككويتيين هو مستوى التوقع
المأمول الذي فاق مستوى الإنجاز المعمول، أي أن كل ما أتوقعه أن يحدث
من تطوير وتسهيل في مؤسسات المجتمع والدولة ككل، أقل بكثير من
طموحاتي الشخصية، فأشعر بالإحباط وهذا الأمر طبيعي جدا أن تكون لديك
العديد من الملاحظات، سواء في العمل أو في الأداء الحكومي أو البرلماني
أو النهج العام، فكل هذا ضريبة تدفعها الدول الديمقراطية، فالشعوب
الديمقراطية تملك توقعات عالية جدا، ولو قارنت نفسك بالمجتمعات الحرة
مثل أميركا وأوربا وسألت أي فرد في هذه المجتمعات: هل أنت راض عن
الأداء الحكومي؟ سيجيبك: "لا"، ولو سألته مرة أخرى: هل أنت راض عن
مستوى الخدمات العامة في الدولة؟ سيجيبك، بكل تأكيد: "لا"، لماذا "لا"
وهو يعيش في أفضل الدول العالمية، التي تقدم أفضل تشخيص طبي
وإسكاني وتسهيل خيالي لكافة الإجراءات الحكومية؟ السبب بكل بساطة
لأن مستوى التوقع لديهم يفوق مستوى الإنجاز الحكومي، وهذا لا يعني أننا
لا ننتقد أو نبدي وجهة نظرنا، ولكن يجب أن نعترف في البداية بأننا نعيش في
دولة ديمقراطية، منحتنا كل ما لديها منذ الصغر، وحتى الكبر، وأن الوضع
الذي نعيشه بشكل عام أفضل بكثير، مقارنة ببقية الدول - على الأقل
المجاورة - من ثم أضع ملاحظاتي الشخصية من دون أن أكثف من جرعة
التشاؤم، فلابد من تعـيير مسألة ضبط النفس وإجهاض الإحباط الذي يكسونا
من الداخل وولادة أمل وتفاؤل جديد مستمر، من خلال تهيئة النفس
لاستقبال أي عارض أو مشكلة بشكل إيجابي.
الصبر أيضا أحد العوامل المهمة التي تساعد على الحل، والتذكر أن كل
الناس "مبتلون" وانت من ضمنهم، فالله تعالى يبتلي المؤمن في أحب
الأشياء لديه، وتكون كفارة لما سبق، وكذلك استخدام فن التهوين وليس
التهويل، للسيطرة على ضغوطات العمل والشارع العام، وألا تعطي فرصة
للشك أن يتسلل إلى قلبك، وثق تماما أن كل عمل تنجزه له أهمية كبيرة
في تحقيق أهدافك.
يقول المتنبي: "وتعظم في عين الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم"