الم أقل لكم بأنهم جماعة مشبوهة
نشرت جريدة القبس الكويتية أمس مقابلة أجرتها مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، إضغط هنا، تناولت محاور عدة. أشد ما لفت إنتباهي في هذه المقابلة هو محورين تطرق لهما محمد عاكف ضمن حديثه. الأول هو قضية المساعدات التي جمعتها جماعة الإخوان في مصر لقطاع غزة، والمحور الثاني هو مسألة الإتصالات بقيادات الإخوان خارج مصر.
في المحور الأول، وكإجابة على سؤال في شأن إن كان قد طُلب منهم أن يساعدوا في أزمة معبر رفح، قال محمد عاكف ما يلي:
"الشعب المصري تمكن في يومين أو ثلاثة من جمع أكثر من مائتي شاحنة مليئة بالمساعدات، فعندما تحدثنا مع بعض المسؤولين قالوا انهم يسعون إلى ان لا يبقى أي شيء في العريش ورفح حتى عندما يأتي الفلسطينيون لا يجدون اي شيء. ولكن قلنا لهم إن هذه المساعدات سوف تدخل مباشرة إلى غزة. وقالوا لنا اعطوها للهلال الاحمر. فقلنا لهم إننا سنضع شارة الهلال الاحمر حتى يدخل من قدم هذه المساعدات للشعب الفلسطيني إلى غزة، ورفضوا. فنحن الآن نجري مفاوضات".
جماعة الإخوان المسلمين تريد أن تضع شارة الهلال الأحمر، زوراً وبهتاناً بالطبع، لتتمكن كوادرها من الدخول إلى غزة والخروج منها بحجة غريبة عجيبة وهي: "حتى يدخل من قدم هذه المساعدات للشعب الفلسطيني إلى غزة"!!!
أليس هذا أمراً غريباً يدعو إلى التساؤل. إذ أن المفترض أن لا تتعطل مساعدات إنسانية مقدمة إلى شعب جائع تحت حصار بحجة الخلاف على من يدخل. وما هو وجه الإعتراض على دخول كوادر الهلال الأحمر المصري إلى غزة لتقديم هذه المساعدات؟
وما هي الضرورة القصوى أن يقوم كوادر الإخوان المسلمين إلى الدخول إلى غزة والخروج منها، بعد أن يضعوا على صدورهم شارة الهلال الأحمر وهم ليسوا منها، إذا كان المقصود فقط هو تقديم هذه المساعدات للشعب الفلسطيني؟!!
أليس هذا أمرٌ يدعو للغرابة والشك والريبة؟
أليس غريباً ومثيرٌ للريبة أن يقبل مرشد الإخوان المسلمين بتطويل أمد معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، لا لشيء، إلا لإصراره على التفاوض وإن طال الأمد ليدخلوا هم، وليس غيرهم، إلى غزة؟
أما المحور الثاني فهو طريف من جهة، ومن جهة أخرى يبين لنا إلى أي مدى هذه الجماعة تتخذ من التدليس والتلون على الناس ديناً سياسياً لا شائبة فيه. بعد تحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم، تولد عند الكويتيين شعوراً طاغياً بالنفور من جماعة الإخوان المسلمين بسبب مواقفهم من قضية تحرير الكويت وعلى أكثر من محور. وكوسيلة سياسية من جانب الإخوان المسلمين فرع الكويت لتخفيف الضغط الشعبي الهائل الذي جوبهوا به من جهة، ومن جهة أخرى في محاولة منها لكسب الشارع الكويتي سياسياً في سبيل التمثيل البرلماني لكوادرهم، قامت جماعة الإخوان بتأسيس الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) في سنة 1991 بعد أشهر قليلة من التحرير. وفي سبيل إيهام الشعب الكويتي بأنهم قد قطعوا صلتهم بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، أعلنت كوادر حدس تجميد عضوية الفرع الكويتي فيها وأنه لم يعد يربطهم بها أي شأن يذكر. إلى هنا والأمر يبدو لأول وهلة طبيعياً. ولكن ما جعلني أضحك في البداية عند قراءة محاور المقابلة لمرشد الإخوان المسلمين، هو إجابته التالية على سؤال يتعلق بالولاية العامة للمرأة:
"فمنصب عضوية مجلس الأمة أو البرلمان ليس بولاية عامة، فالإخوان المسلمين كان لهم رأي في ذلك منذ عام 1994 وقد صدر في كتاب وهي أن المرأة تتولى كل شيء ومن حقها ان تترشح وتنتخب، وأتى الكويتيون ليقولوا "لا"، وعلى رأسهم "بوبدر"، علي عبدالوهاب المطوع رحمة الله عليه، ولقيت أنه صرح بهذا، فإتصلت عليه بالتلفون وقلت له عليك أن تعلن رأي الإخوان المسلمين أولاً وبعد ذلك رأي الكويت، على إعتبار أنه رأي جماعة الإخوان المسلمين في الكويت وصدق وعمل ذلك".
عزيزي القارئ، لاحظ هنا صيغة الأمر: " عليك أن تعلن رأي الإخوان المسلمين أولاً وبعد ذلك رأي الكويت".
لاحظ، رأي الإخوان أولاً، ثم بعد ذلك الكويت. ووجه الصدمة أن علي المطوع رحمه الله "عمل ذلك".
ولا حظ أيضاً ما توحي به عبارة "وأتى الكويتيون ليقولوا لا".
إن جماعة الإخوان المسلمين هي أشد خطورة على الشأن الكويتي الحالي من أي خطر داخلي آخر. إنهم يأتمرون بخط وفكر أيديولوجي يُرسم لهم من خارج حدود دولة الكويت. وهل بعد هذا التصريح تصريح؟
هنيئاً لكل من أعطى صوته لأحد كوادرهم في إنتخابات عامة.
هنيئاً لحكومة الكويت دخول هؤلاء في مراكز القرار العليا كوزراء ومستشارين.
هنيئاً لنا جميعاً مطالاباتهم المتكررة لإقرار الأحزاب كمدخل إلى الهيمنة على السلطة التنفيذية في الكويت.
وهل بعد الكفر كفر؟!!
فرناس