ابتسامات العيد

ابتسامات العيد

 

منذ اعلان هيئة الرؤيا أن غدا عيد وأنا أُقلب أفكاري وأغازل مزاجي لكتابة مقال ، وكيف لا والمزاج كالحسناء يحب أن تناديه وتلاطفه وتبين له شوقك وحينها ربما يشعر بك ويأتيك!

 

فكرت ماذا أكتب هل أكرر المنهج الكتابي لأدباء هذه الأيام ، فهو يجترون أفكار القدماء ويعيدون عرضها علينا بأسلوب كقولهم عيد بأي حال عدت يا عيد ثم تبدأ حفله تعكير مزاج صباح العيد بأحزان الأمة وأسباب التخلف ويكمل خطيب العيد المأتم بخطبة عن آداب العيد ونواهي الشرع في يوم العيد فيصير الإحساس بعد قراءة المقالات وسماع الخطبة كشعور سجين في سجون الدنمارك الفارهه سجن جميل دون حرية.

 

قلبت الأفكار وأطلقت العنان لها فصارت تحوم بحثاً عن فريسة ، والأفكار كالصقور لها عيونٌ حادة ما إن ترى الطريدة تنقض عليها وتجعلها في خبر كان! كنت قد كتبت مقالاً في أعوام مضت عن دموع العيد سطرت فيه أسباب تصنع الفرح ولماذا نفرح وقلوبنا مكلومه وحال المتصنعين يوم العيد وحاولت أن أكتب بلسان حال الكثيرين ممن يجدون في العيد غير السعادة وكان لهذين البيتين من الشعر السبب في تحويل المقال لدموع تنهمر يوم العيد لا أعرف الشاعر لكن القصيدة أحفظها من قديم:

وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُـميا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقترباهَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمـسِ تملؤُهُبِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا

 

أرسل العيد تبريراته وفند أسباب التعاسة يوم العيد حين قال السعادة حالة عقلية ونفسية يستطيع كل انسان الحصول عليها يوم العيد بأن يقرر بأن يكون مسروراُ ويتذكر جمال الأنس ولحظات السعادة ونصف الكأس الممتليء فأتعس البشر في العالم مرت عليه لحظات بهجة وحبور ، وهنا اقتنص عقلي هذه الفكرة سأجعل من مقال العيد مواقف ترسم ابتسامات على شفاة القراء أحداث ظريفة تضحكم منها ما وقع لي ومنها ما وجدته في الكتب فهاكم بعضها.

 

 

حينما تأتي النوادر والطرائف فإن جحا يتصدر الظرفاء في تاريخنا يروى أن جحا سئل يوماً عن أيهما أكثر فائدة الشمس أم القمر ؟فقال : القمر أكثر فائدة من الشمس ، فالشمس تطلع نهاراًَ والدنيا نور ، أما القمر فإنه يبزغ ليلاً وينير الدنيا . فهو أفضل من الشمس.

 

وللبخلاء دور رسم الابتسامات كلما اطلعنا على تاريخهم فيقال أن أحد البخلاء سأله جماعة من ندمائه: اننا نخشى أن نقعد فوق مقدار رغبتك , فلو جعلت لنا علامة نعرف بها وقت استحسانك لإنصرافنا , فردّ قائلا : علامة ذلك أن أقول , يا غلام هات الطعام!!

 

ومن نوادر اللصوص في تراثنا أن لصوصا غزو قوما فرأوا غنما من بعيد فقال كبيرهم : اللهم ان كان في سابق علمك أن أكون خليفة فاسقنا من لبنها-أي الغنم- فلما وصلوها واذا هي تيوس!

 

والأديب الأريب على الطنطاوي ذكر قصة سمعها في زمانه وهي أن سائق حافلة في منتصف القرن الماضي كان في رحلة بين مدينتين والطرق في ذلك الزمان غير معبده فأوقفه على الطريق أحد البدو وطلب منه الركوب وكانت الحافلة ممتلئة فتمت الموافقة على ركوب البدوي فوق الحافلة وكان من ضمن العفش تابوت من الخشب خالياُ فأمطرت السماء فلم يجد البدوي بداً من دخول النعش والاحتماء به من المطر وحينها نام وفي هذه الأثناء أوقف السائق بدوي آخر يطلب الركوب فأجاب طلبه وألحقه بصاحبه فوق الحافلة وحينما صعد لم يجد أحداٌ واستوحش من التابوت المربوط فجلس بعيدا وسارت الحافلة وكان لمحركها صوت مرتفع أزعج البدوي النائم داخل النعش فمد يده خارج التابوت ليتأكد إن كان المطر قد توقف وحينما شاهد ذلك البدوي الثاني قفز من الحافلة هلعاُ ظناٌ منه أن الميت قد عادت له الحياة فمات في لحظته!

 

ومن الطرائف التي حدثت معي كنت أزور الحرم في ليلة سبع وعشرين والزحام شديد جدا وأمامي شيخ كبير من أهل المغرب يردد "اصبر ولك الجنة" يبث الحماس في صفوف المصليين الذين يحاولون دخول الحرم ، وكرر ذلك كثيراً وأنا لا ألومه فالناس كأمواج البحر المتلاطم واستمر يقول " اصبر ولك الجنة" واكثر من قولها حتى التفت عليه شيخ آخر وهو غضبان فقال له "اسكت ولك الجنة"

 

واختم الابتسامات بموقف حصل بين أديبين عظيمين فعندما مرض الرافعي من امساك اصابه عاده شاعر النيل حافظ ابراهيم فقال :اخذت مسهل؟ قال نعم ملح انجليزي قال:هل خرّجت قال : لا وهل الانجليز  يخرجون بسهوله!!

 

افرحوا في العيد اسعدوا الأطفال خذوهم لأماكن الترفيه ابتسموا في محايهم لا تكدرو خواطرهم تغاضوا عن تصرفاتهم لا تضربوهم ولا تعنفوهم فهذا اليوم يومهم الله الله بهم،ابتسموا في وجوه الآخرين ادخلوا السرور على قلوب الخدم بالعيدية والابتسامة وأخذهم معكم لأماكن التنزه واللعب فمن حقهم أن يفرحوا ، لا تنسوا الفقراء أعطوهم مما زرقكم الله فإن لم تجدوا فكونوا لطفاء في ردهم ، اشيعوا ثقافة الفرح والسعادة اليوم علها تكون عادة.

 

تذكروا مقوله أوغست كونت "لكي تحتفظ بالسعادة عليك أن تتقاسمها مع الآخرين"

 

كل عام وأنتم بخير
 

نسج الورود

عضو مخضرم



الأخ الكريم عبد الرحمن

كل عام وأنتم بخير

شكرا لسلك حروفك مسلك الإبتسامة في العيد

وإلا أحزان الأمة مجرورة في قلوبنا بالفطرة

شكرا
 
أعلى