قضية البدون: لن تحلّها المماطلة ولن يعالجها الزمن!
كتب أحمد الديين
الزمن لا يحلّ القضايا الكبرى والمشكلات العامة، وإنما يؤجلها وربما يفاقمها، أما المماطلة فإنّها تزيد هذه القضايا والمشكلات المؤجلة تعقيدا وصعوبة... وكمثال ملموس على المماطلة الحكومية في حلّ قضية البدون لن أعود إلى التصريحات الصحافية المتكررة التي سبق أن أطلقها المغفور له الشيخ سعد العبدالله عندما كان وزيرا للداخلية والدفاع ونشرتها جريدتا “أخبار الكويت” و”الرأي العام” في العام 1966 وأكّد فيها - غفر الله له - قرب تجنيس الجيش والشرطة، بل يكفي أن أعود إلى تصريح شهير لرئيس مجلس الوزراء الحالي الشيخ جابر المبارك عندما كان نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية والدفاع سبق أن نشرته الصحف المحلية وبينها “القبس” في عددها الصادر يوم 13 أكتوبر 2006 عندما قال “إنّ الحل الجذري لمشكلة البدون يختلف عما قُدِّم لهم من خدمات إنسانية... وإنّ هناك خططا ومشاريع لحلّ هذه المشكلة حلا جذريا وإنهاء معاناة إخواننا البدون”... ومضت السنون وليس هناك من حلّ جذري، وإنما هناك بالتأكيد مَنْ يحزنون!
وربما راهن البعض على سياسة الضغط المنهجي غير الإنسانية التي مارستها الحكومات المتعاقبة للسلطة منذ 1986 لإجبار “البدون” على الكشف عن هوياتهم الأصلية وتوّهم أنّ هذا هو سبيل التخلّص من عبء حلّ هذه القضية... ومع أنّ هناك بالفعل مَنْ عدّل وضعه تحت ذلك الضغط الذي لا يُحتمل، بما في ذلك حالات اللجوء إلى الخارج وشراء جوازات مزورة بعلم الحكومة من دول أفريقية وأميركية لاتينية، إلا أنّه مع ذلك كله وعلى الرغم من الحرمان والقسوة وسوء المعاملة التي عانتها الغالبية الساحقة من “البدون” في ظل سياسة الضغط المنهجي الحكومية غير الإنسانية المتبعة طوال ربع قرن، فإنّه لا يزال هناك عشرات الآلاف الذين بقوا متمسكين بوضعهم القائم، وذلك لسبب واضح وهو أنّه لم يعد أمامهم من خيار أو بديل غير البقاء في الكويت التي ولدوا على أرضها وارتبطوا بها وليس لديهم وطن آخر سواها، خصوصا أبناء الجيلين الثالث والرابع من “البدون”.
أما العنصريون فلا يتورع بعضهم عن الحديث حول حماقة الإبعاد الجماعي لهؤلاء عن الكويت، وهذه الحماقة لا يمكن أن تتحقق عمليا، ناهيك عن كونها مرفوضة إنسانيا ومدانة دوليا، ولن تجلب سوى المزيد من الإساءة!
باختصار، هناك قضية إنسانية معلقة منذ عقود عديدة وسنوات طويلة لابد من حلّها حلا جذريا، وهو حلّ يجب أن يكون حلا إنسانيا عادلا وناجزا، ولم يعد ممكنا تأجيل هذا الحلّ أكثر مما جرى تأجيله... وفي ظني أنّ الحلّ الواقعي والموضوعي والأنسب لهذه القضية يتمثّل في ما طرحه “التيار التقدمي الكويتي” على لسان المنسق العام الزميل ضاري الرجيب في تصريحه الذي أطلقه من موقع الحدث في “تيماء” مساء الجمعة، ومؤداه إنّ المطلوب هو “تبني سياسة جادة واتخاذ إجراءات عملية لمعالجة مشكلة غير محددي الجنسية (البدون) وفق قواعد واضحة انطلاقا من اعتبارات إنسانية واجتماعية وتنموية وبعيدا عن المعايير العنصرية، وذلك بمنح الجنسية الكويتية لحملة إحصاء 1965 والذين ولدوا في الكويت وتلقوا تعليمهم واستقروا فيها وليس هناك موطن آخر يمكنهم الانتقال إليه، مع ضرورة إقرار الحقّ الدستوري في الجنسية لأبناء المواطنات الكويتيات تطبيقاً لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل وفقا للدستور، مثلما فعلت أخيرا دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك الإقرار بحقّ الجنسية لأسر الشهداء والأسرى، واستيعاب الكفاءات والأيدي العاملة الماهرة، وانضمام الكويت إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بعديمي الجنسية، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان”.
علينا أن ننجز الحلّ الكويتي لهذه القضية، وذلك قبل أن يُفرض علينا من الخارج حلّ دولي... ففي عالم اليوم لم تعد قضية حقوق الإنسان شأنا محليا بحتا لا يجوز التدخل فيه، وإنما أصبحت حقوق الإنسان شأنا إنسانيا عاما، ناهيك عن إمكانية استغلال الدول الكبرى لهذا الشأن الإنساني في تبرير التدخّل في شؤون الدول الأخرى؛ بما يناسبها من ترتيبات إقليمية وما تريد تحقيقه من أهداف استراتيجية... والكويت لن تكون استثناء!
ahmad.deyain@gmail.com
http://www.alamalyawm.com/articledetail.aspx?artid=207551. التعليق:الحكومة تتحمل مسؤلية تفاقم قضية البدون واكبر تصريحات مسؤلين ورؤساء الحكومات المتعاقبة علي مدي 50سنة والبدون ناس ابرياء لاذنب لهم سوا انهم ولدو وتربو وعاشوو بظل بلدهم الكويت واقسم بالله العظيم ان البدون اولي من الكثير من الحاصلين علي الجنسية وولائهم للدينار