إبتهال الخطيب خرجت علينا في برنامج الأخ الفاضل { اللي ضغطها وهي تضحك } تركي الدخيل .
هناك تكرار لنفس الشبه ونفس النمط الفلسفي في محاورة الآخر ونفس الطرح الفكري , بمعنى آخر شنشنة نعرفها من أخزم .
تحدثت الدكتورة بأنَّ هناك دكتور سلفي أرسل لها رسالة يزجرها بسبب آرائها وأطروحاتها , وأقول الدعاوى إن لم تُقيموا عليها بيناتٍ أبناؤهنَّ أدعياء .
فهناك فرق بين السلف وبين الحركات التي تتزلف لمسمى السلف , بل حتى جبهة الإنقاذ التي قام بالإنكار عليها أكابر العلماء كإبن باز رحمه الله وكذلك الشيخ ناصر الدين الالباني رحمه الله وغيره من علماء السلف , هذه الجبهة تقول أنا سلفية !
فالقضية ليست مسمى فقط , فكلٌ يدعي وصلاً بليلى أيتها الفاضلة , ثم من هذا الدكتور الذي أبهمتم اسمه وقلتم دكتور سلفي وكفى !
وإن سلمنا أنَّ دكتوراً بهِ لوثة وإرتجاجاً في المخ أرسل لكِ يزجركِ ويتشدد برسالتهِ لكِ , فهل هذا يُعتبر دليلاً كافياً على إدانة الطرف الآخر الذي يحاول أن يتحدث بلسان العلم الشرعي وحكم الله في خلقهِ .
الأمر الآخر , عندما أقول شنشنة نعرفها من أخزم , فأنا أعني ما أقول , الإسلام والحكم الشرعي يُسبب تأخر للتطور والتقدم :
لا أعرف كيف يُربط هذا بذاك ! هل هناك نصوص شرعية تثبط عزيمة المسلمين وتدعوهم للتخلف ؟
هل هناك آية مثلاً تدعو للتشرذم مع العلم بأنَّ مقاصد الشريعة تدعو إلى التجمع والتكاتف والتعاضد على حبل الله وعلى العروة الوثقى .
عندما نقرأ مثلاً في التاريخ نرى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من أدخل الخطة الفارسية على جزيرة العرب في الحرب عن طريق حفر الخندق الذي تفاجأ بهِ مشركوا العرب ومن شايعهم !
وهذا في الجانب العسكري , ثم نأتي إلى جوانب أخرى , لنرى دولة بني أمية كيف وصلت وإلى أي نقطة ! تخيلوا معي أيها الأفاضل , هل تعلمون أنَّهم وصلوا إلى فرنسا !
وسادوا أسبانيا والبرتغال لأكثر من ثمان مئة سنة { واللي مو مصدق يشوف زقم اللاعب راؤول } ؟ وكانت الأندلس تعج بالحضارة والتقدم والعلماء بشتى أنواع العلم وكلهم مسلمون !؟
ألم يعلموا أنَّ أولئك الغرب استعانوا بكتب علماء المسلمين ليحاولوا تحصيل العلم عن طريقهم !
ألم يعلموا أنَّ الله قال { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهبون بهِ عدو الله } وفي هذه الآية دعوة صريحة للإعداد والتقدم .
وفي قولهِ { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس } وهذه سورة الحديد شاهدٌ على ما أقول وتبيِّن أنَّ الدين دعوة للإهتمام بالمعادن والتقدم والتطور .
وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال { خير الناس أنفعهم للناس } وفي ذلك دعوة صريحة لمنفعة الناس والابتكار .
إذاً مسألة الإسلام لا يدعو للتقدم هذه سقطة وتكرار ليس بجديد .
بل لو نظرنا إلى السيرة لرأينا استغلال النبي لقدرات الصحابة وكيف كان يوجهها , حتى القبلية والعصبية القبلية وجهها النبي صلى الله عليه وسلم توجيها ينفع بها دولته .
لذلك هذه الفرية التي دندنت عليها الدكتورة إبتهال كما أسلفت شنشنة قديمة , وهذه يغرق فيها مؤلفات القوم .
لو نظرنا أيضاً إلى دولة الوليد بن عبدالملك , أو ربما هشام لا يحضرني من بالضبط , ولكنَّه أحدهما , لم يملك أحدٌ على وجه البسيطة كما ملكوا , وصل أوسع اتساع للملك وأقوى تقدم حضاري واقتصادي وسياسي في عهدهما , فلا الدولة الرومية ولا الفارسية ولا غيرها ملك كما ملك هشام بن عبدالملك .
الشنشنة الثانية :
الدين الإسلامي دين روحاني , لا يتعدى الجانب الروحي فقط , تقول هذا الكلام لكي يتم تحديد وتنحية الدين تماماً من الحياة , والحياة الإنسانية التي قال عنها ربنا { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } .
طيب هي تقول الدين جانب روحاني , طيب وماذا نفعل بكتاب البيوع التي ورَّثه ديننا , ماذا نفعل بتحريم الربا والاحتكار وتلقى الركبان { تلقى الركبان بمعنى أن يبيع التاجر لشخصٍ جاهل لا يعرف حالة السوق وليس من أهل المدينة } وماذا نصنع بالأوامر الكثيرة التي أمرنا بها ديننا كإماطة الأذى عن الطريق وكطاعة ولي الأمر وغيرها كثير وكثير , أليست هذه كلها جوانب محسوسة وملموسة وتنظيمية لحياة الإنسان .
أتدرون ماذا نفعل , نضع ذلك خلف ظهورنا كما فعلت بنو إسرائيل , ونأخذ برأي السامري !
الشنشنة التالية , كبت الحريات :
يظن البعض أنَّ الحماقة حرية , ويظن البعض أن السفه حرية , لا أعرف كيف يُصنف البعض التطاول على الذات الإلهية , هل تُعتبر حرية !
المشكلة أتعلمون ماهي ؟ المشكلة باختصار أننا لسنا أحرار فعلاً , والحرية عندنا بمقدار .
لأطرح لكم مثلاً بسيطاً , ما الذي يمنع الابن من أن يخرج من البيت رغم أمرِ أبيه لهُ بالبقاء ؟
من منطلق الحرية لا يحق للوالد أن يمنعه , فللشاب الخروج وإن قال الوالد لا تخرج .
ستقولون أنَّ الوالد سبب وجود الابن في الدنيا , فهو من مائه ومن ظهره فلا يحق للإبن أن يتصرف كما يشاء إلا أن يشاء الأب , فيأمره الابن فيما يستطيع ويطيع .
طيب الإشكال الآن أن سبب نشوء الكون برمته وأنت فيه يا فلذة كبدي هو الله مسبب الأسباب ومنشئ السحاب , وخالق آدم من تراب .
فهل يحق لهُ أن يفرض عليكَ ما يُريد كونه خلقك في أحسن تقويم , وهل يحق لهُ أن يسميك عبد لهُ في الدنيا والآخرة !؟
جواب العاقل نعم , فلذلك لا يوجد كبت حرية , إنما هي أوامر إلهية , لسنا نفرضها على أحد , بل نتخذ السُبل والطُرق القانونية لترسيخها وتثبيتها كقانون للدولة المسلمة يلتزمه الجميع .
فالدستور لا ينفك على الشريعة ولا يغادرها ويستعين بها كمادة من المواد الرئيسة .
فلماذا تظن الدكتور منع الكريسمس هو كبت للحريات , المفاجأة أن تركي الدخيل قال { وأنتم شتبون باحتفالات الكريسمس يعني ماهي الفائدة لكم منها , وهل المسيح يحتفلون بأعياد المسلمين ! الكلام بالمعنى } , فضحكت , وكلما قام بإحراجها ضحكت , وما أغرب الدكتورة الفاضلة !
الأمر الآخر , هل تحتفل الفاتيكان مثلاً بعيد الأضحى وتقوم بتوزيع عبوات الرغوة على أطفالهم , تخيل معي { لو يطق بابا الفاتيكان الإحرام في الأشهر الحُرم , ويقول بروح أشارك المسلمين فرحهتم , ومعاه خروف نعيمي على كيفك يبي يضحي فيه , يعني تعتقدون الأمر طبيعي } ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) .
تدرون إيش مشكلة القوم , مشكلة بسيطة , الهروب من القديم , يا أفاضل ترى كل الإشكالية التي وقع فيها الكثير سواءً حركات إسلامية أو حركات فكرية تحررية كلها تجتمع في دائرة { الهروب من القديم } .
يسألنا أعزائي ما هو الهروب من القديم , هو الهروب من فهم الأكابر الفضلاء الجهابذ الأصفياء , الهروب من الصحابة الذين فَهِموا القرآن والسنة , ستدخلون معي في سجال تاريخي , أقول اختلافهم لم يكن يوماً في فهم النصوص بقدر ماهي في مسألةٍ واحدة , دم عثمان , وهذا حديث يطول لا أريد الدخول فيه , وكانوا بشر يصيبون ويُخطئون , ولكن الكلام على نقلهم للأحاديث وإجماعهم , وإعمال العقل لفهم ما فهموه إجماعاً وآحاداً.
ولكن يبقى فهمهم للكتاب والسنة واضح نعرفه بنقلهم كابراً عن كابر .
فلذلك لماذا نهرب من القديم الذي رفعهم وسادوا بهِ , كلنا يعلم كيف كانت دولة الإسلام من قبل , كيف سادت وازدهرت بالعلم وبالثقافة والحضارة , أدخلت حضارتها إلى قلب أوربا , طريفة تلك الجزيرة التي لازال اسمها طريفة في أسبانيا على طريف بن مالك ذلك القائد المسلم .
مشكلتنا لا نقرأ التاريخ , لا نعرف ما يُحاك لنا , بالله عليكم أليس لكل فعل ردة فعل , ماهي ردة فعل أوربا تجاه التسلط الكنسي غير الحرية التي ينادون بها حتى تبلور وصدرت إلى بلادنا تجاه التسلط الاخواني التكفيري والصوفي والرجوع إلى الوراء .
أين أنتم من الكتب والقراءة بحيادية , أين أنتم من الدين الصافي , قد أقسم ربي { ومن أصدق من الله حديثا } بحفظ هذا القرآن فكانت رسالته خاتم الرسالات , وقال أكملت لكم دينكم , فغير معقول أن يكون الدين بهذه الصورة التي ينقلها المغالين , وليس من العدل تطاول القالين , فنحن بين غالٍ وقالٍ !!!!
كاتبه / عبدالله بن خدعان المطيري