استغلال صلاحيات الدولة.وانتزاعها : مشعل الصباح

استغلال صلاحيات الدولة.. وانتزاعها : مشعل مالك محمد الصباح


“الشرعية”.. كلمة مشتقة من الشرع، أي ما يتفق مع الشرع، وتستخدم حديثا بمعنى “خلع الصفة القانونية
على شيء ما”، فالشرعية الدستورية هي أن يكون الدستور هو القانون الأسمى وهو المرجع لتحديد صلاحيات واختصاصات مؤسسات الدولة والقائمين عليها، بحيث تصبح جميع المؤسسات والقائمون عليها خاضعة للدستور، تعمل في إطاره ولا يخرج عليه أحد بأي حال من الأحوال، والدولة نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة ومكونة للمؤسسات. والدستور يتم وضعه من قبل سلطة مؤسسة وهي سلطة الشعب، لذلك تظل سلطة الشعب أسمى وأعلى من جميع السلطات.
والشرعية السياسية هي المتعلقة بتوقيت وأسس وكيفية ممارسة الحكومة للسلطة الشرعية في المجتمع ومدى اكتساب هذه الشرعية من الشعب، أي في جميع الأحوال الشعب هو الأساس وكل من يقوم على السلطة ما هو إلا عامل عليها لصالح صاحبها الأصيل وهو الشعب.
وكلمة “المشروعية” في حد ذاتها تعتبر صفة لكل ما يؤسس على القانون والعدالة، أي أن كل من تولى منصبا قياديا.. سياسيا أو إداريا أو غيره، لا يعمل إلا وفقا للصلاحيات التي تتوافق مع القانون والدستور، وفي نفس الوقت هو مسئول بنص الدستور والقوانين عن فشل أو نجاح العمل الذي يقوم به.
ولكن هل الصلاحيات التي تمتلكها مؤسسات الدولة وفق القانون يمكن أن تستغل في غير مكانها؟! بالطبع هذا تحايل على القانون والتفاف على المبادئ الدستورية، لأن جميع الصلاحيات التي تمتلكها الدولة يجب أن تسخر وتوجه لخدمة المصلحة العامة وتوظف في مكانها الصحيح، ولكن الواقع كأننا نخترع أنظمة جديدة في إدارة البلاد وكأن المسئولين يضعون لنا نسقا وميثاقا اجتماعيا ما أنزل الله به من سلطان، ألا وهو انتزاع صلاحيات الدولة المخولة بها وفق الدستور لصالح اشخاص معينين في السلطة يستغلونها كما يشاؤون بعيدا عن الدستور والقوانين.
فكل مسئول في السلطة يتولى منصبا يتخذه أداة لتحقيق المصالح الشخصية، فيخدم وفق الصلاحيات المخولة له أفرادا بعينهم ويهمش آخرين، ويقدم الامتيازات لأشخاص بعينهم ويحرم من سواهم.. هذا هو الطابع العام لمسئولي السلطة التنفيذية الذين لا يقيمون وزنا لقانون أو مبادئ.
إن الاختيار من الأساس مبني على مبدأ الولاء والمصالح وحماية بعض المستفيدين في الدولة.. ومن أجل ذلك جاءت هذه الحكومة، ولو أنها جاءت نابعة من الشعب ومعبرة فعلا عنه لما تركت أصحاب المصالح والمستفيدين الفاسدين يعبثون بثروات البلاد، ولكنها تغض الطرف عنهم وفي نفس الوقت تسخر كل ما تملكه من صلاحيات في خدمتهم.
جميع مؤسسات السلطة التنفيذية يحتاج إلى هيكلة.. جميعها يحتاج إلى إعادة بناء.. جميعها يحتاج إلى تطهير، ولكن لا يستطيع أحد أن يجرؤ على فعل ذلك.. لماذا؟ لأن هؤلاء هم الصف الحقيقي الذي يؤمن ظهر المستفيدين واصحاب الاهواء الشخصية، وهم الذراع الحقيقية التي تحول جميع إمكانات الدولة لخدمة بعض الفاسدين الذين يعملون في الخفاء بعيدا عن الشرعية، ولذلك لا يجرؤ أحد من الوزراء على تغيير أي من كلائه أو مديريه لأنه ليس إلا صورة في منصبه لا يمتلك منه شيئا.
ماذا يعني وجود مؤسسات ذات طبيعة خاصة في الدولة، تدير نوعا من المصالح مع أصحاب المناصب في السلطة التنفيذية وغيرها، ومع بعض المواطنين، في نطاق خارج على القانون مثل الديوان الأميري الذي يتبنى ممارسات الهدف منها إحكام التدخل في شئون السلطة التنفيذية وإدارة البلاد من مؤسسة واحدة دون إشراك المؤسسات الاخرى في اتخاذ القرار؟.. وفي نفس الوقت نجد أنه بعيد عن المحاسبة، فلا أحد يسأله عن عدد القسائم التي تخصص له، وإلى من يهديها، وبكم يبيعها، وفيما يستغلها.. كل هذا يتنافى مع المبادئ العامة التي تتطلب الحفاظ على المال العام، بخلاف ما يقوم به من دور رقابي غير قانوني على وسائل الإعلام.
لا يمكن تحقيق أي إصلاح دون هيكلة مؤسسات الدولة والوقوف من جميع المؤسسات بما فيها الديوان على مسافة واحدة ، وإقصاء كل من تورط في التعاون مع لوبي الفساد الذي أغرق البلاد، والرجوع إلى الشرعية الحقيقية التي تنبع من الشعب والتي هدفها الأول والأخير خدمة الشعب، ويجب ايضا التصدي لكل منتزع لصلاحيات الدولة حتى لو كانت مؤسسة ذات طابع خاص، والتصدي لكل مستغل صلاحيات الدولة لمصالحه الشخصية وكأن ما استولى عليه من مناصب ميراث يجب عدم التفريط فيه.. فيجب إعادة الأمور الى نصابها الصحيح ولو كره المستفيدون.. منتزعو صلاحيات الدولة.

http://www.almustagbal.com/?p=58987
@meshalmalek
 
أعلى