للحور محبين
عضو بلاتيني
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ؛ أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، ألا وإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون). (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا). (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) .
أما بعد :فقد وقع بين يدي كتابان لدعيين من أدعياء السلفية - والسلف من أقوالهما براء- أحدهما بعنوان: السلفية النقية وبراءتها من الأعمال الردية ، والآخر بعنوان: السلفية براء مما حدث في الزرقاء ، يتحدثان فيهما عما جرى في الزرقاء قبل عدة أسابيع ، وقد أفرغا فيهما من صديد جهلهما ، وقيح حقدهما ، من غير تثبت ولا استقصاء لما جرى ، لا أقول من الطرفين ولكن من طرف محايد على أقل تقدير ، ولكن أنى لمن فقد العدل أن ينصف مخالفيه ، وقد حاولا بزعمهما توضيح المنهج السلفي النقي الذي هما جحدوه ؛ عن غيره من منهج ( التكفيريين) تلبيسا وتزلفا ، فلما ادعوا ما ضلوا عنه من المنهج القويم ، ورموا أهل السنة بالبهت من الخروج والتكفير ؛ آليت على نفسي أن أذب عن إخواني من الجهاديين الذين هم السلفيون الحقيقيون رغم أنف المخذلين المنبطحين للطغاة ، وأبين ضلالات هؤلاء القوم وأكاذيبهم ، فأما الأول - وهو علي حلبي- فهو معروف عند جميع الجماعات الإسلامية في هذا البلد المبارك بأنه حذاء للطغاة يلبسونه متى أرادوا ويستعملونه متى شاءوا ؛ للطعن في دعاة الحق والتغيير ، فالجهاديون عنده تكفيريون ، والإخوان حزبيون أفراخ للمعتزلة ، ولكل مخالف لرأيه وشخصه له نصيب من نبزه بأشنع الألقاب ، أما الطغاة فأولياء الأمور ، لهم حق الطاعة حتى ولو أبادوا شعوبهم ، ولقد سمعناه جميعا وهو يتحدث على القناة الليبية الرسمية ناصحا الشباب الليبيون بأن يعتزلوا الفتنة بزعمه ، وأن يكونوا أحلاس بيوتهم . أما على قناة القرآن الكريم فقد صال وجال في عرض المسلمين الغائبين ، ووصفهم بأن الإسلام بريء منهم ، وأنا أسال : أليس هذا تكفير ضمني لهم ؟! ومما زاد الطين بلة أن المذيع قد وصفه بالدكتور من غير أن يصحح له ورسول الله يقول :"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور". يا علي أما إن كانت الدكتوراه التي حصلت عليها في التدليس والكذب والسرقات والنفاق فهذا صحيح ، ومن كانت هذه صفاته فهو أقل من أن نتعب أنفسنا ونضيع مداد أقلامنا في الرد عليه ، فكل عاقل يعرف حقيقة هذا الدعي ، أما الإمعات وجهلة المقلدة فلو أتيناهم بملء الأرض أدلة لم يقتنعوا ، أما الثاني - وهو مشهور حسن - فهو يملك من الخبث أكثر من صاحبه لأنه يتدثر بزي العلماء ويحاول أن يرد بأسلوب علمي بعيدا عن الشتائم والبهتان ، ولكنه في هذا الكتيب قد أكد للقارىء مدى قلة بضاعته في فقه النوازل ومسائل الجهاد ، كما سأبين في هذه الورقات إن شاء الله ، وبما أن هذا الدعي قد دس في هذا الكتيب شبها بعينها فسوف أكشف خطأ قوله وفساد مذهبه مقتصرا عليها فقط ، من غير أن أتطرق إلى ضلالته هو ومن على شاكلته في أبواب الإيمان والحاكمية لأن لكل مقام مقال.
أما الشبهة الأولى فقوله عن أهمية الأمن وأنه رأس كل النعم . واستدل على ذلك ببعض النصوص المطلقة التي تتحدث عن نعمة الأمن وأن الله قد من على عباده بها ، وهذا هو حال لصوص النصوص ، فليس اختلافنا على أصل نعمة الأمن وأهميته ولكننا نناقش وصف هذا الأمن ، وهل هو مقدم على التوحيد الذي جاء به كل الأنبياء عليهم السلام ، وإذا تعارض الأمن مع التوحيد أيهما نقدم ؟!! ولم أعرض عن قوله تعالى : (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) . جاء في تفسير هذه الأية أن الصحابة قالوا : وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" ألم تقرؤوا قول الله ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ). ففسر الظلم بالشرك ، وخص الله عز وجل أهل التوحيد بالأمن ، فالأمن المطلوب يجب أن يكوم مصاحبا للتوحيد بكل أقسامه ، وعلى رأسها توحيد الله بالتحاكم إليه .
ومن ثم قال : إن دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة مع الأمان نعمة ومنة ، مستشهدا بالآية (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) . ونسي أن هذا الأمن والدخول إلى مكة جاء بعد الدماء والبراءة من المشركين ، لا بالركون إلى الظالمين ، فالأمن الذي من أجله يذبح التوحيد ويفرط بالثوابت لا حاجة لنا به . ثم ساق حديث :"من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده طعام يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا ". وما أدري ألم يلحظ هذا المنتفع كلمة : منكم ، أي : من المسلمين من الموحدين ، لأن هذه الأشياء لا قيمة لها من غير التوحيد ، فهاهم الهندوس والبوذيون والأوروبيون والأمريكان عندهم من الأمن المزعوم أكثر من المسلمين بكثير ، ومع هذا فنسبة الجريمة عندهم أكثر مئات المرات مقارنة مع بلاد المسلمين ، إذا فالأمن المقصود هو المرافق للتوحيد فأيهما أفضل أيها القارئ الأمن مع الكفر كما يزعمون ، أم الجهاد والهجرة والتضحية مع التوحيد ؟ أترك الإجابة لك .
الشبهة الثانية :
قول الأخير فيمن يؤذي الناس ، فساق قصة المرأة المصلية الصائمة ومع ذلك هي في النار ، وأنا أسأله هل أفاق في الصباح فوجد الجهاديين يحملون السيوف أمام بيته وقد آذوا الناس حتى يقارنهم بالمرأة التي كانت تؤذي جيرانها ، أم أن الجهاديين خرجوا غيرة على دينهم ونصرة لإخوانهم المسجونين ، وهل من الأذى أن يدافع الرجل عن نفسه وعن دينه من أناس كانوا يسبون الله كي يغيظوه من أجل جره لتلك الحادثة ثم استغلالها إعلاميا لتنفير الناس عنهم وعن دعوتهم ن ألم تسمع قول الله ( ولمن انتصر بعد ظلمه فألئك ما عليهم من سبيل).
الشبهة الثالثة :
استدلاله بحديث :"من حمل علينا السيف فليس منا ". فهو يرد على نفسه بشرح الإمام النووي للحديث ، إذ يقول رحمه الله : أي من حمل السلاح بغير حق أو تأويل . ولا شك أن للجهاديين الحق في الدفاع عن أنفسهم عند كل عقلاء الدنيا فضلا على أن يكونوا متأولين.
الشبهة الرابعة :
تعريف السلفية وفق رأيه ، ونحن نقول : إن السلفية النقية الحقيقية هي ما كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعون ، ولم نسمع أن أحدا من هؤلاء بات ليلة واحدة في ظل شريعة غير الإسلام ، ولا سمع سب الله والطعن في الدين ، وعطلت أحكام الله ؛ فوقف في صف من شرع هذه الأشياء بحجة الأمن ، أم أنها المناصب والقصور الفارهة التي تعمي الأعين وتصم الآذان عن الحق الأبلج ، ثم كعادة هؤلاء قد أدخل اسم الشيخ الألباني رحمه الله في الموضوع ، وهذا ديدنهم ، فهم ببساطة أيتام الشيخ الألباني والمتسلقون على اسمه مع أنه رحمه الله لو كان يرى فيهم أنهم أهل للعلم وأمن على كتبه لما بعث بها إلى المدينة المنورة .
أما ادعاؤه بأن الجهاديين يكفرون الألباني أوحد الأئمة من المعاصرين فأنا أتحداه من الآن إلى السنة القادمة أن يأتي بكلمة واحدة من كتب رموز التيار الجهادي المعتبرين يكفر فيها أحد هؤلاء المشايخ . ويقول فض الله فاه أن الجهاديين يصفون الألباني بالمرجىء لأنه لا يكفر الكافر ولا يكفر أحدا ، فنقول : هذا كذب واضح لأن من لم يكفر الكافر كافر مثله ، وليس مرجئا كما يزعم هذا الفسل الذي نبت في منبت سوء ، وأظن أن أصغر طالب علم في التيار الجهادي يعلم ذلك ، ويفرق بين المرجىء والكافر ، وأنصحك بأن تتعلم بعض فنون الكذب من الحلبي فهو دعيمص هذا الأمر ، ثم اتهمنا بأننا ليس لنا مرجعيات ، فنقول له : كذبت ، فنحن أكثر من يتمسك بالدليل من الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة بالإضافة إلى أقوال أئمة الدعوة الوهابية التي تتمنى أنت وأمثالك لو تبرأتم منها إرضاء لطغاتكم . ثم قال أننا لا نستدل بأقوال أحد من مشايخه ، ثم تدارك الأمر في الهامش قائلا أو أحد العلماء المعتبرين ، وهؤلاء ليسوا موجودين عنده وعند تلامذته لأنهم محصورين في من وافقه فقط ، ودليل ذلك أنك لو سألته عن العلماء المعتبرين في زماننا لما خرج عن الثلاثة : ابن باز والعثيمين والألباني رحمة الله عليهم جميعا ، ونحن لو كنا نكفرهم لم نخش أن نعلن ذلك ، ومعلوم عند الجميع أنا نقول ما نعتقد ولا نخشى في الله لومة لائم.
الشبهة الخامسة :
وهي ذكره لشروط الجهاد وحصرها بثلاثة شروط هي الإمام والراية والإعداد . وهذه شروط جهاد الطلب كما يعرف صغار طلاب العلم فضلا عمن يوصفون زورا بالعلماء ، وهذه أترك ابن قدامة المقدسي يرد عليها كما في كتابه المغني قال : ويتعين الجهاد في ثلاثة أحوال إذا استنفر الإمام قوما بعينهم ، وإذا التقى الصفان ، وإذا احتل بلد من بلاد المسلمين ، وزاد المالكية: وجود أسرى للمسلمين . فيا أيها المسلمون هل شروط الجهاد متعينة في هذا الزمان أم لا ، واسمع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يقول : وليس اوجب بعد الإيمان من دفع العدو الصائل . ويقول الشيخ عبد الله عزام : والجهاد متعين منذ سقوط الأندلس واحتلال فلسطين . ثم أعود لشرطه : الإعداد ، بالله عليك وكن صادقا مع نفسك متى آخر مرة تعلمت الرمي أو حتى أمرت تلاميذك بتعلمه ؟! فإن فعلت اتهمت بالتحضير لأعمال (ارهابية).
الشبهة السادسة :
وصفه هذه الثلة المباركة بالجهل وتشبيهه لهم بالأعراب وأنهم أفظاظ غلظاء ، وأن لهم ماضيا عنيفا . فنقول له نعم نحن اشداء على الكفار رحماء بالمؤمنين وأما اتهامك لنا بان لنا ماضيا عنيفا ألم يكن في الصحابة قاطع طريق وكان أحدهم يدس ابنته في التراب ومع هذا لم يعيروا بجاهليتهم بل قيل لهم الإسلام يجب ما قبله ثم إنك أنت نفسك ألم تكن مع الحزبيين كما تسميهم قديما فهل يحق لنا أن نقول لك إنك كنت كذا وكذا فان لم تستح فافعل ما شئت.
الخاتمة
أختم هذه الورقات بتذكيرك بقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) . وقوله صلى الله عليه وسلم :"من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال ، ومن خاصم في باطل لا يزال في سخط الله حتى ينزع ". أوسعت صدوركم الحاكمين بغير ما أنزل الله ؟! ومن كان يسب الله في الزرقاء ؟! ولم تتسع لمن غضب لله وغار على جناب التوحيد ، فهبوا أننا مخطئون فنبينا صلى الله عليه وسلم برىء من فعل خالد عندما قتل المسلمين بالخطأ ولم يبرأ من خالد ولم يسمه إرهابيا ، فاتقوا الله في أعراض المسلمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
يا جاعلاً العلم له بازيا يصطاد به أموال المساكــين
أين فتواك فيما مضـــى بالنهي عن أبواب السلاطين
إن قلت مكرها فما هكذا زل حمار العلـــــم في الطين
أبو مارية الفلسطينى