بقلم//ياسين شملان الحساوى
"إصحى يا نايم"..واقرأ واعتبر (1)
مع النهار الكويتية
مع النهار الكويتية
شعوبنا لا تقرأ.. وطامتنا الكبرى أنها سريعة النسيان.. والغفران..
***
حتى نهاية القرون الوسطى كانت الحروب في الاحتلالات والتحرير منها لا تتوقف بين بلدان اوروبا.. ربما الوحيدة التي لم يتم احتلالها هي بريطانيا رغم الحروب الطاحنة بين دويلاتها وأمرائها.. لذلك ليس لديها يوم وطني.
وكلها بسبب الهيمنة والتحكم في مقدرات ثروات وسياسات هذه الدويلات وبتشجيع من الكنيسة وطمعها التي كانت كلمتها فوق الجميع لتجني اكبر قدر من الاموال والغنائم مع استمرارها ببيع صكوك الغفران وأراضي الجنة للاغبياء.
الأوروبيون في ذلك الزمن يجهلون الليمون الحامض.. وكان كبارهم وموسروهم يتلذذون به في طعامهم.. الا انهم انتبهوا لما تضيفه التوابل «بهار.. قرفة.. زنجبيل.. الخ» من لذة فائقة للطعام.. والتي اول من جلبها لهم الرومان بواسطة رحلاتهم وغزواتهم للشرق.. اضافة للعطور «مسك.. عنبر.. ماء الورد.. بخور» من الهند ومن بلاد العرب.. لشدة حاجة النساء والكنيسة كذلك لها.. ولحاجة الصيادلة لعقاقير شرقية مثل الكافور والافيون والصمغ.. حتى ان عملاءهم يرفضون اي دواء غير مختوم بـ «وارد الهند.. او وارد بلاد العرب».. ويرجع ذلك لندرتها او غرابتها ولارتفاع ثمنها..
«حتى في عصرنا هذا كل ما غلا ثمنه وله اسم مشهور مرغوب من الاغنياء وحلم للبسطاء.. حتى لو وجد البديل الارخص والاجود»..
ولارتفاع ثمن هذه السلع يباع بعضها بالحبة حيث يساوي وزنها فضة او ذهباً ولا تستغرب حين تعلم انهم كانوا يحكمون غلق النوافذ والابواب عند الكيل لكي لا تطير ذرات منه بسبب نسمة ريح.
لقد كانت قيمتها المادية عند بعض الحكومات كقيمة المعادن الثمينة وتتخذه اساسا لميزانية وارداتها..» تماماً كالغطاء النقدي او من الذهب للدول حالياً»..
فلكل ما تقدم كثرت رحلات الاوروبيين للشرق للإستيلاء على خيراته لتحقيق مكاسب لم تكن في الحسبان وهي تغني عن مكاسب الحروب والتطاحن الدائرة بينهم.. خصوصاً ان المجتمعات الشرقية والعربية في سبات وجهل عما يدور في العالم وفي ضعف يعجز عن مواجهة قوتهم.
وتعود اسباب ارتفاع هذه السلع للاخطار والصعوبات التي تواكب رحلتها الى اوروبا في وقت تفشت فيه الحروب اضافة للقرصنة البحرية واشباح قطع الطرق الصحراوية.. لتعدد مساراتها.. فهذه المواد اساسا برخص التراب في بلاد المنشأ.. ولكنها لا تصل الى الحوانيت والصيدليات الا وكلفتها قد تضاعفت كثيراً جداً..
بسبب الضرائب التي تفرضها البلدان التي تمر بها بالاضافة للاخطار الاخرى..
ويقال ان من كل خمس سفن كانت هناك سفينة او سفينتان تذهب فريسة للزوابع او القرصنة او المصادرة وهي في طريقها لبلاد العرب.. لتحمل حمولتها بواسطة قوافل من الجمال الى بيروت او جدة ومنها للاسكندرية فتكون تحت رحمة لصوص الصحراء..
ثم بحراً في اوروبا عبر المتوسط الذي تسيطر عليه البندقية بعد ان اقصت الدولة البيزنطية عنه فتجبر السفن على تفريغ حمولاتها في البندقية لتباع بالمزاد للتجار الاوروبيين مقابل عوائد مجزية.. كما ان جشع التجار لتحقيق ارباح فاحشة له دور لشغف رجال ونساء اوروبا بالتوابل والعطور..
بينما المزارع والتاجر والعامل الشرقي يجهلون القيمة الحقيقية لمنتجاتهم..
ويرضون بسعر زهيد.. او حتى مقايضتها بصفارة يلعبون بها او مرايا يحملقون فيها لرؤية رؤوسهم الفارغة من العقول المتعلمة واجسادهم الغاطسة بنوم عميق عما يحاك ضدهم وضد بلدانهم.
(يتبع .. يوم الأربعاء)
***
حتى نهاية القرون الوسطى كانت الحروب في الاحتلالات والتحرير منها لا تتوقف بين بلدان اوروبا.. ربما الوحيدة التي لم يتم احتلالها هي بريطانيا رغم الحروب الطاحنة بين دويلاتها وأمرائها.. لذلك ليس لديها يوم وطني.
وكلها بسبب الهيمنة والتحكم في مقدرات ثروات وسياسات هذه الدويلات وبتشجيع من الكنيسة وطمعها التي كانت كلمتها فوق الجميع لتجني اكبر قدر من الاموال والغنائم مع استمرارها ببيع صكوك الغفران وأراضي الجنة للاغبياء.
الأوروبيون في ذلك الزمن يجهلون الليمون الحامض.. وكان كبارهم وموسروهم يتلذذون به في طعامهم.. الا انهم انتبهوا لما تضيفه التوابل «بهار.. قرفة.. زنجبيل.. الخ» من لذة فائقة للطعام.. والتي اول من جلبها لهم الرومان بواسطة رحلاتهم وغزواتهم للشرق.. اضافة للعطور «مسك.. عنبر.. ماء الورد.. بخور» من الهند ومن بلاد العرب.. لشدة حاجة النساء والكنيسة كذلك لها.. ولحاجة الصيادلة لعقاقير شرقية مثل الكافور والافيون والصمغ.. حتى ان عملاءهم يرفضون اي دواء غير مختوم بـ «وارد الهند.. او وارد بلاد العرب».. ويرجع ذلك لندرتها او غرابتها ولارتفاع ثمنها..
«حتى في عصرنا هذا كل ما غلا ثمنه وله اسم مشهور مرغوب من الاغنياء وحلم للبسطاء.. حتى لو وجد البديل الارخص والاجود»..
ولارتفاع ثمن هذه السلع يباع بعضها بالحبة حيث يساوي وزنها فضة او ذهباً ولا تستغرب حين تعلم انهم كانوا يحكمون غلق النوافذ والابواب عند الكيل لكي لا تطير ذرات منه بسبب نسمة ريح.
لقد كانت قيمتها المادية عند بعض الحكومات كقيمة المعادن الثمينة وتتخذه اساسا لميزانية وارداتها..» تماماً كالغطاء النقدي او من الذهب للدول حالياً»..
فلكل ما تقدم كثرت رحلات الاوروبيين للشرق للإستيلاء على خيراته لتحقيق مكاسب لم تكن في الحسبان وهي تغني عن مكاسب الحروب والتطاحن الدائرة بينهم.. خصوصاً ان المجتمعات الشرقية والعربية في سبات وجهل عما يدور في العالم وفي ضعف يعجز عن مواجهة قوتهم.
وتعود اسباب ارتفاع هذه السلع للاخطار والصعوبات التي تواكب رحلتها الى اوروبا في وقت تفشت فيه الحروب اضافة للقرصنة البحرية واشباح قطع الطرق الصحراوية.. لتعدد مساراتها.. فهذه المواد اساسا برخص التراب في بلاد المنشأ.. ولكنها لا تصل الى الحوانيت والصيدليات الا وكلفتها قد تضاعفت كثيراً جداً..
بسبب الضرائب التي تفرضها البلدان التي تمر بها بالاضافة للاخطار الاخرى..
ويقال ان من كل خمس سفن كانت هناك سفينة او سفينتان تذهب فريسة للزوابع او القرصنة او المصادرة وهي في طريقها لبلاد العرب.. لتحمل حمولتها بواسطة قوافل من الجمال الى بيروت او جدة ومنها للاسكندرية فتكون تحت رحمة لصوص الصحراء..
ثم بحراً في اوروبا عبر المتوسط الذي تسيطر عليه البندقية بعد ان اقصت الدولة البيزنطية عنه فتجبر السفن على تفريغ حمولاتها في البندقية لتباع بالمزاد للتجار الاوروبيين مقابل عوائد مجزية.. كما ان جشع التجار لتحقيق ارباح فاحشة له دور لشغف رجال ونساء اوروبا بالتوابل والعطور..
بينما المزارع والتاجر والعامل الشرقي يجهلون القيمة الحقيقية لمنتجاتهم..
ويرضون بسعر زهيد.. او حتى مقايضتها بصفارة يلعبون بها او مرايا يحملقون فيها لرؤية رؤوسهم الفارغة من العقول المتعلمة واجسادهم الغاطسة بنوم عميق عما يحاك ضدهم وضد بلدانهم.
(يتبع .. يوم الأربعاء)