ويقول (طلال محمد نور عطار) في كتابه (المملكة العربية السعودية وهيئة الأمم المتحدة) ص30: (وتعتبر المملكة العربية السعودية من إحدى الدول المؤسسة للأمم المتحدة، ومن الدول التي أسهمت إسهاماً فعالاً في تعزيز ميثاقها وإخراجه إلى حيز الواقع) أهـ(*).
وهذه أمثلة من مواده وقوانينه:
(المادة الأولى) (أغراض الأمم المتحدة ومبادئها هي:
1- المحافظة على السلم والأمن الدوليين… إلى قولهم: للقضاء على الأعمال العدوانية أو غيرها من أعمال تخلّ بالسّلام وأن تحل بالوسائل السلمية وطبقاً لمبادئ العدالة والقانون الدولي، المنازعات الدولية أو الخلافات التي تؤدي إلى الإخلال بالسلم.
2- تنمية العلاقات الودية بين الأمم.
3- تحقيق التعاون الدولي لحل المشكلات العالمية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والعمل على زيادة احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بدون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء).
(المادة الثانية): (تعمل الهيئة وأعضاؤها في سعيها وراء تحقيق الأهداف المذكورة في المادة الأولى، وفقاً للمبادئ الآتية:
1- تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها(**).
2- القيام بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق.
3- فض جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر.
4- يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن استعمال القوة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق وأهداف الأمم المتحدة(*).
5- يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى الأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق هذا الميثاق كما يمتنعون عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملً من أعمال المنع أو القمع…) إلى آخر ذلك… بل نصت (المادة الثالثة والأربعون): على أن: "يتعهد جميع أعضاء "الأمم المتحدة" في المساهمة في حفظ السلم العالمي والأمن الدولي وأن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدوليين ومن ذلك حق المرور".
(المادة العاشرة): التعهد باحترام الاستقلال السياسي والسيادة الإقليمية لكل دولة.
(المادة 55) فإنه رغبة في تهيئة سبل الاستقرار والرفاهية اللازمة لقيام علاقات سلمية ودية بين الأمم، علاقات تقوم على احترام المبدأ الذي يقر بحقوق الشعوب على السواء، وبحقها في تقرير مصيرها تعمل الأمم المتحدة على… أن تنشر في العالم أجمع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز حسب الجنس أو اللغة أو الدين وبلا تفرقة بين الرجال والنساء…
والآن… وبعد هذا كلّه…
ما يقول السادة العلماء!! والمشايخ الأفاضل!! وهيئة كبار العلماء!! والمجلس الأعلى للإفتاء!! والمجمع الفقهي وغيرهم في هذا الكفر البواح([1]).
- تشريع مع الله ما لم يأذن به الله!! وبماذا؟؟
- حقوق مساوية بين الرجال والنساء بلا تمييز.
- واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات والقوانين الدولية.
- والرضى والتسليم لتشريعات تقتضي المساواة والعيش بسلام مع الكفار على اختلاف دولهم وحكوماتهم ومللهم النصرانية والبوذية واليهودية والشيوعية والمجوسية والوثنية والهندوسية وغير ذلك…
- وارتضاء وابتغاء دين الميثاق وقانونه وبنوده الكفرية…([2]).
- وعدم التمييز في الحقوق بسبب الدين…!!
- واحترام سيادة وسياسة كل دولة من دول العالم الطاغوتية.
- والامتناع عن جهاد الكفار والمشركين على اختلاف مللهم وتحريم أي صورة من صور جهادهم وقتالهم.
- الالتزام بمعاونة ومناصرة ومظاهرة هذه الهيئة الكافرة وهذا الطاغوت الدولي، على أية دولة تتخذ هيئة الأمم قراراً بالقمع ولو كانت دولة الخلافة المنشودة… بكافة أشكال المساعدة بالقوات المسلحة وغيرها أي (بالنفس والمال)…
ويجب أن يعلم مع هذا أن هذه التشريعات وهيئتها، كما أنها لها عند هؤلاء الطواغيت الأهلية والشرعية!! القانونية!! دولياً وخارجياً، فهي كذلك على المستوى الداخلي في كل دولة، السعودية وغيرها مادامت عضواً في (هيئة الأمم)… كما جاء في (المادة 104) من الميثاق: (تتمتع الهيئة في بلاد كل عضو من عضائها بالأهلية القانونية التي يتطلبها قيامها بأعباء وظائفها وتحقيق أهدافها…" والمادة (103) نصت على أنه: "إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء "الأمم المتحدة" وفقاً لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعبرة بالتزماتهم المترتبة على هذا الميثاق"…!!
والآن..
س- ما يقول السادة العلماء!! فيمن يدعي معرفة الهدى والتوحيد، بل والدّعوة إليه ثم يتبع ويطيع تشريع الكفار في هذا كلّه…
ج- يجيبنا على هذا السؤال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي في كتابه القيم (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن) في تفسير قوله تعالى: }إن الذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوَّل لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله سنُطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم{ قال: (اعلم أن كل مسلم يجب عليه في هذا الزمان تأمّل هذه الآيات من سورة محمد وتدبّرها، والحذر التام مما تضمنته من الوعيد الشديد لأن كثيراً ممن ينتسبون للمسلمين داخلون بلا شك فيما تضمنته من الوعيد الشديد، لأن عامة الكفار من شرقيين وغربيين كارهون لما نزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو هذا القرآن وما يبينه به النبي صلى الله عليه وسلم من السنة.
فكل من قال لهؤلاء الكفار الكارهين لما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر فهو داخل في وعيد الآية وأحرى من ذلك من يقول لهم: سنطيعكم في كل الأمر كالذين يتبعون القوانين الوضعية مطيعين بذلك للذين كرهوا ما نزّل الله فإن هؤلاء لاشك أنهم ممن تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وأنّهم اتّبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه وأنّه محبط أعمالهم) أهـ.
إنها ورب الكعبة لفتوى واضحة صريحة في حال هذه الدولة الخبيثة وكل دولة أو حكومة أو هيئة تطيع }الذين كرهوا ما نزَّل الله{ في ذلك كله، وما هي من كلام الخوارج…
إذا كان الله سبحانه قد حكم بالكفر والردة على من أطاعهم في }بعض الأمر{ من كفرهم، فكيف بذلك الكفر المتقدم كلّه؟ والله إن واحدة منها لكافية..
تأمّلوا ذلك يا دعاة التوحيد، ومن لم يتبصر فيه فليبك على نفسه ورب الكعبة وليكبر عليها أربعاً… فإنه والله الذي لا إله إلا هو أوضح من الشمس في رابعة النهار ولا يتردد فيه إلا من غلبت سكرة المعاصي ورانها على قلبه. وكذلك من كان مقلّداً واعتاد أن يقاد برسن كالدابة، فإن مثل هذا لا تكفيه الأدلة ولا يرفع بها رأسا، حتى يلتفت يمنة ويسرة ويفغر فاه ويقول: (… هاه.. ولكن لماذا يسكت العلماء… إذا كان هذا حقاًّ؟؟).
والجواب معروف ولا يتقبله إلا من هدي قلبه. إنه قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (من أتى أبواب السلاطين افتتن) ([3]) أنها فتنة الريال وفتنة البشوت والسلاطين وفتنة (الديس اللي ترضع منه ما تعضه)([4]).
أضف إلى ذلك الران الذي غلف قلوبهم وحجب عنها نور البصيرة لاعتيادهم وتكرارهم مخالطة الطغاة والظلمة والنكث المتتالية المتكررة بتلك الخلطة التي تجعل قلوبهم كالكوز مجخياً لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا إلا ما أشربت من هواها.
وقد قيل "أن كثرة الإمساس تورث قلّة الإحساس".
فالله الله في دينكم ولا تغتروا بكثرة الهلكي والمتساقطين ولا بعمائمهم وألقابهم.
نسأل الله السلامة والعافية وحسن الختام..
ويطيب لي في ختام هذا لموضع أن أورد مسك الختام([5]).. فأبين أن طغاة الحكام على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم يفتخرون دوما بالتصريح بأنّهم على نهج هذا الميثاق الكفري سائرون وفي دينه – المناقض لدين التوحيد - داخلون ولحدوده وعهوده والتزاماته الباطلة حافظون… وبمواده ملتزمون مؤمنون.
خذ على سبيل المثال (البيان الختامي للدورة الأولى للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية) جاء في آخره: (كما أكّد أصحاب الجلالة والسمو التزامهم بميثاق جامعة الدول العربية – تأتي كفرياته - والقرارت الصادرة عن مؤتمرات القمة العربية وجددوا دعمهم لمنظمة المؤتمر الإسلامي والتزامهم بقراراتها وعبّروا عن تمسّكهم بمبادئ عدم الانحياز وميثاق الأمم المتحدة)([6]) أهـ.
تأمّل يتمسكون ويمسكون بقوانين الكفر معلنين بذلك مختارين بل مفتخرين..!! ثم تجد من يرقع لهم!!!
وهاك مثالاً آخر على الاستسلام والتأييد والانقياد المطلق والاختياري لهذا الميثاق الكفري… جاء في (معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية)، والتي شاركت فيها جميع الدول المنضمة للجامعة ومنها بالطبع بل وفي مقدّمتها دولة التوحيد!!!
مادة (11): ليس في أحكام هذه المعاهدة ما يمس أو يقصد به أن يمس بأي حال من الأحوال الحقوق والالتزامات المترتبة أو التي قد تترتب للدول الأطراف فيها بمقتضى ميثاق هيئة الأمم المتحدة أو المسؤوليات التي يضطلع بها مجلس الأمن في المحافظة على السلام والأمن الدولي) أهـ.
فتأمّل الحرص الكامل والانقياد المطلق والاستسلام الكلي لبنود هذا لميثاق. فإنّه لما كانت هذه اتّفاقية دفاع مشترك بين هذه الدول الطاغوتية… خافوا وخشوا أن يتبادر لذهن أحد من الدول خطأ أنها تعني تعاضد وتناصر الدول العربية لحرب ومهاجمة الدول الأخرى. فأرادوا أن يصرحوا بالبراءة من ذلك (أعني: عقيدة الجهاد)، وأن يزيحوا بهذه المادة أية شبهة قد توهم براءتهم من بنود الميثاق الدولي التي تنص على أن الحرب الهجومية محرّمة. فتأكيداً على أنّهم في دين الميثاق داخلون ومن نصوصه غير متبرئين، شرعوا هذه المادة الصريحة ولذا سمّوا اتفاقيتهم (اتفاقية دفاع) وليست (هجوم) أصلاً… فتأمّل وأفق من نومك يا موحّد.
ويقول الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الحالي للمهلكة السعودية في بيانه الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثلاثين: (إن لهذه الدورة معنى خاصا وذلك لمرور ثلاثين عاما على إنشاء الأمم المتحدة ووضع ميثاقها الذي يمثل آمال البشرية ليس فقط في السلام والأمن ولكن أيضاً في النمو الاقتصادي والاجتماعي والازدهار في إطار من العدالة والمساواة والتعاون البناء) انتهى بحروفه من كتاب (السعودية والمنظمات الدولية) وكتاب (السعودية وهيئة الأمم).
ويقول في الخطاب نفسه مدافعا عن الميثاق مهاجماً إسرائيل لأجل تجاوزها لبنوده: (وهي بذلك تتحدى هذه المنظمة ولا توليها هي ولا ميثاقها اعتباراً).
ووزير الخارجية هو طبعاً اللسان الناطق للدولة والممثل الحقيقي لمنهجها وعقيدتها وسياستها.
الدفاع عن بنود الميثاق الكفري ووصفها بالعدالة!! والله يشهد وسنة رسوله والمؤمنون أنّها الكفر والظلم والضلالة!!
ويقول في خطابه الذي ألقاه في مدينة سان فرانسيسكو بمناسبة التوقيع على هذا الميثاق بعد أن بيّن أن الميثاق لا يمثل الكمال في نظر الدول الصغيرة: (مع ذلك فهو بلا شك أفضل ما قدّمته الشعوب التي تمثّل خمسين دولة…) أهـ من كتاب (السعودية وهيئة الأمم).
وتأملوا هذه الزندقة… هذا الميثاق وما حواه من كفر بواح هو أفضل ما قدمته هذه الشعوب المجتمعة في ذلك المؤتمر… فيلزم المشايخ المدافعين عنهم أحد اختيارين لا ثالث لهما إذا ما سألناهم عن الذي قدمته السعودية في ذلك المؤتمر؟؟
إما أن يقولوا: قدمت الإسلام، لأنها لا ترتضي بغيره حكماً وقانوناً… فيحكمون عند ذلك بكفرهم إذ كيف يقدمون الإسلام ويعرضونه ثم يختارون ويقرون بدلاً منه دين الميثاق. بل ويصرحون بأن الميثاق أفضل من الإسلام الذي قدموه…
أو يقولوا خوفاً من هذه (الورطة): قد قدموا قوانين وضعية يتحاكمون إليها عند النزاع، هم ومجموع الأمم المتحدة الأخرى. وساهموا بها في تشريع ذلك الميثاق..
وهو الصواب الذي لا مرية فيه، وبهذا وأمثاله أمسوا كافرين مشركين...
وأخيراً يا أحبابي دعاة التوحيد احفظوا الكلمات التالية… لتلجموا بها كل مجادل عن هذه الدولة الخبيثة:
الأولى منها، كلمة ألقاها الأمير فيصل مختاراً فخوراً، وكان يومها رئيس الوفد السعودي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة انعقادها الثانية قال: (لقد عاهدنا أنفسنا أمام الله وأمام التاريخ أن نلتزم ببنود الميثاق التزاماً أميناً وبالتالي نحترم حقوق الإنسان ونرفض العدوان…)([7]) أهـ.
تأمل:
عاهدوا أنفسهم أمام الله على التزام الكفر التزاماً أميناً.. والدّخول في دين الطاغوت دخولاً كاملاً وبالتالي الاحترام والاستسلام لشرع الميثاق الباطل بكل تفاصيله التي تناقض ملّة التوحيد ودين الإسلام من تعطيل جهاد الكفار (رفض العدوان) وتأييد كفريات قوانين حقوق الإنسان وغير ذلك مما حواه دين الميثاق.
والثانية: للأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، ألقاها في الدورة الأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة مرور أربعين عاماً على تأسيس هيئة اللمم: (إن اجتماعنا اليوم ومنظمتنا هذه تحتفل بمرور أربعون عاماً على إنشائها يشكل مناسبة هامة ويعتبر فرصة طيبة لتقويم دور المنظمة ومنجزاتها. وإذا كانت المملكة العربية السعودية تعتز بأنها كانت من الدول الموقعة على ميثاق سان فرانسيسكو فإن إيمانها بأهمية هذه المنظمة والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها لم يتزعزع منذ ذلك الحين)، وأضاف: (كما أننا نعبر عن استنكارنا لكل الاتجاهات الرامية إلى تعويق نشاطاتها وندين بشدة الدول التي دأبت على انتهاك قراراتها وعلى الاستهتار بما تمثله المنظمة من الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي) أهـ. من كتاب (المملكة وهيئة الأمم) ص33.
تأمل، إيمان واعتزاز بالكفر لا يتزعزع!!! والإنكار على كل من انتهك هذا الكفر أو تبرأ منه ولم يلتزم به…!!
والثالثة: كلمة لفهد بن عبد العزيز طاغوت السعودية الحالي في كلمة وجهها إلى المواطنين بمناسبة عيد الفطر في الثالث من شهر شوال عام 1402هـ قال فيها: (نحن أيها الأخوة المواطنون نعمل في المحيط الدولي الشامل داخل دائرة هيئة الأمم المتحدة وفروعها ومنظماتها نلتزم بميثاقها وندعم جهودها ([8]) ونحارب أي تصرف شاذ يسعى لإضعافها وتقليص قوة القانون الدولي) أهـ. من كتاب (المملكة وهيئة الأمم) ص 33.