الشيخ عثمان الخميس : آمنتُ بالله و كفرتُ بالديمقراطية

النذير

عضو ذهبي
يقول الشيخ المجاهد القاضي الشهيد كما نحسبه ابو عمر محمد عبدالله السيف التميمي رحمه الله في كتابه السياسة الشرعية وأنصح الأخوة بقراءته :



حكم الانتخابات العامة:

من القواعد الأساسية في النظام الديمقراطي اختيار رئيس البلاد، وأعضاء البرلمان عن طريق الانتخابات العامة, وهذا المسلك في الاختيار من مسالك وسبل الكافرين التي لا تجوز نسبتها لدين الإسلام, والأدلة على تحريم الانتخابات العامة ما يلي:

أولا: أن الحاكمية في الإسلام لله تعالى، وليست للشعب أو غيره,و إنما الواجب على الشعب الانقياد لأمر الله وحكمه, كما قال تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}, وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}.

ثانيا: أن إبطال الشروط الشرعية الواجب توفرها في الإمام أو أعضاء الشورى, وإبطال الطريقة الشرعية في الاختيار, واستبدالها بالانتخابات الديمقراطية هو من التحاكم إلى الطاغوت وتبديل حكم الله تعالى, وقد قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}.

ثالثا: أن مقصود الإمامة إقامة شريعة الله تعالى في جميع شؤون الحياة, وإقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله, ولتحقيق المقصود من الإمامة جاءت الشريعة بالشروط الواجب توفرها بالإمام كالعدالة والعلم والشجاعة وغيرها من الشروط, وعمل أهل الحل والعقد في هذه الحالة هو اختيار أفضل من توفرت فيه شروط الإمامة، فعملهم يشبه عمل القضاة في مجلس القضاء، فيتبعون العدل والحق في الاختيار ولا يتبعون أهواءهم.

و أما الانتخابات العامة فهي قائمة على أهواء الناس وشهواتهم, فأكثر الناس إنما ينتخبون من يحقق أهواءهم دون التفات منهم إلى شروط الإمامة, والله تعالى أمرنا باتباع أمره، وأن لا نتبع أهواء الناس, فقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}.

وقال تعالى: {وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.

وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ}.

وقال تعالى: {بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ. فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ. مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.

رابعا: أن الله تعالى خلق الجن والإنس لعبادته كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}, وشروط الإمامة في الشريعة جاءت لتحقيق هذه الغاية, وأما الانتخابات الديمقراطية العامة فتلغي هذه الشروط ويتم الاختيار بحسب أهواء الناس كما تقدم, وفي هذا مضادة لله تعالى في أمره وعبوديته التي خلق الخلق لأجلها.

خامسا: لقد بين الله تعالى أن الأغلبية من الناس لا تتمسك بطاعته، ولا ترغب في شريعته وحكمه، بل تبتغي حكم الجاهلية، كما قال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.

وقال تعالى: {إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}.

وقال تعالى: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ. ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}, وغيرها من الآيات التي تدل على تنكب أكثر الناس عن شرع الله وميلهم عن صراطه المستقيم, فكيف يعلق مصير حكم الله في الأرض بهذه الأكثرية، التي تبتغي حكم الجاهلية وتعرض عن حكم الله تعالى.

سادساً: أن الإسلام لا يسوي في الدنيا ولا في الآخرة بين العالم والجاهل, والمسلم والكافر, والصالح والفاسق, وأما النظام الانتخابي الديمقراطي فيسوي بين جميع هؤلاء في حق التصويت والترشيح في الانتخابات, وقد قال الله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ. مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.

وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

وقال تعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ}.

وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ. أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّار}.

وقال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.

وقال تعالى: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ}, وغيرها من الآيات.

سابعا: أن مبدأ الانتخابات العامة قد لبس على كثير من الناس مفهوم الشرعية, فأصبح الكثير منهم يرى أن الشرعية تستمد من أغلبية الناس، وليس من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا الضلال في مفهوم الشرعية الذي وقع فيه الكثير هو بسبب الشرك بالديمقراطية والتحاكم إليها.

ثامنا: قال الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِٱلْحَق وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَق كَارِهُونَ. وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ}،فتدل الآيتان على أن أكثرية الناس يكرهون الحق، فكيف تجعل هذه الأكثرية الكارهة للحق هي المرجع في اختيار الإمام، الذي يقيم دولة الإسلام.

وتدلان على أن الأكثرية يتبعون أهواءهم، وهذا هو واقع الانتخابات العامة، فإنها قائمة على أهواء الناس ورغباتهم وشهواتهم.

وتدلان على أن الحق لو اتبع أهواء الناس لفسد العالم، وفسدت الدولة الإسلامية وعمها الاضطراب والفوضى.

وتدلان على أن الرجوع إلى أهواء الأكثرية في الانتخابات العامة هو من الإفساد في الأرض، وليس من الإصلاح.

وتدلان على أن الأكثرية معرضة عن القرآن، فكيف يرجى من هذه الأغلبية المعرضة عن كتاب الله أن تعدل بعدل القرآن، وتحكم بحكمه في اختيار الإمام العام، وأن تختار من يقودها بكتاب الله.

تاسعا: قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ. وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ.أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ. وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ. وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ}, أخرج ابن جرير عن عكرمة وعن مجاهد في قوله تعالى: {زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً} قالا: " تزيين الباطل بالألسنة ", وقال ابن جرير رحمه الله " وأما الغرور: فإنه ما غرّ الإنسان فخدعه فصده عن الصواب إلى الخطأ ومن الحقّ إلى الباطل", فهؤلاء الشياطين أعداء الأنبياء يوحي بعضهم إلى بعض الأقوال المزخرقة المزينة: كالديمقراطية والانتخابات والحرية ونحوها, وتذاع هذه الأقوال المزخرفة ويروج لها ويُدعى الناس إليها في وسائل الإعلام وفي الهيئات والمحافل والجامعات والمدارس وغيرها, ويغتر بزخرفها وينخدع ببريقها والضجة التي حولها من لا يؤمن بالآخرة، فيصغي إليها ويرضى بها عقيدة له, ويقترف ما يقترف من الذنوب بسب هذا الإصغاء والميل إليها واتخاذها سبيلا ومنهجا.

وهذا حال من زاغوا إلى الديمقراطية، فأول أوصافهم أن هؤلاء الديمقراطيين الذين لا يؤمنون بالآخرة قد صغت أفئدتهم ومالت إلى دعاة الديمقراطية وإلى أقوالهم المزخرفة, وأما وصفهم الثاني فهو رضاهم بالديمقراطية عقيدة ومنهجا, والوصف الثالث أنهم يقترفون من الكفر والآثام ما هم مقترفون بسب إصغائهم للأقوال المزخرفة والرضا بها, كما قال تعالى: {وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}.

فهجروا كتاب الله تعالى وأعرضوا عنه، واتبعوا الأقوال المزخرفة المضللة, فلهم نصيب من قوله تعالى: {وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً}، وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً. يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً. لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً}.

وقوله: {أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً}, أي قل: أغير الله تبارك وتعالى أبتغي وأطلب حكما أتحاكم إليه وأنقاد لحكمه, فإن غير الله ليس لهم الحكم والتشريع، بل الواجب على العباد الانقياد لأمر الله وحكمه.

ثم قال تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَابَ مُفَصَّلاً}, وقد فصل الله تعالى فيه جميع الأحكام في سائر شؤون الحياة, كما قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَىْءٍ}, وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: "إن الله أنزل في هذا الكتاب تبيانا لكل شيء، ولقد عملنا بعضا مما بين لنا في القرآن، ثم تلا: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ}، وأخرج ابن أبي شيبة وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من أراد العلم فليقرأ القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين".

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله" أخرجه ابن أبي حاتم وغيره، ومن الأحكام المفصلة المبينة في شرع الله تعالى الطريقة الشرعية في اختيار الإمام العام وأهل الشورى.

ثم بين الله تعالى أن أحكامه كلها عدل، فقال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً}, أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأحكام, وكل ما خالف شرع الله تعالى فهو ظلم, ومن العدل الذي جاءت به الشريعة الإسلامية أن لا يسوى المسلم بالكافر, والصالح بالفاسق في الشهادة أو في اختيار الإمام وغيرها, وأما الديمقراطيون الظالمون فيسوون بين الجميع في اختيار الحاكم.

ثم قال: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ}, وهذا إبطال للانتخابات العامة, فإن أغلب الناس لو أطاعهم المؤمن لأضلوه عن سبيل الله, فكيف تجعل هذه الأغلبية الضالة المضلة عن سبيل الله المرجع في اختيار أولى الناس بالإمامة العامة.
 
أعلى