انظر ماذا قالت صحيفة الواشنطن بوست الاثنين الماضي عن الاسلحة السعودية لسوريا
مترجم للعربي
----------------------------
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” بوست اليوم الاثنين تقريراً عن موقف المملكة العربية من الحرب الدائرة داخل سوريا اعده مراسلها كيفين سوليفان يقول فيه ان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يرى فرصةً لتسديد ضربة ضد ايران الحليفة الاستراتيجية لسوريا عن طريق تشجيع معارضي نظام الرئيس السوري بشار الاسد. وهنا نص التقرير:
“عندما أعلن الملك عبد الله عن حملة وطنية لجمع التبرعات لمساعدة اللاجئين السوريين في اواخر تموز، سارع السعوديون الى التبرع بنحو 150 مليون دولار.
واستضاف التلفزيون السعودي الحدث الخيري، وأشرف أعداد من الرجال بأثواب تقليدية على خطوط الهاتف واجهزة الكومبيوتر. وجاءت التبرعات من خلال الرسائل النصية والايداعات المباشرة الى حسابات مصرفية خاصة، أو من عائلات تحشو اوراق الريال المجعدة في حصالات أو عن طريق التبرع بسياراتهم أو ساعاتهم.
ودان الملك عبد الله، وهو عادة رجل توفيق يعمل سرا من وراء الكواليس، حكومة الرئيس السوري بشار الاسد بغضب ملكي نادر، وانضم شعبه الى ذلك بحماسة.
ويقول محللون ومسؤولون سعوديون في مقابلات في انحاء المملكة الغنية بالنفط أن الملك عبد الله يجد، في ما وراء القلق الانساني، فرصة لتوجيه ضربة استراتيجية الى ايران، حليفة سوريا الرئيسية ومنافسة السعودية الاساسية على النفوذ في الشرق الاوسط.
وتدعي كل من السعودية السنية وايران الشيعية أنها المركز الحقيقي للاسلام في العالم. وتكافح الدولتان كلتاهما لتوسيع نفوذهما في منطقة تقلبها الثورات الشعبية التي تؤدي الى تحول الحكومات والتحالفات الطويلة الأجل.
وتخدم حكومة الأسد كخط امداد طهران الرئيسي لنقل الاموال والاسلحة الى حزب الله، الميليشا الشيعية في لبنان. ويقول مسؤولون ومحللون ان الملك عبد الله يرى في الاطاحة المحتملة بالأسد وسيلة لخنق التدفق وتقليل نفوذ ايران المحاربة بشكل متزايد.
وقال مسؤول سعودي، اشترط عدم الكشف عن هويته: “سوريا هي مدخل ايران الى العالم العربي. اسقط الأسد وستلحق ضربة استراتيجية الى ايران“.
واضاف المسؤول ان ايران “في وضع يائس” بسبب العقوبات الدولية المتعلقة ببرنامجها النووي. واشار الى ان ازالة حليف محوري مثل الاسد سيجعل ايران “اكثر تأثرا بالعقوبات“.
وكان المسؤولون السعوديون حذرين بشأن دعمهم المباشر للثوار السوريين،
على الرغم من ان مسؤولين حكوميين قالوا سرا ان الرياض تشتري اسلحة وذخائر وتدفع ايضا رواتب جنود انشقوا عن الجيش السوري للانضمام الى الثوار.
وقال عبد الرحمن الراشد، المدير العام لقناة “العربية” المملوكة للسعودية والمحلل السياسي النافذ،
أن مسؤولين سعوديين قد دفعوا مقابل بنادق “كلاشنيكوف” واسلحة اخرى روسية الصنع لجنود سوريين منشقين تدربوا على استخدام اسلحة روسية. واضاف ان مسؤولين سعوديين مولوا ايضا شحنات من ملايين الأعيرة للثوار، مرددا اصداء تقييم مشترك بين محللين سعوديين.
وقال بعض المحللين أن عبد الله يريد عمل المزيد للمعارضة السورية، ولكن واشنطن تضبطه. وقالوا ان مسؤولين اميركيين ثبطوا الرياض عن ارسال اسلحة اثقل، خاصة صواريخ ارض- جو المحمولة على الكتف لمواجهة الهجمات الجوية للحكومة السورية. وقالوا ان مسؤولين اميركيين عبروا عن قلقهم من أن مثل هذه الاسلحة قد تصل في النهاية الى عناصر اسلامية في صفوف قوات المعارضة، وهو قلق نقلته “نيويورك تايمز” نهاية الاسبوع.
وقال جمال خاشقجي، الصحافي السعودي البارز والتنفيذي الاعلامي الذي له صلات وثيقة بالنخبة السعودية: “لقد ارادوا ارسال صواريخ ارض- جو محمولة على الكتف الى السوريين، ولكن الأميركيين قلقون- الاميركيون يمنعون ذلك“.
وقاوم عبد الله دعوات الى مزيد من التحرك العسكري، من بينها اقتراح من قطر مؤخرا لرد دبلوماسي وعسكري عربي منسق على العنف السوري.
ويؤكد مسؤولون حكوميون على ان السعودية لم ترسل مقاتلين مسلحين الى سوريا. وقال محللون هنا ان مسلحين سعوديين أقلاء ربما يحاربون في سوريا، ولكن ليس بموافقة من الحكومة.
وكان الملك عبد الله قد لاحق العلماء الذين يدعون الشباب للسفر الى سوريا، وقد اصدر علماء سعوديون رسميون تحذيرات تخبر الشباب بعدم الانضمام الى القتال.
وتخشى الحكومة السعودية من تأجيج جيل آخر من المقاتلين المتدينين السعوديين مثل اؤلئك الذين ارسلوا لمحاربة السوفييت في ثمانينات القرن الماضي. وتحول هؤلاء المقاتلون في النهاية، ومن بينهم اسامة بن لادن، الى قوة محاربة راديكالية انقلبت على العائلة السعودية المالكة وانشأت “القاعدة“.
وقال خاشقجي: “السعوديون لا يريدون لشبابهم الذهاب الى هناك. انهم لا يريدون تكرار اخطاء افغانستان. السعوديون في سوريا هم وصفة للارهاب“.
ولكن ذلك لا يعني أن هذا لا يحدث. وقال سايمون هيندرسون، المتخصص في شؤون السعودية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى: “ان تصدير الجهاديين هي ما فعله السعوديون دائما- الى افغانستان والبوسنة والشيشان“.
واضاف: “بطبيعة الحال فان السعوديين، سرا وعلنا، يقولون أنهم لا يرسلون جهاديين الى سوريا. هل اصدقهم؟ كلا، على الرغم من انني لم اشاهد بعد ادلة تؤكد شبهاتي. واذا ما سمحنا لجيل آخر من الشباب السعودي المتطرف بتلقي تدريب قتالي، فعندها سيكون من السهل التنبؤ بالعواقب الممكنة- ارهاب جديد على غرار القاعدة، يهددنا جميعا“.
وصار عبد الله اول زعيم عربي يوبخ الاسد علناً في آب (اغسطس) 2011 عندما قال ان سفك الدماء في سوريا “غير مقبول لدى المملكة العربية السعودية” ودعا حكومة الاسد الى اجراء “اصلاحات شاملة” قبل “فوات الاوان“.
وقال عبد الله: “اما ان تختار سبيل الحكمة من تلقاء نفسها او تغرق في اعماق الاضطراب والخسارة، لا قدر الله“.
وقال سعود كابلي الكاتب في الشؤون الخارجية في صحيفة “الوطن” السعودية ان الشعب السعودي يزداد غضباً من الوضع في سوريا، وهو ما شكل ضغطا على الملك عبد الله كي يتخذ موقفاً اشد. واضاف كابلي: “هذه هي المرة الاولى التي تنحني فيها الحكومة السعودية لارادة الشعب في السياسة الخارجية“.
وكانت علاقات عبد الله مع الاسد متوترة على الاقل منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 2005. ويعتقد على نطاق واسع ان الحكومة السورية كانت متورطة في ذلك.
وقال روبرت ليسي، وهو مؤلف بريطاني كتب الكثير عن المملكة العربية السعودية: “كان عبد الله شديد القرب من الحريري. الحريري صار مواطناً سعودياً، كان رجل السعودية في لبنان. كان موته مؤلماً جداً لعبد الله، ولديه حقد شخصي على الاسد“.
وأعرب الكثيرون عن تأييدهم لقيام الحكومة بتوفير العون للاطاحة بالاسد بالقوة، اما بتزويد الجيش السوري الحر باسلحة اكثر فاعلية او بالتدخل ضمن قوة عسكرية دولية.
وقالت سندس العيدروس (23)، الاخصائية في المعالجة باحد المشافى الخاصة “اعتقد ان علينا ان نفعل المزيد”. ومثل غيرها من السعوديات، فهي ترتدي الحجاب الاسود ولا يظهر منه الا عيناها فيما كانت تشتري مستحضرات تجميل من المتاجر الأنيقة في مدينة الرياض. واضافت: “ادرك اننا نرسل اموالا، ولكن كان علينا ان نعمل على وقف اعمال العنف“.
وتشتد علاقات الشعب السعودي مع سوريا قوةً نتيجة وجود اكثر من مليون سوري في المملكة السعودية. وقال جميل الداغستاني، احد زعماء الجالية السورية في الرياض، إن كثيرين منهم يقيمون في البلاد منذ مدة طويلة، وقدر ان حوالي 90 ألف شخص قدموا الى المملكة للاقامة مع عائلات او اصدقاء منذ بداية العنف في سوريا. ويفيد الكثير منهم ايضا من مكرمة العاهل السعودي الملك عبد الله بتجديد تأشيرات اقامة السوريين الذين يفدون الى المملكة الى اجل غير محدد.
وقال بشير العظم، وهو سوري يدير أعمال شركة انشاءات ويقيم في المملكة منذ العام 1966، ان الجالية السورية تبرعت بمليون دولار – لغايات الاغاثة الانسانية على وجه الخصوص، ولدعم الثوار ايضا. واضاف انه شخصيا تبرع باكثر من 530 ألف دولار كما ساهمت شركته بمبلغ 266 ألف دولار خلال الحفل الخيري الوطني.
وقال ايضا: “قلت لنفسي خلال الاشهر الستة او السبعة من الثورة مهما كان المبلغ الذي أتبرع به فانني لا اريد ان يصرف على شراء اسلحة. ولكن بعد مشاهد القتل التي رأيتها، فانني لا امانع واقول لهم اذا كنتم تريدون شراء طلقات نارية فلكم ان تفعلوا ذلك“.
وقالت ريم فؤاد محمد (46) وهي سيدة سعودية ثرية من جدة وتمارس عائلتها أعمال الانشاءات، انها شعرت بالاسى وهي ترى على شاشات التلفزيون اعمال العنف في سوريا، وجمعت 500 ألف دولار على شكل نقد وبضائع وشحنتها في ايار (مايو) الى اللاجئين السوريين في لبنان.
كما انها تبرعت بمبلغ 100 ألف دولار اخرى من حسابها الخاص لتجهيز عيادة صحية صغيرة في لبنان ولتغطية تكاليف الرعاية الطبية.
وخلال المقابلة في منزلها الانيق في جدة، التقطت الجوال واتصلت بحسنة حسون، وهي سيدة سورية التقت بها في لبنان وقد فقدت زوجها وابنيها وساقيها خلال هجوم قامت به القوات الحكومية السورية.
كانت حسون متمددة على سرير بالمستشفى وهي ترد على المكالمة بينما قام طبيب بعمليات القياس لتوفير ساقين اصطناعيتين لها. وقالت “اشعر بالامتنان لان الشعب السعودي يساعدنا. لدرجة انني احس كما لو ان العائلة باكملها تقوم بالعناية بي“.
http://www.awsatnews.net/?p=92270