هاجم الكاتب الصحفي المعروف (سعود السمكة) بذيل مقالته اليوم على صحيفة القبس كلا من المرشحين مسلم البراك ومحمد الخليفة على أثر مطالبتهما بتعويض الذين أزيلت دوواينهم من الدولة
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/ArticlePage.aspx?ArticleID=379627من المفارقات العجيبة هنا في الكويت، ان حكوماتها تسير عكس الصح والمنطق واصول الحكم ومبادئه المستقرة في جميع انحاء العالم، اذ ان الكويت، ربما البلد الوحيد في العالم، الذي فيه الناس هم الذين يحثون الحكومة ويصرون عليها بضرورة تطبيق القوانين، بينما جرى العرف بان الحكومات هي التي تحث الناس وتطالبهم بتطبيق القوانين، بل وتلاحق وتجرم كل من ينتهكها باعتبارها تتحمل مسؤولية الحكم الذي ينبغي بالضرورة ان ينشر العدل بين الناس!
الناس هنا، ومنذ سنين طويلة، وهم يحذرون الحكومة في اولى بدايات التعدي على املاك الدولة، ويصيحون عليها يا حكومة طبقي القانون قبل ان تتوسع التعديات.. لكن للاسف عمك اصمخ، الى ان اصبحت هذه التعديات تملأ البر والبحر ومناطق السكن الخاص، وفي الوقت نفسه اعطت فرصة للذين يمتهنون دغدغة مشاعر الناس ويتعيشون على الفوضى من نواب سابقين ومرشحين للانتخابات، لتكريس هذه التعديات وتصويرها وكأنها حقوق مكتسبة لا ينبغي للحكومة معالجتها!
الناس هنا، ومنذ زمن بعيد، وهم يحذرون الحكومة من محاولة البعض الالتفاف على قانون الانتخاب، عبر تصفيات طائفية وقبلية.. لكن للاسف كان الرد ليس فقط بان تقاعست الحكومة عن القيام بواجبها، وبما تمليه عليها مسؤوليتها كجهة مناط بها تنفيذ القانون.. بل دعمت وشجعت مثل هذه التصفيات إلى درجة انها كانت تجري تحت بصرها وحمايتها! حتى وصل حجم الظاهرة الى ان تضطر الدولة لمقاومتها، ومنعها بالقوة التي قد تسفر عن تداعيات نحن في غنى عنها، لو انها (اي الحكومة) قامت بواجبها منذ البداية، لمنع مثل هذه التصفيات.
الناس هنا بُحَّت أصواتهم، ومنذ فترة طويلة، وهم يصيحون على الحكومة منذ بدايات بروز نشاط تجارة الاقامات: يا حكومة اوقفي هذا النشاط قبل ان يتحول الى ظاهرة مدمرة، بيد ان الحكومة للاسف عمك اصمخ، ليس هذا فحسب، بل كانت تمنح مواليها واتباعها رخص استيراد العمالة بعشرات الآلاف من البشر، وهي تعلم علم اليقين ان هذه العمالة للتجارة ولتنفيع اصحابها، وليست للعمل الى ان امتلأ البلد بهذا الحجم الكثيف من العمالة الهامشية، والتي اخذت تشكل بؤرا واسعة للجريمة بجميع اشكالها، للاسف الشديد.
باختصار، الحكومات السابقة التي تواترت على الحكم، لم تكتف فقط بأن صمَّت آذانها عن سماع الاصوات المخلصة التي تنادي بالاصلاح وتعمدت عدم تطبيق القوانين، بل سعت، ومع سبق الاصرار، للتخريب واقترفت آثاما وخطايا بحق اجيال - للاسف - تثقفت وتربت في اجواء يحيطها الفساد من كل جانب، حتى مؤسسة الحكم لم تسلم من التخريب، اذ عملت الحكومات السابقة - اقصد النافذين فيها - على خلق محاور هدم داخل مؤسسة الحكم مهمتها مقاومة كل خطوة اصلاحية.
لذلك، مطلوب من الحكومة الحالية، او الحكومة القادمة، اذا كانت هناك، فعلا، جدية في الاصلاح، ان تدرك ان الاصلاح يبنغي ان يكون وحدة متكاملة لا تتجزأ.. اي ان ما ينسحب على التعديات على املاك الدولة ينبغي ان ينسحب بالضرورة على جميع الانشطة المخالفة للقانون.. كما ان الامر يتطلب حسم مسألة تطبيق القانون والنأي به عن اشكالية التردد والمراوحة حتى يشعر الجميع بجدية الدولة ومصداقيتها في هذا الامر، وتترسخ القناعة بأن لا احد فوق القانون.
آخر العمود:
المرشح مسلم البراك لا يكتفي بحث الناس على ارتكاب المخالفات والتعدي على املاك الدولة، بل يعدهم (اي المخالفين) بانه في حال نجاحه في المجلس المقبل سوف يتبنى تشريعا يقنن ارتكاب المخالفات! ليس هذا فقط، بل سيطالب الدولة بتعويض كل من قامت الحكومة بتطبيق القانون عليه، يقول هذا الكلام، عند زميله في كتلة العمل الشعبي محمد الخليفة، الذي اقام ندوة خصيصا لاستنكار تطبيق الحكومة للقانون على المخالفين، وبالتالي فان المرشح الخليفة يقف مع زميله البراك في الخندق نفسه، اي خندق التخريب!.. فهل يجوز لمثل هؤلاء الذين يدعون الى عصيان القانون ويبيحون التعديات على املاك الدولة ان تسلم لهم امانة تمثيل الامة؟! وكيف يأمن الناس على مستقبل بلدهم ومصير ابنائهم اذا كانت الجهة التي تشرع القوانين للبلد بها مثل هذه الاشكال التي تشجع على التمرد على القانون، والخروج عن طاعة الدولة؟! انها والله مصيبة ما بعدها مصيبة.. لكن الامل في الناس الخيرين، الغيورين على بلدهم وامتهم، بان يعملوا على الحؤول دون وصول هذا النوع من المرشحين الى سدة البرلمان.
ورأيي بهذه القضية من جهة أخرى أن هذا يعتبر تطورا غير حميدا من ناحية انشقاق القوى الاصلاحية وتقوقعها في أمور هامشية تمنعها من مواصلة مسيرتها الاصلاحية بالقضايا الوطنية الجدية. لكن قد تكون بوادر هذا الانشقاق غير جديدة بل بدت على السطح مع استجواب وزير النفط السابق. ومع تقديري لقلم الكاتب سعود السمكة وصحة دفاعه عن أملاك الدولة فإننا لم نقرأ له أن انتقد التجاوزات الأخرى الخاصة بالتعدي على ممتلكات الدولة سواءا بشكل صريح أو بقدر من التلميح. أما مسألة الدواوين فتبقى ولا شك مسألة خاضعة للجدل سواء بغاياتها أو وسائل تطبيقها قطعتها الحكومة بالتنفيذ المباشر لقرار الإزالة وحسنا فعلت على الرغم التأخر بذلك منذ زمن بعيد.
لكن ما يهمنا الآن هو دراسة هذا الانشقاق ما بين حلفاء الأمس وخاصة بمعركة الدوائر الخمس. وعلى سبيل المثال لم نعد نرى النددوات لمرشحي الكتلة الشعبية على قناة" نبيها تحالف" كما في 2006، ولم نرى الوشيحي بنفس القناة بعد أن كان نجما سابقا بها وتعرفنا عليه من خلالها. وسبحان مغير الاحوال!
تقبلوا جزيل تحياتي