بِسْمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيمِ
في هذا الموضوع سوف أتكلم عن فن أنا شخصيا معجب و مهتم به
فن ( الخطابة ) و الإلقاء
الخطابة : هي الكلام المنثور يخاطب به متكلم جماهير من الناس بطريقة تشتمل على الأقناع و الأستمالة للتأثير فيهما
و قد عرفت أيضا بتعاريف كثيرة منها أنها فن مشافهة الحضور للتأثير عليهم واستمالتهم , و من أركان التي يجب تواجدها حتى تتم الخطبة ( الخطيب - الجمهور - التأثير ) .
لما لهذا الفن التأثير الكبير على مجرى التاريخ و لإعجابي الكبير به في هذا الموضوع سوف أحاول ذكر سيرة عدد من الخطباء و سيرة عدد من الشخصيات الشهيرة ممن أستخدمت فن الخطابة بشكل مؤثر و سيتم ذلك على شكل سلسلة شاملة لنبذة بسيطة عن تلك الشخصيات و أمثلة عن أستخداماتهم لفن الخطابة بشكل كتابي أو مرئي و صوتي إن أمكن
................
و أي بداية أفضل من ذكر المصطفى - صلى الله عليه و سلم
الله سبحانه و تعالى قال عن المصطفى في الأية الكريمة [ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ] , و خاطب نبيه الكريم بقوله [ وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا ]
الرسول - صلى الله عليه وسلم – بعثه الله تعالى هداية للعباد و أنزل عليه الكتاب و رزقه جوامع الكلام
و كان - صلى الله عليه و سلم -و الرسول - صلى الله عليه وسلم - معدود من فصحاء العرب وبلغائهم قبل البعثة، وعندما بعث أخذ يدعو الناس إلى عبادة الله ونبذ الشرك، وكانت الخطابة هي الوسيلة التي توصل تعاليم الإِسلام إلى قريش خاصة ثم إلى العرب عامة. وقد كانت خطابة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة قبل أن يهاجر إلى المدينة من أقوى الخطب التي يسمعها العرب و حديثه أعذب الحديث بعد كلام الله تعالى وأحسنه، وأجمعه وأحكمه؛ فيه القصص والأخبار، والمواعظ والرقاق، والحكم والأمثال , كان إذا خطب الناس علا صوته في الخطابة وتفاعله معها، وكان هديه في الخطابة أنه يُحبب الناس في الله, ويعرفهم بالله, ويرغبهم في الله تبارك وتعالى، و كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يُحيي في الناس معاني المحبة في الله, والرغبة في طاعته, والإنابة إليه، وكان في الخطابة أيضًا يتعرض للأمور الأساسية العامة، فيتحدث عن التقوى, وعن حرمة الدماء, وعن وحدة الصف، ويوصي بالنساء خيرًا، ويوصي بهذه المعاني الكبيرة .
وكان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يبدأ خطبته بقول: " الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له "
وكان يخطب على مكان مرتفع ، حيث وكان له منبر يصعد عليه، و كان - عليه الصلاة والسلام – يصعد المنبر في أكمل هيئة، وهذا هديه - صلى الله عليه وسلم – فإن جمال هيئة الخطيب له أثر كبير على الخطابة.
و كانت خطابة الرسول الكريم من أقوى الخطب التي سمعها العرب و تأثيرها لا يمكن وصفه
حيث في الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية - : ( وعظنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ) و لولا ذلك في قريش ثم في العرب القادمين للحج لما حصلت الخصومة بينه و المشركين في مكة حتى أنهم خططوا لقتله
ومن خطبه صلى الله عليه وسلم في مكة خطبته في قريش عندما نزل عليه قوله تعالى: { وأنذر عشيرتك الأقربين } فقد جمع قريشاً وخطب فيهم
« إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعًا ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعًا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانًا، وبالسوء سوءًا، وإنها لجنة أبدًا، أو لنار أبدًا »
و من خطبه الشهيرة أيضا - صلى الله عليه و سلم
أنه خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال : « أيها الناس إن هذه الدار دار التواء، لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح. فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء. ألا وإن الله - تعالى - خلق الدنيا بلوى، والآخرة دار عقبى، فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببًا وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضًا فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي، إنها لسريعة الذهاب، وشيكة الانقلاب. فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة فطامها، واحذروا لذيذ عاجلها لكريه آجلها، ولا تسعوا في تعمير دار قد قضى الله خرابها، ولا تواصلوها - فقد أراد الله منكم اجتنابها - فتكونوا لسخطه متعرضين ولعقوبته مستحقين »
و خطبة حجة الوداع الشهيرة التي منها
« وفي حجة الوداع سنة عشر من الهجرة خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس فقال :
( أيها الناس : اسمعوا مني أبيّن لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، في موقفي هذ ا.أيها الناس إن دماءكم و أموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا و إنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلّغتُفمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون ......أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدًا، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم. فاحذروه على دينكم )
( أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه، تعلَمُنّ أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة، لا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمنّ أنفسكم . اللهم هل بلّغت ؟ قالوا: اللهم نعم .فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اللهم اشهد. فلا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم أعناق بعض . )
( أيها الناس : إن ربَّكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب ، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ، ألا هل بلغت ؟ قالوا نعم . فقال : فليبلغ الشاهد منكم الغائب . )
...
بالنهاية و هذا غيض من فيض , و المعين النبوي يمكن النهل منه بلا حد لكن كما تم الذكر في بداية الموضوع أنه سوف يكون نبذة بسيطة حسب االمقدرة
و الله المستعان
" سوف يتم إكمال السلسلة بمثال جديد قريبا "
:وردة: