فهد سالم العلي الصباح "كفى عنف..أرواحهم ليست ثمناً لتوليكم المناصب

عبقرية

عضو جديد
كان من الصعب على المرء أن يستوعب ما حصل ويحصل في مصر الحبيبة، وهي تعاني في عين العاصفة، كان ألمنا عميقاً وحزنناً مبرحاً ونحن نرى ما تفعل الأحداث في جمهورية مصر العربية؛ أرض كنانة العرب والمسلمين، وفي عاصمتها القاهرة قلب العروبة النابض.
كم كان حزننا بالغاً وأسفنا شديداً على الضحايا وهم يسقطون في المعركة الخطأ وفي الحرب التي يقتل فيها الأخ أخاه، هكذا وببساطة، وبأيدي المصريين تحترق المرافق الحياتية بعد سيل من الدم والدموع.
لقد حزّ في نفوسنا أن تضطرب عاصمة العرب ومنارة المسلمين، وأن تكون فريسة للعابثين، وميداناً لتقاتل الإخوة والأشقاء، في بلدٍ حمل هموم العرب وقاتل من أجل حقوقهم المغتصبة في فلسطين وغير فلسطين ودفع الآلاف من الشهداء في معارك الشرف وفي ميادين التحرّر من الاستعمار.
نعم.. لم يقصّر شعب مصر في مساعدة إخوانه العرب وهم يعانون العدوان، وعندما كانت تعصف بهم الفتن والحروب، لذلك من حقّ هذا الشعب على العرب جميعاً أن يقفوا بجانبه وأن يفعلوا المستحيل من أجل سلامه وتقدمه وتجاوز مشاكله.
من حق الشعب المصري على العرب أن يساعدوه في محنته هذه، وأن تعقد جلسة على مستوى وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً بهدف مساعدة الشعب المصري على تخطي هذه الأزمة وألا يساعدوا فريقاً على فريق، ولا يناصروا فئة على فئة، يبذلون الغالي والنفيس في سبيل وحدة الشعب وتماسكه.
الآن ونحن نشجب تقاتل الإخوة، نتمنى أن تصرف هذه الجهود في ميدان التنمية والتقدم عوضاً عن أن تصرف في الدمار والقتل،فتسقط الضحايا، وكلهم أبرياء خسارة لمصر وللعرب وللمسلمين.

ألا ينبغي على الجهات السياسية الفاعلة أن تبتعد عن الخطاب الطائفي والفتنوية وأن يستعيد الجيش دوره الطبيعي كون دوره مقتصراً على حماية البلد وليس بجلادٍ .

ألا ينبغي على القيادات المصرية أن يكون خيارها الحل السياسي للأزمة والجلوس على طاولة حوار لتناقش كل المواضيع العالقة وتشكيل حكومة وحدة وطنية ويكون على رأس أولوياتها تعديل الدستور بما يخدم مصالح الوطن أجمع وإجراء انتخابات نيابية و رئاسية مبكرة والافراج عن المعتقلين السياسيين واطلاق مبادرةالمصالحة الوطنية

على القيادات السياسية أن تدرك أن أرواح الشعب ليست ثمناً لتوليهم المناصب، لقد أصبنا بالصدمة للمدى الذي بلغه عنف التقاتل وفداحة الخسائر، لذلك كان لهذه الأحداث وقع الكارثة علينا في دولة الكويت، لأن الجرح إذا كان موجعاً عندما يصيب أي بلد عربي، فإنه شديد الألم عظيم الوقع والتأثير إذا أصاب مصر.

ألمنا عظيم، ولكن رجاءنا أعظم، في أن مصر ستتجاوز هذه المحنة، لأنها ولاّدة مبدعة قادرة على التغلب على جراحها.

رجاؤنا أن تكون هذه الأحداث جرس إنذار حتى تستفيق الإرادات الخيّرة فتوقف هذا النزف الخطير ولكننا مضطرون إلى رفع الصوت وتنبيه الجميع سواء في مصر أو في غيرها من البلاد إلى خطورة الأوضاع في منطقتنا على ضوء ما نعانيه نتيجة ما نقوم به من افعال تمليها الطائفية وينهض بها الجهل فنفعل بأنفسنا ما لا يفعله العدو بعدوه.

وإذا كانت دعوتنا صحيحة للوصول إلى الديمقراطية فما علينا سوى أن يعترف الواحد منا بالآخر، وفي حقه في الحرية والحياة، فتكون القاعدة بينهما قائمة على التكامل بدل الحرب والإلغاء، ولا يتسنى ذلك إلا بالمواطنة الحقيقية المخلصة، والانتماء للوطن قبل السلطة وقبل الحزب وقبل الطائفة.

أكرر أسفي الشديد وألمي العميق وأنا أرى ما يحدث لمصر الحبيبة راجياً من الله تعالى أن يرحم الشهداء ويعافي الجرحى، ويهدي قادتها وأصحاب الرأي فيها إلى أن يتقبلوا بعضهم بعضاً وأن يعقدوا الخناصر ويوحدوا القوى في سبيل وطنهم الغالي وأن يكون ذلك في وقت قريب حتى لا يكون بأسهم بينهم وحتى لا تذهب ريحهم فلا ينفعهم الندم ولا تشفيهم الحسرة.

حمى الله مصر وهدى ساستها وأصحاب القرار فيها إلى سواء السبيل.
 
أعلى