كشف الافتراء في طعن الإمام ابن حزم في الأئمة والعلماء / ابن تميم الظاهري

بوجسوم

عضو ذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم ..

الشيخ ابن تميم الظاهري

ذكر السائل قول ابن كثير وكذلك هو غيره من بعض النقلة للأخبار ..
أن الإمام ابن حزم الظاهري كان كثير الوقيعة في الأئمة لذلك أخذه الحكام في عصره بهذه البلية ..
وامتحن لأجلها ..

ونقول وبالله تعالى التوفيق ..

من يقول أن الإمام ابن حزم الظاهري قد سب وطعن في أئمة الدين فقد كذب عليه أو جهل حقيقة قول الإمام في المسائل التي يعترض عليها ..

وقد سمعنا هذا كثيراً من طلبة علم أو حتى علماء أثناء الدراسات العليا ..

وكان حقد بعضهم وهم مقلدة لمذهب من المذاهب الأربعة لأجل ما يقولونه أنه طعن بأئمة المذاهب الأربعة ..
لذلك كرهوه وبغضوا قولهم وكتبه .. !

وهذا كما قلت آنفاً ..
أنهم جهلوا حقيقة هذه المقولة فقلدوا بها غيرهم ممن روّج لها للتشنيع على الإمام ..

فالإمام رحمه الله تعالى لم يطعن في إمام من أئمة الاجتهاد الأربعة أو غيرهم ..
ومن ادعى غير هذا فليذكر المكان الذي طعن به في أحد من هؤلاء لنراه ونكشف ما فيه إن كان حقاً هو طعن وشتم وسب أو غيره ..

وهناك فرق بين أن أصف القول بأنه باطل أو فاسد أو جنون أو هوى ..
وبين أن أصف قائله بذلك ..

ومن أدرك هذا ارتاح وأمن من هذه التهمة الباطلة ..

قد يلزم أن يكون هذا القائل مواقع لذلك الوصف الذي وصفنا به القول ..
لكن هذا إن لم يتقدم قولنا في الثناء على قائله ومدحه وعده من أئمة الدين والهدى ..

وقد تقدم كلام الإمام فيهم بكلام نفيس غاية في الإنصاف والإحسان والبر ..

وإنما الإمام يتكلم مع خصومه الذين قلدوا هؤلاء الأئمة ..
وأبطلوا النصوص الشرعية وكانت حجته أنها مخالفة لإمامهم الذي يقلدونه في دينهم ..

فاشتد ذلك على الإمام ودافع عن النصوص وأبطل وشنّع على كل من رد النصوص الصحيحة لأجل نصرة قول إمامه ..

وكل ما يتكلم به الإمام في كتبه متجه إلى القول نفسه ولا علاقة له بالقائل ..
خاصة إن كان من أئمة الاجتهاد الذين أثنى عليهم في أكثر من رسالة وموضع وأعلى من شأنهم ..

وحتى من عاصره وشدد معه القول فعندما شنّع عليهم لترك النصوص لنصرة قول الإمام فلم يسمهم باسمهم في كل ما رد به ..

ولما أتى إلى خصم من خصومه وهو الباجي المالكي أثنى عليه وأنصفه ولم يعيبه في دينه ولا خلقه ..

وكان إذا أراد التشنيع على باطل أو بدعة لم يذكر الأشخاص بأسمائهم في كتبه إلا من اشتهر قوله بباطل أو بدعة ..
كالأصم والنظام ومن كان من أمثالهما ..

وإن أصرينا على أنه طعن في أحدهم – وهذا لا أجده على كثرة ما تتبع كتب الإمام - ..
فمن يعترض بهذا يقول ..

كلام الأقران في بعضهم ليس بحجة ..

فنبطل كلامه في ذلك الشخص مما هو في دينه أو عقله أو غيره ..
وننظر في قول ذلك القائل إن كان صحيحاً أو باطلاً ..

فلا يعني إن نفينا تلك التهمة أن نوافق القائل بما جاء به ..

وقد حطّ الثوري على أئمة في الدين فما أنقصهم ذلك ..
وحطّ كذلك غيره على أئمة فما عرّاهم من العلم ولا أفسد قولهم ..

فالعبرة بالقول وموافقته للحق اليقيني ..

ونسأل من يتجاوز حد الإنصاف ههنا ..

إذا كان الإمام يعني بتوهين القول والطعن به ..
صاحبه الذي تكلم به ..

فلماذا سماهم أئمة هدى ودين وكتب فيهم رسالة خاصة .. ؟!
وقد أدرجها البعض في كتابه الإحكام في أصول الأحكام ..

وإن كان الإمام ابن حزم قال كلمة فنحملها على الخطأ بلا تعمد ذلك ..
لما قدّمه من الثناء عليهم والانتساب إليهم ..

وإن كان هذا حاكماً على منهج ما لكان الذي سب وشتم الإمام صراحاً بكتابه ناقضاً لمذهبه ..
انظر كتاب السيف المجلى في الرد على المحلى للحنفي الهندي ..
ولدي نسخة منه وفيه الطعن الصريح والشتم والسب ..

هل نقول أن مذهب أهل الرأي باطل لأجل هذه .. ؟!

حتما لا نقول ..
بل نقول أننا نرى بطلانه من وجه آخر وليس هذا وجهه ..

وكذلك يقول أهل الرأي عن منهج أهل الظاهر ..
وإلا تحكموا وتلاعبوا في الحقائق ..

وقد يذكر هذه الفرية بعض الحاقدين على الإمام أو الجاهلين بهذه الحوادث ..
لأجل نقضه لأصولهم وفروعهم ببرهان وقوة لم يألفوها ..

حتى أن بعض مقلدي مالك يقول لأصحابه لا تناقشوا أهل الظاهر .. !

وهو أحد هؤلاء الذين كذب على الإمام ابن حزم أو نقل له خبراً مكذوباً ..
فقال به وصدع ونشره في كتبه ..

وقد تصدى له شيخنا العلامة ابن عقيل الظاهري ..
جزاه الله عنا وعن أهل الظاهر خير الجزاء ..

وقد كان الإمام في زمن تقليد ، ويندر وجود من عاصره وخرج عن هذه الرتبة ..
فكلامه في المحلى وغيره لمن عاصروه من أهل التقليد الذين قلما يقرأ أحدهم في كتب السنة ويفرق بين الصحيح والضعيف من الأثر ..
فنافروه لأجل تلك الفضيلة التي عجزوا عن إبطالها ..

ولا حاجة لأهل الظاهر إلى القول أن الإمام كان شديد الغضب وكانت به علة تجعله يكون متسرعاً لضيق في صدره ..
فكلام مثل هذا لا يقول به المنصف ..

فالإمام كتب كتبه ولم يكتب في منتديات حوار .. !
وكتب كتبه وراجعها واستدرك عليها ..

فهل يعقل أن يجد ما يطعن به بإمام من أئمة الهدى ثم لا يغيره .. ؟!
فلماذا وجدنا في كتبه التي بين أيدينا قوله : ( ثم استدركنا ، وكنا نقول كذا ، وإلى آخره من هذه النصوص المشعرة بتغيير بعد تدوين ) ..


وهناك نماذج عن هذه الأمور من كلام الإمام ..

وأدع الإمام يحكي بنفسه عن هذا ..
وقد كذب عليه شخص بعينه خفى عن الإمام أول الأمر ثم عرفه ..
ورغم ذلك رد الكذب وشنع عليه ولم يذكره باسمه ..

والأنموج الأول ..
يقول الإمام ابن حزم الظاهري في جواب عن رسالة أتته فيها تعنيف ..

قال الخصم ..
(( وهو – أي الإمام ابن حزم – ضعيف الرواية عارٍ من الشيوخ ، وإنما هي كتب حسنها وأتقنها وضبطها ، فمنها مروي مما قد رواها على شيخ أو شيخين لا أكثر ، ومنها كتب مشهورة ثابتة بيده صحيحة مثل المسانيد والمصنفات والصحيح كمسلم والبخاري ، لا يمترى في شيء منها ، ومنها ما قد خفي على المحتج لعدم الراوي لها وقلة استعمالها أو لطروئها وحدوثها في بلدتنا لم يروها علماء بلدنا ، ولا شغلوا بها ، ولا سمعوا بها فيما مضى عمن مضى ، فنافروها ولم يقبلوا عليها ، فهم لا مكذبون لها ولا عاملون بها ، ثم إنهم رأوا فيها تغليب أحاديث قد تُركت وسكت عنها الصحابة والتابعون والعلماء الماضون ، ومخالفة أحكام قد حكم بها السلف الصالح وقضوا بها واستمر الحكم عليها )) ..

فقال الإمام مجيباً ..
(( هذا كلام مخلط في غاية التناقض ، أما قولهم عنا بضعف الرواية والتعري من الشيوخ : فلو كان لهم عقول لأضربوا عن هذا ؛ لأنهم ليسوا من أهل الرواية فيعرفوا قويها من ضعيفها ، ولا اشتغلوا بها قط ساعة من الدهر ، وما يعرفون إلا المدونة على تصحيفهم لها ، وما عرفوا قط من الصحابة رضي الله عنهم رجلاً ولا من التابعين عشرة رجال ، ولا يفرقون بين تابع وصاحب سوى من ذكرنا ، فلا حياء يمنعهم من أن يتعرضوا للكلام في الرواية ، وأكثر المتكلمين في هذا الباب لا يقيمون الهجاء ، ولا يعرفون ما حديث مسند من حديث مرسل ، ولا ثقة من ضعيف ، ولا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من كعب الأحبار ، وما منهم أحد يمزج له حديث موضوع مع صحيح فيميزه ، ثم يقولون : عار من الشيوخ ، وهم ما كان لهم شيخ قط – أي في الحديث - ، ولا عمروا لمجلس حديث ، ولا اشتغلوا بتفنيده ، وإنما كان عندهم عبد الملك بن سليمان الخولاني ، فكان شيخاً صالحاً لم يكن أيضاً مكثراً من الرواية ، كان ربما ألم به بعضهم إلمام من لا يدري ما يطلب ، يخرجون من عنده كما دخلوا ، لم يعتدوا قط عنه بكلمة ، ولا اهتبلوا بما يروي بلفظه ، وإنما يقعدون عنده قعود راحة ، إذا لم يكن عليهم شغل ، ثم لم يلبث هؤلاء الخشارة أن نقضوا كذبهم خذلاناً من الله تعالى ، فشهدوا لنا بأنها كتب أتقناها وضبطناها ، منها مروي رويناه عن شيخ وشيخين ، ومنها كتب مشهورة ثابتة بأيدينا مثل المسانيد والمصنفات ، لا يمترون فيها ، وهذا ضد ما حكموا من تعرّينا من الشوخ وضعف الرواية ، فهم لا يدرون ما يقولون ، ولا يبالون بالكذب والفضيجة ، لكنا والله نصفهم بما هم أهله من أنهم ما ضبطوا قط كلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صاحب ولا عن تابع ، ولا يحسنون قراءة حديث لو وضع بأيديهم ، ولا يفرقون بين جابر بن عبد الله وجابر بن زيد وجابر بن يزيد ، ولا يفرقون بين رأي ورواية ، وأما أن من كتبنا ما خفي على المحتج لعدم الرواي لها وقلة استعمالها فما خفاء العلم على الحمير حجة على أهل العلم ، ولا قلة طلبهم لرواية السنن دليلاً على عدم الراوي ، بل الرواة ولله الحمد موجودون ، فمن أراد الله تعالى به خيراً وفّقه لطلب ما يقرب منه ، ولم يشغله عما يعينه ما لا يعينه وما لا يغني عنه من الله شيئاً ، وكذلك ليس قلة استعمالهم لتلك الكتب عيباً على الكتب ، وإنما العيب في ذلك على من ضيعها ، وحظ نفسه ضيّع لو عقل ، وأما ما ذكروه من طروئها في بلدهم ، فما بلدهم حجة على أهل العلم ، ولكن هكذا يكون إزراء السُكارى على الأصحاء ، واعتراض أهل النقص على أهل الفضل ، والعجب كله قولهم : ( علماء بلدنا ) ، وهذه والله صفة معدومة في بلدهم جملة ، فما يحسنون ولله الحمد لا رأياً ولا حديثاً ولا علماً من العلوم إلا الشاذ منهم النادر ممن هو عندهم مغموز عليه ، ( والجاهلون لأهل العلم أعداء ) ومن جهل شيئاً عاداه ، والعجب أيضاً عيبهم كتب العلم بأنهم لم يُسْمع ذكرها عندهم ولا سمعوا بها فيما مضى ، فنافروها ولم يقبلوا عليها ، إن هذا لعجب ، فإذا نافرت كتب العلم هذه الطبقة المجهولة الجاهلة فكان ماذا ؟ لقد أذكرني هذا الجنون ما حكام الأصمعي : فإنه ذكر أنه مر بكناسين على حش ، أحدهما يكيل والثاني يستقي ، والأعلى يقول للأسفل : إن المأموم سقط من عيني مذ قتل أخاه ! فما سقوط هذه الكتب عند هؤلاء الجهال إلا كسقوط المأمون من عين الكناس ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وقولهم أنهم رأوا فيها تغليب أحاديث قد تركت ، فليت شعري من تركها ؟ لئن كان تركها تارك لقد أخذ بها من هو فوقه أو مثله ، وما ضر الحديث الصحيح من تركه ، بل تاركه هو المحروم حظ الأخذ به ، فإما مخطئ مأجور في اجتهاده ، وإما عاص لله تعالى في تقليده في ترك السنة ، وأما قولهم : وسكت عنها الصحابة والتابعون والعلماء الماضون : فقد كذبوا على الصحابة والتابعين ، وعلى العلماء الماضين ، ونسبوا إليهم الباطل ، وكيف سكتوا وهم رووها ونقلوها وأقاموا بها الحجة على من بعدهم كالذي يلزمهم ، أما قولهم : ومخالفة أحكام قد حكم بها السلف الصالح ما خالفوا قط حكماً صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان واحد منهم أو اثنان خالفوا بعض ذلك فقد وافقه عير المخالف ممن هو ربما فوق المخالف له أو مثله ، والحجة كلها هي القرآن والسنة ، لا ترك تارك ولا أخذ آخذ ، والحق حق أخذ به أو ترك ، والباطل باطل أخذ به أو ترك ، وما عدا هذا فهذر وهذيان ، وبالله تعالى التوفيق ، وما نعلق أشد خلافاً لما حكم به الصحابة والتابعون منهم ، كم قصة في الموطأ خاصة لأبي بكر الصديق وعمر وعثمان وغيرهم رضي الله عنهم خالفوهم ، فمن السلف الصالح إلا هؤلاء لو عقلوا ! ، ونعوذ بالله من الخلان والجبن )) .. رسائل ابن حزم 3/82-83

رد الإمام الكذب والافتراء بالحق والصواب وشنع عليهم لأجل تعمد الكذب هذا ولم يسم الكاتب هذا الذي كتب كتاباً أو رسالة ونشرها ..

فمن يقول أنه طعن في أحد صراحة فليذكر هذا القول ..
وأما التشنيع في القول نفسه فهذا ما يقوم به خصوم الإمام ابن حزم الظاهري أيضاً ..

أما فرية أن الحكام آذوه لأجل لسانه ففسادها ليس بكلامي أنا ..
وإنما بكلام الإمام ابن حزم الظاهري ..

وهو هنا يبطل كل ما قاله من بعده أو من عاصره ليخوف الناظر من منهج أهل الظاهر ..

وقد حفظت لنا رسالته هذه هذا المعنى ..

وقد قال رحمه الله ..
(( إلى هنا انتهى ما رسموا من السخف ، وقد أوضحنا أنه كله عائد عليهم ، وهم قوم كادونا من طريق المغالبة وإثارة العامة ، فأركس الله تعالى جدودهم ، وأضرع خدودهم ، وله الحمد كثيراً ، وخابوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند السلطان ، وكتبوا الكتب الكاذبة ، فخيّب الله سعيهم ، وأبطل بغيهم ، وله الشكر واصباً ، وخسئوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند أمثالهم ، فكتبوا الكتب السخيفة إلى مثل ابن زياد بداينة ، وعبد الحق بصقلية ، فأضاع الله كيدهم ، وفلّ أَيْدَهُم ، وله المن كثيراً والفضل ، فخزوا في ذلك ، ولم يبق لهم وجه إلا مثل هذه السخافة ، فرموا سهمهم الضعيف ، فأظهر الله في ذلك عوارهم ، وأبدى عارهم ، وهو أهل الطول والمنة علينا أبداً ، فعاد جدهم حسيراً ، وحدهم كسيراً ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ))


بهذه الشهادة يعرف من ينصف نفسه وغيره كيف كادوا لهذا الإمام لأجل أنه أعلن أن الشرع في كتابه وسنته هو المرجوع إليه وهو الحق الذي لا يجوز غيره ..

وبهذه الشهادة يبطل كل كلام قاله ممن تكلم في ترجمة له وفاته قول الإمام في نفس ما يتكلمون عنه ..

وأرادوا جعله عارياً من العلم والفضل والأدب والخلق بهذه الكذبة المفتراة ..

ويزيد بعضهم أن كتب الإمام حرقت ونحو هذه الجمل للإيهام بشدة ذلك الأمر ..

وقد بين الإمام بلسان نفسه كذب كل هذا ..
وسواء حرقت بعض كتبه أو كل كتبه المطبوعة في السوق فلا يعني أن الناس كلهم حرقوا كتبه ..
ولا يعني أنهم حرقوا ما كان عنده وعند كل أحد في بيته من كتبه ..

فلا يعدو الإحراق الذي يذكرونه حرق كتب أو بعضها في السوق من بعضهم ..
فكل من حرقها حرقها تقليداً وكيداً ككيد النساء أو جهلاً ..
وما ضر علم حرق كتب حملته ..

وكما حرقوا بعض كتب الإمام أتى زمان بعده حرق فيه الحاكم كتب المذاهب ..

فحرقة بحرقة ..
والله سبحانه هو الديان ..

فهل يقولون أن هذا التحريق لكتبهم كان يدل على فساد ما فيها .. ؟!
فإن قالوا كذلك أبطلوا هذه الفرية ..

ولله تعالى الحمد وله المنة ..

أما طرده من بلده لأجل القول بالظاهر فلا يصح هذا ..
وإنما كان خروج الإمام عن بلده لأجل أمر سياسي وليس هذا ..

عندما أخذ الحكم من كان الإمام ضده ويخالفه في مسألة الحكم ..
فخرج إلى بلدة أخرى يحكمها من يعرفه الإمام لئلا يأخذه هذا الحاكم بالباطل ..
وقد أثبت هو في كتابه طوق الحمامة بعض هذه الأحداث وفي غيره ..

وكذلك كان قد سجنه أحدهم لأجل أمر سياسي لا علاقة له بمنهجه الظاهري ..
ولا يثبت هذا عنه أصلاً ..

إنما هي حكايات تروى عند بعض المتأخرين من الإخباريين ولا يصح منها شيء ..
فقد أبطل الإمام بكلامه السابق أن يكون ابن عباد وغيره قد آذوه لأجل قوله بالظاهر ..

ولو كان هذا النص عن الإمام مالك أو الشافعي أو أحمد لما رضي مقلدوه أن نقول عليه بقول الإخباريين وقد وجد نص كلامه في نفس الحادثة ..

وهذا يستحلون التشنيع به على الإمام ولا يستحلون التشنيع به إن كان عن إمام يقلدوه ..

فالحق والإنصاف أن نأخذ قول صاحب العلاقة في كلامنا ..
لا أن نهمل كلامهم ونأتي بكلام مفسر أو مؤرخ أو أصولي في صاحب ذلك القول ..


فما عدا ذلك تناقض وقول بالباطل والكذب ..
فإن جهل أحدهم هذا النص وغيره مما كتبه الإمام في هذه الحوادث فعذره أنه جاهل بهذه الحادثة ..

أما الذي يعلم فيردد هذه الكذبة فهو كذاب مفتر ..

نسأل الله السلامة والعفو والعافية ..

الأنموذج الثاني ..
وهو في الرسالة الثانية التي عنّف فيها كاتبها على الإمام كذلك حملت بين حروفها الكذب والتشنيع ..
ويظهر من خلال النصوص أن الإمام عرف كاتبها وكاتب التي نقلت منها لكنه رحمه الله لم يسم أحدهما باسمه ..
وهذه من فضائله ..

وقد قال له خصمه في الرسالة الثانية ..
(( أرجو أن يريح الله منك العباد والبلاد )) ..

فقال الإمام رحمه الله ..
(( فإنما يريح الله من الكافر العاند عن كلام الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، أما المؤمن فمستريح ، وما أقول لك إلا كما قال جرير :
تمنى رجال أن أموت ، وإن أمت * * * فتلك طريق لست فيها وحدي ..
لعل الذي يبغي وفاتي ويرتجي * * * بها قبل موتي أن يكون هو الردي ..

والله لئن مت ما أسد قبوركم ، ولا أوفر عليكم رزقاً ، ولأردن على رب رحيم ، وشفيع مقبول ، لأني كنت تبع كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، لا أتخذ دونهما وليجة ، لكن إن مت أنت ، فتقدم والله على رب خالفت كتابه ، وعلى نبي اطرحت أوامره ظهرياً ، وأطعت غيره دونه ، فأعدّ للمسألة جواباً ، وللبلاء جلباباً ، وسترد فتعلم ، ولا عليك إن مت عاجلاً أو تأخر موتي ، فلقد أبقى الله تعالى لك ولأمثالك مما أعانني الله ووفقني له حزناً طويلاً ، وخزياً جزيلاً ، وكسراً لكل رأي وقياس ، ونصراً للسنة مؤزراً ، ولينصرن الله من ينصره ، فهل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ؟!

وبعد ، فلتطب نفسك بعد أن تذيقها برد اليأس ، على أن تعارض بهوس ما في تلك الرسالة الحق الواضح ، وكيف تعارض نص القرآن والسنة ؟ هيهات من ذلك ، فاقصر هو أروح لك ، وأجمل بك إن شاء الله تعالى ، والسلام على من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته ، عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على سيدنا محمد وآله ، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل . ))
انتهت رسالته الثانية وهي في رسائل ابن حزم 3/127-128


وهذه الفرية التي ادعوها أنه كان كثير الوقيعة في الأئمة ..
ليس هذا إلا للتنفير من قوله ..

فيتوهم القارئ لكلامهم أن هذا الرجل يطعن في أئمة الدين فلا بد أن يكون جاهلاً أو داعياً إلى باطل أو بدعة ..
فيجتنب قوله ولا يلتفت إلى حجته ..

وقد كشف الله هذه الكذبة وعرّاها بكلام الإمام نفسه ..

واستمر من يعمل بالظاهر قرناً بعد قرن ..
خفي علينا أمره أو ظهر فلا فرق ..

فالله تعالى وحده الموفق والهادي إلى سواء السبيل ..
وهو الهادي والعاصم من القول في دينه بالرأي المجرد والظن ونسبة ذلك الظن إلى الدين ..

فمن كان له قول غير الذي قلنا فليذكره ..
ولا يأت بمنسوخات يستروح بها ..

فليضع إن أراد ذكر قول أحد عزو الكلام إلى كتاب فقط ..
فإن رأيت مثل هذه سأرفعها لأن الناقل لم يكلف نفسه أن يقرأ ..
أو يجادل بالباطل ..

فمن يريد الكلام فليأت بنص للإمام يصرح بطعنه بإمام من أئمة الهدى لنتدارسه ونعرف وجهه ..
فإن ثبت ذلك قلنا قد طعن ههنا ونرفعه من التعمد لذلك لبيانه أنهم أئمة الدين ولهم الأجر في اجتهادهم ..

وإن ثبت أن ذلك تشنيعاً على القول نفسه فلا يعنينا هذا ..
وقد بينا أن الطعن في القول لا يلزم منه الطعن في قائله ..

وقد نتوهمه إن لم يكن للطاعن بالقول هذا سبق كلام عمن طعن في كلامه ..
ولا يعدو أن يكون ظناً منا ولا يحل الحكم على أحد بالظن ..

وبالله تعالى التوفيق ..
والحمد لله رب العالمين ..


المصدر
http://www.aldahereyah.net/forums/s...ight=%C7%E1%C3%C6%E3%C9+%C7%E1%C3%D1%C8%DA%C9
 
التعديل الأخير:

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
جزاك الله خيرا يا بوجسوم

من المعروف أن لسان الإمام ابن حزم وسيف الحجاج سواء

ولذلك ينصح طلبة العلم أن يتعلموا العلم قبل أن يقرأوا كتب ابن حزم رحمه الله لما فيه من شدة على المخالفين

ومرة أخرى جزاك الله خيرا على النقل النافع الطيب
 

بوجسوم

عضو ذهبي
و اياك جزاك الله خيرا و المسلمين

يتبين من كلامك استاذي الفاضل انك لم تقرأ المقال :D

انت الآن رددت ما يتناقله الناس عن الإمام ابن حزم الظاهري عن ان لسان الإمام و سيف الحجاج بن يوسف شقيقان

اول من قال هذا الكلام هو أبو العباس بن العريف الصوفي ((انعم و اكرم :D )) و احس ان هذا الكلام يعد انتقاصاً للإمام و لا ينبغي ترديد هذا القول و لا يليق اصلاً الكلام عن هكذا امور بأعلام الإسلام و رموزه.

صدق حين قال الإمام النحرير الجهبذ فخر الأندلس ابومحمد ابن حزم الأندلسي الظاهري:

هل عيبهم لي غيرَ أن لا أقول بالرأي إذ في رأيِهِم فِتَنُ
وأنني مولَعٌ بالنصِ لست ُإلى سواهُ أنحو ولا في نصرهِ أَهِنُ
لا أنثني نحوَ آراءٍ يقالُ بِها في الدينِ بل حسبيَ القرآنُ والسُنَنُ

بنظري المتواضع, لا يسعني ان اقول اكثر مما قاله الشيخ ابن تميم الظاهري رداً على موضوع الأخ رامي في دارة أهل الظاهر و في الموضوع الذي نقلته انا هنا للقسم الديني و سأعطيك رابط الموضوع بإذن الله:

لسان ابن حزم و سيف خالد ابن الوليد المسلول شقيقان في الرد على أهل الباطل.

و رحم الله الإمام الجهبذ ابن حزم الظاهري رحمةً واسعة و جميع المسلمين

رابط موضوع : حتى لسان ابن حزم لم يسلم من القياس
 
التعديل الأخير:

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
و اياك جزاك الله خيرا و المسلمين

يتبين من كلامك استاذي الفاضل انك لم تقرأ المقال :D

انت الآن رددت ما يتناقله الناس عن الإمام ابن حزم الظاهري عن ان لسان الإمام و سيف الحجاج بن يوسف شقيقان

اول من قال هذا الكلام هو أبو العباس بن العريف الصوفي ((انعم و اكرم :D )) و احس ان هذا الكلام يعد انتقاصاً للإمام و لا ينبغي ترديد هذا القول و لا يليق اصلاً الكلام عن هكذا امور بأعلام الإسلام و رموزه.

صدق حين قال الإمام النحرير الجهبذ فخر الأندلس ابومحمد ابن حزم الأندلسي الظاهري:

هل عيبهم لي غيرَ أن لا أقول بالرأي إذ في رأيِهِم فِتَنُ
وأنني مولَعٌ بالنصِ لست ُإلى سواهُ أنحو ولا في نصرهِ أَهِنُ
لا أنثني نحوَ آراءٍ يقالُ بِها في الدينِ بل حسبيَ القرآنُ والسُنَنُ

بنظري المتواضع, لا يسعني ان اقول اكثر مما قاله الشيخ ابن تميم الظاهري رداً على موضوع الأخ رامي في دارة أهل الظاهر و في الموضوع الذي نقلته انا هنا للقسم الديني و سأعطيك رابط الموضوع بإذن الله:

لسان ابن حزم و سيف خالد ابن الوليد المسلول شقيقان في الرد على أهل الباطل.

و رحم الله الإمام الجهبذ ابن حزم الظاهري رحمةً واسعة و جميع المسلمين

رابط موضوع : حتى لسان ابن حزم لم يسلم من القياس



عيب عليك يا بوجسوم أنت الأستاذ لست أنا

وأنا أحب الإمام ابن حزم حبا جما وأتبعه في كثير من الآراء الفقهية والتي صح معه الدليل

وما أقصد أن لسانه وسيف الحجاج على السبيل الذم بل على سبيل المدح

وذلك أن سيف الحجاج كان يقتل بالشبهة وهذا كان ظلم منه أم إبن حزم رحمه الله فلم يكن يترك الشبهة ولكن هذا من محاسنه.

وإن كان تصحيح العبارة إلى سيف خالد أولى وأفضل وأليق بهذا الإمام العالم الثبت الجهبذ.

وقد قرأت المقالة كاملا فجزاك الله خيرا مرتين على نقل المقالة وعلى تصحيح لي العبارة

والحمد لله رب العالمين
 

بوجسوم

عضو ذهبي
عيب عليك يا بوجسوم أنت الأستاذ لست أنا

وأنا أحب الإمام ابن حزم حبا جما وأتبعه في كثير من الآراء الفقهية والتي صح معه الدليل

وما أقصد أن لسانه وسيف الحجاج على السبيل الذم بل على سبيل المدح

وذلك أن سيف الحجاج كان يقتل بالشبهة وهذا كان ظلم منه أم إبن حزم رحمه الله فلم يكن يترك الشبهة ولكن هذا من محاسنه.

وإن كان تصحيح العبارة إلى سيف خالد أولى وأفضل وأليق بهذا الإمام العالم الثبت الجهبذ.

وقد قرأت المقالة كاملا فجزاك الله خيرا مرتين على نقل المقالة وعلى تصحيح لي العبارة

والحمد لله رب العالمين

يا استاذي الفاضل, انا حتى لم اصل الى درجة طليب علم :D , و انت ما شاء الله عليك بحر و انا اعتبر نفسي هاوي و طالب امامك استاذي الفاضل :وردة:

انت عكس بعض الناس هنا الذين يأتون بكلام عن الإمام بقصد الإنتقاص منه و بطريقة غير مباشرة و هذا بسبب سلامة منهجك و اسأل الله لي و لك و المسلمين الثبات على الصراط المستقيم.

و انصحك بقراءة كتب الإمام ابن حزم و لا تلتفت للأصوات التي تذم بالإمام و تحط من قدره و الذين الاحظهم يكررون و يرددون هذا المثل الذي قاله ابوالعباس بن العريف الصوفي بقصد الإنتقاص منه....
و الدليل على ما اقوله موجود في ملتقى أهل الحديث و منتدى الآلوكة....

المهم, جزاك الله الفردوس الأعلى و اشكرك على المشاركة
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
يا استاذي الفاضل, انا حتى لم اصل الى درجة طليب علم :D , و انت ما شاء الله عليك بحر و انا اعتبر نفسي هاوي و طالب امامك استاذي الفاضل :وردة:

انت عكس بعض الناس هنا الذين يأتون بكلام عن الإمام بقصد الإنتقاص منه و بطريقة غير مباشرة و هذا بسبب سلامة منهجك و اسأل الله لي و لك و المسلمين الثبات على الصراط المستقيم.

و انصحك بقراءة كتب الإمام ابن حزم و لا تلتفت للأصوات التي تذم بالإمام و تحط من قدره و الذين الاحظهم يكررون و يرددون هذا المثل الذي قاله ابوالعباس بن العريف الصوفي بقصد الإنتقاص منه....
و الدليل على ما اقوله موجود في ملتقى أهل الحديث و منتدى الآلوكة....

المهم, جزاك الله الفردوس الأعلى و اشكرك على المشاركة


جزاك الله خيرا يا بوجسوم وقد درست للإمام ابن حزم بعض كتبه وكثيرا ما أنظر في المحلى.

ولكني أخذ بهذا الأدب وأقرأ في كتبه إن شاء الله تعالى

وجزاكم الله خيرا أخي الحبيب وغفر الله لك
 

بوجسوم

عضو ذهبي
بارك الله فيك اخي بوعمر و ادعوك للمشاركة في منتدى أهل الظاهر المبارك و جزاك الله كل الخير :)
 
أعلى