صوت النهار
وإسرائيل «الشقيقة»!!
وإسرائيل «الشقيقة»!!
لم تشأ وزيرة خارجية اسرائيل أن تنتهي زيارتها الميمونة للعاصمة القطرية دون أن تطلق بالون سياسة يصلح للتحليق في مؤتمر لحزب «الليكود»، ولكنه بالقطع لا يصلح للتداول في أي ميزان عربي. لقد جاء تصريح الوزيرة الاسرائيلية ليضخ دعاوى فاسدة يمكن أن تنفع في كسب المزيد من الاصوات في الإدارة الأميركية، ولكنها بالتأكيد قد فشلت في تعديل أي موقف، ولو لمواطن عربي واحد تجاه ما حملته من زعم كاذب ومن تحايل على الوقائع، ناهيك بالقفز فوق حقائق التاريخ والجغرافيا. قالت الوزيرة الاسرائيلية «فض فوها»، ان اسرائيل ليست عدواً للعرب، بل ايران وحزب الله وحماس أعداء العرب! نعم، هذا ما قالته الوزيرة الاسرائيلية وهي تحسب أن انكسار العرب المستمر، وان صراعاتهم المعيبة قد أفقدت الشعوب العربية عقولها، وأدخلتهم في حالة الجنون السياسي الدائم. أرادت الوزيرة الاسرائيلية لنا أن نخسر كل شيء بقي لنا من العقل والواقع والرؤية، وخاطبتنا وكأننا قطيع من بهائم العصر التي أضاعت بوصلة الفهم وخرجت على الدنيا من غير ذاكرة حية أو من دون أن تملك أبسط مفاهيم العداوة والوعي القومي. ولولا ذلك الشطط، كيف كان يمكن للوزيرة الاسرائيلية أو لأي اسرائيلي أن يتحدث بمثل ما تفوهت به هذه الوزيرة أو أن يجرؤ على تحديد من هم أعداء العرب ومن هم أصدقاؤهم بهذه الروحية المستخفة بالحقائق. تقول الوزيرة الاسرائيلية ان اسرائيل ليست عدو العرب، فاذا لم تكن اسرائيل كذلك فكيف يكون الأعداء إذن؟ وكيف تكون الصداقة إذا كان القائل يمثل دولة قامت باغتصاب فلسطين وشردت الملايين من أبناء شعبها وتطحن في كل ساعة من كل يوم عظام أطفالها تحت جنازير الدبابات، وتغرق هذا الشعب الفلسطيني العظيم في شلالات من دماء نسائه ورجاله؟ وإذا لم تكن اسرائيل هي العدو للعرب فكيف نفهم احتلالها للأراضي العربية في فلسطين وسورية ولبنان، وإصرارها على تحويل غزة إلى عنوان لمذبحة يومية مستمرة منذ عامين، ناهيك بكل ما فعلته بحقوق شعب فلسطين و بسيادة وحقوق مصر وسورية والاردن ولبنان على مدى خمسين عاماً من قيامها؟ لم يكن ينقص المقولة الاسرائيلية إلا الزعم أن اسرائيل هي صديقة العرب وأنها الحافظة لوحدة أراضيهم والحريصة على وحدتهم وعلى تقدمهم وسلامهم وأمنهم؟ لم يكن ينقص الوزيرة الاسرائيلية إلا مطالبة العرب بفك الحصار عن غزة اليهودية والتوقف عن الاستيلاء على الاراضي الاسرائيلية واطلاق سراح عشرات الألوف من السجناء الاسرائيليين والانسحاب من الاراضي الاسرائيلية في الضفة والقطاع والجولان وجنوب لبنان! ان الوزيرة الاسرائيلية تؤكد أن الذين يستحقون الموت هم الذين يحملون وهم السلام الاسرائيلي، ويتطلعون إلى يوم تسمح لهم فيه اسرائيل أن يدفنوا آخر ما يملكون من حق وعقل وقوة. ولتقبل اسرائيل بأية مبادرة عربية أو أي قرار أممي وبعدها فلتترك لنا نحن أن نحدد من هم أعداؤنا ومن هم أصدقاؤنا وحلفاؤنا وأبناء كفاحنا القومي. لتترك لنا نحن أن نقرر كيف تكون علاقاتنا مع الآخرين وكيف نبني حياتنا الحرة بعيداً عن كل أشكال العدوان والتدخل وبعيداً عن الأوهام التي تريد اسرائيل زرعها في عقولنا التي لم نطرحها للبيع بعد.
http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=65261جريدة النهار الكويتية