رحلتي المثيرة من داعية بارع للتشيع.. الى داعية أبرع لفضح أكذوبة عقيدتي (الامامة)، و (المهدي المنتظر)..! – الجزء الثاني من شهادة (أحمد الكاتب)
في سنة 1982 كانت الحرب العراقية الإيرانية بدأت تأخذ طابعا عبثيا ودمويا رهيبا، وأخذ السيد الشيرازي يدعو الى إيقافها ويقول: بأنها تسير في طريق مسدود، ويدعو أعضاء المنظمة للخروج من إيران. وفي هذه الفترة فضلت الاستقالة من منظمة العمل والتوجه نحو إكمال دراساتي الحوزوية التي أهملتها منذ خرجت من العراق.
وفي عام 1985 دعاني السيد المدرسي الى التدريس في (حوزة الإمام القائم) التي كان يشرف عليها وتضم طلبة من السعودية والخليج وبعض العراقيين والأفغان وغيرهم، وتقع على مشارف طهران الشرقية في منطقة تسمى (مامازند). وكانت أشبه بمدرسة كوادر حركية منها بحوزة علمية ، حيث كان الطلبة يجمعون بين الدراسة الفقهية والإسلامية وبين العمل التنظيمي والقيام بمهمات حركية مختلفة.
وبعد سقوط نظام جعفر النميري في السودان قررنا إنشاء فرع للحركة في السودان ، وقمت بالسفر عبر سوريا والقاهرة الى الخرطوم . وبقيت حوالي أربعين يوما قمت خلالها بالاتصال بمجموعة طلبة جامعيين وشيعت بعضهم ، وبعد ان كونت نواة شيعية قمنا بجلب بعض الأخوة الى (الحوزة القائمية) ليشكلوا بداية حركة شيعية في السودان . وبالطبع لم تكن للحكومة الإيرانية أية علاقة بالموضوع.
• دراسة نظرية (ولاية الفقيه) :
كانت تجربة الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشكل بالنسبة لنا نحن الشيعة العراقيين نموذجا صالحا للتطبيق في العراق، وكنا في منظمة العمل الإسلامي أقرب ما نكون الى نظرية (ولاية الفقيه) التي قام على أساسها النظام الإيراني، حيث كنا ندعو الى نفس النظرية في العراق. ولكن النظرية لم تكن واضحة لدى الجميع بالتفصيل ومنذ البداية، ولذلك قررت منذ السنوات الأولى لوصولي الى طهران دراسة التجربة الإيرانية بدقة. وقد أخذت على الدستور الإيراني انه لا يعطي الفقيه صلاحية كاملة في الحكم، ويشرك معه رئيس الجمهورية، وتمنيت لو أن الخبراء الذين وضعوا الدستور يعطون الفقيه ولاية كاملة بمنحه حق تشكيل مجلس خبراء ومجلس وزراء ، ولا يدسون في الدستور “نظريات ديموقراطية غربية ليبرالية”. وكنت اقف نظريا الى جانب الحزب الجمهوري الإسلامي في صراعه مع رئيس الوزراء مهدي بازركان و رئيس الجمهورية الأول بني صدر.
وفي سنة 1988 حدثت أزمة في إيران بين مجلس الشورى ووزارة العمل، وبين مجلس صيانة الدستور، حول قانون العمل الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشورى ثمان مرات خلال ثمان سنوات، وعارضه مجلس صيانة الدستور الذي وجد فيه مخالفة لبعض القوانين الإسلامية. وهنا استعان وزير العمل بالإمام الخميني وطلب منه دعم القانون ، خوفا من تحول العمال الى الشيوعية والمعارضة اليسارية ، فأجاز له الإمام العمل بالقانون قبل ان يأخذ صيغته القانونية النهائية. وهنا اعترض رئيس الجمهورية السيد علي الخامنئي ، وأعضاء في مجلس صيانة الدستور ، فألقى الإمام الخميني خطابا مهما جدا وطرح نظرية (ولاية الفقيه المطلقة) وقال : إن ولايته شعبة من ولاية الله والرسول والأئمة المعصومين ، وإن له الحق بتجاوز القانون ، وبمخالفة أية اتفاقية شرعية يعقدها مع الشعب ، إذا رأى بعد ذلك بأنها مخالفة لمصالح البلاد أو مخالفة للإسلام.
وقد استوقفني هذا الخلاف الدستوري، وأحيا لدي رغبة قديمة في دراسة التجربة الإيرانية، فقررت القيام بدراسة اجتهادية دقيقة لموضوع (ولاية الفقيه) من مصادرها الأصولية والفقهية القديمة. واشتغلت سنة كاملة على هذا الموضوع الذي ساعدني السيد صادق الشيرازي على توفير بعض مصادره المجهولة. ودرَّست الموضوع في مائة درس في حوزة القائم. وحصلت لي بعض الملاحظات البسيطة التي اختلفت فيها عن رأي الإمام الخميني.
وقبل أن أكتب الموضوع بصورته النهائية ، فكرت بعمل مقدمة تاريخية له تستعرض آراء ومواقف علماء الشيعة خلال ألف عام ، أي زمن (الغيبة الكبرى) ، من موضوع نظرية (ولاية الفقيه). وأثناء بحث موضوع المقدمة الذي كنت اشتغل فيه سنة 1990 ذهبت الى زيارة الامام الرضا في مشهد خراسان ، وهناك تعرفت على مكتبة خاصة تابعة لمركز دراسات يديره السيد جواد الشهرستاني، ووجدت فيه حوالي مائة موسوعة فقهية شيعية تغطي فترة (الغيبة الكبرى) أي ألف عام من تاريخ الفقه الجعفري الامامي الاثني عشري، وانكببت عليها أتابع ما يتعلق منها بمواضيع الثورة والسياسة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخمس والزكاة والأنفال وصلاة الجمعة والحدود ، وما الى ذلك من المواضيع التي تتعلق بالحكومة.
• تناقض نظريتي (التقية والانتظار) و (ولاية الفقيه) :
ولشد ما كانت دهشتي عندما وجدت فيها نظريتين متميزتين ، الأولى : نظرية التقية والانتظار للامام المهدي المنتظر الغائب، والثاني: نظرية ولاية الفقيه. ووجدت أن هذه النظرية تطورت منذ حوالي المائتي عام، على أساس نظرية (نيابة الفقهاء عن الامام المهدي) التي ولدت كجنين صغير في ظل (غيبة الامام) تم تطورت وتطورت الى أن أصبحت تشمل قضايا سياسية قريبة من الدولة، كإعطاء الفقهاء الإجازة للملوك للحكم نيابة عنهم ، باعتبارهم مصدر الشرعية الدستورية في عصر الغيبة ، لأنهم نواب الامام المهدي . وأول من طبق هذه النظرية كان المحقق الشيخ علي عبد العالي الكركي، عندما منح الشاه الصفوي (طهماسب) الإجازة للحكم باسمه. أما قبل ذلك التاريخ فقد كانت تخيم على الشيعة نظرية التقية والانتظار، التي كانت تحرم إقامة الدولة في عصر الغيبة، الا عند ظهور الامام المهدي، وذلك تبعا لنظرية الإمامة الإلهية التي كانت تشترط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في الامام.
ومن هنا وجدت تناقضا كبيرا بين النظريتين، وأن النظرية الثانية (ولاية الفقيه) تعتبر انقلابا على نظرية التقية والانتظار. خلافا لما كنت اعتقد حتى ذلك الوقت من أن نظرية ولاية الفقيه (أو المرجعية الدينية) هي امتداد لنظرية الإمامة ، وقد أوصى بها الامام المهدي لدى غيبته كنظام سياسي للشيعة في ظل (الغيبة الكبرى). وقلت إذا كان ذلك صحيحا فلماذا لم يعرفه جميع علماء الشيعة الأقدمون الذين كانوا يلتزمون بنظرية التقية والانتظار؟
ولإكمال الصورة كان علي أن أبحث فترة (الغيبة الصغرى) التي امتدت حوالي سبعين عاما بعد وفاة الامام الحسن العسكري سنة 260 هـ ، والتي يقال إن ولده (محمد المهدي المنتظر) كان يتصل فيها بمجموعة وكلاء أو نواب خاصين ، الى أن انقطعت النيابة الخاصة بوفاة النائب الرابع محمد بن علي الصيمري سنة 329 هـ. وذلك لأرى ما هي النظرية السياسية التي كان يلتزم بها أولئك “النواب الخاصون”؟ وهذا ما جرني الى بحث موضوع فترة الغيبة الصغرى. وهنا بدأت أتعرف لأول مرة على مسألة وجود (الامام محمد بن الحسن العسكري) وما كان يلفها من غموض وتساؤلات.
وبالرغم من كوني نشأت في بيئة دينية شيعية ودرست في الحوزة حتى أكملت (السطوح) وسنوات من درس (الخارج) أي الدراسات العليا ، وانخرطت في حركة سياسية تعمل من أجل تطبيق نظرية سياسية تقوم على فكرة وجود (الامام المهدي) ، وكتبت حوالي خمسة عشر كتابا حول أئمة أهل البيت والفكر الشيعي الامامي ، وقمت بالدعوة لهذا الفكر حتى أسست حركة شيعية في السودان.. الا أنى لم أكن قد سمعت بوجود عدة نظريات شيعية أو اختلاف داخلي حول وجود أو عدم وجود ذلك (الامام الثاني عشر) الذي كنت اعتبره حقيقة لا يعتريها الشك ، وبديهة عشت عليها وانتظر قدومها في أية لحظة.
أتذكر هنا أن الخطيب السيد محمد كاظم القزويني كان يبشر سنة 1398 هـ وهو في كربلاء بأن موعد ظهور الامام المهدي قد اقترب وانه سيحل بعد 12 عاما فقط ، ويلوح بيديه هكذا. ولذلك فقد استقبلت نبأ قيام (المهدي المنتظر) في مكة سنة 1400 هـ بالترحاب ، وتوقعت ان يكون هو ذلك الامام ، الذي تبين فيما بعد انه (محمد بن عبد الله القحطاني) رفيق (جهيمان العتيبي).
يتبع..
في سنة 1982 كانت الحرب العراقية الإيرانية بدأت تأخذ طابعا عبثيا ودمويا رهيبا، وأخذ السيد الشيرازي يدعو الى إيقافها ويقول: بأنها تسير في طريق مسدود، ويدعو أعضاء المنظمة للخروج من إيران. وفي هذه الفترة فضلت الاستقالة من منظمة العمل والتوجه نحو إكمال دراساتي الحوزوية التي أهملتها منذ خرجت من العراق.
وفي عام 1985 دعاني السيد المدرسي الى التدريس في (حوزة الإمام القائم) التي كان يشرف عليها وتضم طلبة من السعودية والخليج وبعض العراقيين والأفغان وغيرهم، وتقع على مشارف طهران الشرقية في منطقة تسمى (مامازند). وكانت أشبه بمدرسة كوادر حركية منها بحوزة علمية ، حيث كان الطلبة يجمعون بين الدراسة الفقهية والإسلامية وبين العمل التنظيمي والقيام بمهمات حركية مختلفة.
وبعد سقوط نظام جعفر النميري في السودان قررنا إنشاء فرع للحركة في السودان ، وقمت بالسفر عبر سوريا والقاهرة الى الخرطوم . وبقيت حوالي أربعين يوما قمت خلالها بالاتصال بمجموعة طلبة جامعيين وشيعت بعضهم ، وبعد ان كونت نواة شيعية قمنا بجلب بعض الأخوة الى (الحوزة القائمية) ليشكلوا بداية حركة شيعية في السودان . وبالطبع لم تكن للحكومة الإيرانية أية علاقة بالموضوع.
• دراسة نظرية (ولاية الفقيه) :
كانت تجربة الحكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تشكل بالنسبة لنا نحن الشيعة العراقيين نموذجا صالحا للتطبيق في العراق، وكنا في منظمة العمل الإسلامي أقرب ما نكون الى نظرية (ولاية الفقيه) التي قام على أساسها النظام الإيراني، حيث كنا ندعو الى نفس النظرية في العراق. ولكن النظرية لم تكن واضحة لدى الجميع بالتفصيل ومنذ البداية، ولذلك قررت منذ السنوات الأولى لوصولي الى طهران دراسة التجربة الإيرانية بدقة. وقد أخذت على الدستور الإيراني انه لا يعطي الفقيه صلاحية كاملة في الحكم، ويشرك معه رئيس الجمهورية، وتمنيت لو أن الخبراء الذين وضعوا الدستور يعطون الفقيه ولاية كاملة بمنحه حق تشكيل مجلس خبراء ومجلس وزراء ، ولا يدسون في الدستور “نظريات ديموقراطية غربية ليبرالية”. وكنت اقف نظريا الى جانب الحزب الجمهوري الإسلامي في صراعه مع رئيس الوزراء مهدي بازركان و رئيس الجمهورية الأول بني صدر.
وفي سنة 1988 حدثت أزمة في إيران بين مجلس الشورى ووزارة العمل، وبين مجلس صيانة الدستور، حول قانون العمل الذي قدمته الحكومة وأقره مجلس الشورى ثمان مرات خلال ثمان سنوات، وعارضه مجلس صيانة الدستور الذي وجد فيه مخالفة لبعض القوانين الإسلامية. وهنا استعان وزير العمل بالإمام الخميني وطلب منه دعم القانون ، خوفا من تحول العمال الى الشيوعية والمعارضة اليسارية ، فأجاز له الإمام العمل بالقانون قبل ان يأخذ صيغته القانونية النهائية. وهنا اعترض رئيس الجمهورية السيد علي الخامنئي ، وأعضاء في مجلس صيانة الدستور ، فألقى الإمام الخميني خطابا مهما جدا وطرح نظرية (ولاية الفقيه المطلقة) وقال : إن ولايته شعبة من ولاية الله والرسول والأئمة المعصومين ، وإن له الحق بتجاوز القانون ، وبمخالفة أية اتفاقية شرعية يعقدها مع الشعب ، إذا رأى بعد ذلك بأنها مخالفة لمصالح البلاد أو مخالفة للإسلام.
وقد استوقفني هذا الخلاف الدستوري، وأحيا لدي رغبة قديمة في دراسة التجربة الإيرانية، فقررت القيام بدراسة اجتهادية دقيقة لموضوع (ولاية الفقيه) من مصادرها الأصولية والفقهية القديمة. واشتغلت سنة كاملة على هذا الموضوع الذي ساعدني السيد صادق الشيرازي على توفير بعض مصادره المجهولة. ودرَّست الموضوع في مائة درس في حوزة القائم. وحصلت لي بعض الملاحظات البسيطة التي اختلفت فيها عن رأي الإمام الخميني.
وقبل أن أكتب الموضوع بصورته النهائية ، فكرت بعمل مقدمة تاريخية له تستعرض آراء ومواقف علماء الشيعة خلال ألف عام ، أي زمن (الغيبة الكبرى) ، من موضوع نظرية (ولاية الفقيه). وأثناء بحث موضوع المقدمة الذي كنت اشتغل فيه سنة 1990 ذهبت الى زيارة الامام الرضا في مشهد خراسان ، وهناك تعرفت على مكتبة خاصة تابعة لمركز دراسات يديره السيد جواد الشهرستاني، ووجدت فيه حوالي مائة موسوعة فقهية شيعية تغطي فترة (الغيبة الكبرى) أي ألف عام من تاريخ الفقه الجعفري الامامي الاثني عشري، وانكببت عليها أتابع ما يتعلق منها بمواضيع الثورة والسياسة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخمس والزكاة والأنفال وصلاة الجمعة والحدود ، وما الى ذلك من المواضيع التي تتعلق بالحكومة.
• تناقض نظريتي (التقية والانتظار) و (ولاية الفقيه) :
ولشد ما كانت دهشتي عندما وجدت فيها نظريتين متميزتين ، الأولى : نظرية التقية والانتظار للامام المهدي المنتظر الغائب، والثاني: نظرية ولاية الفقيه. ووجدت أن هذه النظرية تطورت منذ حوالي المائتي عام، على أساس نظرية (نيابة الفقهاء عن الامام المهدي) التي ولدت كجنين صغير في ظل (غيبة الامام) تم تطورت وتطورت الى أن أصبحت تشمل قضايا سياسية قريبة من الدولة، كإعطاء الفقهاء الإجازة للملوك للحكم نيابة عنهم ، باعتبارهم مصدر الشرعية الدستورية في عصر الغيبة ، لأنهم نواب الامام المهدي . وأول من طبق هذه النظرية كان المحقق الشيخ علي عبد العالي الكركي، عندما منح الشاه الصفوي (طهماسب) الإجازة للحكم باسمه. أما قبل ذلك التاريخ فقد كانت تخيم على الشيعة نظرية التقية والانتظار، التي كانت تحرم إقامة الدولة في عصر الغيبة، الا عند ظهور الامام المهدي، وذلك تبعا لنظرية الإمامة الإلهية التي كانت تشترط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية في الامام.
ومن هنا وجدت تناقضا كبيرا بين النظريتين، وأن النظرية الثانية (ولاية الفقيه) تعتبر انقلابا على نظرية التقية والانتظار. خلافا لما كنت اعتقد حتى ذلك الوقت من أن نظرية ولاية الفقيه (أو المرجعية الدينية) هي امتداد لنظرية الإمامة ، وقد أوصى بها الامام المهدي لدى غيبته كنظام سياسي للشيعة في ظل (الغيبة الكبرى). وقلت إذا كان ذلك صحيحا فلماذا لم يعرفه جميع علماء الشيعة الأقدمون الذين كانوا يلتزمون بنظرية التقية والانتظار؟
ولإكمال الصورة كان علي أن أبحث فترة (الغيبة الصغرى) التي امتدت حوالي سبعين عاما بعد وفاة الامام الحسن العسكري سنة 260 هـ ، والتي يقال إن ولده (محمد المهدي المنتظر) كان يتصل فيها بمجموعة وكلاء أو نواب خاصين ، الى أن انقطعت النيابة الخاصة بوفاة النائب الرابع محمد بن علي الصيمري سنة 329 هـ. وذلك لأرى ما هي النظرية السياسية التي كان يلتزم بها أولئك “النواب الخاصون”؟ وهذا ما جرني الى بحث موضوع فترة الغيبة الصغرى. وهنا بدأت أتعرف لأول مرة على مسألة وجود (الامام محمد بن الحسن العسكري) وما كان يلفها من غموض وتساؤلات.
وبالرغم من كوني نشأت في بيئة دينية شيعية ودرست في الحوزة حتى أكملت (السطوح) وسنوات من درس (الخارج) أي الدراسات العليا ، وانخرطت في حركة سياسية تعمل من أجل تطبيق نظرية سياسية تقوم على فكرة وجود (الامام المهدي) ، وكتبت حوالي خمسة عشر كتابا حول أئمة أهل البيت والفكر الشيعي الامامي ، وقمت بالدعوة لهذا الفكر حتى أسست حركة شيعية في السودان.. الا أنى لم أكن قد سمعت بوجود عدة نظريات شيعية أو اختلاف داخلي حول وجود أو عدم وجود ذلك (الامام الثاني عشر) الذي كنت اعتبره حقيقة لا يعتريها الشك ، وبديهة عشت عليها وانتظر قدومها في أية لحظة.
أتذكر هنا أن الخطيب السيد محمد كاظم القزويني كان يبشر سنة 1398 هـ وهو في كربلاء بأن موعد ظهور الامام المهدي قد اقترب وانه سيحل بعد 12 عاما فقط ، ويلوح بيديه هكذا. ولذلك فقد استقبلت نبأ قيام (المهدي المنتظر) في مكة سنة 1400 هـ بالترحاب ، وتوقعت ان يكون هو ذلك الامام ، الذي تبين فيما بعد انه (محمد بن عبد الله القحطاني) رفيق (جهيمان العتيبي).
يتبع..