هل يصح أن نقول : الآيات والأحاديث بينها ( تناقض ) أو ( تعارض ) ؟!

جاء رجل إلى العلامة محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني ، فقال له : هذان الحديثان بينهما ( تعارض ) !! فقال له الشيخ الألباني رحمه الله : ( التعارض موجود في مخك ، بل قل : ظاهرهما التعارض ) .

وهذه تربية من الشيخ الألباني رحمه الله للتأدب مع كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، حيث أن كلام الله ورسوله لا يمكن أن يوجد فيه ( التعارض ) و ( التناقض ) ، بل ولا يوجد فيها إشكال .

وكثير من اعتراضات المخالفين للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، هو استدلالهم بنصوص الكتاب والسنة التي يوهم ظاهرها ( التناقض ) و ( التعارض ) ، وهذه الاعتراضات منشؤها : الجهل ، أو اتباع الهوى ، أو كليهما .

ومن ( توهم ) التعارض أو التناقض ، فهذا بسبب : جهله ، أو قصور علمه ، أو سقم فهمه ، فالخلل في المتلقي وليس في المُلقِي ، وليس من الأدب ولا الإجلال لكلام الله ورسوله أن يقول الإنسان : توجد آيات متناقضة أو أحاديث متعارضة ، فالمعصوم لا يمكن أن يناقض نفسه أو أن يقول كلاماً يتعارض مع نفسه .

لذلك اعتنى العلماء رحمهم الله بتأليف المؤلفات في نصوص الكتاب والسنة التي يكون في ظاهرها : ( إشكال ) أو ( تعارض ) أو ( تناقض ) ، ومن الأبواب التي وضعها علماء الحديث في علم ( مصطلح الحديث ) : باب ( مختلِِف الحديث ) وباب ( مشكِل الحديث ) .

ويعنون بـ ( مشكل الحديث ) : الأحاديث التي في ظاهرها إشكال ، ويقوم العلماء بجمعها وحصرها لدفع الإشكال المتوهم فيها ، ويعنون بـ ( مختلِف الحديث ) : الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض والتناقض ، فيقوم العلماء بذكر هذه الأحاديث ويحاولون التوفيق بينها بما آتاهم الله من علم غزير وفهم دقيق .

وللعلماء كلمات نفيسة في أهمية هذين البابين ومن برز فيهما ، فقد قال الإمام ابن حزم رحمه الله عن علم ( مختلف الحديث ) : ( وهذا من أدق ما يمكن أن يعترض أهل العلم من تأليف النصوص وأغمضه وأصعبه ) ، وقال الحافظ النووي رحمه الله : ( هذا فنٌ من أهمِّ الأنواع، ويضطرُّ إلى معرفته جميع العلماء من الطوائف ) ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فإن تعارض دلالات الأقوال وترجيح بعضها على بعض بحر خضم ) ، وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله : ( لا أعرف حديثين متضادين، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما ) .

ومن المؤلفات في هذا الباب :

١ - مشكل الآثار للطحاوي .

٢ - تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة .

٣ - اختلاف الحديث للشافعي .

وكذلك ، ينبغي للمتلقي ولطالب العلم أن ينتبه أنه يوجد آيات وأحاديث منسوخة ، فلا ينبغي أن يضرب الناسخ بالمنسوخ ، فيقول : هنا تعارض أو تناقض ، فإن النسخ حكم شرعي ، ويجب العمل به وترك النصوص المنسوخة ، ويجب العمل بالنصوص الناسخة .

ومن المؤلفات في باب ( الناسخ والمنسوخ ) سواءً في الآيات أو الأحاديث :

١ - الناسخ والمنسوخ لابن الجوزي ( في الحديث ) .

٢ - الاعتبار بما في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ( وهو أجمع كتب الناسخ والمنسوخ في الحديث ) .

٣ - الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن حزم .

وكذلك توجد أبواب في علم ( أصول الفقه ) وضعها العلماء رحمهم الله للتوفيق لبيان النصوص العامة وبيان النصوص التي تخصصها ، والنصوص التي فيها إطلاق في المعنى ، وتوجد نصوص تقيدها ، والنصوص التي تكون مجملة في معانيها وذكر النصوص الأخرى التي تبينها ، فوضعوا باب ( العام والخاص ) وباب ( والمطلق والمقيد ) وباب ( المجمل والمبين ) وغيرها من الأبواب .

وليس المقصود هنا استيفاء أقوال العلماء في هذه الأبواب ، بل المقصود هو التنبيه على أن العلماء رحمهم الله لم يتركوا نصوص الكتاب والسنة التي يكون في ظاهرها ( التعارض ) و ( التناقض ) بل تكلموا عليها وقاموا بتوجيهها وبيان معانيها .

فائدة : ليس من الأدب أن تقول : ( هذا الحديث يستدل به المخالفون - سواءً المخالفين في المذهب العقدي أو المذهب الفقهي - ، والرد عليه كذا ) ، هذا ليس من الأدب ، بل هو من سوء الأدب ، لأنه لا يجوز لك أن ترد على نصوص الكتاب والسنة ، بل الأدب أن تقول : وتوجيه هذا الحديث أو هذه الآية هو كذا وكذا ، ولا تقول : والرد عليها كذا وكذا .

وهذا الأبواب والكتب كلها في الآيات والأحاديث ( الصحيحة ) ، وإلا فإن بعض الناس قد يستدل بحديث أو يتوهم بأنه معارض لحديث آخر ، وهو في حقيقة الأمر لم ينتبه أنه حديث ( ضعيف ) أو حديث ( موضوع ) .

وهذا منشؤه أيضاً من : الجهل في بعض الأحيان ، واتباع الهوى في كثير من الأحيان ، إذ أكثر من يستدل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة ويحاول أن يستشكلها ويظهر تعارضها بينها وبين نصوص الكتاب والسنة الصحيحة هم أهل الأهواء والبدع والضلال ، وكذا العلمانيون والعقلانيون وغيرهم من أصحاب الأفكار الهدامة .

فينبغي للمسلم ولطالب العلم أن ينتبه وأن يعرف لنصوص الكتاب والسنة مكانتها وأن يعرف للعلماء منزلتهم وجهودهم في حفظ الدين والرد على أعدائه من الكفار وأهل البدع والضلال .

والله أعلم .
 

فيحان سعد

عضو جديد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
مساكم الله بالخير
-
يقول الله عز و جل ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) .
-

قال الشوكاني في فتح القدير:
والمعنى أنهم لو تدبروه حق تدبره لوجدوه مؤتلفا غير مختلف صحيح المعاني قوي المباني بالغا في البلاغة إلى أعلى درجاتها .
-
الحديث الصحيح الثابت لا يتعارض مع القران
فا مايتعارض مع القران ابداً بل يتوافق معاه .

 
أعلى