عمر بن معاويه
عضو مخضرم
.. ورحل نبيل الكويت
عادل فهد الطخيم
نشر في : 27/12/2015 12:00 AM
لم ينس نبيل الفضل فضل الكويت عليه حين جحد فضلها غيره، وأخلص لها حين خانها غيره وتنكر لها، وأخذ يستل سهام نبله ضد غدرهم ونواياهم الخبيثة ضد وطنه ويخرس خفافيش العتمة وغوغاء الدهر الواحد تلو الآخر. لم أعرف بوبراك إلا منذ 3 سنوات في ميزان الزمن، ولكنها تعدل 30 سنة في موازين الود والإدراك والمشاعر الصادقة، لم أعرفه إلا غارقاً ومحباً وعاشقاً للكويت وأهلها ودواوينها حتى النخاع، التقيه أحياناً ويغيب أحياناً كثيرة لأسباب مرضه.
لم أكن أدري أنه سيفارقنا بعد ساعات، عندما التقيته مساء يوم الأحد خارجاً من حفل زواج عائلة المشاري الكريمة في ديوانهم في منطقة الشامية، وكان متحمساً لمعرفة الخطأ الطبي، الذي تعرضت له المواطنة التي تبنيت قضيتها في مقالاتي، ولكنه بدا منهكاً ولاهثاً ومتورم الوجه على غير عادته، وطلب معلومات كاملة عن قضيتها ليجعلها إحدى نقاط كلامه بمواجهة وزير الصحة في استجوابه، ولكني في الحقيقة أشفقت عليه وأخلفت بوعدي له.. واعذرني يا نبيل.
لا راد لقضاء الله ولا اعتراض على مشيئته.. ولكن فجيعتنا في نبيل كبيرة وثقيلة كثقل فجيعتنا فيمن فقدوا نواميس الحياء والمروءة والشهامة وأخلاق أهل الكويت الأصيلة، ونسوا أن للموت حرمة وليس فيه شماتة حين طربوا لرحيل من كان يشكل لهم كابوساً وصداعاً، بل ويغمى عليهم إذا ما ذكر اسمه أمامهم مرتين، رحل من كان يتصدى خبث نفوسهم ويسقط أوراق التوت عنهم، ويعري ويفضح تآمرهم على وطنهم. رحل نبيل في جنازة مهيبة يتمنى الناعقون ربعها، بعد أن كان ظاهرة قد يمر وقت طويل حتى تتكرر، ولكن الكويت معطاءة وستدفع حتماً بنبلاء يكملون مسيرته.
لقد شكل نبيل ظاهرة دخلت التاريخ مرتين.. الأولى بمواقفه الوطنية التي كان يلجم فيها خفافيش العتمة، واليوم صاروا يتطاولون عليه في صمته، والثانية بأسلوب وفاته والأولى تحت قبة البرلمان الذي أحبه.
سكت صوت نبيل الكويت، ولن تسكت مواقفه، وستبقى أصداؤها تتردد كابوساً وصداعاً يتذكرها خفافيش العتمة، الذين فرحوا لموته، ومنهم مدعو دين وفضيلة، نسوا قول رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام «لاتسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا ما قدموا».. ولكن أين هم من الرحمة وهم لم يرحموا وطنهم ولم يرعوا له حرمة؟
المبادئ هي ثوابت، والثوابت لا تتغير، فالحق يبقى حقاً، والعدل يبقى عدلاً، والاخلاق تبقى أخلاقاً في كل الأحوال وعلى مرّ الأزمان، ولا نقول فيهم إلا ما قاله الإمام الشافعي «قد مات قوم وما ماتت فضائلهم.. وعاش قوم وهم في الناس أموات».
رحمك الله يا نبيل الفضل رحمة واسعة، وألهم الله أهلك وأبناءك ومحبيك جميل صبره وسلوانه.. والله المستعان.
عادل فهد الطخيم