تجربتي مع اللغة العربية

كنت حينها في " البلاد" و البلاد عبارة يطلقها أهل المدينة على البادية كما يطلقها المهاجرون من المغرب في أوربا على المغرب ( و كأنهم يقولون أن المغرب مقارنة مع أوربا عبارة عن بادية )و عمري 7 سنوات لا نتكلم اللغة العربية قط و كل من يتكلمها من خارج بلدتنا نسميه " أعراب " وهم يسموننا "الشلوح" نسبة الى الشلحة وهي لهجة من اللهجات الكثيرة للغة الأمازيغية .
و الغريب أننا كنا نصلي ونقرا القران ويذكر اسم الله في المساجد والكثير من أبناء المدارس العتيقة في هده البوادي الأمازيغية حفظوا القران كاملا عن ظهر قلب لكن يجدون صعوبة في التواصل باللغة العربية ؟؟؟؟؟
قرر أبي الذي كان يعمل في المدينة أخدنا إلي جانبه لكي يكتمل النصاب الأسري وكنت حينها في القسم الثاني من المستوى الابتدائي ورغما أننا كنا ندرس اللغة العربية قراءة و كتابة إلا أننا لم نكن نجيد التكلم بها قط ولا فهمها .ما جعلني أكون عرضة للسخرية عند انتقالي لدراسة في المدينة من طرف باقي التلاميذ الدين كانوا ينعتونني "بالشلح" و ما زلت أتذكر تلك المعلمة البئيسة الحقودة التي كانت تتهكم على باستمرار حتى أنه ذات مرة تشاجر معها أبي لكونها لا تحترمني فما كان منها إلا أن أرجعتني إلي أخر طاولة في الصف وتركتني لبقية العام لا تكلمني و لا يكلمني أحد .
كانت النتيجة الرسوب ومن جهة أخرى و بدل التكاسل و الحقد على المجتمع الجديد كانت عنصريتها دافعا للعمل و الاجتهاد وما زلت أتذكر أول يوم ذهبت فيه إلي المدرسة بدالك اللباس الغير متناسق و تلك المحفظة البالية وكان كل شي يدل على أنني ابن البادية عن حق و حقيق .يومها خرجت من المدرسة في الساعة الواحدة ولم أعد للبيت حتى الساعة السادسة مساء لأنني تهت الطريق ولم أكن أملك الوسائل اللغوية للاستفسار أوطلب المساعدة .و بالصدفة وجدوني غارقا في دموعي وحيرتي وخوفي في أحد الأزقة وبدل أن يصبروني و يؤمنوا روعتي زادوني من الضرب المبرح ما زادوا .
كانت مشكلتنا مع اللغة العربية عامة أمي بدورها عانت الكثير مع الجارات وفي السوق و أخي الكبير خرج حينها من المستوى الإعدادي بسبب عنصرية "أعرابن " الدين كانوا يلقبونه ب"الشلح" ما خلق عنده عقد نفسية تخلص منها بتخلصه من المدرسة مؤقتا رغم رفض أبي .ولكنه دخل مجتمعا كان حينها كامل العنصرية بين "الشلوح" و" أعرابن" .
أما الآن و الحمد لله فقد تغير المجتمع كثيرا ولم نعد نسمع تلك العبارات المشينة التي تفرق بين أبناء مجتمع واحد لمجرد اختلاف ألسنتهم و ألوانهم ومضاجعهم
فالحمد لله على من علمه الله لغة القران .
 
التعديل الأخير:
أعلى