متى يظهر المعدن الحقيقي؟

مهدي عمار

عضو فعال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


متى يظهر المعدن الحقيقي؟



1193702098.jpg

بقلم: سماحة الشيخ علي حسن غلوم حفظه المولى
إمام مسجد السيد هاشم البهبهاني رحمه الله تعالى



قال نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يفًضْ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته" .


الطبيعة الإنسانية تجنح نحو عدم الاتزان في الانفعالات وردود الأفعال، وذلك في ما لو تعرّض الفرد للضغوطات والتحديات، وواجه مشكلات مادية أو نفسية، أو ابتُلي بمحنة أو فتنة، أو انتقل من حالة الحاجة الملحَّة إلى الغنى المفاجئ، أو من الهزيمة إلى النصر غير المتوقَّع، أو من الضعف إلى القوَّة والمنَعَة.. وهذا ما عبَّرت عنه الآيات التالية بكل وضوح: (إًنَّ الإًنسَانَ خُلًقَ هَلُوعاً، إًذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإًذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) المعارج/19ـ21.




وصْف الحالة

ولأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وصف رائع يفصًّل فيه تناقضات الشخصية الإنسانية وانفعالاتها المتباينة، قال: [لَقَدْ عُلًّقَ بًنًيَاطً هذَا الإنْسَانً بَضْعَةي هًيَ أَعْجَبُ مَا فًيهً: وَذلًكَ الْقَلْبُ، وَلَهُ مَوَادّ مًنَ الْحًكْمَةً وَأَضْدَادي مًنْ خًلاَفًهَا، فَإًنْ سَنَحَ لَهُ الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإًنْ هَاجَ بًهً الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ الْحًرْصُ، وإًنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الأسَفُ، وإًنْ عَرَضَ لَهُ الْغَضَبُ اشتَدَّ بًهً الْغَيْظُ، وَإًنْ أَسْعَدَهُ الرًّضَى نَسًيَ التَّحَفُّظَ، وإًنْ غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ، وَإًن اتَّسَعَ لَهُ الاَْمْنُ اسْتَلَبَتْهُ الْغًرَّةُ، وَإًن أَصَابَتهُ مُصًيبَةي فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإًنْ أَفَادَ مَالاً أَطْغَاهُ الغًنَى، وَإًنْ عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ شَغَلَهُ الْبَلاَءُ، وَإًنْ جَهَدَهُ الْجُوعُ قَعَدَ بًهً الضَّعْفُ، وإًنْ أَفْرَطَ بًهً الشًّبَعُ كَظَّتْهُ الْبًطْنَةُ، فَكُلُّ تَقْصًير بًهً مُضًرّي، وَكُلُّ إًفْرَاط لَهُ مُفْسًدي]. (نياط: عًرق مرتبط بالقلب) (كظّته البطنة: آلمه الشبع)





معالجة المشكلة

لما كانت حالة عدم الاتزان في الشخصية أمراً غير مرغوب فيه وفق التربية الإيمانية، فقد قدّم القرآن الكريم منهجاً عبادياً وعملياً وفكرياً وأخلاقياً لمواجهة هذه الحالة، قال تعالى بعد وصف الحالة السابقة عند الإنسان: (إًلاَّ الْمُصَلًّينَ، الَّذًينَ هُمْ عَلَى صَلاتًهًمْ دَائًمُونَ، وَالَّذًينَ فًي أَمْوَالًهًمْ حَقّي مَّعْلُومي، لًّلسَّائًلً وَالْمَحْرُومً، وَالَّذًينَ يُصَدًّقُونَ بًيَوْمً الدًّينً، وَالَّذًينَ هُم مًّنْ عَذَابً رَبًّهًم مُّشْفًقُونَ، إًنَّ عَذَابَ رَبًّهًمْ غَيْرُ مَأْمُوني، وَالَّذًينَ هُمْ لًفُرُوجًهًمْ حَافًظُونَ، إًلاَّ عَلَى أَزْوَاجًهًمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإًنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومًينَ، فَمَنً ابْتَغَى وَرَاء ذَلًكَ فَأُولَئًكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذًينَ هُمْ لًأَمَانَاتًهًمْ وَعَهْدًهًمْ رَاعُونَ، وَالَّذًينَ هُم بًشَهَادَاتًهًمْ قَائًمُونَ، وَالَّذًينَ هُمْ عَلَى صَلاتًهًمْ يُحَافًظُونَ، أُوْلَئًكَ فًي جَنَّاتي مُّكْرَمُونَ) المعارج/22ـ35.




متى يظهر المعدن الحقيقي؟

ولا يمكن الحكم على الفرد الملتزم بهذا المنهج من خلال تقييمه في حالة الرخاء المستدام والنعيم المتواصل ورتابة الحياة، فالمعدن الحقيقي للإنسان إنما يظهر في المحن والابتلاءات والتغيرات المفاجئة التي تُحدث هزة في الوجدان الإنساني، وحينها يمكن معرفة مدى تأثر هذا الفرد بما التزم به.




الانتخابات: الاختبار الحقيقي


وفترة الانتخابات تمثًّل اختباراً حقيقياً للشخصية ، ومدى اتزانه الانفعالي والتفاعلي مع الأحداث والمتغيرات والتصادمات وحسابات ونتائج الخسارة والفوز.. وللأسف فإن كثيراً من المعايير والأخلاقيات الإيمانية تتعرض للتهميش والتغافل والتجاوز، وبمسوًّغات وتبريرات تأخذ الطابع الديني في أغلب الأحيان.


فإلى أي مدى يلتزم المرشحون (الإسلاميون) و(المتأسلمون) بما جاء في الحديث الشريف: [من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروَّته أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان، فلا يقبله؟!] وإلا بماذا نفسر رسائل الهواتف النقالة والإيميلات والمنشورات التي تنتشر بين الناس لتُسقط هذه الشخصية أو تلك من المرشَّحين باتهامات وأقاويل وأحداث مغلوطة؟! ألا يُعدّ تمرير هذه (الروايات) إلى الآخرين مساهمةً في نشر الباطل والدخول في ولاية الشيطان؟! أم أن قلم الملائكة الكرام مرفوع في فترة الانتخابات، ويقال للناخبين والمرشحين ومن يحوم في فلكهم ويعايش أجواء الانتخابات: افعلوا ما شئتم، فقد غفر الله لكم؟! ومن المؤسف أن يكون منبع هذه التصرفات الصبيانية ـ أحياناً ـ أناس يدّعون التديُّن والالتزام بأخلاق الإسلام!!




استروا عوراتكم

وهذه دعوة للجميع لأن يتفكّروا في كلمات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وتبعات مخالفته حيث قال: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يفًضْ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته) .



شرف الانتخابات

من المفترض أن يتبنى المرشحون والناخبون والمفاتيح الانتخابية ـ ومن سواهم ـ ميثاقَ شرف يقتضي الالتزام بأخلاقيات المنافسة الشريفة التي تبتعد عن التجريح وهتك الحرمات والتجسس والنميمة والكذب وإثارة النعرات والبهتان والغيبة، وأن يكون معيار النجاح هو ما يقدًّمه المرشح من عطاء إيجابي يعود بالفائدة على الوطن والمواطنين.

http://daralzahra.net/index.php?show=news&action=article&id=317

تعليق :

أيها الأحبة المؤمنون في الدائرة الأولى وسائر أرجاء بلادنا الحبيبة وسائر بلاد المسلمين
لنزرع المحبة والأخوة والوحدة الإسلامية، ولنحب الذين يتفقون معنا لنتحاور معهم، والذين يختلفون معنا لنتحاور معهم "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" ، فلا نجعل مجالاً لما يعكر صفو الأخوة الإسلامية ولنتعهد جميعاً بأن لا يصدر أي فعل أو رد فعل يغضب الله عز وجل ويسخطه.

مع محبتي ودعائي
وأسألكم الدعاء للجميع
 
أعلى