عمر بن معاويه
عضو مخضرم
Sunday, July 30, 2017
ما لم تعرفه عن الخلية!!
تمهيد:
1- كاتب هذا المقال لم يدرس ’’القانون‘‘، وبالتالي فإنه في هذا المقال يعالج مسألة ’’فلسفة القانون‘‘ وليس القانون بذاته.
2- كاتب هذا المقال يكن كل الحب والاحترام للسلطة القضائية في دولة الكويت بشخوصها وصفاتهم الوظيفية، والنقد الوارد في هذا المقال للأحكام الصادرة عن هذه السلطة لا يقلل بأي شكل من الأشكال من تقدير الكاتب للسادة القضاة سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا.
3- كاتب هذا المقال لا يعاني من مرض ’’الطائفية‘‘ أو’’المذهبية‘‘، فهو لا يؤمن بأي طائفة أو مذهب، ولكن المقال سيحتوي على فقرات تتحدث عن الطوائف والمذاهب، فأرجو عدم الخلط بين ’’الطائفية‘‘ والكتابة ’’عن الطائفية‘‘.
4- كاتب هذا المقال لم يكتبه من باب الشحن العاطفي أو التكسب السياسي، فلو كنا من هؤلاء لكتبنا عن ’’حكم الخلية‘‘ منذ صدوره في 18 يونيو 2017، ولم ننتظر شهرا ونيِّف حتى نقرأ الحكم كاملا ونُكوِّن فكرة شاملة ومتكاملة عن حيثياته للكتابة عنه.
5- كاتب هذا المقال يعشق الكويت، ويضع نفسه في موقع المدافع عنها بشكل عام، وعن سلطتها القضائية بشكل خاص، وبالتالي، فالدافع الرئيسي لكتابة هذا المقال هو الدفاع عن السلطة القضائية، والحفاظ عليها وعلى نزاهتها وعلى بياض صفحاتها الناصعة.
والدفاع عن هذه السلطة لا يعني بالضرورة تأييد أحكامها، ولكنه يعني حمايتها من الهفوات ولفت أنظار القائمين عليها إلى مواطن الخلل إن وجد، ولا أَدَلّ على ذلك سوى موقفنا السابق في تأييد طلب المتهمين في قضية ’’اقتحام المجلس‘‘ بتغيير القاضي ’’نصر آل هيد‘‘ لاعتقادهم بعدم حياديته في محاكمتهم[1].
وقد دعمناهم في هذا الطلب رغم اختلافنا القاطع مع توجهاتهم السياسية ومع الجريمة التي كانوا يحاكمون عليها وهي اقتحام مبنى مجلس الأمة، والاعتداء على حرس المجلس، وكسر بوابة قاعة ’’عبدالله السالم‘‘، والعبث في محتوياتها.
6- هذا المقال طويل جدا، وسيحتوي على عدد كبير من الصور التوضيحية والتدليلية، ولذلك أطلب من القارئ الكريم المعذرة على الإطالة والتفاصيل المُملة التي سيجدها في هذه القطعة.
7- لفهم أشمل وأعمق لهذا المقال وقضية ’’خلية العبدلي‘‘، أدعو السادة القراء لقراءة مقالي السابق حول القضية بعنوان ’’ليس دفاعا عن الخلية.. ولا طعنا بالقضاء!!‘‘، وهو مقال أشرح فيه تفاصيل حيثيات القضية ورأيي المتواضع في حكم أول درجة الصادر في 12 يناير 2016.
مدخل:
يستخدم السياسيون في كثير من الأحيان سلاح ’’البروباجندا‘‘ لتحقيق أهدافهم، والبروباجندا هي نشر وترويج المعلومات بشكل مركز ومنتظم لتغيير قناعات المتلقي سواء كان هذا المتلقي فردا واحدا أو مجموعة من الأفراد أو مجتمع بأكمله[2]، وعادة ما تكون المعلومات المُستخدمة في هذه البروباجندا مُعالَجة بطريقة مُجتزأة ومغلوطة حتى تتمكن من اختراق الحاجز ’’العقلي‘‘ للمتلقي والتأثير عليه ’’عاطفيا‘‘، وبالتالي شحنه وتوجيهه بالاتجاه الذي ترغب فيه الجهة الناشرة.
وبطبيعة الحال، فإن هذا السلاح تستخدمه جميع السلطات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بهدف تجييش المجتمع لهذا الفريق أو ذاك، وضد هذه الفكرة أو تلك الأيدلوجية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فنسبة كبيرة من المجتمع الأمريكي وقياداتهم الوسطى والعُليا لا زالت تعاني من آثار بروباجندا ’’الحرب الباردة‘‘ ضد الاتحاد السوفييتي السابق (أو روسيا اليوم).
ولذلك نرى بأن صاحب القرار الأمريكي لا زال يتعامل بتشنج وحساسية مفرطة مع أي قضية تخص روسيا والحكومة الروسية، ومَن منا (جيل الطيبين) لا يتذكر أفلام ’’رامبو‘‘ و’’روكي‘‘ التي كانت تُنتَج في حقبة الثمانينيات لترويج الدعاية الأمريكية بالتفوق على السوفييت في كل مجال وميدان، سواء كان في ميادين الحرب أو حلبات الملاكمة!!
وفي منطقة الشرق الأوسط، وبالرغم من امتداد جذور مشاعر الكراهية وعدم الثقة المتبادلة بين الفرس والعرب إلى الأزمان الغابرة، فإن هذه المشاعر بدأت تنتظم وتتبلور بشكل مُمنهج منذ خمسينيات القرن الماضي، خصوصا مع اكتساح أيدلوجية’’القومية العربية‘‘ بين الشعوب العربية بمطلقها، فأصبح الانتماء للأمة ’’العربية‘‘ والاعتزاز بـ’’العروبة‘‘ معاديا بالفطرة لكل ما هو ’’ليس عربي‘‘ وبالتالي أصبحت الفارسية وكل ما يتعلق بها من إيجابيات وسلبيات ممقوتة في الوجدان العربي.
وقد خدمت هذه الآيدلوجية أهداف حكام المنطقة، فكراهية الفرس تُساهم في جعل الفرد العربي حائط صد مجاني أمام التغوُّل الفارسي، أيضا يساهم الاعتزاز بالعروبة في إعادة لملمة الهوية العربية بعد شتاتها لمئات السنين تحت ذل الاستعمار العثماني والغربي.
وبطبيعة الحال، كانت ’’البروباجندا‘‘ سلاحا فعّالا في تلك المرحلة، فأطلقت السلطات للفعاليات الشعبية عنان الحرية في شيطنة الفرس ومعاداتهم وكراهية كل شيء ينتمي إلى ’’فارس‘‘، بما في ذلك المذهب الشيعي الذي يعتنقه أغلب هؤلاء الفرس، وربما يكون تغيير اسم الخليج من ’’فارسي‘‘ إلى ’’عربي‘‘ من أبرز هذه المراحل.
ونحن هنا لا نُبرئ الفرس من استخدام نفس السلاح ضد العرب، خاصة في حقبة تحالف شاه إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وبالتالي أصبح الفرس أعداء ’’طبيعيين‘‘ للعرب، ولم يكن في ذلك مشكلة لأغلب الأقطار العربية وشعوبها، فهي في مجملها لا ترتبط بالفرس جغرافيا وليس من بين سكانها فئات ذات أصول فارسية عِرقيا أو مذهبيا.
لكن هذه الحالة تختلف في دول الخليج العربية عموما، وفي الكويت خصوصا، فنسبة كبيرة من سكان الكويت هاجروا إليها من الضفة الفارسية للخليج على فترات متقطعة، ويعتنق نسبة كبيرة من هؤلاء المذهب الشيعي بنسخته الفارسية[3]، وبالتالي واجه هؤلاء ’’العجم‘‘ صعوبة كبيرة في التأقلم مع عدائية العرب للفرس.
فالأعجمي - أو العِيمي باللهجة المحلية - لا يرى ما يدفعه ذاتيا لمشاركة إخوته في الوطن من العرب في كراهية أرض أجداده وثقافتها الفارسية، وهو لا يرى مبررا في معاداة أبناء عمومته الذين لا زالوا يعيشون في الوطن الأم، بل على العكس من ذلك، فهو يفتخر بهذه الجذور وهذه الانتماءات والصِلات العرقية والمذهبية ويجد فيها رافد من روافد الغِنى والتنوع الإيجابي.
ما لم تعرفه عن الخلية!!
تمهيد:
1- كاتب هذا المقال لم يدرس ’’القانون‘‘، وبالتالي فإنه في هذا المقال يعالج مسألة ’’فلسفة القانون‘‘ وليس القانون بذاته.
2- كاتب هذا المقال يكن كل الحب والاحترام للسلطة القضائية في دولة الكويت بشخوصها وصفاتهم الوظيفية، والنقد الوارد في هذا المقال للأحكام الصادرة عن هذه السلطة لا يقلل بأي شكل من الأشكال من تقدير الكاتب للسادة القضاة سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا.
3- كاتب هذا المقال لا يعاني من مرض ’’الطائفية‘‘ أو’’المذهبية‘‘، فهو لا يؤمن بأي طائفة أو مذهب، ولكن المقال سيحتوي على فقرات تتحدث عن الطوائف والمذاهب، فأرجو عدم الخلط بين ’’الطائفية‘‘ والكتابة ’’عن الطائفية‘‘.
4- كاتب هذا المقال لم يكتبه من باب الشحن العاطفي أو التكسب السياسي، فلو كنا من هؤلاء لكتبنا عن ’’حكم الخلية‘‘ منذ صدوره في 18 يونيو 2017، ولم ننتظر شهرا ونيِّف حتى نقرأ الحكم كاملا ونُكوِّن فكرة شاملة ومتكاملة عن حيثياته للكتابة عنه.
5- كاتب هذا المقال يعشق الكويت، ويضع نفسه في موقع المدافع عنها بشكل عام، وعن سلطتها القضائية بشكل خاص، وبالتالي، فالدافع الرئيسي لكتابة هذا المقال هو الدفاع عن السلطة القضائية، والحفاظ عليها وعلى نزاهتها وعلى بياض صفحاتها الناصعة.
والدفاع عن هذه السلطة لا يعني بالضرورة تأييد أحكامها، ولكنه يعني حمايتها من الهفوات ولفت أنظار القائمين عليها إلى مواطن الخلل إن وجد، ولا أَدَلّ على ذلك سوى موقفنا السابق في تأييد طلب المتهمين في قضية ’’اقتحام المجلس‘‘ بتغيير القاضي ’’نصر آل هيد‘‘ لاعتقادهم بعدم حياديته في محاكمتهم[1].
وقد دعمناهم في هذا الطلب رغم اختلافنا القاطع مع توجهاتهم السياسية ومع الجريمة التي كانوا يحاكمون عليها وهي اقتحام مبنى مجلس الأمة، والاعتداء على حرس المجلس، وكسر بوابة قاعة ’’عبدالله السالم‘‘، والعبث في محتوياتها.
6- هذا المقال طويل جدا، وسيحتوي على عدد كبير من الصور التوضيحية والتدليلية، ولذلك أطلب من القارئ الكريم المعذرة على الإطالة والتفاصيل المُملة التي سيجدها في هذه القطعة.
7- لفهم أشمل وأعمق لهذا المقال وقضية ’’خلية العبدلي‘‘، أدعو السادة القراء لقراءة مقالي السابق حول القضية بعنوان ’’ليس دفاعا عن الخلية.. ولا طعنا بالقضاء!!‘‘، وهو مقال أشرح فيه تفاصيل حيثيات القضية ورأيي المتواضع في حكم أول درجة الصادر في 12 يناير 2016.
مدخل:
يستخدم السياسيون في كثير من الأحيان سلاح ’’البروباجندا‘‘ لتحقيق أهدافهم، والبروباجندا هي نشر وترويج المعلومات بشكل مركز ومنتظم لتغيير قناعات المتلقي سواء كان هذا المتلقي فردا واحدا أو مجموعة من الأفراد أو مجتمع بأكمله[2]، وعادة ما تكون المعلومات المُستخدمة في هذه البروباجندا مُعالَجة بطريقة مُجتزأة ومغلوطة حتى تتمكن من اختراق الحاجز ’’العقلي‘‘ للمتلقي والتأثير عليه ’’عاطفيا‘‘، وبالتالي شحنه وتوجيهه بالاتجاه الذي ترغب فيه الجهة الناشرة.
وبطبيعة الحال، فإن هذا السلاح تستخدمه جميع السلطات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بهدف تجييش المجتمع لهذا الفريق أو ذاك، وضد هذه الفكرة أو تلك الأيدلوجية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فنسبة كبيرة من المجتمع الأمريكي وقياداتهم الوسطى والعُليا لا زالت تعاني من آثار بروباجندا ’’الحرب الباردة‘‘ ضد الاتحاد السوفييتي السابق (أو روسيا اليوم).
ولذلك نرى بأن صاحب القرار الأمريكي لا زال يتعامل بتشنج وحساسية مفرطة مع أي قضية تخص روسيا والحكومة الروسية، ومَن منا (جيل الطيبين) لا يتذكر أفلام ’’رامبو‘‘ و’’روكي‘‘ التي كانت تُنتَج في حقبة الثمانينيات لترويج الدعاية الأمريكية بالتفوق على السوفييت في كل مجال وميدان، سواء كان في ميادين الحرب أو حلبات الملاكمة!!
وفي منطقة الشرق الأوسط، وبالرغم من امتداد جذور مشاعر الكراهية وعدم الثقة المتبادلة بين الفرس والعرب إلى الأزمان الغابرة، فإن هذه المشاعر بدأت تنتظم وتتبلور بشكل مُمنهج منذ خمسينيات القرن الماضي، خصوصا مع اكتساح أيدلوجية’’القومية العربية‘‘ بين الشعوب العربية بمطلقها، فأصبح الانتماء للأمة ’’العربية‘‘ والاعتزاز بـ’’العروبة‘‘ معاديا بالفطرة لكل ما هو ’’ليس عربي‘‘ وبالتالي أصبحت الفارسية وكل ما يتعلق بها من إيجابيات وسلبيات ممقوتة في الوجدان العربي.
وقد خدمت هذه الآيدلوجية أهداف حكام المنطقة، فكراهية الفرس تُساهم في جعل الفرد العربي حائط صد مجاني أمام التغوُّل الفارسي، أيضا يساهم الاعتزاز بالعروبة في إعادة لملمة الهوية العربية بعد شتاتها لمئات السنين تحت ذل الاستعمار العثماني والغربي.
وبطبيعة الحال، كانت ’’البروباجندا‘‘ سلاحا فعّالا في تلك المرحلة، فأطلقت السلطات للفعاليات الشعبية عنان الحرية في شيطنة الفرس ومعاداتهم وكراهية كل شيء ينتمي إلى ’’فارس‘‘، بما في ذلك المذهب الشيعي الذي يعتنقه أغلب هؤلاء الفرس، وربما يكون تغيير اسم الخليج من ’’فارسي‘‘ إلى ’’عربي‘‘ من أبرز هذه المراحل.
ونحن هنا لا نُبرئ الفرس من استخدام نفس السلاح ضد العرب، خاصة في حقبة تحالف شاه إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وبالتالي أصبح الفرس أعداء ’’طبيعيين‘‘ للعرب، ولم يكن في ذلك مشكلة لأغلب الأقطار العربية وشعوبها، فهي في مجملها لا ترتبط بالفرس جغرافيا وليس من بين سكانها فئات ذات أصول فارسية عِرقيا أو مذهبيا.
لكن هذه الحالة تختلف في دول الخليج العربية عموما، وفي الكويت خصوصا، فنسبة كبيرة من سكان الكويت هاجروا إليها من الضفة الفارسية للخليج على فترات متقطعة، ويعتنق نسبة كبيرة من هؤلاء المذهب الشيعي بنسخته الفارسية[3]، وبالتالي واجه هؤلاء ’’العجم‘‘ صعوبة كبيرة في التأقلم مع عدائية العرب للفرس.
فالأعجمي - أو العِيمي باللهجة المحلية - لا يرى ما يدفعه ذاتيا لمشاركة إخوته في الوطن من العرب في كراهية أرض أجداده وثقافتها الفارسية، وهو لا يرى مبررا في معاداة أبناء عمومته الذين لا زالوا يعيشون في الوطن الأم، بل على العكس من ذلك، فهو يفتخر بهذه الجذور وهذه الانتماءات والصِلات العرقية والمذهبية ويجد فيها رافد من روافد الغِنى والتنوع الإيجابي.