نقد كتاب إثبات أن حد رجم الزاني ثابت في القرآن

رضا البطاوى

عضو ذهبي
الكتاب تأليف محمد بن علي بن جميل المطري وعنوان المطرى من أهل العصر مخادع فلا علاقة للقرآن بكون الرجم حد للزنى فى الروايات فلا يوجد نص صراحة ولا ضمنا فى ذلك والكتاب قائم على أساس خاطىء وهو تفسير روايات فى أسباب النزول على ا،ها قرآن وهو كلام وهمى سوف نتناوله والكتاب كله روايات وفيه قال :
"روى الإمامان البخاري (3456) ومسلم (2669) في صحيحيهما من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري (ص)قال: قال رسول الله(ص): «لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم» قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: «فمن» دل هذا الحديث على أن هذه الأمة ستتبع طريق المغضوب عليهم والضالين، فلم يقع اليهود والنصارى في شيء من المخالفات إلا ومن هذه الأمة من يقع فيما وقعوا فيه، وهذا يعني أن طوائف من شرار هذه الأمة سوف تتشبه بالكفار قطعا، فحذرنا نبينا (ص) من اتباع سبيل أولئك الذين تركوا الحق اتباعا لأهوائهم لفساد إرادتهم أو جهلا منهم لفساد علمهم فما من انحراف في هذه الأمة إلا وأصله يرجع إلى تشبه باليهود أو النصارى كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)، وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية فمن ترك الحق عنادا واستكبارا أو اتباعا لهواه فقد تشبه باليهود، ومن تركه جهلا وتكذيبا بما لم يحط بعلمه فقد تشبه بالنصارى، ولذا قال علماء السلف: من ضل من علمائنا ففيه شبه باليهود، ومن ضل من عبادنا ففيه شبه بالنصارى ومن احتقر العلماء الراسخين الذين يأمرون الناس بالقسط وبخسهم حقهم وربما آذاهم أو قتلهم فقد تشبه باليهود، ومن غلا فيهم واعتقد عصمتهم واتخذهم أربابا من دون الله يحلون ويحرمون بلا دليل ويحرفون الشريعة فقد تشبه بالنصارى ومن كان لهم علم ومعرفة بلا عبادات ولا أخلاق حسنة فقد تشبهوا باليهود، ومن كان لهم عبادات وأخلاق بلا علم ومعرفة فقد تشبهوا بالنصارى
فأي مخالفة تراها في هذه الأمة فهي ترجع إلى شعبة من شعب اليهود أو شعبة من شعب النصارى، فمثلا الحسد والتعاون على ظلم الناس وإخراجهم من ديارهم والقتل بغير الحق كلها من أخلاق اليهود، والابتداع في الدين ابتغاء رضوان الله بما لم يدل عليه دليل والعزلة المذمومة وترك التعاون على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها من أخلاق النصارى "
المقدمة السابقة كلها لا علاقة لها بموضوع الكتاب وإنما هى فقط من أجل إدخال القرآن فى الموضوع بحجة أنه كان فيه حد الرجم للزناة وفى المقدمة والرواية التى اعتمدها المكرة أخطاء :
الأول لا يمكن إطلاق اسم أمة المسلمين على من كفروا واتبعوا كفار اليهود والنصارى فى الكفر ومن ثم لا يوجد أمة مسلمة بهذا الوصف الخاطىء فالأمة إن فعلت كذلك لا تسمى الله أو المسلمين وإنما تسمى أمة كافرة
الثانى أن الكثير من أفعال اليهود والنصارى لا يمكن أن يقوم بها الناس الذين كفروا من المسلمين لانعدامها كالصوم المخترع حاليا وعيد الميلاد وعيد الفصح وكذلك الرهبانية وحرق البلدات وقتل كل من فيها وكذلك ما يسمى مدن النفى
ودخل المطرى من مقدمته لإثبات أن القرآن تضمن حد الرجم فقال:
"وهذا باب كبير نكتفي بهذه الإشارات إليه تمهيدا لما نريد أن نبينه من أن إنكار حد رجم الزاني المحصن هو تشبه باليهود المغضوب عليهم، فقد أنكروه مع وجوده في كتابهم، روى البخاري (3635) ومسلم (1699) في صحيحيهما بأصح إسناد بالسلسلة الذهبية كلاهما رواه من طريق الإمام مالك بن أنس عن نافع عن عبد الله بن عمر أن اليهود جاءوا إلى رسول الله(ص)، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله(ص): «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟» فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله (ص)فرجما، قال عبد الله: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة "
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي ه تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب} لم يبين هنا شيئا من ذلك الكثير الذي يبينه لهم الرسول (ص)مما كانوا يخفون من الكتاب، يعني التوراة والإنجيل، وبين كثيرا منه في مواضع أخر فمما كانوا يخفون من أحكام التوراة رجم الزاني المحصن، وبينه القرآن في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} "
وقال العلامة الشنقيطي أيضا في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 403): " قوله تعالى: {يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا} في هذه الآية الكريمة إجمال; لأن المشار إليه بقوله: (هذا)، مفسر الضمير في قوله: (فخذوه)، وقوله: (لم تؤتوه)، لم يصرح به في الآية ولكن الله أشار له هنا، وذكره في موضع آخر اعلم أولا أن هذه الآية نزلت في اليهودي واليهودية اللذين زنيا بعد الإحصان، وكان اليهود قد بدلوا حكم الرجم في التوراة، فتعمدوا تحريف كتاب الله، واصطلحوا فيما بينهم على أن الزاني المحصن الذي يعلمون أن حده في كتاب الله التوراة: الرجم، أنهم يجلدونه ويفضحونه بتسويد الوجه، والإركاب على حمار، فلما زنى المذكوران قالوا فيما بينهم: تعالوا نتحاكم إلى محمد (ص)في شأن حدهما، فإن حكم بالجلد والتحميم فخذوا عنه ذلك واجعلوه حجة بينكم وبين الله تعالى، ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم فيهما بذلك، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه، فإذا عرفت ذلك فاعلم أن المراد بقوله: (هذا)، وقوله: (فخذوه)، وقوله: (وإن لم تؤتوه)، هو الحكم المحرف الذي هو الجلد والتحميم كما بينا، وأشار إلى ذلك هنا بقوله: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا) يعني المحرف والمبدل الذي هو الجلد والتحميم (فخذوه وإن لم تؤتوه) بأن حكم بالحق الذي هو الرجم (فاحذروا) أن تقبلوه وذكر تعالى هذا أيضا في قوله: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله} يعني التوراة ليحكم بينهم، يعني في شأن الزانيين المذكورين، {ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} أي عما في التوراة من حكم رجم الزاني المحصن، وقوله هنا: {ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} هو معنى قوله عنهم: {وإن لم تؤتوه فاحذروا} "
الكلام السابق لا دليل عليه من كتاب الله فما أخفى القوم كان كثيرا وليس ما يسمى آية الرجم كما قال تعالى :
"قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا"
ومن ذلك ما يسمى الاستفتاح على الناس بكتاب الله كما فى قوله" ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين"
ومن ثم فكلام الشنقيطى وغيره كلام بلا دليل فالله لم يحدد أى شىء من المخفى وهو كثير ومن ما يقوله أى حد هو تخمين والكثرة تنغى تخصيص الشنقيطى بأمر الرجم فلو كان أمر واحد ما وصف بالكثرة
وقال العلامة الشنقيطي أيضا في تفسيره أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (5/ 368 - 372): "اعلم أن رجم الزانيين المحصنين دلت عليه آيتان من كتاب الله، إحداهما نسخت تلاوتها، وبقي حكمها، والثانية: باقية التلاوة والحكم أما التي نسخت تلاوتها، وبقي حكمها فهي قوله تعالى: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)"
الخطأ وجود آية من القرآن لم تكتب فيه ويخالف هذا أن لا وجود لقرآن خارج المصحف الكعبى لأن الله أنساه لنبيه (ص)ومن ثم كل الناس وفى هذا قال بسورة الأعلى "سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله "وقوله بسورة البقرة "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها "
والقوم الذين يقولون بعدم كتابة آيات من القرآن فى القرآن معناها أن قوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "كذب لأنه تم تحريف القرآن وتم اخفاء آيات من القرآن وأن من جمعوا حسب الروايات كانوا مجموعة من الخونة والكاذبين لأنهم تركوا آيات القرآن بدون تسجيلها ثم قال:
"وكون الرجم ثابتا بالقرآن ثابت في الصحيح، فروى البخاري (6830) ومسلم (1691) في صحيحيهما من طريق ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب خطب الناس وقال في خطبته: إن الله بعث محمدا (ص)بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، رجم رسول الله(ص)، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف وفيه: أن الرجم نزل في القرآن في آية من كتاب الله، وكونها لم تقرأ في الصحف، يدل على نسخ تلاوتها، مع بقاء حكمها
وقد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك، ويونس، ومعمر، وصالح بن كيسان، وعقيل، وغيرهم من الحفاظ عن الزهري وأخرج هذه الجملة النسائي وصححه الحاكم من حديث أبي بن كعب قال: لقد كان في سورة «الأحزاب» آية الرجم: (الشيخ والشيخة)، ومن حديث زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة» "
والخطأ وجود ما يسمى بآية الرجم ورضاع الكبير وهو يخالف قوله تعالى بسورة الأعلى "سنقرئك فلا تنسى "فهنا أنسى الله نبيه (ص)بعض القرآن وما دام قد أنسى نبيه (ص)فقد أنسى المسلمين حتى لا يحدث خلط وحتى لا يعترض المتذكرين للآيات على النبى (ص)بها ويخالف قوله بسورة الحجر "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "فإذا كان القرآن وهو الوحى محفوظا فكيف ضاعت الآيتين أليس هذا ضحك على العقول ؟ ثم قال :
 
أعلى