السلام عليكم،
اشكرك عزيزي الاصلع على اثارة هذا الموضوع واسمح لي ان اتناوله من زاوية كويتية محضة فلا يخصني نظرة الآخرين وتخطيطاتهم للامر ولا اعلم مدى صحة ادعائاتكم فلست مطلعا على مثل هذه الامور التي تدعون انها تدار خلف الكواليس، ولكني كمواطن كويتي سأتناولها من زاوية كويتيتي وانتمائي لهذا البلد كوني مواطن من مواطنيه لي ما لهم من الحقوق وعلي ما عليهم من الواجبات،
في الحقيقة هناك فقهاء خليجوين محترمون بلغوا درجات الاجتهاد كسماحة
آية الله الشيخ عبدالهادي الفضلي حفظه الله والمرحوم
آية الله الشيخ محمد الهاجري رحمة الله عليه وكلاهما من الاحساء ولكن هؤلاء الاعلام لم يتاح لهم المجال للتدريس وانشاء معاهد دينية معترف بها في بلادهم وبالتالي لم يتهيأ الامر لهم وان كانوا بدرجة المرجعية وقد تلقوا تعليمهم الديني في اكثره خارج بلادهم،
وقد تقدم بعض الاخوة بطلب من الحكومة لانشاء معهد ديني في الكويت يعنى بتدريس اصول الفقه وعلوم الحديث والقرآن وفق المذهب الجعفري ولم يسمح لهم بذلك،
والحوزات الغير رسمية الموجودة بالكويت تعطي المبادئ والمقدمات ولا تعنى بتدريس المطالب العليا في مختلف العلوم الدينية، وكلية الشريعة في الجامعة والتطبيقي لا تعنى بتدريس هذه العلوم وفق المذهب الجعفري، وبالتالي يضطر المواطن الكويتي الجعفري للذهاب الى الخارج لتلقي العلوم الدينية بما يخدم ابناء طائفته لان الدولة لا تساوي بينه وبين المواطنين من باقي المذاهب الاخرى في التعليم الديني المعترف به رسميا!! رغم الحاجة الى ذلك من خلال وجود دوائر رسمية في الدولة تختص بقضايا المذهب الجعفري كادارة الوقف الجعفري والمحكمة الجعفرية، والدوائر الاخرى التي قد تحتاج الى مثل هذا التخصص!
القول ان ابناء المذهب الجعفري في الكويت قديما لم يرجعوا لفقهاء في الخارج هذا امر غير صحيح، فسماحة الشيخ علي الحائري رحمة الله عليه كان يمثل مرجعية لجمهور كبير من ابناء الطائفة غالبيتهم من ذووا الاصول الاحسائية، وسماحته من اصل تبريزي وتحديدا قرية اسكوء، وقد تصدى من بعده ابنه ميرزا حسن وحفيده ميرزا عبدالرسول والآن يرجعون للميرزا عبدالله،
وكان يرجع البعض منهم لسماحة السيد ابوالحسن الاصفهاني رحمة الله عليه حين كان يتزعم المرجعية في النجف الاشرف والذي زار الكويت، وكان اسرة السادة آل القزويني يمثلون الامتداد للمرجعية في الكويت، فاذا رجوع معظم الشيعة في الكويت لمرجعيات اجنبية امر قديم وليس بجديد،
وقد وجد في البحرين فقهاء كسماحة آية الله العظمى الشيخ محمد أمين زين الدين رحمة الله عليه، ولكن هذا الصنف نادر في الخليج لعدم وجود الحوزات العلمية الكبيرة التي تسع مختلف مطالب العلم الشرعي بحيث يتحصل فيها علماء كبار يصلون مرحلة يصبحون فيها بدرجة الافتاء والفقاهة، وسماحة الشيخ زين الدين تلقى اغلب تحصيله العلمي في النجف الاشرف، وعدم وجود الحوزات الكبيرة سببه تعسف السلطات، خصوصا اثر المد الوهابي وسيطرة الدولة السعودية على البلاد،
كما ان المرجعية ليس مناطها قومية العالم وعنصره، فمراجع النجف كسماحة الشيخ الفياض وهو افغاني من الهزارة،و الشيخ بشير النجفي وهو باكستاني، ليسوا فرسا ولكنهم بلغوا درجة الفقاهة والافتاء، والسيد الخوئي رحمة الله عليه آذري من آذربيجان،
ان عدم المساواة في المواطنين في حقهم في تلقي العلوم الدينية وفق مذاهبهم وعدم انصاف الجانب الجعفري في ذلك وعدم السماح لابناء الطائفة في انشاء معاهد دينية معترف بها من قبل الدولة تكون شهاداتها موثقة في دوائر الدولة المختلفة ليستفاد منهم في خدمة المجتمع و مؤسسات البلد المختلفة سواء في ما يرتبط مباشرة في ادارة الوقف الجعفري والمحكمة الجعفرية او في مختلف القطاعات الاخرى كالتربية والتعليم والوعظ والارشاد وامامة المساجد، كل هذا يصب في توجه ابناء الطائفة لبعثة ابنائهم الى الخارج لتلقي العلوم الدينية وسد حاجتهم في هذا المجال، فلا يمكن ان تتوقع ان يترك ابناء الطائفة مذهبهم ويتوجهوا للمذهب الذي يروج رسميا في الاعلام الرسمي وفي الجامعات والمدارس الرسمية وفي المجالات الرسمية الاخرى في مخالفة صريحة للدستور التي تنص على حرية الاعتقاد والممارسة الدينية وتنص ايضا على مساواة بين المواطنين في ذلك، فالمواطن السني هنا يملك من الحقوق اكثر من من المواطن الشيعي، وانا لا اريد ان امنع المواطن السني من تعلم العلوم الشرعية وفق مذهبه، فهذا حقه، ولكن ايضا من حقي ايضا ان اتلقى العلوم الدينية وفق مذهبي، ويجب على الدولة ان توفر الرعاية لهذا الامر بالتساوي بين المواطنين، وبما يسد الحاجة عندهم، وكون هناك غلبة لطائفة على اخرى بالعدد فهذا لا يعطي شرعية للدولة في التفريق بين مواطنيها وقد نص الدستور على مساواتهم سواء كانوا اكثرية او اقلية، لان المواطنين كلهم سواسية في عين الدستور، ونحن هنا لا نتكلم عن بضع مواطنين من غير المسلمين سيكون توفير ذلك لهم عبئا على الدولة، فنحن لا نتكلم عن مائة مسيحي هنا وهناك، ناهيك عون ان هناك شبهة دستورية في شرعية ذلك كون ان دين الدولة الاسلام، نحن نتكلم عن فئة مسلمة تشكل نسبة معتبرة من الشعب وعلى الدولة ان تخدمهم كما تخدم باقي المواطنين، الا ان تعتبر الدولة هؤلاء المواطنين كفار، وهنا لا اقول انا لله وانا اليه راجعون،
والحمدلله رب العالمين،