جورج واشنطن
عضو مميز
برهان جديد يتطلب قرار , إجابات لأسئلة تتحدى المسيحيين في القرن 21
بقلم : چـوش ماكـدويل
يعتقد البعض أن الإيمان يتطلب عدم التفكير، وكذا التسليم بأمور لا منطقية ولا يمكن التحقق منها. ويظنون أن البحث والاجتهاد في الفكر يفقد الإيمان عمقه وروحانيته. وهذا الاعتقاد يقود إلى فكر ديني مشوش ومستند على تصورات ذاتية غير قابلة للبرهان أو المناقشة.
غير أن الإيمان المسيحي بعيد كل البعد عن هذه الصورة الخاطئة، فهو إيمان يمكن أن نعرِّضه للبحث والدراسة، وهو قائم على أساسات راسخة منحها لنا الله لكي نستطيع دائماً أن نتثبت من حقيقة إيماننا، ونعلنه بلا شكوك أو ريبة. ولكن كيف يمكننا أن نصل إلى البراهين الراسخة التي تدعم الإيمان وتساعدنا في التيقن من صحة ما نؤمن به من عقائد؟
هذا الكتاب يجيب على هذا السؤال من خلال جهد بحثي فريد قام به فريق متكامل من الباحثين بقيادة الكاتب والباحث الشهير جوش مكدويل. وهو يهدف إلى مناقشة الكثير من القضايا الإيمانية الجوهرية بشأن مدى ثقتنا في صحة ودقة الكتاب المقدس، وإيماننا بشخص الرب يسوع المسيح. كما يهتم بتناول أهم الأفكار والفلسفات الحديثة التي تواجه المسيحية، ويرد عليها بأسلوب موضوعي وشامل وقاطع.
ودار الثقافة يسعدها أن تهدي هذا العمل المتميز إلى كل من لديه إيمان باحث عن فهم، وإلى كل من يبتغي أن يؤسس إيمانه على الصخر لا الرمل
1(أ) فريد في ترابطه
إن الكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد الذي:
1- كُتِبَ علي مدي خمسة عشر قرناً من الزمان تقريباً.
2- كتبه أكثر من أربعين كاتباً يعملون فى مختلف نشاطات الحياة، فمنهم الملوك والقادة العسكريون والفلاحون والفلاسفة والصيادون وجباة الضرائب والشعراء والموسيقيون ورجال الدولة والعلماء والرعاة. فعلي سبيل المثال:
- موسى: قائد سياسي وقاضي، تعلم في مصر.
- داود: ملك وشاعر وموسيقي وراعي غنم ومحارب.
- عاموس: راعي غنم.
- يشوع: قائد عسكري.
- نحميا: ساقي أحد الملوك الوثنيين.
- دانيال: رئيس وزراء.
- سليمان: ملك وفيلسوف.
- لوقا: طبيب ومؤرخ.
- بطرس: صياد.
- متَّى: جابي ضرائب.
- بولس: معلم ديني.
- مرقس: سكرتير لبطرس.
3- كُتب في أماكن مختلفة:
- كتب موسى في البرية.
- كتب إرميا في جب السجن.
- كتب دانيال على جانب التل وفي القصر.
- كتب بولس داخل السجن.
- كتب لوقاً أثناء رحلاته.
- كتب يوحنا وهو في المنفى في جزيرة بطمس.
4- كتب فى أوقات مختلفة:- كتب داود في أوقات الحرب والبلاء.
- كتب سليمان في أوقات السلم والرخاء.
5- كتب فى أحوال نفسية مختلفة:
- كتب البعض وهم في قمة الابتهاج.
- آخرون كتبوا وهم في عمق الأسى واليأس.
- كتب البعض في أوقات الثقة والطمأنينة.
- كتب آخرون في أوقات القلق والحيرة.
6- كتب فى ثلاث قارات:
- آسيا.
- أفريقيا.
- أوربا.
- أفريقيا.
- أوربا.
7- كتب بثلاث لغات:
- العبرية: وهي لغة شعب إسرائيل والعهد القديم كله تقريباً. وصفت في ملوك 18: 26-28 وفي نحميا 13: 24 باللسان اليهودي، وفي إشعياء 19: 18 لغة كنعان.
اللغة العبرية لغة تصويرية لا تصف الأحداث الماضية فحسب بل ترسم صورة لفظية لها. وهي لا تقدم صورة عريضة فقط بل مشهداً متحركاً. إن تسلسل الأحداث يعاد تصويره مرة أخرى داخل العقل. (لاحظ الاستخدام المتكرر لكلمة انظر behold وهو تعبير عبري انتقل إلى العهد الجديد.)
إن مثل هذه التعبيرات العبرية: قام وذهب، فتح شفتيه وتكلم، رفع عينيه ونظر، رفع صوته وبكى، توضح القوة التصويرية للغة العبرية. (Dockery, FBI, 214)
- الآرامية: وهي اللغة الشائعة للشرق الأدنى حتى عصر الإسكندر الأكبر (من القرن السادس حتى القرن الرابع ق.م.)Albright, AP, 218) ) كتبت الأصحاحات 2 إلى 7 من سفر دانيال ومعظم عزرا 4 إلى 7 باللغة الآرامية، كما توجد عبارات متفرقة في العهد الجديد كتبت بالآرامية أشهرها صرخة يسوع وهو فوق الصليب: إيلي، إيلي، لما شبقتني؟ وتعني: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ (مت 27: 46).
اللغة الآرامية قريبة جداً من الناحية اللغوية، من اللغة العبرية ومشابهة لها من حيث التركيب. كتبت النصوص الآرامية الموجودة في الكتاب المقدس بنفس أشكال الحروف للكتابة العبرية.
وخلافاً للغة العبرية، تستخدم الآرامية مدى أوسع من المفردات اللغوية كما تشمل الكلمات المستعارة، ومجموع أكبر من أدوات الربط. وتشتمل الآرامية أيضاً على نظام مركب من الصيغ الزمنية للفعل نشأ عن استخدام تصاريف الفعل المختلفة مع الضمائر أو مع الأشكال المختلفة من فعل الكينونة. ورغم أن اللغة الآرامية أقل موسيقية وشعرية من اللغة العبرية، إلا أنها قد تكون أكثر تفوقاً من جهة الدقة التعبيرية.
ولعل الفترة التي عاشتها اللغة الآرامية كلغة حية هي من أطول الفترات عرفتها أي لغة. فقد استخدمت خلال عصر الآباء الكتابي ولا يزال القليلون يتحدثون بها اليوم. لقد انبثقت عن اللغة الآرامية، وشقيقتها السرياينة، لهجات كثيرة في أماكن وعصور مختلفة. ولما كانت الآرامية تتميز بالبساطة والوضوح والدقة، فقد تلاءمت بسهولة مع شتى متطلبات الحياة اليومية. وهي كلغة تناسب العلماء والطلاب والمحامين والتجار بنفس الكفاءة. ولقد وصفها البعض بأنها اللغة السامية المتكافئة مع اللغة الإنجليزية. (Dockery, FBI, 221)
- اليونانية: وهي لغة العهد الجديد كله تقريباً. وكانت أيضاً هي اللغة العالمية في عصر المسيح،كما أصبحت الإنجليزية في عالمنا المعاصر:
اعتمدت الكتابة اليونانية على هجائية يعتقد أنها مستعارة من اللغة الفينيقية وتم توفيقها مع النظام الصوتي واتجاه الكتابة للغة اليونانية. كانت اللغة اليونانية في بادئ الأمر تكتب من اليمين إلى اليسار مثل اللغات السامية الغربية، ثم أصبحت تكتب في الاتجاهين جيئة وذهاباً، وأخيراً أصبحت تكتب من اليسار إلى اليمين.
عملت الغزوات التي قام بها الإسكندر الأكبر على نشر اللغة والثقافة اليونانية. إذ حلت اليونانية الهلّينية أو الشائعة Koine محل اللهجات الإقليمية على نطاق واسع ... وأضافت اللهجة الشائعة الكثير من التغييرات الإقليمية إلى اليونانية الفصحى، ومن ثم أصبحت أكثر عالمية. كما عمل تبسيط القواعد اللغوية أيضاً على توفيق أوضاع اللغة اليونانية لتناسب الثقافة العالمية.
وأصبحت اللغة الجديدة، بعد أن عكست لغة الكلام الشعبي البسيط، هي اللغة الشائعة الاستخدام في الأمور التجارية والدبلوماسية. وهكذا فقدت اللغة اليونانية الكثير من ملامح الأناقة والدقة البالغة بها نتيجة لتطورها من اليونانية الكلاسيكية إلى اليونانية الشائعة. ومع ذلك فقد احتفظت بصفاتها المميزة من قوة وجمال ووضوح وقدرة بلاغية منطقية.
ومن الجدير بالملاحظة أن الرسول بولس كتب رسالته إلى المسيحيين في روما باللغة اليونانية وليس اللاتينية. كانت الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت عالماً يونانياً من الناحية الثقافية، باستثناء المعاملات الإدارية.
إن المفردات اللغوية اليونانية في العهد الجديد بها من الثراء ما يكفي للتعبير عن الفروق الدقيقة في المعنى على النحو الذي يريده الكاتب. فعلي سبيل المثال، استخدم العهد الجديد كلمتين مختلفتين للتعبير عن المحبة (نوعين مختلفين من المحبة)، وكلمتين مختلفتين للتعبير عن كلمة آخر (آخر من نفس النوع أو آخر من نوع مختلف)، وكلمات عديدة للدلالة على أنواع شتى من المعرفة. ومن الجدير بالذكر أن بعض الكلمات قد أهملت، مثل كلمة eros (وتعبر عن نوع ثالث من الحب) وبعضها شاع استخدامه في الثقافة الهلِّينية إبان هذا العصر. (Dockery, FBI, 224-25, 227
4(أ) فريد في بقائه
1(ب) على مر الزمن
رغم أن الكتاب المقدس قد دِّون أول مرة على مواد قابلة للفناء، وكان من الضروري نسخه مرات ومرات لمئات السنين قبل اختراع آلات الطباعة، إلا أنه ظل صحيحاً أسلوباً ومعنىً ولم يواجه خطر الفناء. وإذا ما قورن بغيره من الكتابات القديمة، فإن الكتاب المقدس له ما يؤيده من المخطوطات ما يفوق مخطوطات أي عشرة أعمال أدبية من الكلاسيكيات القديمة مجتمعة معاً. (طالع الفصل الثالث).
ويشير جون وارويك مونتجمري إلى أن الشك في نصوص أسفار العهد الجديد من شأنه أن يلقي بالشك على جميع الأعمال الكلاسيكية القديمة، فليس هناك وثيقة من العصر القديم تثبت المراجع صحتها على النحو الذي تثبت به العهد الجديد. (Montgomery, HC 71, 29) ويعبر عن الفكرة نفسها بروس ميتسجر، أستاذ جامعة برينستون وأحد رواد نقد النص الكتابي في العالم، قائلاً إنه على النقيض من النصوص الأخرى القديمة، يقف الناقد لنصوص العهد الجديد موقف الحائر أمام غزارة مخطوطاته. (Metzger, TNT, 34)
ويعلق برنارد رام على دقة وكثرة مخطوطات الكتاب المقدس قائلاً: لقد حفظ اليهود هذه المخطوطات بعناية شديدة لم تعرفها أي مخطوطة أخرى. فمن خلال المازورا massora العليا والوسطى والسفلى حافظوا محافظة شديدة على كل حرف ومقطع وكلمة وفقرة. وكان عندهم طبقات خاصة من الشعب مهمتها الوحيدة حفظ ونقل هذه الوثائق بأمانة ودقة تامة، فكان هناك الكتبة والفريسيون والمازوريين. فـأي شخـص أحصى حروف ومقاطع وكلمات كتابات أفلاطون أو أرسطو أو شيشرون أو سينكا؟ (Ramm, PCE 53, 230-231)
ويقارن چون لي في كتابه أعظم كتاب في العالم بين الكتاب المقدس وكتابات شكسبير:
في بحث نشرته مجلة «نورث أمريكان رفيو» أورد أحد الباحثين بعض المقارنات المثيرة للاهتمام بين كتابات شكسبير والكتاب المقدس، وهي تبين أن مخطوطات الكتاب المقدس قد نالت من الاهتمام والعناية ما لم تنله أي كتابات أخرى حتى عندما سنحت الفرصة للحفاظ على النص الأصلي الصحيح بوسائل الطباعة بدلاً من استخدام وسائل النسخ اليدوي. كتب يقول: من الغريب أن نصوص شكسبير التي بقيت لفترة تقل عن المائتين والثمانية أعوام لا تحظى بالثقة والصحة التي يحظى بها العهد الجديد، الذي له الآن أكثر من ثمانية عشر قرناً من الزمان، منها خمسة عشر قرناً على الأقل كان خلالها عبارة عن مخطوطات ... باستثناء عشرة أو عشرين آية فقط يمكن القول بأن كلمات كل آية من آيات العهد الجديد صحيحة تماماً باتفاق العلماء، حتي أن أي خلاف ينشأ فيما يختص بقراءتها يرجع إلى تفسير معاني الكلمات وليس إلى الكلمات نفسها. ولكن في كل عمل من أعمال شكسبير السبعة والثلاثين هناك مئات القراءات المختلف عليها بين الدارسين وأكثرها يؤثر جوهرياً في معنى الفقرات التي توجد بها. (Lea, GBW, 15)
(أ) كيف كُتب الكتاب المقدس؟
يتساءل الكثيرون عن خلفية الكتاب المقدس وأقسامه والمواد المستخدمة في كتابته. ويتناول هذا الفصل التعريف ببنية الكتاب المقدس وكيف تم جمعه.
1(ب) المواد المستخدمة في كتابة الكتاب المقدس:
1(ج) مواد الكتابة 1(د) ورق البردي
يعد السبب الرئيسي في عدم قدرتنا على الحصول على الكثير من المخطوطات القديمة (المخطوطة هي نسخة مكتوبة باليد للكتاب المقدس) استخدام مواد تبلى للكتابة. كتب ف.ف. بروس: كل المخطوطات الأصلية فقدت منذ زمن بعيد. ولم يكن بد من ذلك، إذ أنها كتبت على ورق البردي، ولأن ورق البردي لا يمكن أن يبقى لفترات طويلة إلا في ظل ظروف معينة. (Bruce, BP, 176)
ومن بين مواد الكتابة التي كانت متاحة في فترات كتابة الكتاب المقدس، يعد ورق البردي أشهرها، وكان يصنع من نبات البردي. كان هذا النبات ينمو في الأنهار والبحيرات الضحلة لمصر وسوريا. كانت ترسل شحنات كبيرة من ورق البردي عبر ميناء بيبلوس السوري. ويعتقد أن الكلمة اليونانية biblos التي تعني كتب قد أشتقت من اسم هذا الميناء. وجدير بالذكر أن الكلمة الإنجليزية Paper (التي تعني ورق) قد أشتقت من الكلمة اليونانية لورق البردي (Papyrus. Ewert, ATMT, 19-20)
ويقدم لنا تاريخ الكتاب المقدس الصادر عن جامعة كمبريدج شرحاً لطريقة إعداد ورق البردي للكتابة: كانت الأعواد تقشر وتقطع طولياً إلى شرائح رقيقة قبل أن تدق وتكبس معاً وتوضع كل طبقتين معاً بحيث تكون إحداهما طولية والأخرى مستعرضة فوقها. وبعد أن تجف ينعمون سطحها الأبيض بحجر أو غير ذلك من الأدوات. ويشير بليني إلى وجود نوعيات مختلفة ذات سُمك وأسطح متباينة من ورق البردي قبل عصر المملكة الجديدة عندما كان الورق رقيقاً جداً في أغلب الأحيان. (Greenlade, CHB, 30)
وترجع أقدم البرديات المعروفة لنا إلى عام 2400 ق.م. (Greenslee, INTTC, 19) كتبت أقدم المخطوطات على ورق البردي وكان من الصعب أن تعمر طويلاً إلا في الأماكن الجافة مثل صحاري مصر أو في الكهوف مثل كهوف قمران حيث اكتشفت مخطوطات البحر الميت.
ولقد كان ورق البردي شائع الاستخدام حتى القرن الثالث الميلادي تقريباً. (Greenlee, INTTC, 20)
2(د) الرقوق Parchment
وهذا الاسم يطلق على جلود الأغنام والماعز والغزلان وغيرها من الحيوانات. وهذه الجلود كان يتم إعدادها بنزع الشعر عنها وحكها حتى تصبح صالحة للكتابة عليها وتدوم طويلاً. ويضيف ف.ف. بروس أن كلمة Parchment اشتقت من اسم مدينة Pergamum برغامس في آسيا الصغرى لأن إنتاج هذه الرقوق المستخدمة في الكتابة كان في وقت ما يرتبط ارتباطاً خاصاً بهذا المكان. (Bruce, BP, 11)
3(د) الرق Vellum
وكان هذا الاسم يطلق على جلود العجول. وكانوا غالباً يصبغونه باللون الأرجواني. وبعض المخطوطات التي لدينا الآن عبارة عن رقوق أرجوانية من جلود العجول. وكانت الكتابة على هذه الرقوق تكون عادة باللون الذهبي أو الفضي.
ويقول ج. هارولد جرينلي أن أقدم المخطوطات الجلدية ترجع إلى حوالي 1500 ق.م. (Greenlee, INTTC, 21)
4(د) مواد الكتابة الأخرى
الفخار: وهو الفخار غير المصقول وكان شائعاً لدى العامة من الناس. والاسم الفني له هو الكسر الخزفية. ولـقد عـثر علـى الكثــير منـه فـي مصر وفلسطين. (أي 2 : 8)
الأحجار: وعثر علماء الآثار على أحجار عادية عليها كتابة منحوتة بأقلام من حديد.
الألواح الطينيـة: وينـقـش علـيهـا بـأداة حادة وتجفف لتصبح سجلاً باقياً (إر17:13، خر4:1). وكانت هذه الألواح من أرخص مواد الكتابة وأكثرها دواماً.
الألواح الشمعية:وهي عبارة عن ألواح خشبية مسطحة عليها طبقة من الشمع يكتب عليها بأقلام معدنية خاصة.
2(ج) أدوات الكتابة
الأزميل:وهو عبارة عن أداة من الحديد تستخدم للحفر على الأحجار.
القلم المعدنى: وهو أداة مثلثة الجوانب مسطحة الرأس. وكانت تستخدم للنقش على الألواح الطينية والشمعية. ((Geisler, GIB, 228
القلم: وهو عبارة عن عود مدبب الرأس كان يصنع من نبات الأسل وطوله 6-16 بوصة ونهايته مشطوفة كالإزميل حتى يمكن كتابة الخطوط الرفيعة والسميكة بأحد الجانبين العريض أو الضيق. وقد استعمل أهل ما بين النهرين هذا القلم في العصور القديمة جداً. أما فكرة القلم الريشة فربما تكون قد ظهرت أولاً عند اليونان في القرن الثالث ق.م. (إر8:8) (Greenslade, CHB, 31) وقد استخدم هذا القلم للكتابة على رقوق الحيوانات والعجول وعلى ورق البردي. الحبر:وكان يصنع في العالم القديم عادة من الفحم والصمغ والماء. (Bruce, BP, 1.)
2(ب) أشكال الكتب القديمة
الدرج:وكان يصنع عن طريق لصق أوراق البردي معاً وطيها حول عصا. وكانت صعوبة الاستخدام تحد من طول الدرج. وكان يكتب على جانب واحد من الدرج عادة. وأحياناً كان يكتب على جانبي الدرج opisthograph (رؤ 5: 1) وبعض الأدراج وصل طولها إلى 144 قدماً. أما الدرج المتوسط الحجم فكان طوله يتراوح بين عشرين وخمسة وثلاثين قدماً. ولا عجب أن يقول كاليماخوس، أحد مصنِّفي الكتب المحترفين بمكتبة الإسكندرية قديماً: الكتاب الكبير مجلبة للتعب. (Metzger, TNT, 5)
الكتاب: لتسهيل القراءة كانت أوراق البردي تجمع معاً في كتاب ويكتب على جانبيها. ويقول جرينلي إن انتشار المسيحية كان السبب الرئيسي في ظهور هذا الشكل من الكتب
(ب) أنواع الكتابة
1(ج) كتابة الحروف البوصية
طبقاً لبروس ميتسجر، أحد علماء العهد الجديد فإن: الأعمال الأدبية ... كانت تكتب بشكل معين من أشكال الكتابة اليدوية يطلق عليها الحروف البوصية uncials. وتتميز هذه الكتابة بالتزام التأني والحرص عند نقش الحروف، حيث تتباعد الحروف عن بعضها البعض ويشبه ذلك كتابة الحروف الإنجليزية الكبيرة المنفصلة إلى حد ما. (Metzger, TNT, 9)
ويشير جايسلر ونيكس إلى أنه: تعتبر المخطوطات البوصية الرائعة التي ترجع إلى القرن الرابع الميلادي وما بعده من أهم مخطوطات العهد الجديد بوجه عام. وظهرت هذه المخطوطات في أعقاب اعتناق قسطنطين للمسيحية والسماح بنسخ الكتاب المقدس في مجمع نيقية (عام 325). (Geisler/Nix, GIB, 391)
ولعلَّ أقدم وأهم المخطوطات البوصية المخطوطة الفاتيكانية (حوالي 325-350م) والمخطوطة السينائية (حوالي 340م).
2(ج) كتابة الحروف الصغيرة
وهي كتابة بحروف أصغر وبخط متصل (مشبك) وقد استخدمت لإنتاج الكتب في بداية القرن التاسع الميلادي تقريباً.(Metzger, TNT, 9)
3(ج) المسافات وحروف العلة
كانت المخطوطات اليونانية تكتب بدون فواصل بين الكلمات، بينما كانت النصوص العبرية تكتب بدون حروف علة حتى أضافها المازوريون بين القرن الخامس والقرن العاشر الميلادي.
وقد يبدو هذا مستغرباً بالنسبة للقارئ الحديث، ولكن بالنسبة للقدماء ممن كانوا يتحدثون اليونانية أو العبرية كان هذا أمراً عادياً وكانت الكتابات مفهومة وواضحة. ولم يكن اليهود بحاجة إلى كتابة حروف العلَّة إذ أنهم تعلموا لغتهم وتعملوا كيف ينطقونها ويفسرونها. كذلك لم يكن لدى الشعوب المتحدثة باليونانية أي مشكلة في قراءة لغتها بدون مسافات فاصلة بين الكلمات. ويوضح ميتسجر قائلاً: كانت هناك قاعدة في تلك اللغة، باستثناء بعض الحالات القليلة جداً، أن تنتهي الكلمات اليونانية بحرف علة (أو أكثر من حرف مركبة معاً) أو أحد الحروف الساكنة الثلاثة: V,P,S. ولا يجب الاعتقاد بأن الكتابة المتصلة كان بها صعوبات خاصة في القراءة، لأنه كان من المعتاد قديماً أن يقرأ المرء بصوت مرتفع، حتى ولو كان بمفرده. ومن ثم فإنه على الرغم من عدم وجود مسافات فاصلة بين الكلمات، كان المرء سرعان ما يعتاد على قراءة الكتابة المتصلة من خلال قراءة المرء على نفسه ما هو مكتوب مقطعاً بمقطع بصوت مرتفع. (Metzger, TNT, 13)
4(ب) أقسام الكتاب المقدس
1(ج) الأسفار
انظر الجزئيات الخاصة بالأسفار القانونية لاحقاً في هذا الفصل.
2(ج) الأصحاحات
1(د) العهد القديم
جرى أول تقسيم قبل السبي البابلي الذي بدأ عام 586 ق.م، إذ قسمت الأسفار الخمسة الأولى إلى 154 مجموعة تسمي سيداريم sedarim وكانت تهدف إلى تقسيم هذه الأسفار إلى أجزاء تقرأ دورياً على مدى ثلاث سنوات. (Geisler, GIB, 339)
وفي أثناء السبي البابلي وقبل عام 536 ق.م، قسمت الأسفار الخمسة الأولى إلي أربعة وخمسين قسماً تسمي «باراشيوثparashiyyoth ... » وهذه بدورها قسمت فيما بعد إلى 669 قسماً لتسهيل الرجوع إليها. وقد كانت تلك الأقسام تستخدم في القراءة على مدى عام واحد. (Geisler, GIB, 339)
وحوالي عام 165 ق.م. قسمت أسفار العهد القديم التي تسمى الأنبياء .
وأخيراً، بعد الإصلاح البروتستانتي، اتبع الكتاب المقدس العبري في معظمه نفس تقسيم الأصحاحات للعهد القديم البروتستانتي. ودونت هذه التقسيمات على هامش الكتاب لأول مرة في عام 1330. (Geisler, GIB, 339)
2(ب) العهد الجديد
قسَّم اليونانيون العهد الجديد إلى فقرات لأول مرة قبل انعقاد مجمع نيقية (325م)، وربما يرجع ذلك إلى عام 250م.
أما أقدم نظام لتقسيم الأسفار إلى أصحاحات فيرجع إلى عام 350م تقريباً، ويظهر على هامش المخطوطة الفاتيكانية. إلا أن هذه التقسيمات أقل حجماً بكثير من التقسيم الحالي للأصحاحات. فعلى سبيل المثال في التقسيم الحالي للكتاب المقدس يقسم إنجيل متّى إلى ثمانية وعشرين أصحاحاً ولكن في المخطوطة الفاتيكانية يقسم إنجيل متّى إلى 170 قسماً.
ويقول جايسلر ونيكس: لم يتغير هذا التقسيم حتى القرن الثالث عشر حيث تغير التقسيم تدريجياً. قام ستيفن لانجتون، الذي كان أستاذاً بجامعة باريس ولاحقاً رئيساً لأساقفة كانتربرى، بتقسيم الكتاب المقدس إلى أصحاحات كما نعرفه الآن (حوالي عام 1227). وكان ذلك قبل استحداث الطباعة المتحركة. ومنذ استحداث هذه الطريقة في الطباعة في مؤسسة وايكليف للكتاب المقدس (عام 1382) أصبح هذا التقسيم هو التقسيم المتبع عند طباعة الكتاب المقدس إلى هذا اليوم. (Geisler, GIB, 340)
3(ج) الأعداد
1(د) العهد القديم
كان أول ما يشير إلى الأعداد في العهد القديم المسافات الفاصلة بين الكلمات إذ كانت الكلمات تكتب تباعاً بشكل متصل في سفر معين... فبعد السبي البابلي، ولأغراض القراءة والتفسير العامة، استخدمت المسافات الفاصلة كمواضع للوقف،كما أضيفت فيما بعد علامات أخرى. إلا أن هذه العلامات لم يتم وضعها بشكل منظم، فاختلفت من موضع لآخر. ولم يوضع لذلك نظاماً ثابتاً حتى عام 900م. (Geisler, GIB, 339)
2(د) العهد الجديد
لم يظهر التقسيم الحالي لآيات العهد الجديد حتى منتصف القرن السادس عشر. وقد تلا هذا تقسيم الأصحاحات، بهدف تسهيل القراءة والرجوع إلى الآيات. وظهر هذا التقسيم أولاً في الطبعة الرابعة للعهد الجديد اليوناني الذي نشره روبرت ستيفانوس الفرنسي عام 1551، ولقد أدخل وليم ويتنجهام في أكسفورد هذا التقسيم على النسخة الإنجليزية للعهد الجديد في عام 1557 . وفي عام 1555 أدخل ستيفانوس هذا التقسيم على نسخة الفولجاتا اللاتينية، ومن ذلك الوقت استمر هذا التقسيم إلى يومنا هذا. (Geisler, GIB, 341)
يتبع ...