ربما نجد قبيلة واحدة ينقسم أبناؤها لبادية وأهل قرية أو مدينة , قس مثلاً قريش , فبها قريش البوادي وقريش الأباطح , وأيضاً نجد قبائل وائل وأخص بالذكر بنو حنيفة , فأصلها متمدنة وأكثرهم تجار ولكن فيهم القليل من الأفخذ من البادية مع إخوتهم أبناء وائل كربيعة وأيضاً بنو مرة .
وبمعنى لو عرفنا إصطلاحا معنى البدوي , سنجده اندثر , فقلة قليلة من استوطنت البادية الآن , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من سكن البادية جفا } إذاً الجفاء والبدونة شرطها السُكنى فقط , ومفهوم الحديث الغير من منطوق , من سكن القرية أو المدينة لم يجفا .
ارتباط البداوة بالسُكنى , فهناك قبائل أصبحت بدوية رغما عنها بسبب الحروب , كحرب داحس وما جرى لعبس , وكحرب البسوس وما جرى لكلا القبيلتين .
ولو ذهبنا للحاضرة قديمة ليست كحاضرتنا الآن , فالحاضرة قديماً كانت تعاني أيضاً من القسوة في العيش والجلادة على عكس ما هو حاصل الآن تماماً .
والقبائل قديما حضرتها وأهل القُرى والبادية عندهم من العادات ما اندثر الآن عند من يسمون أنفسهم حاضرة .
فالحاضرة الآن للأسف بعضهم لديه عادات يعتقدها من التحضر , كالاختلاط وغيرها من تمايز بالملبس وما شابهته بالكفار وكذلك أصبح بعضهم أرضا خصبة لكل ماهو دخيل من باب التحضر وهذا طبعا عدم ثقة بالذات والعروبة وضعف في الهوية الشخصية والثقافية والفكرية والعقدية .
بل أهل القرى والحاضرة قديماً كانوا يعيشون حياة قاسية وكان يتميزون بعادات العرب كالجيرة والكرم والشجاعة والتضحية والنبالة , ولكن هذه الصفات أصبحت ملازمة للبدو لأنهم لم يتأثروا كثيراً بالتحضر المذموم والانفتاح بدعوى التحضر مما أعطى مسوغا لكل متربص أن يدخل على الكثير منهم سلبيات كثيرة غربية تحت في غنى عنها .
فالتحضر فيه المذموم وفيه الممدوح , وقد تحضر الكثير تحضراً مذموماً جعلهم يهملون الكثير من العادات الجميلة التي كانت تنتشر عند الفريقين حاضرة وبادية .
وشربنشوخ