ننتقل لنقطة أخرى:
الفيلسوف الصيني كونفوشيوس قال مرة ( Study the past if you would define the future ) ، دراسة الماضي هي مفتاح الحاضر و المستقبل ، و عندما سألتُ سؤالاً جوهريًا قفزتَ عليه و هو ( فما تتوقع من رجل يرى الآخرين يقدسون قتلة و ظلمة أجداده ؟ )
هل تعتقد أنك وحدك من قرأ التاريخ, هل تظن أن جميع استشكالات السنة على الشيعة أو الشيعة على السنة لم نقرأها؟
قرأناها كلها وقرأنا الرد عليها من الطرفين...فما زادتنا إلا الايمان بنعمة العقل..وفك قيد اغلال الماضي وترهاته.
والتاريخ الذي تطالب بقرائته لايجب أن يتوقف على الاحقاد المكتوبة في طياته, التاريخ يجب أن يقرأ لا لترسيخ عقائد سوداوية,,, ونعيش أسرى أحداث ذلك التاريخ...فأنت ومن يشبهك تدندنون على هذه النقطة " معرفة التاريخ هي مفتاح الحاضر والمستقبل".
وهي عبارة جميلة,
فالتاريخ يجب أن نقرأه لنتفق لا لنختلف.
كمثال... قرأت تاريخ اليهود في الجزيرة ولست مؤيدا لمن يجتر التاريخ ليسقطه على جيل اليوم من اليهود...لهم الحق الآن في كرههم كمعتدين على ارض عربية ,,وان كنت اختلف معهم ايضا ,,,ولكن مجرد الانطلاق من هذه النقطة هي افضل بكثير من العيش كأسرى للماضي...لا ألزمهم بعدم كرههم ولكنني اطالبهم باستخدام العقل في اصل عقيدتهم التي ولدت الاحقاد واغتصبوا حقوق الغير استنادا على تلك العقيدة الجهادية, ثم يتباكون الآن على الظلم الواقع عليهم ممن ظلموهم بالأمس.
وكذلك قرأت مظلومية آل البيت وقتل الأئمة ... من قبل الحكام, وقرأت تاريخ الصحابة من وجهة نظر شيعية وهم الرموز الذين عنيتهم في مداخلاتي...اختلفوا نعم...تزاعلوا نعم..ولكنهم تزاوجوا وسموا ابنائهم على ابو بكر وعمر..وغيرها من أمور التقارب.
قرأت سيرة علي مع الخلفاء الراشدين من كتب المذهب الشيعي,, وكيف ناسبهم وكان مستشارا لهم...ولو عدنا لاساس المشكلة فلن تجد علي قد ظُلم من أحد ( حسب فهمي للتاريخ وليس فهم غيري).
وما أتيت أنت به من الاحاديث من صحيح مسلم...فهي من وجهة نظري مضحكة جدا كاستدلال على العداء...وتبين الفرق بين يقرأ التاريخ بسوداوية وبين من يقرأه على أن الاختلاف بين البشر طبيعي...يختلفون وحتى يتقاتلون وبعدها يصلحون ويتصاهرون كما فعل علي مع ابو بكر وعمر...رغم أنه لم يتقاتل معهم, ولكن المشكلة تكمن في ان طرفا جعل من أحدهم معصوما لا يخطئ ولا ينسى,,وهذا سبب دعوتي لك بإعادة القراءة,
فالعبرة ليست بكثرة القراءة بل بالمحصلة من هذه القراءة.
وعلى افتراض أن فلان قتل فلان لايجب التوقف عند دماء مضى عليها آلاف السنين...وجعلها محور عقائدنا,وهي دعوة مني لك لمراجعة كتب تاريخك وعرضها على العقل..كما عرض فضل الله مظلومية فاطمة,, واعرض على عقلك زواج أم كلثوم بنت علي من عمر..ماذا تستنتج؟
وقد خصصتك هنا بالدعوة لأني اناقشك في قضية محددة وإلا فإن الدعوة موجهة للفريقين في كتب التاريخ والفقه والعقيدة, فمن ألفها هم رجال .. نمتلك عقولا مثل عقولهم, فلا ننجرف خلفهم.
وأعيد دعوتي اليك, خذ من التاريخ بياضه ودع سواده, خذ مثلا تقارب علي مع عمر وابو بكر تزويجه ابنته لأحدهم, وخذ قول أئمتك في الصحابة ..خذها من كتبك,,, ولا تقتنع بالردود المضحكة عليها,, استخدم عقلك أنت...
أعلم أنك ستقول انت لاديني فلماذا تطلب مني قراءة التاريخ وفق وجهة نظر المخالف, وسأقول لك: هي دعوة للتسامح دعك عنك الطرف المخالف ولا تأخذ دعوتي بهذه النظرة, واعلم أنك ستقول كلامك انشائي ولا دليل عندك لما ذكرته, ولكن هاك هذه الأدلة من كتبك, رغم امتعاضي من القص واللزق ولكن انطلاقا من مجاراتك في هوايتك المحببة:
- زواج أم كلثوم من عمر:
الرواية الاُولى:
عن أبي عبدالله (عليه السلام): لمّا خطب عمر قال له أمير المؤمنين: إنّها صبيّة، قال: فلقي العباس فقال له: مالي ؟ أبي بأس ؟ قال: ما ذاك ؟ قال: خطبت إلى ابن أخيك فردّني، أما والله لاعورنّ زمزم ولا أدع لكم مكرمة إلاّ هدمتها، ولاُقيمنَّ عليه شاهدين بأنّه سرق ولاقطعنّ يمينه، فأتاه العباس فأخبره، وسأله أن يجعل الامر إليه فجعله إليه، فزوّجها العباس.
زوّجها العباس بعد هذه المقدّمات، أمّا في كتب القوم، فالتهديد كان موجوداً، الالحاح والمعاودة والتردد على علي، كلّ هذا كان موجوداً، إلاّ أنّ هذه القطعة نجدها في روايتنا عن الصادق (عليه السلام).
هذه الرواية في كتاب الكافي، كتاب النكاح(1) .
رواية أُخرى:
عن سليمان بن خالد، سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة توفي
زوجها أين تعتد ؟
مسألة شرعية، المرأة زوجها يتوفّى، يموت، فزوجته أين تعتد عدّة الوفاة، في بيت زوجها تعتد، أو حيث شاءت ؟
قال (عليه السلام): بلى حيث شاءت، ثمّ قال: إنّ عليّاً (عليه السلام) لمّا مات عمر أتى أُمّ كلثوم فأخذ بيدها، فانطلق بها إلى بيته.
لمّا مات عمر جاء علي إلى باب داره، وأخذ بيد ابنته وانطلق بها إلى بيته.
هذا في كتاب الطلاق من الكافي(1) .
وهذه اعلم الردود عليها..واقسم يا علي لو استخدمت عقلك قليلا في ردودها لضربت بها عرض الحائط.. ولكن لابأس قد يكون لك رأي فيها.
- رأي الأئمة في الصحابة:
وهي دعوة للتسامح والاقتداء بهم...
علي بن الحسين:
قدم عليه نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم فلما فرغوا من كلامهم قال لهم أ لا تخبروني أنتم المهاجرون الأولون الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ .
قالوا : لا .
قال : فأنتم الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ .
قالوا : لا .
قال : أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين و أنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا أخرجوا عني فعل الله بكم .
المصدر كتاب " كشف الغمة في معرفة الأئمة" الجزء الثاني ص 78 الرابط
http://www.al-shia.com/html/ara/books/new/kashf_alqomeh2/005.htm
ومن اسماء أولاده عمر...نفس المصدر.
رأي علي بن ابي طالب في الصحابة:
أَيْنَ الْقَوْمُ الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الاِسْلاَمِ فَقَبِلُوهُ؟ وَقَرَأُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ؟
وَهِيجُوا إِلى الْجِهَادِ فَوَلَّهُوا اللِّقَاحَ(1) أَوْلاَدَهَا، وَسَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا، وَأَخَذُوا بِأَطْرَافِ الاَْرْضِ زَحْفاً زَحْفاً وَصَفّاً صَفّاً؟! بَعْضٌ هَلَكَ، وَبَعْصٌ نَجَا.
لاَيُبَشَّرُونَ بِالاَْحْيَاءِ(2)، وَلاَ يُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى(3)، مُرْهُ الْعُيُونِ(4) مِنَ الْبُكَاءِ، خُمْصُ الْبُطُونِ(5) مِنَ الصِّيَامِ، ذُبُلُ الشِّفَاهِ(6) مِنَ الدُّعَاءِ، صُفْرُ الاَْلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ، عَلَى وَجُوهِهمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعيِنَ، أُولئِكَ إِخْوَاني الذَّاهِبُونَ، فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ وَنَعَضَّ الاَْيْدِيَ عَلَى فِرَاقِهمْ!
إِنَّ الشَّيْطَانَ يُسَنِّي(7) لَكُمْ طُرُقَهُ، وَيُرِيدُ أَنْ يَحُلَّ دِينَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً،
المصدر نهج البلاغة ص 275
الرابط
http://www.aqaed.com/
وهناك الكثير من أقوال الأئمة
الخلاصة:
دعوة للتسامح وعدم الانغلاق على الذات وهي دعوة موجهة للجميع من ابناء المذهبين, اقرأوا التاريخ لاوفق من استنتج منه ان العتاب قتال وان الاختلاف اقصاء...وإن كان ولابد فاركنوا هذه الكتب المثيرة للغثيان.