على خلفية الحرب الدائرة اليوم بين المقاومة الإسلامية حماس وبقية الفصائل المجاهدة وبين الصهاينة المعتدين تتداول اليوم كلمتي ( النصر ) و ( الهزيمة ) على ألسنة الجميع ، فكل له تعريفه للنصر وكل له تعريفه للهزيمة ، و سأذكر ما اعتقده نصرا في نظري وما اعتقده هزيمة ، وسأذكر كذلك كيف رأيت البعض يعرّف النصر والهزيمة ، وأتمنى أن أوفق لذلك .
وحتى نقف على تعريف مصطلح ما ، يجب أن نتعرف على المنطلق الذي ننطلق منه في تعريف هذا المصطلح أو ذاك ، هل ننطلق من منطلق أخلاقي أو هو منطلق مادي ، بمعنى هل نعتبر النصر نصرا بعدد ما هدم المنتصر وقتل وسفك من دماء وانتهك من حرمات ، أو بحسب عدالة القضية وتمسك ذلك المنتصر بقيمه الإنسانية ومبادئه السامية التي تجمع عليها البشرية وتقرها فطرتها السليمة ؟!
شخصيا أنطلق في تعريف النصر من المنطلق الأول وهو المنطلق الأخلاقي القيمي الإنساني ، فأرى أن عدالة القضية أحق بالنصر ولو لم تجد من ينصرها ، وبإسقاط هذا المنطلق على الأحداث أرى أن حركة المقاومة الإسلامية(حماس) وبقية الفصائل المجاهدة منتصرة في هذه الحرب قبل أن تخوضها فكيف وقد خاضتها متمسكة بتلك القيم والأخلاق ؟! إن المقاومة والمجاهدين من حيث عدالة القضية ومشروعيتها قد حققوا أعلى درجات النصر وأسماها ، والصهاينة على ما دمروا وسفكوا وقتلوا واستباحوا الأعراف الإنسانية هزموا شر هزيمة ، ولا أدل على ذلك من خروج الناس ملايين تجتاح العالم تندد بهذا الإجرام الصهيوني الباغي ، فهل شفع للصهاينة حجم الدمار الذي ألحقوه بخصمهم ؟!
إننا نرى أن هذا الدمار لم يلحق بالمقاومة وحماس الذين هم الخصم الفعلي الذي لا تتوفر لدى الصهاينة شرف مواجهته في هذه المعركة ، بل الإجرام الصهيوني واجه الإنسانية المتجسدة في الضعفاء من الناس واستباحها .
إن الهزيمة هي أن يخسر الإنسان إنسانيته ويتنازل عن قيمه وكرامته ومبادئه وشرفه ، والمقاومة الإسلامية (حماس ) وبقية فصائل المقاومة لم تتزحزح قيد أنملة عن مبادئها وثوابتها ، بل نرى العالم وفي مقدمته الصهاينة يتراجعون في أهدافهم ومخططاتهم كلما واصل المجاهدون ضرباتهم لهذا العدو في ثبات يمثل نموذجا حيا للصمود على المبدأ مهما بلغت التكاليف .
لا يعتقد البعض أن ما ذكرته هو نوع من تمنية النفس وتسليتها فما نراه من هزيمة يلحقها المجاهدون بالعدو الصهيوني حتى بالمنطلق المادي لهي أعظم تسلية وأكثر بهجة في نفوسنا ، بل أقول ما قلته لأبين أن النصر ليس نصرا ماديا فقط كما يظنه البعض وكذلك الهزيمة .
هذا البعض الذي أدخل سفاسف الأمور وتوافهها في حسابات النصر والهزيمة هذا البعض الذي يضع المباني والحجارة في مقابل الشرف والكرامة ويضع المال في مقابل العزة والأنفة ، بل حتى البشر يرى أن حياتهم في ذل المحتل الغاصب والاستسلام المهين في مقابل الموت بإباء و شموخ هو نصر وليس هزيمة .
كيف لا تكون هذه حساباتهم وقد تخلوا عن كل منابع القيم البشرية التي ينشأ الإنسان فيها ويستنبط منها إنسانيته ؟! تخلوا عن الدين وتخلوا عن القومية وتخلوا عن المبادئ الإنسانية فلا الحرية ولا العدل ولا الكرامة تعني لهم شيئا ، هم يحسبون قيمة الكرامة والعزة والحرية بالدولار يحسبونها بالعلاقات الاقتصادية يحسبونها بمشاريعهم السياحية ، استمرؤوا الخضوع والجبن حتى صار سجية عندهم ، بل زادوا على ذلك حتى أصبحت الكرامة في نظرهم غرور وصلف وأصبحت العزة عندهم جهل بالواقع وحماقة ، وأصبح الإقدام والشجاعة عندهم مغامرة وتهور ، لن يجرؤا أحد منهم على تعريف أي قيمة إنسانية أبية أبدا اسألوهم قولوا لهم ما هي الحرية ؟ ما هي الكرامة ؟ ما هي العزة ؟ ما هو الإباء ؟ لن يجيبوكم ، صدقوني لن يجيبوكم إلا بما يستحي الإنسان الحق أن يتلفظ به .
لهؤلاء نقول : ابرزوا إلى نهايتهم ، أظهروا بكل صوركم ومفرداتكم ومنطلقاتكم ، زيدوا الأمة كرها ورفضا لكم ،حتى تنقى صفوف الأمة ، فالأمة مقبلة على مستقبل لا مكان لكم فيه .
يقول الله تعالى : ( أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزىً لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحي ويميت والله بما تعملون بصير )
لماذا جعل الله تعالى الموت نصرا للمؤمنين ، و حسرة في قلوب المنافقين ؟!
الجواب في معان لا يدركها المنافقون والعملاء ، فالموازين عندهم ليست كالموازين عند المؤمنين ونظرتنا للأمور تختلف عن نظرتهم ، ونصرنا يختلف عن هزيمتهم .
والسلام على من اتبع الهدى