رسالة الى محمد عبدالقادر الجاسم
سبق أن أشرنا الى أن مايحكم الخط الفكري لمقالات الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم هو الانطلاق من أوهام يخترعها ، أو بتعبيره هو " ينقلها من دائرة الهمس الى الدائرة العلنية " ، ثم يبني على هذه الأوهام استنتاجات واسعة .. وخطيرة أحيانا ‘ وهو في كل ذلك يستبطن نوايا البشر ، ويحاكمهم على أساس هذا الاستبطان " الفاسد " في معظم الأحوال .
في مقال نشره بتاريخ 3/11/2006 بعنوان " العرش والبرلمان ومجلس الأعيان " يقول مذكرا بماسبق أن طرحه في مقال آخر " ان التفكير في الانقلاب على الحكم الدستوري مجددا هو تعبير عن عجز أصحابه ، فالخلل ليس في وجود مجلس الأمة ولا في استجواب وزير أو أكثر ، بل الخلل في عدم القدرة على ادارة شؤون الدولة الا عن طريق القمع والتسلط والرأي الواحد " .
فهل يمكن لكائن من كان أن يتصور أو يصدق هذا التوصيف الذي يسبغه الجاسم على الحكم في الكويت ، وأنه غير قادر على ادارة شؤون الدولة الا عن طريق القمع والتسلط والرأي الواحد ؟ المفارقة اللافتة هنا أن هناك من يرى أن مشكلة الكويت هي " الافراط في الديمقراطية " وليس معاداتها بالقمع والتسلط ، وأن هذا " الافراط " انقلب الى نوع من الفوضى والعشوائية ، وأن المطلوب هو اعادة ضبط الساحة السياسية مجددا ، لكي لايكفر الناس بالديمقراطية ، ويعتبروا أنها سبب مانحن فيه من تناحر ومشكلات .
ثم اذا أجاز كاتب لنفسه أن يصف نظام الحكم في الكويت ب " القمع والتسلط والرأي الواحد " ، فماالذي يصف به أنظمة الحكم الأخرى في المنطقة والتي لاتعرف بعض دولها برلمانات أو صحافة حرة ، وبعضها الآخر لم يسمع يوما بكلمة " معارضة " ، بينما في الكويت يصل الأمر بأحد أعضاء مجلس الأمة الى أن يقول لرئيس مجلس الوزراء " امسك يهالك " ، و" الجهال " الذين يقصدهم النائب هم وزراء في حكومة الشيخ ناصر المحمد لايعجب سلوكهم النائب فيعتبرهم أطفالا أو كالأطفال ، ويمر هذا الوصف – رغم قسوته – كأن شيئا لم يكن ، ومن دون احتجاج رئيس الوزراء أو أحد من أعضاء حكومته ، أما التهديد باستجواب رئيس الحكومة ، والمطالبة بوقف " طواغيت الفساد " – حسب تعبير بعض النواب – والتحذير من " بيع البلد " ونهبها عن طريق " الهوامير " ، وغير ذلك ، فهو مما اعتاد عليه الشارع الكويتي ولم يعد يستفز أحدا ... ولعل الوفود الزائرة للكويت والتي تدعى أحيانا لحضور جلسة في مجلس الأمة تخرج مندهشة بدرجة كبيرة من مستوى السجال الديمقراطي الذي تشهده قاعة عبدالله السالم ، والذي لايتصور وجوده في دولة عربية .
ويقول الجاسم في المقال نفسه : " الواقع أنه – مع كل الأسف – يصعب الوثوق في نوايا الأسرة الحاكمة بشأن الدستور واصلاح آليات العمل السياسي في البلاد ، فهناك شئنا أم أبينا أزمة ثقة بين القوى السياسية والشعب من جهة ، والأسرة الحاكمة من جهة أخرى بشأن تعديل الدستور " .
يعرف الكاتب و" المحامي " محمد عبدالقادر الجاسم أن مسألة تعديل الدستور منصوص عليها في الدستور نفسه ، ومن البديهي أن لا الأسرة الحاكمة ولا الحكومة قادرتان على اجراء أي تعديل دستوري من دون موافقة البرلمان ، فهذه – اذن – مسألة محسومة ولاتدعو الى الجزع أو استخدامها " فزاعة " لارهاب الآخرين بها ، وجعلها مضغة تلوكها الأفواه بلا أي معنى أو ضرورة ، وهذا بالتأكيد هو أحد الأسباب التي تدخل البلاد في أزمات سياسية مبنية بالدرجة الأولى على سوء الفهم ، وهي أزمات تستهلك الوقت والجهد وتخلق هوة واسعة بين السلطتين ، تمنعهما من تحقيق أي انجاز حقيقي .
اما " اصلاح آليات العمل السياسي في البلاد " فهو مطلب مشروع لكل القوى السياسية ولسائر المشتغلين بالعمل العام ، وهو ماينبغي أن نتعاون جميعا من أجل انجازه .. ذلك أن المواطن الكويتي بات يشعر بالفعل أنه أمام مؤسسات ديمقراطية عاجزة ولاتؤدي الدور المنشود منها ، كما أنه يألم ويحزن عندما يرى دولا من حولنا ليس فيها برلمانات ، ولا تتمتع صحافتها بجزء يسير من الحرية التي تعرفها صحافتنا ، ومع ذلك فان هذه الدول التي بدأت نهضتها بعدنا بسنوات طويلة ، قد سبقتنا الآن ، وصارت مضرب الأمثال في النهوض والتقدم ، الى حد أننا أصبحنا نتمنى أن نقتدي بها ونسير على نهجها .
لكن كيف يتم اصلاح آليات العمل السياسي ؟ هل يكون ذلك بالتشكيك في كل شيء ، والمحاسبة على النوايا وتبادل الاتهامات ، والغرق في طوفان من الجدل العقيم الذي ماابتلي به قوم الا هلكوا ، كما جاء في الأثر ، أم بالمناقشة الهادئة والحوار العقلاني بعقول مفتوحة ، وقلوب متسامحة ونفوس صافية ، بحيث يتاح للكل أن يدلي بدلوه ، ولكي نخرج في النهاية بما يعود بالخير والنفع على الوطن والمواطنين ؟!!
و .... لعل الرسالة أن تكون قد وصلت .
سبق أن أشرنا الى أن مايحكم الخط الفكري لمقالات الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم هو الانطلاق من أوهام يخترعها ، أو بتعبيره هو " ينقلها من دائرة الهمس الى الدائرة العلنية " ، ثم يبني على هذه الأوهام استنتاجات واسعة .. وخطيرة أحيانا ‘ وهو في كل ذلك يستبطن نوايا البشر ، ويحاكمهم على أساس هذا الاستبطان " الفاسد " في معظم الأحوال .
في مقال نشره بتاريخ 3/11/2006 بعنوان " العرش والبرلمان ومجلس الأعيان " يقول مذكرا بماسبق أن طرحه في مقال آخر " ان التفكير في الانقلاب على الحكم الدستوري مجددا هو تعبير عن عجز أصحابه ، فالخلل ليس في وجود مجلس الأمة ولا في استجواب وزير أو أكثر ، بل الخلل في عدم القدرة على ادارة شؤون الدولة الا عن طريق القمع والتسلط والرأي الواحد " .
فهل يمكن لكائن من كان أن يتصور أو يصدق هذا التوصيف الذي يسبغه الجاسم على الحكم في الكويت ، وأنه غير قادر على ادارة شؤون الدولة الا عن طريق القمع والتسلط والرأي الواحد ؟ المفارقة اللافتة هنا أن هناك من يرى أن مشكلة الكويت هي " الافراط في الديمقراطية " وليس معاداتها بالقمع والتسلط ، وأن هذا " الافراط " انقلب الى نوع من الفوضى والعشوائية ، وأن المطلوب هو اعادة ضبط الساحة السياسية مجددا ، لكي لايكفر الناس بالديمقراطية ، ويعتبروا أنها سبب مانحن فيه من تناحر ومشكلات .
ثم اذا أجاز كاتب لنفسه أن يصف نظام الحكم في الكويت ب " القمع والتسلط والرأي الواحد " ، فماالذي يصف به أنظمة الحكم الأخرى في المنطقة والتي لاتعرف بعض دولها برلمانات أو صحافة حرة ، وبعضها الآخر لم يسمع يوما بكلمة " معارضة " ، بينما في الكويت يصل الأمر بأحد أعضاء مجلس الأمة الى أن يقول لرئيس مجلس الوزراء " امسك يهالك " ، و" الجهال " الذين يقصدهم النائب هم وزراء في حكومة الشيخ ناصر المحمد لايعجب سلوكهم النائب فيعتبرهم أطفالا أو كالأطفال ، ويمر هذا الوصف – رغم قسوته – كأن شيئا لم يكن ، ومن دون احتجاج رئيس الوزراء أو أحد من أعضاء حكومته ، أما التهديد باستجواب رئيس الحكومة ، والمطالبة بوقف " طواغيت الفساد " – حسب تعبير بعض النواب – والتحذير من " بيع البلد " ونهبها عن طريق " الهوامير " ، وغير ذلك ، فهو مما اعتاد عليه الشارع الكويتي ولم يعد يستفز أحدا ... ولعل الوفود الزائرة للكويت والتي تدعى أحيانا لحضور جلسة في مجلس الأمة تخرج مندهشة بدرجة كبيرة من مستوى السجال الديمقراطي الذي تشهده قاعة عبدالله السالم ، والذي لايتصور وجوده في دولة عربية .
ويقول الجاسم في المقال نفسه : " الواقع أنه – مع كل الأسف – يصعب الوثوق في نوايا الأسرة الحاكمة بشأن الدستور واصلاح آليات العمل السياسي في البلاد ، فهناك شئنا أم أبينا أزمة ثقة بين القوى السياسية والشعب من جهة ، والأسرة الحاكمة من جهة أخرى بشأن تعديل الدستور " .
يعرف الكاتب و" المحامي " محمد عبدالقادر الجاسم أن مسألة تعديل الدستور منصوص عليها في الدستور نفسه ، ومن البديهي أن لا الأسرة الحاكمة ولا الحكومة قادرتان على اجراء أي تعديل دستوري من دون موافقة البرلمان ، فهذه – اذن – مسألة محسومة ولاتدعو الى الجزع أو استخدامها " فزاعة " لارهاب الآخرين بها ، وجعلها مضغة تلوكها الأفواه بلا أي معنى أو ضرورة ، وهذا بالتأكيد هو أحد الأسباب التي تدخل البلاد في أزمات سياسية مبنية بالدرجة الأولى على سوء الفهم ، وهي أزمات تستهلك الوقت والجهد وتخلق هوة واسعة بين السلطتين ، تمنعهما من تحقيق أي انجاز حقيقي .
اما " اصلاح آليات العمل السياسي في البلاد " فهو مطلب مشروع لكل القوى السياسية ولسائر المشتغلين بالعمل العام ، وهو ماينبغي أن نتعاون جميعا من أجل انجازه .. ذلك أن المواطن الكويتي بات يشعر بالفعل أنه أمام مؤسسات ديمقراطية عاجزة ولاتؤدي الدور المنشود منها ، كما أنه يألم ويحزن عندما يرى دولا من حولنا ليس فيها برلمانات ، ولا تتمتع صحافتها بجزء يسير من الحرية التي تعرفها صحافتنا ، ومع ذلك فان هذه الدول التي بدأت نهضتها بعدنا بسنوات طويلة ، قد سبقتنا الآن ، وصارت مضرب الأمثال في النهوض والتقدم ، الى حد أننا أصبحنا نتمنى أن نقتدي بها ونسير على نهجها .
لكن كيف يتم اصلاح آليات العمل السياسي ؟ هل يكون ذلك بالتشكيك في كل شيء ، والمحاسبة على النوايا وتبادل الاتهامات ، والغرق في طوفان من الجدل العقيم الذي ماابتلي به قوم الا هلكوا ، كما جاء في الأثر ، أم بالمناقشة الهادئة والحوار العقلاني بعقول مفتوحة ، وقلوب متسامحة ونفوس صافية ، بحيث يتاح للكل أن يدلي بدلوه ، ولكي نخرج في النهاية بما يعود بالخير والنفع على الوطن والمواطنين ؟!!
و .... لعل الرسالة أن تكون قد وصلت .