زكريا عبد الجواد ملك لايشبهنا

عن المؤلف




1239474970202319600.jpg

الأحد, 12 أبريل 2009



يُعد زكريا عبدالجواد من الأسماء البارزة في فضاء الأدب العربي من خلال ما قدّمه من إبداعات خارج السائد الأدبي في نطاقه الضيق، سواء كانت هذه الإبداعات قصة قصيرة، أو أدب رحلات نتيجة لفترة عمله في مجلة العربي الكويتية، والتي أفاد منها بسفره إلى مناطق عربية وإسلامية متعددة، ساهمت في تخصيب وتفتيح الروح الأدبية والروائية لديه على آفاق وتجارب وعادات وشعوب أخرى، فجاءت أعماله تحمل طابعا متميزا أضاف إلى المكتبة الأدبية العربية الشيء الكثير.
وتأتي «قبعة الوطن» بعد رواية «خيار الصفر» والصادرة عن نفس دار النشر التي تخرج بوقائعها من الحلقة المحلية الضيقة التي تدور بداخلها معظم الروايات العربية، إذ تتخذ أحداث هذه الرواية من الهند بأجوائها الساحرة منطلقاً إلى التأكيد على ما يمكن أن تفعله المصادفة في المكدودين، وما يمكن أن تقوم به الأحداث السياسية بقسوتها من توجيه مصائر البشر لتلك المصادفة كي تتلاعب بالإنسان في نهاية الأمر.
مفارقات مدهشة تلتقط خيوطها رواية «خيار الصفر» وهي تبحر في مصير الإنسان العربي الهارب، المطارد، المقموع والمحاصر في بلاده وخارجها عابرة بقارئها فوق بساط تمتزج فيه العجائب بالواقع، والسحر بالمتخيل، منتقلة من الشرق الأوسط بكل مآسيه إلى تخوم الهند وأكثر مناطقها نأياً؛ حيث يصعد صوت الإنسان المسحوق صارخاً، رافضاً أحياناً، ومستسلماً في الأغلب لمصادفات غريبة تتلاعب به لتنقله في نهاية الأمر من خانة ما هو معتاد إلى حيث يتلقى الصدمات المباغتة.
ففي أجواء مفعمة بالغرائب تدور أحداث الرواية، لتلتقط عبر وقائعها ما جرى في الواقع لفتى فلسطيني انطلق للدراسة في إحدى جامعات الهند، غير أن نشاطه الطلابي السياسي الذي ألهبته الأحداث الدموية في وطنه والمنطقة، وأججته وقائع المشهد المتراجع في الشرق الأوسط، إذ تم رفض عودته إلى وطنه، فما كان منه إلا أن غادر الهند بعد أن انتهت أسباب الإقامة فيها بالحصول على الشهادة الجامعية، الأمر الذي دفعه إلى خوض مغامرة الهروب من مكان إلى آخر والاختفاء بين المنازل والكهوف إلى أن انتهى به الأمر إلى منطقة بدائية تحوّل فيها إلى كائن مقدس.
وما بين مغادرته أرض وطنه والتحوّل الأخير، تدور الوقائع المدهشة مسلطة الضوء على وقائع الزمن العربي الذي شهد انكفاء مأساوياً في كل الميادين خلال السنوات الأخيرة، وترصد تلك الحالة من الإحباط التي عمّت سكان تلك المنطقة من العالم بعد سنوات زهو جامح وانتظارات لتحقيق الآمال الكبرى.
إنها معزوفة باذخة الألم لمأساة تعايشها أجيال متعاقبة منذ أن بدأ الزمن العربي الجميل في الأفول.>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

الاستاذ زكريا عبد الجواد ...

أديب جاد ومازال يجود بكل ماهو جميل من جواهر الادب في كل بحر من بحوره شخصبه مركبه ومزيج أنساني متناهي الكبر ومترامي الافق يمثل الانسانيه والجنس البشري بكل اعراقه واجناسه يحمل رساله كونيه تمثل الحب والسلام
خطت بحروف من نور لايفك طلاسمها سوى من حباه الله بقبس من نوره هي كذلك لغة الادباء والانبياء يقرئها الجميع ولكن لايدركها ولايتدبرها سوى الانقياء من هم على شاكلة زكريا عبد الجواد... له من اسمه نصيب فهو على خطى سيدنا نبيي الله زكريا خلقا وخلق كل من عرفه احبه ففي صفحات وجه يسكن الطهر وفي عينيه بريق العبقريه وفي ابتسامته شيم النبلاء كم أنت جميل وكريم بكرم النيل اني اخالك ملك فرعوني يرتدي ثيابنا ويتحدث لغتنا ولايشبهنا لان الملوك لايشبهون سوى انفسهم .......... تحياتي لك ياتحتمس ودمت لنا اخ محب
 
التعديل الأخير:
في رواية زكريا عبدالجواد الثانية
 «قبعة الوطن» ..مكافأة المستبدين للشعوب المستسلمة




gh-(7).jpg

الأحد, 12 أبريل 2009



تشتبك رواية «قبعة الوطن» الصادرة عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» لزكريا عبدالجواد مع الواقع السياسي العربي، القائم على الاستبداد، والمرتكز على القمع، والمتمركز حول الحاكم الطاغية، صاحب الرؤية المتماهية والمقترنة -وفق تصوره- مع مصلحة الوطن ومستقبله.
تلك الرؤية، التي تنطلق من نرجسية قاتلة لا تفرق بين ممتلكات الحاكم الخاصة والوطن بمواطنيه وتاريخه، حيث تختلط الاوراق فتصبح نزوات المستبد طموحات الوطن، احلامه الذاتية هي المستقبل، بل كل ما ينغص عليه حياته العادية يصير بالتأكيد هموما للوطن.
لكن، على الرغم من الصورة الساخرة، التي تقدمها الرواية فإنها بالمقارنة بحالة الانظمة العربية الراهنة تبدو واقعية بنسبة 100 ٪، هذه الواقعية المأساوية التي مني بها عالمنا العربي في كل اقطاره وأوطانه.
محمد شعبان
تقدم الرواية الانظمة العسكرية كمثال أو نموذج للاستبداد الذي يعد من لوازم الحياة العربية لكن ذلك لا يلغي تطابقها مع كل او اغلب الأقطار العربية ، وان كانت الرواية تقترب أو تعبر عن قطر بعينه، يعتمد على ذكاء وفطنة القارئ لمعرفته.
قبل الولوج الى عالم الرواية نتوقف عند عدة امور:
اولا، قدم العمل في فصله الاول مدخلا متميزا للقارئ من خلال خلق جو نفسي لطبيعة تلك الدول الاستبدادية، حيث تختفي ارادة المواطنين او الرعايا، ويغيب عنهم اي تفكير مستقل او حتى مجرد شرود بالذهن عن واقعهم البائس، فيصبحون في حالة توحد مع الاستبداد «كان شعبا قانعا في كل الاحوال، يمتلك هدوءا لا تأتي من بعده عاصفة فلا القنوط يجبي ولا النوايا تبزغ»، كذلك نعيش مع صورة ذلك الطاغية»، الزعيم المهيب قائد الوطن ووالد الشعب ملجم الانفاس، وحاصي اعدادها، عارف النوايا حتى من قبل ان تمر في الاذهان الذي «يسير بين اشجار تتمايل اغصانها لتحيته وعصافير استفاقت للتو على وقع خطواته فانتفضت من رقدتها لتغرد».
تقرأ ايضا وضع الهانم زوجة الزعيم او «ام الوطن» «السيدة الحنون ام الفقراء بهجة المساكين وسيدة البلاد والعباد العطوف الرؤوم، التي تطلع الشمس لابتسامتها».
كذلك يقدم لنا هذا الفصل صورة لوسائل الاعلام الغارقة في مدح الزعيم والشوارع الممتلئة بصوره وغيرها من المقدمات التي تشعرك انك في دولة «رعبستان» كحال الدول العربية، حيث تختفي دولة القوانين والمؤسسات.
ثانيا، تتعدد في الرواية الاسماء ذات الدلالات الوصفية -لا العلمية- للحاكم مثل «الزعيم، المهيب، الملهم، ابوالوطن، الزعيم الملهم، الهادر، المهيب المهاب، الناهر، النافر، الباتر، المؤمن المزمن.. الخ» مع غياب تام للاسم العلم، الامر الذي يعطي للقارئ صورة دقيقة لطبيعة هذا الحاكم.
ثالثا، على الرغم من الواقعية التي تتمتع بها الرواية الا ان المحور الرئيس، الذي يدور حوله العمل «بناء اسطوانة عازلة للوطن يعلوها قبعة» له دلالة رمزية تشير الى تلك المحاولة التاريخية، التي قام بها حاكم دولة عربية كبرى في سبعينيات القرن الماضي بعزل شعبه عن محيطه العربي بحثا عن السلام مع العدو فقاده الامر الى الارتماء في احضانه.
رابعا، الرواية لا تقف عند الاستبداد كموضوع أو تيمة رئيسية دون التعرض لقضايا اخرى، بل تحمل اسقاطات لأزمات ومشكلات نمر بها في عالمنا العربي كتشظي وتقسيم الاوطان على اسس طائفية وعرقية، وكذا تطرح الرواية قضية التدخل الاجنبي والخيانة والخداع الاعلامي والنفاق والخلافات بين قادة الدول وغيرها من مفردات قاموس التخلف العربي.
خامسا، ما قدمته الرواية من صورة لهذه المجتمعات تعد رؤية مغلقه لا ترى اي امكانية للخروج من هذا الاستبداد سوى بمزيد من الانقسام والغرق في التبعية والولاء للقوي الاجنبية المعادية للوطن.
سادسا، تلحظ ايضا تلك اللازمة الحركيه التي يتبعها الزعيم دائما كلما اراد ان يتخذ قرارا او قانونا لفرضه على رعاياه هي السير في ذلك الممر الطويل الذي يفجر تلك الافكار المجنونة والطائشة. ومن المعروف ان اللازمة سواء كانت لفظية ام حركية من الامور التي ترتبط كثيرا بالطغاة والمستبدين.
سادسا، قدمت الرواية دراما مأساوية للاستبداد، الذي قاد البلاد الى التفكك والضياع والعباد، الذي تسبب في اعتلال اجسادهم بالمرض وايضا كانت نهاية الطاغية لا تقل في ماساويتها عن نهايتي الوطن والشعب فتحول -اي الطاغية- الى «جثة مكومة، يعلوها التراب، تتوسد مكتبا ضخما. لم يجدوا صعوبة في التعرف على صاحبها.. جسد متهالك ووجه ممصوص كان يطلق عليه يوما، والد الشعب.. وحامي الحمى».
سابعا، هذا العمل يعد من الاعمال الروائية العربية القليلة، التي استثمرت تلك الحالة الاستبدادية، التي يمر بها عالمنا العربي كمادة ادبية وروائية للغوص في كواليس وعوالم الطغيان الجاثم فوق قلوبنا.
ثامنا، تقدم الرواية رؤية تغيب عنها المركزية في تحديد مسؤولية الاستبداد، فالامر كما يتضح لدى المتلقي يعود الى الشعب والحاكم دون ترتيب، على ان هذه الثنائية اللامركزية تتجاهل دور العامل الخارجي في الاستبداد.
الثلاثية
كثيرة هي الرؤى والمقاربات السياسية والاجتماعية، التي تعرضت للاستبداد واسبابه ومظاهره، الا ان كل هذه المقاربات غالبا ما ترجع الاستبداد الى ثلاثة عناصر رئيسة، الحاكم والشعب والقوى الخارجية، وهذه العناصر ستكون المفتاح الرئيس لدخولنا الى الرواية وعوالمها بكل ما تحمله من دلالات وتصورات، وما تشير اليه.
أولا، الحاكم أو «ابوالوطن» بطل الرواية، شخصية عسكرية، بلغت النرجسية المرضية لديها مدا غير مسبوق «اشبه بطاووس، الذي تلون كالحرباء منذ ان كان طالبا الى ان فضل الالتحاق بالقوات المسلحة، ليتحول الى ضابط نظامي، وهو ما اتاح له البقاء الدائم فيها، ليتمكن بعد ذلك من اعداد انقلاب شديد السهولة، وبمساعدة عدد قليل من الضباط الى سرعان ايضا ما تخلص فهم في اقرب فرصة لم يشأ وقتها ان يضيع الفرصة، تحججا بوفاء، أو نأيا بالنفس عن الاتهام بالغدر، فتلك كلمات لم يكن معترف بها في قاموسه الشخصي، «تستمر معه تلك الروح المرضية، التي توحي له بأن شعبه لا ينافقه ولا يداهنه، بل متمسك به فدائما يستذكر «ردود افعال الشعب بعد الخطب التي كان يلقيها، وكذا المسيرات التي اندلعت لاجله صوره المعلقة في المنازل والميادين»، الا انه على الرغم من قدومه على ظهر دبابة اثر انقلاب عسكري على حاكم سابق بدأ عهده قريبا من الناس. «في بداية الحكم الجديد استبشر الناس خيرا، فالزعيم الذي صعد بسهولة واستولى على كرسيه، ظل الحاكم السابق جالسا عليه لأكثر من 3 عقود، سرعان ما اتخذ قرارات دفعت الناس لابداء الاعجاب، كان من بينها اصدار قرار يمنع بث اغان عنه شخصيا، وازالة الصور التي كان الهتافون الدائمون وماسحو الجوخ قد تسابقوا في رفعها على ابواب المؤسسات ووسط الميادين الكبرى، وإلغاء لقب فخامة التي يسبق لقب الرئيس».
لكن ذلك تكتيك، ليحول قلوب الشعب اليه وما ان حدث هذا التحول حتى سرى في قلبه حب المنصب، فقرر ان يصبح لصيقا باسمه في مختلف العصور عن طريق توريثه لأبنائه واحفاده، لكن امرأته عاقر، ولم تفلح كل طرق العلاج معها، الا ان تنجب بنتا غير مكتملة النمو. قرر «ابوالوطن» ان يتزوج بأخريات، لينجب من يرثه في حكم هذا الوطن المنكوب بزعيمه.
وهنا تحولت القضية إلى «هدف لديه، يتساوى في أولويته مع اهداف الوطن القومية، اذ راح يحشد حواليه مجموعة من الاطباء ارسل البعض في بعثات للتخصص في علم الانجاب، قام بوضع خطة تخصه وحده، تتزامن مع استراتيجية البلاد، اشتط في بعض تفاصيلها، قاصدا تحقيق اقصى استفادة ممكنة بعد ان بات على قناعة من ان كميات هائلة منها راحت هباء مع زوجة جدباء».
عندئذ فكر جديا في تكرار الزواج، أليس ذلك افضل بالنسبة له وللبلاد التي تذوب فيه عشقا، الن يساهم ذلك في زيادة النسل الرئاسي، اذا ما تزوج بواحدة أو اثنتين أو حتى عشر، أليس هو من غامر لانقاذ الوطن ذات ليلة، فلماذا لا يسير في الاتجاه الذي سيصب في المصلحة العامة؟!».
اسفرت هذه الزيجات عن اولاد ذكور، اضافة الى البنت التي انجبتها «ام الوطن» بعد ان دخلت حضانة حتى تتم نموها، كان دخول هذه الفتاة الحضانة ملهما له لفكرة عبقرية، هي ادخال ذلك الشعب المستكين الى حضانة وطنية حتى يتم نموه ويصل الى مرحلة النضج،شعبا كهذا هل يختلف عن الاطفال المعاقين وذوي العاهات؟
طبيعي ان يكون هو المشرف المسيطر على هذه الحضانة. «كانت الفكرة بسيطة لم يفعلها حاكم، ولم تشر بها في أي يوم كتائب المستشارين على زعماء من امثاله تقول وسائل الاعلام انهم ولدوا هكذا.. ملهمين». «هؤلاء قاصرون اشبه بأطفال لفظتهم بطون امهاتهم قبل اكتمال النمو. اقنع نفسه بأن من يحكمهم في حاجة الى اطار الرحم حتى تمر الاوقات الحرجة بسلام. دار كثيرا في حديقته الفسيحة، تطلع الى السماء مرارا، شد انفاسا من سيجاره، نفث دخانه، فتنشقته الاشجاربامتنان، نطق فجأة فاصطكت اسنان كائناته واصطدمت سحائب عابرة، وارتعدت الفرائص «الخدج»، توقف مليا قبل ان يعاود الترديد، هؤلاء الذين ابتليت بحكمهم مجرد شعب من الخدج.. نواتج لولادات مبتسرة».
بدأ العمل على قدم وساق لانشاء هذه الحضانة، وتحول الوطن الى ورشة ضخمة لبناء ذلك الجدار، الذي يلتف حول الوطن من جميعا لجهات، ارتفعت الحضانة -الجدار الاسطواني- الى 15 مترا، تمادى مع عقله وادرك عندئذ ان الخطوة المنتظرة ستكون في الغطاء، الذي يعد ان يتم تركيبه ستنغلق دولته تماما.
ذلك الغطاء الذي شارك في تجسيده على ارض الواقع انطلاقا من توجيهاته السديدة، جيش من المهندسين والكيميائيين ورجال الصناعة ورصدت له اعتمادات، خاصة من موازنة الدولة. «هذا الغطاء هو القبعة التي ستغطي الوطن حتى يتم ابعاد الهواء القادم من العالم الخارجي ومنع اي كائن يدب فيه من البشر والزواحف الى الفراشات وحبوب اللقاح».
«بدأ العمال في حذر يقومون بتركيب قبعة الوطن كان حجمها هائلا احتاجت في البداية إلى سواعد عشرات الآلاف من البشر كي ترفع من فوق الأرض عندما انحنى العمال لرفع القبعة كادت ظهورهم تنكسر، جيئ بعدد إضافي، احتاج الامر الى المزيد، لكن كل ذلك لم يحل تلك المشكلة، فقرر أن يتم تقسيم القبعة الى أربعة أجزاء، ويرفع كل جزء منها على حدة، ويتم تجميع الاجزاء الاربعة بمادة لاصقة.
طبيعي أن يتمادى فكره الاستبدادي، فقرر تقسيم الوطن الى اربعة اجزاء بحيث يكون كل جزء له نصيب من القبعة، وحاكم من أحد أبنائه على أن يكون هو الحاكم للأجزاء الأربعة..
تم إحضار أحدث المعدات دلالات لرفع شطائر القبعة الأربعة التي عجز المواطنون عن رفعها وتم تصنيع مادة كيميائية خاصة لتجميع تلك الأجزاء.
«انطبقت السماء على الأرض، خيم ظلام دامس فور الانتهاء من لصق القبعة، فلم يكد الشعب يرفع حناجره مطلقا صرخات الاستحسان حتى ألقت العتمة بكامل ثقلها حتى أن أي مواطن لم يعد يعرف من الواقف الى جواره. في تلك اللحظة المظلمة التاريخية صرخ في سائقه ليسرع بالانطلاق بعيدا، أدار مفتاح مصابيحه فعم المكان نور كان يكفي ليخوض فريقان لكرة القدم مباراة حالية».
«ازداد الأمر تفاقما في الداخل بعد أن أصيب مواطنو الزعيم بانتكاسة كبرى اذ سرعان ما اخذت امراض العظام تنتشر بينهم، الاطفال اجتاحهم الكساح، والكبار استشرت فيهم الهشاشة، وامتدت خطورتها لتكتسح في طريقها العدد الأكبر من النساء، فلم يتوقف الأمر عند العظام، ولكن أجهزة التنفس ازدادت ضيقا».
لم يكن هناك من تفسير سوى اعتبار أن الحضانة كانت وراء ذلك، فهي التي منعت الشمس من دخول البلاد وملامسة أجساد العباد، حتى أصبح الشعب بمرور الوقت مقعداً».
عندما سأل معاونيه حلا لهذا المطبّ أخبروه بضرورة إزالة القبعة، فرفض بشدة، لكن مع تزايد الضغوط الخارجية، وتدخّل المنظمات الدولية رضخ لذلك المطلب وتم رفع القبعة.
الخطوة التالية كانت كيفية توفير الغذاء والعلاج لذلك الشعب المريض، فكان هذا هو الباب الذي دخلت منه القوى الخارجية، وخصوصا الدولة الكبرى المهيمنة على العالم خلال مشاريعها الاستثمارية وشركاتها الكبرى عبر عميلها، والذي يعمل معاونا له، طبيعي هذا التدخل أفضى إلى انزواء سطوته ووقوع الوطن تحت الهيمنة الخارجية.
ثانيا: الشعب أو المواطنون تقدم الرواية صورة سيئة لذلك الشعب الساكن «شعب مستكين، مسالم، بارع في التكيف، يتفوّق على أقرانه من الشعوب الأخرى في القدرة على طلاء الروح والنوايا وفق أهواء من يحكم». هذه الروح الاستسلامية المستشرية بين افراد الشعب دفعت الحاكم إلى أن يزداد طغيانه لعل أحدا يعترض، لكن كانوا يزدادون طاعة وخوفا. استثناء.. تمرد احد المواطنين ذات مرة، الامر الذي دفع به إلى ما وراء الشمس، فكان عبرة لغيره، لكن هل شعوبنا العربية مستكينة بهذا الشكل؟ ألا تعد الحركات النضالية الأخيرة التي ظهرت أخيرا في وطننا العربي تدل على أن سلبية الشعوب ليست بهذه الدرجة.
ثالثا: القوى الأجنبية تعد من أبرز الفاعلين الأساسيين في السياسة العربية الداخلية والخارجية إن لم تكن أكثر الفاعلين، لكن في هذا العمل تظهر تلك القوى من أجل تدعيم وجودها، من خلال أنشطة وشركات اقتصادية عملاقة، تغيب إذن تأثير هذه القوى ودورها في فعل الاستبداد ذاته وتظهر في لحظة التخلص من الحاكم عندما يحاول الاستغناء عن المارشال او الذراع الأيمن لزعيم، لكن هذا المارشال هو جناحها في السلطة، الذي جلب وسهّل لها الاستثمارات داخل هذا الوطن، الامر الذي دفع الوطن الى ان يتحوّل «بالتدريج الى ثكنة عسكرية، إذ أخذت الدول الكبرى الأمر بالتدريج، وبدأت في توسعة القواعد الموجودة واستحداث حصون جديدة لحماية البلاد من الطامعين الذين لم يعرف أحد من الشعب من يكونون هذه المرة».
الامر أدى الى ان اصبح «الكيان مهددا بالضياع، لم تكن الخطورة منظورة على المدى القريب في ظل افتقاد الوطن من بين رجالاته لمن يمكن أن تهديه البصيرة الى التنبؤ بما قد تخبئه الأيام».
ثم «تكاثرت أعداد الجاليات انتشرت القواعد، وسرعان ما تحوّل الوطن الى مستعمرات، فمدن سكنية كبيرة امتدت في طول البلاد وعرضها، غطت السيارات الحديثة الطرقات، وازدحمت الأسواق والمنتديات ببشر لهم ملامح مختلفة»،
«تحوّلت البلاد ومن عليها الى رهينة، بات على الجميع أداء الأدوار المرسومة، أفراد الشعب وزعيمهم الفريق الرئاسي وجيوش المستشارين، والمشرعون والطبالون والزمارون والراقصون في المناسبات والمهرجون، وطن بأكمله تحوّل كل من فيه إلى تروس طيِّعة في آلة أطماع كبيرة».
كان طبيعيا أن يؤدي هذا التحوّل الاقتصادي والاجتماعي الذي قادته الدولة الكبرى عبر عملائها، إلى تحوّل سياسي ضخم قادته حاشية جديدة لا تنتمي الى الوطن، لكنها اعتمدت في هذه المرة على فريق من العاملين قامت بتدريبهم في الدولة الكبرى، ليقود مسيرة المرحلة الجديدة التي أصبح فيها أهل الوطن أقلية بين الجاليات والوفود الغريبة.
وهكذا قاد ـ ويقود دائما ـ الاستبداد إلى تفكيك الوطن وضياع المواطنين وانزواء المستبدين وتهميش الخونة والعملاء.
........................................................................................................

نبذه عن رواية الاديب زكريا عبد الجواد قبعة وطن منقوله من جريدة الرؤيه فاتني فنيا ان ادمجها مع الموضوع الرئيسي بعاليه لوحدة الموضوع لذا وجب التنويه

http://www.arrouiah.com/print/
 
رواية قبعة وطن "...... متوافره في مكتبة ذات السلاسل في المطار ولا اعلم ان كانت موجوده في الفروع الاخرى بينما رواية ( خيار الصفر) ليست متوافره في ذات المكتبه ولا اعلم ان كان مسموح بها في الكويت ام لا
 
أعلى