ميلاد الموت

Cartier_q8

عضو جديد
بدأ الليل يرتمي فوق هذه المدينة الشاحبة بعد أن احترقت بجمرة الغروب.فلمعت عيون النجوم لترى ماخلف الزجاج ، فنهضت كالحلم تلك المسكونة بدخان الأوهام والأحلام. جرت قدميها العاجزتين ووقفت بالقرب من النافذة التي اغتسلت بدموع السحاب.
سحابة كالخيال غطت الزجاج إثر اصطدام أنفاسها الحارة ببرودة الزجاج،رفعت يدها ببطء وكتبت على خد الزجاج"أحــتاج إلـيـك"

الساعة لا تمل ..تك..تك..تك..والحجرة صامتة ليس هناك غير أنين الأوراق وزفرات الساعة .

اقتربت تلك المسكونه بأشباح الأحزان من المكتب وأخذت تدور حوله كالسبع الجريح عجز عن التوجع عجز عن البكاء .

كل شيء كما هو : نظارته مصلوبةً هنا وكأنه خلعها قبل لحظات فأهدابه ما تزال عالقةً بها وكتبه تنوح وأوراقه تنتحب وأخر سطر مما كتب ينتظر أن يكمله كل شئ كما هو ، كل شئ هنا.. إلا هو . مدت يدها فأدارت الكرة الأرضية المصلوبة فوق المكتب فتراكضت المدن وتسابقت الدول في مضمار عينيها لحظات،دقائق ثم تقف الكرة الصغيرة وتظل الكرة الكبيرة تدور في الليل الكئيب. تجر قدميها بضع خطوات فتسمع أنين الأرض تحتها وتكسر أشواك الحرمان تحت خطاها الدامية.وقفت لحظات لتنزع شوكةً من نابضها المتآكل ثم أدارت الجهاز فمزق صوت فيروز الحلم شرنقة الصمت فتفتقت جراح الحروف وتكدست آهاتها الخرساء المثقلة بالغيوم على صدرها.جلست على مقعداً من القش بعد أن أشعلت شمعةً ووضعتها بالقرب من النافذة التي اغتسلت بدموع السحاب وأخذت تراقب ذاك الدخان المتراقص كالأفعى المتصاعد من حريق الشمعة. لمعت عيون النجوم بعد ان أزيحت ستائر الغيوم . لمعت تود أن تقول شيئاً ما لكن صوتها لم يصل فالليل مخيفَ كئيب وعيناها تلمعان تريدان أن تقولا شيئا " فأطل وجهك الباسم من خلف الزجاج يحمل شيئاً من دموع السحاب " ترى هل رأتك النجوم فخافت من هذا الليل الطويل الكئيب ؟ تقترب وتخترق الزجاج والجدار الأصم كما يخترق الحلم ستائر الليل. تقترب وتقترب و تجلس على المقعد المجاور لمقعدي فهذا هو مقعدك الذي اعتدت أن تجلس علية الا أنك هجرته منذ عام . لكن عدت اليوم وفي ميلاد هجرك في ميلاد رحيلك عدت اليوم لتجلس بقربي..

نهضت من مقعدها كالحالمة وجـثت على ركبتيها بالقرب من مقعده ورفعت كفها ببطء لأنها خافت من أن يتبدد ويتلاشى فأخذت تتحسس ملامحه النائية المعلقة بأهدابها الا أن سحابةً من دخان سيجارته ظللت محياه وظلت تسمع ضحكاته وصوته يغني مع فيروز للنجوم وللصمت. ترنحت من شذا عطره ووقفت ثم مدت ذراعيها تريد أن تحتضن شوقها وأحلامها وكل أيامها..لكن يالخيبة الأمل ويالحزن الأيام فهي لم تحتضن غير ذراعيها ودخان سيجارته وعطر ذكراه وأحزانها.تطاير كل شئ الأحلام الدخان الأيام ولم يبق الا صوت فيروز يغني للنجوم وللصمت، وسطر يحتضر بين السطور ينتظر الحروف والحروف عالقةً في عروقه وهو لم يعد هنا .. لقد رحل . رحل عن هذا المكان وكل شئ في هذا المكان ينتظره : أقلامه ، كرسيه ، وفيروز ، وهي . هي ما تزال تحتضن عطره وأوراقه وذكراه وشموع الليل..
 

Cartier_q8

عضو جديد
تك تك تك تعني الانتظار وهو اصعب شي يمر

وكأن الثواني سكين يقطع الامل مع كل صوت تك تك تك

اشكر مرورح اختي كويتية وافتخر

وتقبلي اطيب التمنيات
 
أعلى