صوتك صادروه
كتب عبداللطيف الدعيج :
اعضاء الحكومة واعضاء مجلس الامة قطبان متنافران أو بالكويتي «جني وعطبة» أو سالب وموجب لا يلتقيان. لكن الغريب ان التنافر يختفي والتناقض يضمحل لصالح تكبيل حرية الرأي والحجر على الفكر. هنا الجني والعطبة يتحولان الى سمن وعسل، والسالب والموجب يصبحان حبيبين متفاهمين. نواب مجلس الامة يجتهدون هذه الايام لتكميم افواه المطالبين بتحسين اوضاعهم تحت حجة نبذ الطائفية ووقف التناحر بين المواطنين. تماما مثل ما اجتهدوا قبل فترة لتقييد حرية من ينتقدهم ويطالب بحل مجلسهم، وذلك تحت دعاوى حماية الدستور والدفاع عن الديموقراطية!
الحكومة بدورها تجتهد هي الاخرى لتكبيل حرية الرأي من خلال العزم على تطبيق قانون الاعلام سيئ الذكر، وتابعه قانون المرئي والمسموع بحجة حماية الذوق العام والشخصيات السياسية والقيادية في الدولة.
ليس لدينا أحد معصوم من النقد او حتى التجريح غير صاحب السمو الامير. دستورنا نص صراحة على ان امكانية تجريح رئيس مجلس الوزراء ممكنة، بل هي تبدو من خلال الاسهاب في تفاصيلها ملزمة للنواب. وكذلك الحال مع بقية المسؤولين وفي مقدمتهم بالطبع بقية اعضاء مجلس الوزراء.. اذا ماهي المشكلة؟. وكيف ستتولى الحكومة مصادرة الحقوق الدستورية للناس وحماية من تريد حمايتهم من نواب ووزراء؟
لاتخفي الحكومة هنا ان المعني بالملاحقة هو برنامج «صوتك وصل» الذي تقدمه قناة سكوب. والبرنامج، حسب الحلقتين اللتين حصلت لي فرصة متابعتهما، لم يجرح احدا ولم يتناول نائبا او مسؤولا بالاسم. صحيح ان فيه الكثير من التلميحات الواضحة والتقليد المباشر لبعض الشخصيات، لكن من قال ان التقليد تجريح وان النقد شتيمة؟. شخصيا توقفت عن مشاهدة الافلام والمسلسلات العربية منذ بداية تأميم السينما في مصر، والمسرحيات بعد وفاة عادل خيري وماري منيب. ولم تعجبني خلال كل هذه السنوات غير الاوبريتات الخالدة للرباعي الخلاق، الشهيد فائق عبدالجليل والملحن احمد باقر والفنانة سعاد عبدالله والفنان عبدالحسين عبدالرضا، بالاضافة ـ بالطبع ـ الى المخرج فيصل الضاحي. لكن ورغم بدائية الطرح والتمثيل فان المسلسل اضحكني في بعض الفقرات، تماما مثل ما اثار استيائي العرض السخيف لسقوط السيد احمد السعدون.. فآلام الآخر تبقى آلامنا بغض النظر عن الخلاف او الشقاق.
لكن بالطبع كل الاعمال فيها هفوات ولها سقطات، بل ان شاء احد ان يعرض نفسه للمساءلة او حتى للاستياء او الازدراء فان هذا يبقى حقه المكفول دستوريا والذي يجب الا يعارضه فيه احد. وهذا ينطبق على برنامج «صوتك وصل»، بغض النظر عن مدى رقيه او سخافته عند البعض، مثل ما ينطبق على كل عمل فني او صحفي آخر.
بقلم: عبداللطيف الدعيج
